الأميركي الأشقر المقصود به هنا هو المواطن الأمريكي من أصول أوربية، الذي تقوم الدنيا ولا تقعد لو مُست شعرة واحدة من رأسه أو مس َ أحد ٌ مشاعره وكرامته ناهيك عن جسده وخصوصياته أو ملكيته الخاصة. لست بوارد حسد هذا المواطن على مايتمتع به من امتيازات وحقوق ضمنتها لها دساتير وأنظمة البلد لتحفظ له كرامته وتمنحه فرص الإبداع والتطور وتحقيق إنسانيته وأشباع رغباته وأحلامه في وطن صار حلم كل مواطن يعيش على الأرض، وبفضل هذه السمعة والتي تظل حقيقة ً مادامت محصورة بنوع هذا المواطن الأمريكي وليس بكونه حاصل على الجنسية الأمريكية أم لا. ماذا عني أنا المواطن الأمريكي من أصول عراقية، هل تـُقام ُ الدنيا ولا تـُقعد لو مس أحد ٌ ما ( شرطي أو حكومة أجنبية ) شعرة ً من رأسي.. ماذا يحصل لو تعرض مواطن أمريكي للخطف والسجن وتم إخفائه عن العالم فترة عشرة أعوام ونصفا، ثم حين يعود من غيبته من العالم السفلي ثم لم يجد من يدعمه بإستعادة أو تعويض بعض من إنسانيته المفقودة؟ لا شيء يحدث ولا أحد يسند قضيته وما ينتابه سوى الشعور بالضياع وبأنه لا وطن حقيقي له إذ لا وطنه الأصلي يتعامل معه كأحد رعاياه ولا البلد الذي منحه جنسيته بوارد التفكير بهكذا قضايا صغيرة لا تخدم سياسة البيت الأبيض. للأسف هذا ماحصل لي فعلا ولم تنفعني كوني صرت أتمتع بالمواطنة لأكبر وأقوى دولة في العالم، وبأني أعود بهذه الصفة مواطنا ً أمريكيا ً له رئيس أسمه ( باراك أوباما ) هو رئيس كل مواطني الولايات المتحدة الأمريكية، والتي لا أحد في العالم حسب ظني لا يعلم بأن رئيسها هو الرئيس الفعلي للعالم. طبعا هو لا يدير ولا يحكم شؤون البلدان مجتمعة بشكل مباشر، لكنه بما يملك من نفوذ وإمكانيات ومقدرات دولة عظمى كأمريكا التي لا تترك كل صغيرة أو كبيرة إلا وكان لها التأثير بمجرياتها ولا أقول صناعتها المباشرة بدءا ً من الإنقلابات العسكرية وليس بإنتهاء إدارة السجون والمعتقلات التي فوق الأرض وطبعا السرية أيضا ً التي تعود إلى الأنظمة البوليسية والتي ممكن الإنتفاع منها لخدمة أمريكا راعية النظام الحر والعالم المتمدن. إذن يستطيع الرئيس الجالس في البيت الأبيض لو شاء أن يغير خريطة العالم، كأن يسقط أنظمة كما فعل ( جورج بوش ) مع نظام صدام حسين أو يساهم في خلخلة وزعزعة إستقرارها بطرق شتى، ليس آخرها فرض الحصار أو الترويع والتهديد وغير ذلك من أساليب لم تعد خافية على أحد، ولا يستطيع إسترداد شيئا ً لإنسان عانى وتألم وحُرم من الحرية والحياة الطبيعية بالرغم من وجود شائعة تقول بأن حقوق المواطن الأمريكي لا تـُمس ُ. كرامته وحريته وحقوقه تدافع عنها حكومة الولايات المتحدة في كل بقعة من الأرض فيما لو تعرض أحد مواطنيها للسجن أو الخطف والتهديد. هذه الكرامة والحرية والحقوق مقدسة فعلا للمواطن الأمريكي، ولكن ليس لمثلي مثلا أنا المواطن الحاصل على الجنسية الأمريكية ومن أصول عراقية أو آسيوية.

