لا شك أن جميع من حضروا ذاك المساء الرائع في "مسرح شقراء" قد ترحموا على رجل الأعمال المهندس محمد بن سعد البواردي، الذي كان له الفضل بعد الله في وجود هذا الصرح الشامخ، فهو من فكر فيه وصممه وبناه وأثثه بماله، جاءت الفكرة حين حضر احتفالات شقراء بيومنا المجيد 89 في مدرجات نادي الوشم غير المهيأ وشاهد - رحمه الله - معاناة الحضور وتحمل في سبيله الكثير من النقد والانتقاد، ابتهج الكثير في محافظة شقراء في عيد الفطر بتلك الليلة الرائعة التي شارك فيها الفنان الخلوق خالد عبدالرحمن والفنان المتجدد نواف الجبرتي على المسرح الروماني، وفرحنا أكثر بالمداخلة الهاتفية التي أجراها معالي المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه حيث توجّه معاليه بمعايدة لأهل "شقراء" الغاليين و"المنورين"، وتمنى لهم أن يكونوا سعداء في الحفل المقام على المسرح الرائع، وقال معاليه إنه وجّه شركة “بنشمارك” للاستثمار في المسرح بشكل دائم بعد موافقة أصحابه، لإقامة فعاليات دوريّة في “شقراء”، ووجه تحيته إلى أهالي شقراء بقوله: “تستاهلون الحفلات والمسرحيات وكل شيء، أنتم مثال للنجاح للفعاليات في بلدنا الحبيب، وأتمنى أن تكونوا سعداء والله يرحم صاحب المسرح وكنت أتمنى أن يكون موجوداً ويرى فرحتكم في المسرح الليلة”. هذه الكلمات التي خرجت من القلب وصلت إلى قلب كل من سمعها أو حضر الحفل، فهذا المسرح الذي تكلف الكثير كان هدية من البواردي - رحمه الله -، لأهالي شقراء وزوارها من مختلف أنحاء المملكة عندما رأى الحاجة الماسة إليه والكثير كانوا ينتظرون تلك اللحظة لرؤية الفعاليات الوطنية والثقافية والغنائية والمسرحية الفنية في هذا الصرح العظيم بعد تشييده. لقد كان للمهندس محمد بن سعد البواردي - رحمه الله - فلسفة خاصة في بناء هذا المسرح، منطلقاً من المقولة ذات الدلالة العميقة: "إذا حبيت تنهي بلد، انه تراثها". وبالإضافة لهذا المسرح فقد كان له - رحمه الله - مساهمات عديدة في الحفاظ على تاريخ وتراث شقراء ومعالمها الأثرية، فقد ساهم بإعادة تأهيل باب العقدة وحجرة السكور ومسجد الحسيني الذي يزيد عمره على (350) عاماً، وكذلك "قليب الحسيني" و"المسقاة"، وبيت المطوعة إدريسة، إضافة لترميم عدد من الحويطات، وغيرها من المعالم الأثرية المهمة التي تحتضنها شقراء إضافة إلى مساهماته المتعددة وأياديه البيضاء لمستشفى شقراء العام. أما هذا المسرح الذي انتظرنا اكتماله وتحقق هذا الانتظار واكتمل فهو تحفة معمارية فريدة، بمدرجاته الشاهقة، ومنظره المبهر، حيث يمتزج مبناه بتضاريس الطبيعة من حوله، وبذلك أصبح جزءًا من جمال الطبيعة المحيطة به ورمزًا حقيقيًا لتناغم الإنسان مع الطبيعة منذ القدم. وهو مسرح مفتوح صار معلمًا حضاريًا ومقصدًا سياحيًا، يخدم المنطقة كافة في جميع المناشط والفعاليات الوطنية والبرامج الثقافية والترفيهية والفنية بمرافقه المتنوعة ومدرجاته التي تتسع لأكثر من 3000 متفرج، وصالاته المخصصة لكبار الزوار وقاعات للطعام ومرافقه الخدمية. وقد سبق لصاحبه المهندس البواردي أن وصفه بأنه: "عراب الفنون، وانطلاق الحضارات"، فهو مصمم على الطريقة الرومانية، وقد أراده مفتوحًا طوال الوقت، ليتمتع به الزوار والأهالي، إضافة إلى تهيئته ليكون حاضنًا لإقامة الحفلات والمناسبات الوطنية المختلفة. وتكمن أهميته كمسرح مفتوح في أنه يُستخدم للكثير من الأغراض، منها المسرحيات التمثيلية، والعروض الرياضية والموسيقى، والمحاضرات، كما أنه وجهة للترفيه، فهو مبنى ضخم عملاق، متكامل المرافق، تجاوزت مساحته 5460 م2. وفي الأخير لا يسعنا سوى شكر معالي المستشار تركي آل الشيخ، نظير ما يقدمه من جهود وحرص خاص على توزيع الترفيه والفعاليات والأعياد الجميلة على مختلف مناطق المملكة، مما يجعل كلمات الشكر لا تكفي حقه. ورحم الله المهندس البواردي فقد قدم الكثير لمحافظة شقراء، ولم يدخر جهداً في الحفاظ على تاريخها وتراثها وآثارها من الاندثار.