مريم رجوي، إمرأة تتميز بلين العريکة و اسلوب بالغ السلاسة و لها باع کبير في إختيار و إنتقاء الکلمات و التعابير و الاوصاف المناسبة، و تتميز أيضا بفهم دقيق و عميق للنصوص الدينية و لها إطلاع واسع على التأريخ الاسلامي بجانبيه القديم و المعاصر مثلما ان لها بحکم ماضيها السياسي العتيد باع کبير في فهم و هضم و عکس الواقع الفکري الاجتماعي السياسي للمجتمع الايراني و بدقة متناهية، فهي على علاقة و احتکاك شبه دائميين بمختلف الاوساط و الشرائح الشعبية و المثقفة الايرانية، ولأجل ذلك فإن المرء يجد في خطبها و کلماتها عمقا و أبعادا غير عادية و على قدر مايدرك المتلقي فهما کافيا لما تطرحه رجوي في خطبها، فإنه في نفس الوقت نجد کثيرين يسبرون أغوار تعابيرها ليکتشفوا نظرات و رؤى ثاقبة للعديد من الامور الحساسة و المهمة، ومن هنا، فقد کانت و لاتزال خصما و ندا ذات بأس لرجال الدين المتطرفين وطفقت تحاصرهم في زوايا ضيقة و تحرجهم بطروحاتها السياسية و الفکرية و الاجتماعية المختلفة خصوصا ما يتعلق منها بالمرأة، بل وان لها حنکة و فطنة خاصة في امساك الملالي من أماکنquot;وجعهمquot;، والانکى من کل ذلك أنها تسلك اسلوبا إستقرائيا يدفع المتلقي و يحثه على التأمل و التفکير و السعي لإتخاذ القرار المناسب، أي بتعبير أکثر وضوحا أنها تحث و بطريقة لطيفة و رقيقة(لکن مؤثرة) المتلقي على أمرين هما:
1ـ فهم و إستيعاب حقيقة الاوضاع السائدة في إيران و جعله في الصورة، مما يعمل ذلك على توفير الارضية اللازمة لکي يکون عاملا و رقما قائما في أية أحداث او إنتفاضات محتملة الوقوع.
2ـ دفع الشرائح الواعية و المستوعبة للواقع الايراني البائس على المشارکة في العمل على تغيير الاوضاع الراهنة في إيران من خلال تصديها و رفضها لسياسات النظام القمعية و سعيها لمواجهته بمختلف السبل.
لکن النقطة الجوهرية و الاهم التي يجب علينا ملاحظتها و التمعن فيها ملية، هي أن منظمة مجاهدي خلق بصورة خاصة، و المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بصورة عامة، عندما إختارت إمرأة من نوع مريم رجوي لهکذا مرکز قيادي فذ و منحتها هذا القدر الکبير من الاهتمام، فهي لم تقم بذلك من باب تکتيك او مناورة سياسية او فکرية إجتماعية محددة ضد النظام الديني المتخلف، وانما هي قامت بذلك اساسا من موقف ينبع من قناعاتها المبدأية الراسخة بالدور و المکانة التي آمنت و تؤمن بها للمرأة في المشارکة في عملية القيادة و التوجيه، وفي الوقت الذي مازال النظام الديني المتطرف و المستبد في طهران يصر على المضي قدما بسياسته(الاقصائية)و(التهميشية) لدور و مکانة المرأة، و في الوقت الذي تتناقل فيه وسائل الاعلام العالمية المختلفة أنبائا متباينة عن القمع و العنف و الاستهانة الاستثنائية بحق المرأة الايرانية خصوصا تلك الصور و الافلام البالغة الوحشية و القسوة التي تنقل وقائع جلد و رجم نساء بالاضافة الى إعدامهن، فإن منظمة مجاهدي خلق و المجلس الوطني للمقاومة الايرانية کانا يعکسان صورة مختلفة تمام الاختلاف للمرأة الايرانية من خلال الدور القيادي المؤثر الذي إضطلعت و تضطلع به السيدة مريم رجوي على مختلف الاصعدة بل و حتى انها احرجت و تحرج رجال الدين الحاکمين في طهران أمام الشعب الايراني و تفضح إسختفافهم و إستهانتهم بدور و مکانة المرأة و المبالغة في تحقيرها و تهميشها من أجل إستمرار نظامهم السياسي الفکري الاجتماعي ذو الطابع الفاشي، وکان من الطبيعي جدا أن تهفو قلوب أبناء الشعب الايراني بشکل عام، و النساء الايرانيات بشکل خاص، لمريم رجوي وهي تقوم بفتح الابواب الدولية المغلقة بوجه مطالب و حقوق الشعب الايراني، واحدة تلو الاخرى و تلقي خطبها الحماسية و القوية في أهم البرلمانات الاوربية، لقد صارت السيدة رجوي أملا و قبسا للشعب الايراني بإتجاه التغيير الجوهري في إيران و إنهاء الصفحة السوداء و الملطخة بالدماء لنظام ولاية الفقيه القمعي، وهو أمر واضح و جلي أن هذه المرأة المثالية قد عقدت العزم عليه وانها لن تتراجع عنه مهما کلف الامر. غير ان النقطة الاهم في المسألة، أن مريم رجوي، ومنذ أن إضطلعت بمسؤوليتها التأريخية کرئيسة جمهورية منتخبة من جانب المقاومة الايرانية، تمکنت من إدارة المعرکة الدبلوماسية ضد النظام باسلوب فذ لفت الانظار الى الکاريزما القيادية الخاصة في هذه المرأة المکافحة من أجل حرية شعبها، إذ انها تمکنت و بنجاح کبير من حشر النظام في زاوية ضيقة و مظلمة، وبعد أن کان هذا النظام هو المبادر دوما للهجوم و التطاول على المعارضة الايرانية على إختلاف أطيافها و في مقدمتها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، فقد صار اليوم و بفضل الاداء السياسي الفريد من نوعه للسيدة رجوي، في موقع الدفاع المستميت و بعد أن کان يدعي کذبا و دجلا من أنه لم يبق لمنظمة مجاهدي خلق من وجود على أرض الواقع، يعلن اليوم على مرئى و مسمع من العالم، ان مجاهدي خلق هم الذين يقودون الجماهير الايرانية المنتفضة ضده، کما ان هذا النظام وبعد أن تجاهل لأعوام طويلة کل الضغوط الدولية التي مورست ضده، وبسبب مباشر من الموفقية الکبيرة للسيدة رجوي في إنارة الرأي العام العالمي بحقيقة مايجري في إيران من ظلم و إنتهاکات صارخة للحقوق الاساسية للشعب الايراني النجيب، فإنه بات يحاول بکل جهوده من أجل الرد على تصريحاتها و آرائها المعلنة هنا و هناك ولاسيما وان رجال الدين قد تيقنوا من عدوتهم اللدودة قد صارت رقما صعبا و صعبا جدا على الخارطة السياسية في إيران اليوم و المستقبل.