حالات الإغتصاب وغيرها من حالات الشذوذ الجنسي ليست قاصرة على المجتمعات العربيه.فمنذ بدء الخليقة.. تصارع الإنسان والحيوان على لقمة العيش للحياه.. ولكن الخالق ميّز الإنسان بالعقل للتغلب على صفة العنف الملازمه للحيوان.. وللتغلب على الحيوان ذاته على الأرض.. ولكنه أبقى على الغريزة الحيوانيه فيه ممثلة بالغريزة الجنسيه ربما لصقل العنف الحيواني في رابطة حب بشري تكون أكثر نفعا وأكثر إيجابيه في صقل النفسيه الإنسانيه ولتغلب صفة المحبة على العلاقات البشريه والأهم حفاظا على الجنس البشري.. وتاكيدا لقدرته عز وجل على خلق الحب والمحبه.. وجاءت الأديان لتعمل على تنظيم المجتمعات وصقل علاقاتها ببعضها البعض.. بالمحبه.. وبالتصاهر.. حفاظا على أهمية الأسره وعلاقتها مع الأسر الأخرى.. تجللت هذه العلاقات الجنسيه بالزواج.. لكي لا تنقلب هذه الغريزة إلى خطر يهدد هذه العلاقات..


في مقالة الأستاذ الكبير شاكر النابلسي quot;quot; تداعيات أزمة الجنس في العالم العربي quot;في 19 يونيو تفادى الكاتب الخوض في الأسباب الحقيقيه لتفاقم هذه الأزمة في المجتمعات العربيه وربطها بالوضع الاقتصادي والتعليمي والثقافي المتردي فيها..لأن لا أحد يجرؤ عن الحديث عنها خوفاً من رجال الدين وأكمل مقالته سردا عن تاريخ الجنس في كل العصور.. بدون التطرق الكافي لأهمية البحث في هذه المشكله الخطيره التي تواجه المجتمعات العربية والمرتبطه إرتباطا وثيقا بعدة ظواهر عنفيه تتزايد في المجتمعات العربيه وخطر تداعياتها على هذه المجتمعات..ولم يتطرق الكاتب إلى أهمية الإختلاط بين الجنسين كأحد العوامل الرئيسيه في تفاقم أزمة الشباب وحب الفضول الذي يخلق حاله من التوتر النفسي تشكل دافعا قويا لإكتشاف الجنس الآخر والتعرف إليه.. هذا الفضول وفي ظل إنتفاء الوضع الطبيعي لهذا التعرف والإختلاط فإنه ينقلب إلى كبت نفسي قد يؤدي إلى مثل هذه الجريمه..
أو
تودي بالشاب إلى علاقات غير طبيعيه مع أقرانه الشباب.. ففي منازل متشدده تحرم الإختلاط ولا ترى في مخالطة الرجال أمرا غير طبيعيا فلا يظنون بان شهوة هذا الشاب قد تتحول إلى شاب مثله.. وكذلك علاقة المرأه الشابه بالمرأه الأخرى التي قد تنقلب أيضا إلى علاقه غير طبيعيه نظرا للتشدد في تحريم الإختلاط.. أو نظرا للإهمال من الزوج الذي تعود على صحبة الرجال وتعود على النظر إلى المرأه كوعاء جنسي فقط وليست شركة حياة..
الفرق بين وجود حالات الإغتصاب في المجتمعات العربيه عنها في المجتمعات الغربيه.
أولا في نسبتها المتزايده في المجتمعات العربيه عنها في المجتمعات الأخرى..
ثانيا الإختلاف العميق في طريقة معالجتها ما بين المجتمعات المتقدمه والمتحضره حيث تعالج علنيا على جميع المستويات وتخضع للتحليل العلمي والنقدي والنفسي لمنعها او على الأقل للحد من تكرارها..بينما تخفى في المجتمعات العربيه والإسلاميه ويفر الجاني.. و تقتل الضحيه ويتهرب الجلاد مختبئا بالتقاليد والعادات وتحت مظلة الدين الذي يضع عبء حماية نفسها عليها فقط..


الفرق الهام الذي لا يجب إغفاله هو أن حرية الإختلاط الكبيره المتاحه للشباب في المجتمعات الغربيه تجعل من عملية الإغتصاب جريمه في حق المجتمع بأكمله بينما جريمة إغتصاب المرأه في المجتمعات العربيه توقع الجرم الأكبر على المرأه.. وبينما نرى زيادة الإنفتاح في المجتمعات الغربيه نرى أن إتجاه المجتمعات العربيه لصرامة أكبر بعد ثورة الإتصالات المعلوماتيه.. والشبكات التلفزيونيه..لم يمنع من ظهور وتزايد حالات الإغتصاب..


الأسباب الحقيقيه وراء هذه الزياده يكمن في..
زيادة عدد القنوات الدينيه.. مما أنتج حالة من التخبط الوعيي الناتج من كثرة عدد هذه القنوات الممله التي تعمل جاهدة على فصل الإنسان العربي عن عصره.. وإعادته مع إعادة عقارب الزمن إلى عصر لا يعرفه.. ولا يستطيع العودة إليه في ظل تزايد شبكات التلفزة العالميه الخرى التي تربطه بواقع آخر يرى فيه حريه يحرم من جميع أشكالها!!
زيادة الإنتشار في ظاهرة الفتاوي المتشدده والتي تمس كل سلوكيات الحياة.. وبالتحديد محاولتها وأد الغريزه الطبيعيه للتعرف على الجنس الآخر والإختلاط به.. وتناقض ما تبثه بين بعضها البعض.. بين تحريم وتحليل إدت إلى حالة من عدم التوازن في التركيبه الطبيعيه للمجتمع والتي ومن المفروض فيها التعاطي العادي بين الجنسين الذي من شأنه خلق شخصيه تعرف الآخر ولا تخاف منه وتنمو على إعتقاد راسخ بمساواتها مع الآخر.. وتكامل شخصيتها مع الشخصية الأخرى من أجل مجتمع سوي خال من العقد النفسيه.. ومن الخوف...


