في مثل هذه الأيام قبل عام كان الاستفتاء على استقلال كردستان عن العراق والمفارقة أن الحزب الذي كان يتاجر بشعارات الاستقلال والدولة ويتلاعب بعواطف الناس وفقها ويطلق شعارات من قبيل "باي باي عراق" ها هو الآن بدلا من تأسيس الدولة يحاول الاستحواذ دون وجه حق على منصب رئاسة الجمهورية الذي هو من استحقاق الاتحاد الوطني الكردستاني الذي طبع أمينه العام الرئيس الراحل مام جلال طالباني المنصب بطابعه كأول رئيس منتخب وكردي في تاريخ العراق .
والحال أن محاولة الحزب الديمقراطي الكردستاني هذه تندرج في إطار محاولة بسط هيمنته الحزبية شبه المطلقة وتكريس نظام الحزب الواحد والقائد والانقلاب حتى على الاتفاق الاستراتيجي مع الاتحاد الوطني والذي بموجبه يكون منصب رئاسة الجمهورية للاتحاد مقابل رئاسة الإقليم للديمقراطي والآن حيث& رئاسة الإقليم مجمدة لكن تم نقل صلاحياتها بشكل شبه كامل الى رئيس مجلس الوزراء والذي هو نائب رئيس الحزب الديمقراطي وممثله في الحكومة فان التوازن يقتضي ابقاء الأمور على حالها فالعبرة في الصلاحيات وليست في الأسماء ولا الأشخاص ما يدحض تحجج الديمقراطي بعدم بقاء رئاسة الإقليم مبررا للمطالبة برئاسة الجمهورية فرئاسة الاقليم كمؤسسة جمدت ولَم يتم الغائها .
واللافت أن الديمقراطي فجأة بدأ يطالب صراحة برئاسة الجمهورية رغم أن تسلسل الأحداث كان يشير الى العكس خاصة وأن الحزب حصل على أحد المنصبين السياديين الأساسيين الخاصين بالكرد في بغداد وهو منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي ما يعني أوتوماتيكيا أن المنصب السيادي الآخر هو من نصيب الاتحاد وكما هو جاري العادة طيلة الدورات الانتخابية السابقة فهذا التقاسم للمنصبين الرئيسيين في كردستان والعراق هو في صلب نص وروح الاتفاق الناظم لوحدة اقليم كردستان وانهاء الحرب الداخلية وواقع الادارتين .
وموقف الديمقراطي هذا يتعدى بطبيعة الحال مسألة الطمع في منصب رئاسة دولة كان يصفها بالمحتلة والمستعمرة الى محاولة زعزعة الاستقرار في اقليم كردستان وتعريض سلمه الأهلي وتوافقه الوطني الى خضّة كبرى قد تقود الى انهيار التوافقات الاستراتيجية وبما ينذر& حتى بعودة شبح الانقسام والإدارتين وهنا الخطورة الوجودية على عموم التجربة الديمقراطية الفيدرالية الكردية في العراق .
فالحزب يدرك تماما استحالة قبول الاتحاد التنازل عن استحقاقه هذا وما اصراره على طرح مرشح الى جانب مرشح الاتحاد لرئاسة جمهورية العراق الاتحادية الا& إسهام مكشوف في اضعاف الموقف الكردي ان داخليا على صعيد الاقليم أو على الصعيد العراقي العام وتاليا الصعيدين الإقليمي والدولي .