واقع إسلامي جديد فرضته الثورة المصرية بعد نجاحها

تثير مسألة ارتداء الحجاب وإطلاق اللحي بعد وصول التيار الاسلامي الى الحكم في مصر، جدلا واسعا، حيث يتزايد عدد الملتحين والسيدات الراغبات في تغطية رؤوسهن بالحجاب.


القاهرة: تناولت تقارير صحافية حالة الجدال المشتعلة حالياً في مصر على خلفية مسألة إطلاق الرجال للحى وارتداء السيدات النقاب، بعد وصول التيار الإسلامي إلى سدة الحكم، في أعقاب الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك مطلع العام الماضي.

وعقبت على ذلك صحيفة واشنطن بوست الأميركية في إطار تقرير مطول أعدته بهذا الخصوص، وأوردت في بدايته عن ملازم شرطة يدعى أحمد حمدي، 26 عاماً، من جنوب مصر، قوله quot; كنت أطلب من الله العفو في كل يوم أحلق فيه لحيتيquot;.

وفي شباط (فبراير) الماضي، بعد مرور عام على الإطاحة بنظام مبارك، قرر حمدي أن الوقت قد حان لكي يبقي على لحيته التي تعتبر ملمحاً من ملامح هويته الدينية. وفي صباح أحد الأيام بعد عودته من إجازة له، وصل إلى العمل في صورة رجل شرطة ملتحٍ وعلى الفور بات جزءا من صراع مصر الفوضوي لإعادة تحديد علاقتها بالإسلام في مرحلة ما بعد الثورة، على حسب ما أشارت الصحيفة في تقريرها.

ومضت الصحيفة تقول إن كثيرين ينظرون إلى تلك النزعة الدينية المتزايدة خلال الآونة الأخيرة في مصر باعتبارها تتويجاً للتعبير عن الذات الذي كان أمراً خطراً في ظل النظام السابق الذي كان يساوي بين الورع الإسلامي وبين الإرهاب، ووقت أن كان إطلاق اللحية سبباً كافياً للاعتقال من جانب ضباط أمن الدولة أو للفت الانتباه بشكل أكبر في المطارات على سبيل المثال.

وبالنسبة إلى آخرين، فإن تلك النزعة تشكل جزءا من صعود الحكومة الإسلامية في أعقاب موجة الربيع العربي وإقحاماً مقلقاً للهوية الدينية في المجال العام. ونقلت الصحيفة في السياق ذاته عن زياد عقل، باحث علم اجتماع سياسي لدى مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، قوله:quot;اختفت قبضة الدولة فجأة. وهناك قدر كبير من مشاعر الخوف من الإسلام في مصر ليس فقط لأن مبارك كان يشن حملات قمعية على الإسلاميين، ولكن أيضاً لتصويره لهم باعتبارهم شياطينquot;.

وتابع عقل حديثه في الإطار نفسه بالقول:quot;وقد ذهب الآن مبارك، وباتت هناك مساحة أكبر أمام الإسلاميين كي يعبروا عن أنفسهم. لكن كثير من العلمانيين الذين ما زالوا يخشون من أسلمة المجتمع يرون اللحي منتشرة على نطاق متزايد في كثير من الأماكنquot;.

وأعقبت الصحيفة بتأكيدها أن المكان الذي كان ربما أكثر إثارةً للصدمة من حيث رؤية اللحية فيه هو القصر الرئاسي. وأضافت أن محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان الذي فاز بانتخابات الرئاسة الشهر الماضي، ليس فحسب أول رئيس منتخب ديمقراطياً يراه المصريون، بل أنه كذلك أول شخص ملتحٍ يصل لهذا المنصب الرفيع.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن علي البنا، محامٍ وأحد مناصري جماعة الإخوان، قوله:quot;نشعر كمسلمين عند رؤية محمد مرسي مثلما يشعر سود الولايات المتحدة تجاه باراك أوباما. وبات هناك الآن شخص مثلي ويمثلني، وهو ما لم يكن يحدث من قبلquot;.

وأضافت الصحيفة أن البنا هو أحد المحامين الذين يمثلون حمدي وأكثر من 60 شرطياً في كافة أنحاء البلاد تم إيقافهم عن العمل لإطلاقهم لحاهم. وقال حمدي متذكراً أول ظهور له في العمل بلحيته:quot;أخبرني رئيسي بأنه لا يمكنني إطلاق لحيتي أثناء ساعات العمل. وكأنها لحية مستعارة يمكنني أن أتحكم بها. إنه بالفعل أمر سخيفquot;.

ثم نوهت الصحيفة بتلك الدعوى القضائية التي رفعتها مجموعة من المضيفين الجويين ضد شركة مصر للطيران، لمطالبتهم بمنحهم الحق في إطلاق لحى مشذبة بشكل أنيق، مثلما تسمح بعض من شركات الطيران الأخرى. وعلى غرار ذلك، أبدت مجموعة من المضيفات المسلمات رغبتهن في تغطية رؤوسهن. وهنا، أشارت الصحيفة إلى أن الموضوع في غاية الصعوبة بالنسبة إلى المصريين لعدة أسباب من بينها أن البلاد تفتقد عادة قوية للحريات الفردية أو الحمايات لهم في القانون.

وبخصوص ما قد يتضمنه الدستور الجديد من مواد خاصة بمسألة إطلاق اللحى أو ما شابه ذلك، عاود عقل ليقول :quot; إن كان سينص الدستور على أنه بمقدور أي فرد أن يطلق لحيته، فإنه سيسمح أيضاً لأي فرد بارتداء البكيني. وأنا لا أتوقع أن تصل الأمور لهذا الحدquot;.

وختمت الصحيفة بحديثها عن المذيعة في التلفزيون المصري، لمياء موافي، التي كانت قد قررت أن تغطي رأسها بالحجاب قبل الثورة، لدرجة أنها منعت من الظهور، حتى اندلعت الثورة، وسمح لها بعد ذلك بمزاولة مهام عملها من داخل قصر الرئاسة.