قبل عدة سنوات مضت كانت تصدر في إيران مجلة ناقدة اسمها quot; گل آقا quot; وكان لها قراء كثيرون و كانت المجلة الوحيدة المقروءة من قبل جميع فئات المجتمع الإيراني والسبب في ذلك يعود لاستخدامها الأسلوب الساخر في تناول المواضيع السياسية والأحداث الجارية في البلاد إضافة الى الرسوم الكاركاتورية المضحكة التي كانت تملئ صفحاتها lsquo; وكانت هذه المجلة الناقدة الوحيدة التي سمح نظام الملالي في عهد رئاسة رفسنجاني بصدورها (1992م) وذلك لغاية في نفس يعقوب lsquo; و لكن بعد ان ضاق النظام بها ذرعاlsquo; توفي ناشرها فجأة و توقفت المجلة عن الصدور و قد ساد الحزن الأوساط الثقافية و قراء المجلة على وفاته حيث فقدوا بذلك الوسيلة المسلية الوحيدة التي كانت تضحكهم في زمان كان الإيرانيون أحوج ما يكونوا فيه الى كلمة أو صورة مسلية تخفف عنهم بعض من الآم الحزن التي كانت تطبع قلوبهم حيث لم يكن هناك كلام يقرأ أو يسمع غير كلام الملالي قراء المراثي الذين لا يجيدون غير لغة الشحن العاطفي الحزين. فما أشبه اليوم بالبارحة حيث عاد الحزن ( الذي لم يتوقف ) يخيم على كل مدينة وشارع وبيت في إيران نتيجة الإعدامات والاضطهاد الوحشي الذي يمارسه نظام الملالي بحق أبناء الشعوب الإيرانية والذي تتجلى صوره هذه الأيام في قمع المظاهرات الاحتجاجية الجارية في المدن الإيرانية حيث شاهد العالم من خلال عدسات التصوير الحي كيف يتم يجري قتل النساء والرجال إما رمياً بالرصاص وإما دهسا بالسيارات من قبل مليشيات الحرس و الباسيج ناهيك عن عمليات الاعتقال والتعذيب و الاعتداءات الجنسية التي اعترفت السلطات بعدد منها.

في ظل هذا الظرف المحزن يخرج الرئيس الإيرانيquot; احمدي نجادquot; بين فترة وأخرى مدليا بتصريحات تذكر المواطن الإيراني بذلك الأسلوب الساخر والنكات المضحكة التي كانت تمتلي بها صفحات مجلة quot; گل آقا quot;. فالرئيس الإيراني الذي اشتهر بإطلاق التصريحات النارية والهزلية في آن معا lsquo; يظهر وكأنه خارج الزمان والمكان حيث تمر إيران اليوم بأسوأ ظروفها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية و لكن احمدي نجاد يحاول عبر أطلاق التصريحات المضحكة ان يقفز على هذا الواقع. فمن جملة هذه القصص و التصريحات المضحكة التي يسوقها الرئيس الإيراني بين فترة وأخرىlsquo; قصة هالة الضوء التي كانت تحيط برأسه خلال إلقائه كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2005م. وتعليقاً على تلك القصة المضحكة فقد نشرت صحيفة quot; شرقquot; الإصلاحية الطلابية الإيرانية حينها كاريكاتيرا ساخرا يمثل رقعة شطرنج يواجه فيها حمار مفتوح الفم على رأسه هالة نور وقد أغلقت السلطات الإيرانية الصحيفة على الفور معتبرة ان هذه الرسم فيه إساءة لاحمدي نجاد.


و خلال لقائه ببعض مراجع حوزة قم الدينية تحدث لهم quot; نجاد quot; عن إحباط محاولة اختطافه من قبل الأمریكان أثناء زيارته العراق العام الماضي. وأضاف أنه کانت لدى ألأمريكان خطة موسعة لاختطافه ونقله إلى الولایات المتحدة الأمریكیة والمساومة علیه مع نظامه. وزعم بأن التغییرات التي حصلت فی برنامج زیارته للعراق هی التی أعاقت الأمریكان من تنفیذ مأربهم على حد قوله. وأضاف quot; لقد شعر الأمریكان بالاستغراب عندما أدركوا بأنی فی الطریق إلى طهرانquot;. وقد تنسى احمدي نجاد ان من أمن له الحماية في الجو والبر العراقي وإغلاق شوارع بغداد والمناطق التي زارها لتسهيل مرور موكبه lsquo; هي القوات الأمريكية التي كانت تمسك بزمام الملف الأمني العراقي lsquo;وان لولا حماية القوات الأمريكية لما تمكن حتى من النزول في مطار بغداد ناهيك عن المرور بشوارعها.


أما تصريحاته من قبيل ان الإمام المهدي المنتظر هو من اختاره لرئاسة الحكومة الإيرانية وان المهدي هو من يرعى هذه الحكومة و ان إيران سوف تمحو إسرائيل من الوجود (....)lsquo; وغيرها من التصريحات المضحكة الأخرى lsquo; فهي كثيرة.


و في احدث تصريح مضحك أدلى به الرئيس الإيراني كان يوم الاثنين 11/1/2010م وأدلى به أمام البرلمان حيث وصف فيه quot; الظروف الداخلية بالجمهورية الإسلامية بالممتازةlsquo; قائلا إن إيران تشهد اليوم quot; وحدة وطنية نادرة quot;!. وحدة وطنية ممتازة!! هكذا قال lsquo; متجاهل كل ما يجري من صراع على السلطة و المظاهرات المليونية المعارضة لنظام الملالي والمطالبة بتنحية نجاد عن سدة رئاسة الجمهورية بسبب كونه وصل الى هذا المنصب عن طريق تزوير نتائج الانتخابات وهو اليوم علة العلل التي تقوم عليها الأزمة التي تواجه نظام الملالي وتهدد بزواله. غير ان السيد احمد نجاد يتجاهل هذه الأزمة التي نسفت الوحدة التي يتحدث عنها والتي باتت تهدد النظام والبلاد.


كاتب احوازي