أحلام على النيل تتبدد بنهاية الصيف

يتخذ الاستعباد الجنسي مختلف الأشكال. وفي مصر فهو يأتي أيضًا في شكل أثرياء من الدول العربية laquo;يتزوجونraquo; مصريات قاصرات يرزحن مع أسرهن تحت وهدة الفقر، وينلن laquo;مهورًاraquo; تتراوح ما بين 500 دولارو5 آلاف دولار. لكن الغرض الحقيقي هو الجنس والخدمة المنزلية.


لندن: وردت في تقرير سنوي لوزارة الخارجية الأميركية بعنوان laquo;تجارة البشرraquo; مزاعم مخيفة تقول إن أثرياء من دول عربية يدفعون المال لقاء laquo;الزواجraquo; من فتيات معظمهن قاصرات وكلهن فقيرات. وهذه زيجات تبدأ مع حلول هؤلاء السيّاح العرب لبدء عطلاتهم الصيفية في مصر، وتنتهي بعودتهم الى مواطنهم، ولهذا سميّت المصريات laquo;عرائس الصيفraquo;.

ويدفع الرجال - عبر وسطاء في السواد الأعظم من الحالات - مبالغ (تسمى laquo;مهورًاraquo; لأنها تتعلق بالزواج) تتراوح بين ما يعادل 500 دولار و5 آلاف دولار. ويأتي في التقرير الأميركي أن الغرض الحقيقي وراء هذه الزيجات المزيّفة هو استعباد هؤلاء الصبايا جنسيًا، إضافة الى عملهن كخادمات laquo;لأزواجهنraquo; طوال أيام العطلة.

التفاف على القانون

رغم أن القانون المصري يحرّم زواج الأجانب في حال كان الفرق بين الطرفين يتجاوز عشر سنوات، فإن الأسرة والمأذون والمسؤول المرتشي يتكفلون بالالتفاف عليه. فتُزيّف شهادات ميلاد ترفع عمر laquo;العروسraquo; وتخفض عمر laquo;العريسraquo;. ويذكر أن محكمة في الاسكندرية عاقبت في 2009 اثنين من المسؤولين بعد إدانتهما بتزوير شهادات ميلاد لمئات القاصرات دون سن الثامنة عشرة فيتسنى لهن الدخول في تلك الزيجات.

البنكنوت طُعم الفقير

ويقول التقرير، الذي تناقلته الصحف البريطانية، إن بين الأسباب العديدة التي تدفع بأثرياء السيّاح العرب لهذا الترتيب الموقت - إضافة الى أن المجتمعات الإسلامية تحرّم الجنس قبل الزواج طبعًا - هو أن جميع الفنادق تقريبًا تصر على إبراز شهادة الزواج قبل السماح لرجل وامرأة باقتسام الغرفة نفسها.

حمل ودعارة

في عدد غير قليل من الحالات، فإن تلك الزيجات لا تنتهي بنهاية عطلة الثري في مصر. فقد يأخذ البعض معهم laquo;زوجاتهمraquo; الجدد الى أوطانهم فيعملن خادمات في دورهم. لكن هؤلاء هن المحظوظات. فاللواتي يُلفظن ويصبحن مطلقات بعد عودة أزواجهن غالبًا ما يحملن وصمة زواج المتعة في مجتمع سني محافظ غريب عليه.

وبالطبع، فهناك المشكلة الأكبر التي تواجه هذه الفئة الأخيرة من الفتيات وهي الحمل والولادة. فيعمد معظمهن للتخلص من أطفالهن في دور الأيتام أو في الشوارع لينضموا الى جيش جرار من المشردين الصغار. أما الأمهات أنفسهن فيصبحن لقمة سائغة لتجار الجنس الذين لا يتورعون عن تحويلهن الى ماكينات جنسية تدر الأموال في سوق الدعارة المزدهرة أبدًا.

الفقر هو السبب

في حديث لها مع صحيفة laquo;إندبندانت اون صتدايraquo; البريطانية تقول الدكتورة هدى بدران، رئيسة laquo;رابطة المرأة العربيةraquo; المصرية شبه الحكومية، إنها ترجع هذه الظاهرة بشكل شبه كامل الى الفقر. وأضافت قولها: laquo;إذا كانت الأسر على استعداد لبيع بنتها فيمكن لك أن تتصور مدى العوز الذي وصلت اليهraquo;.

وتقول بدران إن العديد من الفتيات الضحايا لا يعلمن أنهن يتزوجن لفترة قصيرة محددة. ولأنهن في سن يافعة، فالأمر بالنسبة لهن يعني أن ما يقدمن عليه هو مساعدة أسرهن ماليًا، وربما كان هو السبيل الوحيدة أمام هذه الأسر الى لقمة العيش.

عزيزة... مثال واحد

د. هدى بدران

laquo;عزيزةraquo; اسم مستعار اختاره لها كاتبو التقرير الأميركي، وهي إحدى laquo;عرائس الصيفraquo;... كانت في السابعة عشرة من عمرها وتعيش مع أسرتها الفقيرة في إحدى قرى الجيزة بلا تعليم يذكر. فتزوجت من ثري عربيبعدما وعدها بتوظيف أخيها في بلاده ومنح أسرتها ما يعادل 3500 دولار.

وخلال فترة الشهر التي أمضاها في مصر، كان يأخذها الى مطاعم القاهرة الراقية ويشتري لها معظم ما تشتهيه من الملبوسات ولوزام التجميل. وفي نهاية عطلته عاد الى بلاده ولكن بوعد أن يرتب لها بيت الزوجية قبل أن يرسل اليها تذكرة السفر للحاق به.

فانتظرت أشهراًوصارت في أواخر مراحل الحمل ولكن من دون خبر منه. وحاولت تقفي أثره عبر سفارة بلاده حتى ينشأ طفلهما في كنفيهما معًا. لكن المشكلة الكبيرة كانت هي أن زواجها منه غير موثق رسميًا فاستحال عليها إثبات ما تدعيه قانونيًا. وفي وقت كتابة التقرير كانت تنظر في أحد خيارين لا ثالث لهما: إما العيش في فقر مدقع بعدما نفدت أموال laquo;المهرraquo;... أو laquo;ذلكraquo; الكسب السريع!