الغلو في التحريمات التي تصدر من فقهاء الدين بعضهم يتبوأ مراكز تعليميه قياديه.. تخلق في الجيل الجديد شخصية مهزوزه تستسهل التحريم بدل إعمال العقل.. هذا الغلو هو مادعا أستاذ جامعي فقيه وداعيه يدرّس في كلية الشريعه بالرياض للدعوة لهدم المسجد الحرام كاملا ليبنى مكانه طوابق متعدده منعا للإختلاط بين الرجال والنساء..
التناقض الكبير بين المعقول والمنطقي الذي يصدر من قيادات تعليميه المفروض بها العقل والتعقل كما في فتوى إرضاع الكبير التي صدرت من أستاذ جامعي ازهري.. والتي لا يستطيع أن يتقبلها عقل.. لمدى التناقض الواسع بين تحجيب المرأه الذي ينادون به وبين جعلها مجرد وعاء شهوه لا حول لها ولا قوة..
التناقض الصارخ في نظرة المجتمع للمرأه مابين أنها جوهرة مصونه والهدر من كرامتها بإباحة ثدييها.. يؤكد بأن الغلو في الدين أفقد الإنسان قدرته على التمييز بين حقها في المحافظة على جسدها وبين إعتدائه على ذاتها بدون خيار لها.. وأنه في سبيل هذا الغلو يحط من كرامتها الإنسانية
التناقض بين الواقع الذي تعيشه هذه المجتمعات وواقع آخر يعيشه أصحاب الملايين من مجتمعها تراه حيا على الشاشات الفضيه وتعرف مصادر تمويله من فساد وكذب وخداع بما يؤدي حتما إلى حاله من التخبط القيمي بين تجاهل المجتمع كله لهذه القيم أمام المسؤول الفاسد.. والذي يتخذه العديدون من الجيل الجديد كمثل وقدوة حيه لمستقبلهم وبين القيم ألأخلاقيه التي ومن المفروض أنهم يتلقونها في مدارسهم أو جامعاتهم..


حالة التخبط التي تشهدها المجتمعات العربيه في علاقاتها مع العالم الغربي.. ففي الوقت الذي يتمنون الهرب إليه.. للتظلل بديمقراطيته.. في ذات الوقت الذي لا ينأى فقهاء الدين عن نعت هذا العالم الغربي بالكفر والإلحاد.. وفي ذات الوقت الذي لم يستطع فيه اي داعيه أو فقيه تقديم أية حلول عمليه لما يواجهه الناس عامة من أزمات معيشيه وتناقضات يعيشونها.. سوى ما أطلقه الداعيه المشهور معشوق العديد من الفتيات عمرو خالد الذي أطلق برنامج التنمية بالإيمان. بينما يرون التنميه الحقيقيه في جميع مجالات الحياه في هذا الغرب الكافر..


يواجه الجيل الجديد في العالم العربي أزمة أخرى لا يتوقف عن بثها فقهاء الدين ما بين التسليم بالقدر والنصيب والإستسلام لقضاء الله الذي لا قبل له بتغييره..مما خلق في هذا الإنسان إرادة ميته لأنه وتحت تخدير هذا الإعتقاد فهو لا يستطيع تغيير شيء من واقعه مهما عمل وفي مجتمع تتداعى فيه قيم العداله والحريه المفقوده وبين ما يتطلع إليه الشباب من حياة أفضل يرونها على شاشاتهم الفضيه يهرب هذا الإنسان إلى عالم المخدرات ليعيش لحظات حريه وهميه قد تودي به إلى إقتراف أبشع الجرائم مثل جريمة الإغتصاب..
العنف المستتر الذي تعيشه نسبه لا يستهان بها من العائلات العربيه باشكاله المختلفه ضد المرأه التي هي أم ينتقل كالوباء للجيل الشاب ويؤدي إلى رفض داخلي لهذه البيئه ونمط الحياه ثم إستساغة العنف على أنه مصدر قوة.. وتحويل إلى الجهه الأضعف والتي هي المرأه وتتكرر المأساه..


إن وصول المجتمعات العربيه وحتى جزء من هذه المجتمعات إلى هذه الحاله الهستيريه من عدم القدره على التمييز في ظل إستمرار فقهاء الدين بالشحن النفسي والغلو تؤكد على وجود أزمه عقليه خطيره تؤثر على مدى التوازن النفسي للجيل الجديد.. وبالتاكيد تتطلب إعادة النظر في مناهج التعليم وفي الإزدواجيه في القيم التي خلقها فقهاء الدين وفي الهدف الأساسي من وظيفة هذا الكم الهائل من القنوات الدينيه.. وفي الهدف الأسمى للأديان..


باحثه وناشطه في حقوق الإنسان
Humanity ndash; Equality ndash; Democracy.blogspot.com