في مسرح شكسبير، صبية يؤدون أدوار نساء، ثم تطور الامر إلى نساء يقفن على الخشبة في اثواب رجال. تبادل أدوار آزر الحدث في كل مسرحية.

قد لا تكون نجوم العصر الجورجي والفترة الإليزابيثية أمثال ويل كيمب وريتشارد بيرباج وديفيد جاريك معروفة لجيل اليوم، لكنها أسماء ذكرها متابعو المسرح، كونها خاصة بأوائل الممثلين الذين أدوا أدوارًا معروفة على المسرح آنذاك. وفي الفترة نفسها، ظهر عدد من الممثلات، لكن ذهبت أسماء معظمهن طي النسيان. لماذا؟

في عصر شكسبير، كان الصبيان يمثلون أدوار النساء لتشابه الصفات من حيث الصوت وشكل الوجه، وهنا يأتي دور الماكياج والملابس لتأكيد هذا التطابق وتحقيق الغرض بإتقان، ولا سيما في استخدام الشعر المصطنع، فيصبح الفتى الذي يمثل دور المرأة مقنعًا لدى المتفرجين.

 

انتبهوا.. ممثلة حقيقية!

استمر بضعة أولاد من الممثلين في مسرحيات شكسبير يقومون بدور فتيات حتى عام 1660. ووفقًا لنتيجة البحوث الجديدة التي قامت بها المكتبة البريطانية، هناك عدد قليل من النساء الرائدات اللواتي شخصن الشخصيات الشكسبيرية الكبرى.

تعرض مكتبة لندنية في هذا الشهر نسخة أصلية من مسرحية تتضمن تحذيرًا للجمهور: "ممثلة حقيقية ستظهر تلك الليلة بدور ديدمونة في عطيل". كانت المسرحية من ألحان الفنان والشاعر توماس جوردن وعرضت في شتاء 1660، وتقول مقدمتها إن الممثلة "أبعد ما تكون عن العاهرة". ظهرت النساء أول مرة على المسرح الإنجليزي في عصر عودة الملكية، وبرزت إلى الصفوف الأولى أسماء مثل: آن بريسجردل، وإليزابيث باري، ونيل جوين، وأخذن يكتسبن أهمية متزايدة.

تستعمل الملابس والماكياج والتسريحة أحيانًا لهدف مخادع، أي إخفاء جنس الشخصية أو حقيقة وضعها الإجتماعي أو مهنتها، أو أي نوع من أنواع التنكر المقصود والهادف إلى حالة معينة. ففي مسرحية "تاجرالبندقية" لشكسبير، ظهرت تتزيا (بورسيا) بزي محام شاب وراحت تدافع عن أنطونيو وتنقذ حياته من يد اليهودي شيلوخ. استطاعت أن تقنع الآخرين بما قامت به من دفاع أمام دوق البندقية من دون أن يكشفها أحد. ففي بعض مسرحيات شكسبير، يلعب الزي الدور الأساسي في سير الحوادث، في ما يخص التنكر والتحول من مؤنث إلى مذكر وبالعكس. كما أن الأزياء عالجت أمرًا بات معروفًا لقرون متعددة، في المسرح.

نساء في أثواب رجال

في الواقع، قدم بعض الممثلات شخصيات رجال في مسرحيات شكسبير خلال مراحل تاريخية متعددة. لعبت فيونا شو دور ريتشارد الثاني في المسرح الوطني في بريطانيا في عام 1997، كما جسّدت كاثرين هنتر شخصية الملك لير في العام نفسه، وقدمت الممثلة فرانسيس دو لا تور دور هامليت في المملكة المتحدة في عام 1979. وقُدمت مسرحية يوليوس قيصر على خشبة مسرح دونمار ووترهاوس بفريق كامل من الممثلات فقط في عام 2012، كما قدمت مسرحية هنري الرابع في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

كانت الممثلة البريطانية ماكسين بيك آخر امرأة مشهورة تؤدي دور هاملت في مسرحية عُرضت في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (أكتوبر) الماضيين على مسرح رويال اكستشينج في مانشستر. كانت بيك جسدت شخصية أوفيليا في المسرحية نفسها في عام 2002، كما جسدت شخصية الغانية دول تيرشيت في مسرحية هنري الرابع التي قدمتها بي بي سي في عام 2012.