في أمريكا حقوق وكرامة المواطن الأمريكي من ذوي الأصول الأوربية تكون مقدسة فعلا وهي خط أحمر لا يمكن المساس به، ولكن مواطن من أصول عراقية لسان الحال يقول ما أنت إلا من قومك حتى لو كنت مواطنا ً أمريكي الجنسية فأنت لست َ بالمواطن الأشقر وما أنت سوى الهندي الأحمر، وحالتي مثال صارخ على ما أقول فما حدث معي حين حاولت أرسال رسائل لمسؤولين متنفذين وشخصيات مهمة في الدولة طالبا دعمي في قضيتي التي هي إنسانية بالدرجة الإولى وتتلخص بمقاضاة النظام السوري كونه قام بجريمة خطفي بالرغم من كوني صحفيا وشاعرا أعيش في بيروت وقتها و بالتواطىء مع ميليشيا لبنانية ثم زجي في معتقل تدمر الرهيب طيلة عشرة أعوام ونصفا دون محاكمة عادلة ونزيهة ولا حتى أسباب يقتنع بها العقل ُ.

( جورج ماكين ) وهو سجين سابق رفض مساعدتي حينما كنت أعيش في ولاية ( أريزونا ) طلب مني وقتها معلومات عن السجن والسجناء لكنه لم يكلف نفسه عناء التفكير بقضيتي. بعثت برسالة إلى السيد ( باراك أوباما ) كونه رئيس مواطني الولايات المتحدة، مذكرا ً إياه بهذه المواطنة وحقوقها وكرامتها وحقها في أن تسترد ولو جزءا ً بسيطا ً من حقوقها الإنسانية وشارحا ً له بالتفصيل ماتعرضت إليه من تعذيب جسدي ونفسي وحالة الترويع والتي ما زالت نتائجها وماسببت لي من آلام ومشاكل نفسية و ستظل معي حتى القبر ولم تنفع العقاقير ولا المصحات النفسية والمعالجون من شعوري بعدم التكيف والغربة في الحياة والشعور بالظلم ولا عدالة العالم.

لقد أعاد لي ( السيد الرئيس ) الرسالة بعد تصويرها طبعا والإحتفاظ بنسخة منها لا أعلم في أي أرشيف، المهم عادت الرسالة ولم تحتفظ بعذريتها ولم تحرك شعرة ً واحدة في رأس الرجل الحاصل على جائزة نوبل والذي جاء إلى البيت الأبيض وهو يحمل بين يديه ( الأمل )!


طبعا لو كنت يهوديا من نيويورك لأختلف الأمر بالتأكيد. ولو كنت مواطنا من أصول إيرانية لأمكن توظيف قضيتي وإشهارها بوجه ( أحمد نجادي ) كوثيقة إدانة للنظام الإيراني، ولو كنت كوبيا لمسحوا هذه الجزيرة من على وجه الأرض أو لفرض عليها حصار عسكري وربما أكون السبب في إسقاط نظام كاسترو. لكن ماذا أفعل أنا المواطن الأمريكي من أصل عراقي، وأمريكا ليس في وارد فتح معركة مع النظام السوري الذي يحارب أمريكا أعلاميا ً وينفذ لها كل أجندتها في السر؟ لا مصلحة للرئيس باراك أوباما، في المطالبة بحقوق أحد مواطنيه طالما أن العلاقات مع تلك الدولة ( سوريا ) يمكن أن تنفع سياسة الولايات المتحدة وتخدم مصالحها الأستراتيجية.

الحديث عن حقوق الإنسان وكرامة الفرد الأمريكي وأمتيازاته الخرافية وتميزه تبدو لي نوعا ً من الخرافة والأساطير طالما كان هذا الأمريكي من أصول عربية أو آسيوية وهذا مايمنح شعورا ً بالإغتراب والإقتلاع والتهميش. لا أستطيع البتة الإقتناع بإنتمائي لوطن لا يمنحني الشعور بأنني أحد مواطنيه فعلا ً لا قولا ً. الوطن ليس جواز سفر وأقامة أم هي كما يبدو تصح عن الأمريكي اليهودي والأمريكي الأشقر ولا تصح على سواه؟


شاعر من العراق يعيش في كاليفورنيا