تحاول الحكومة امتصاص صدمة اتهام بلغاريا حزب الله بتفجير بورغاس، في مسعى استباقي لأي قرار أوروبي بإدراج الحزب على لائحة الارهاب العالمي، تجنبًا لأي ارتدادات داخلية.


بيروت: فجّر إتهام السلطات البلغارية حزب الله بتنفيذ تفجير حافلة في مطار بورغاس الصيف الماضي، قضية جديدة على الساحة اللبنانية المترنحة، بسبب التبعات التي يمكن أن يتمخض عنها هذا الاتهام، والإجراءات التي يمكن أن يتخذها الإتحاد الأوروبي ضد لبنان، ولا سيما أن حزب الله مشارك في هذه الحكومة ويرعاها رعاية كاملة.

وفي حين ضغطت الولايات المتحدة وإسرائيل على الجانب الأوروبي لتسريع إدراج حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية، برز موقف رئيس الحكومة اللبناني نجيب ميقاتي الذي أبدى استعدادًا للتعاون مع بلغاريا لكشف ملابسات هذا التفجير، في حين أكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن الموقف الذي اعلنه ميقاتي قد تم التشاور بصدده. كما اتفق على استكمال درسه وتدقيق مضمونه بعد ورود كامل المستندات المتعلقة بهذا الموضوع من المدعي العام البلغاري.

اتهامات كثيرة

قال النائب خالد الضاهر لـquot;إيلافquot;: quot;يؤسفني أن تتهم بلغاريا أبناء بلدي بالقيام بهذا التفجير، لكن يتضح يومًا بعد آخر أن حزب الله أصبح يشكل عبئا على لبنان، بسبب ارتباطه بإيران، ويتضح لنا أن حزب الله جزء من الحرس الثوري الإيراني وهو يعمل على نشر الفوضى، ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة وفي العالم أيضًاquot;.

وتابع: quot;بلغاريا ليست الطرف الوحيد الذي يتهم عناصر من الحزب بالقيام بهذا التفجير، فالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان سبق أن اتهمت أربعة عناصر من الحزب في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونذكر جميعًا أن مصر سبق أن ألقت القبض على مسؤول في الحزب أنشأ خلية كان هدفها ضرب الأمن القومي المصريquot;.

تشويه العلاقات

لفت الضاهر إلى أن حزب الله أساء إلى علاقة لبنان بالدول العربية، من خلال تصريحات مسؤوليه، واليوم يسيء إلى العلاقات اللبنانية الأوروبية. قال: quot;حكومة حزب الله وسياساتها الخرقاء تسببت بابتعاد السياح العرب عن لبنان وإصدار بعض الدول العربية التحذيرات لمواطنيها من مغبة القدوم إلى بلدنا، كما أن اللبنانيين في هذه الدول تعرضوا وما يزالون إلى تشديد الإجراءات في حقهم، وذلك نابع من تخوف هذه الدول من حزب الله ومعرفتهم بارتباطه العضوي بإيران ومحاولاته لتخريب الأمن في البحرين والسعودية وغيرهما من الدولquot;.

وشدد الضاهر على أن الاتهام البلغاري لحزب الله سيفتح الباب أمام احتمالات كثيرة لتعرّض العلاقات اللبنانية الأوروبية إلى انتكاسة. وقال: quot;حزب الله يشكل خطرًا على كل اللبنانيين وليس على فريق بعينه، بل هو خطر حتى على مناصريه المخدوعين بشعارات المقاومة والممانعة، فالحزب منغمس في القتال ضد الثوار في سوريا، جنبًا إلى جنب مع الحرس الثوري الايراني، فأين المقاومة هناك؟quot;.

تصدير الإرهاب

سأل الضاهر: quot;إذا كانت المقاومة الفلسطينية لم تنفذ عمليات ضد الاسرائيليين في الخارج منذ زمن بعيد، فلماذا يقوم بها حزب الله؟ هذا يثبت أن الحزب يخدم أجندة إيران في تصدير الارهاب والإضطراب، ليس إلى المنطقة العربية وحسب بل إلى العالم، ونعرف جميعًا ضلوع الحزب مع العصابات والمافيات المنتشرة في أميركا الجنوبيةquot;.

وختم قائلًا: quot;الخدمة الأكبر التي يمكن تقديمها إلى اللبنانيين هي استقالة هذه الحكومة التي يعرف الجميع أنها حكومة حزب الله، ليتلافى لبنان أي أثر لقرارات قد تتخذها أوروبا ضد الدولة اللبنانية، وتبقى المشكلة كامنة في أن اللبنانيين في أوروبا الآن سيتعرضون لضغوط إضافية ولإجراءات مشددة ستصعب حياتهمquot;.

قراءات مختلفة

يرجح المراقبون أن تصاب الحكومة اللبنانية بالإحراج الشديد، وأن لا تقدم على أي خطوة بانتظار الموقف الأوروبي الجامع من هذه القضية. ونقلت صحف لبنانية عن أوساط حزب الله قولها إن الحزب غير معني بالرد على الإتهام، وان التعليق على الأمر يمكن أن يصدر في احتفال يقيمه الحزب في 16 شباط (فبراير) الجاري.

في غضون ذلك، برز موقف لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد فيه استعداده للتعاون مع الدولة البلغارية لجلاء ملابسات هذا الأمر إحقاقًا للحق وصونًا للعدالة.

وعن رأيه في صدور نتائج التحقيق في حادث التفجير في بلغاريا قال: quot;قمنا قبل فترة بزيارة ناجحة بلغاريا، أكدنا خلالها أهمية تطوير علاقاتنا الثنائية، ولمسنا من المسؤولين البلغار كل الحرص على لبنان وحسن العلاقات معهquot;. وأضاف: quot;يجدد لبنان إدانته ورفضه أي عمل أو إعتداء يستهدف أي دولة عربية أو أجنبيةquot;.

ونقلت صحيفة quot;النهارquot; عن وزير فضل عدم ذكر اسمه قوله: quot;إن الاتهام وما قد يليه يربكان الوضع الحكومي، من حيث التعامل مع أوروبا، وخصوصًا بعد شبه المقاطعة العربية ومنع الرعايا العرب من السفر إلى لبنانquot;.

التبعات القانونية

قال الدكتور شفيق المصري، استاذ القانون الدولي، في حديث صحافي، إن الرسالة التي يسعى الجانبان الاميركي والاسرائيلي إلى توجيهها تدفع بالاتحاد الأوروبي إلى أن يصنّف حزب الله منظمة إرهابية، quot;ما يعني اتخاذ الإجراءات التي يتخذها الاتحاد عادة في حق المنظمات الارهابية، بما في ذلك الاجراءات العقابية والاقتصادية وحركة الاشخاص وغيرهاquot;.

وشدد المصري على أن quot;الموقف اللبناني الرسمي يجب أن يكون أكثر تشددًا لكي يؤكد أنه غير مرتبط إطلاقًا بنشاط المنظمات الحزبية أو الأفراد الذين يقومون بأعمال تلحق الاساءة بمصالح الدول الصديقةquot;.