بعد بزوغ رأي فقهاء الدستور في الاردن بسقوط المنصب حُكماً عن كل عضو في مجلسي الأعيان أو النواب أو الوزراء ممن يحملون جنسية أخرى باتت الساحة الاردنية تناقش المادة ( 42 ) من الدستور الاردني التى تنص على :لا يلي منصب الوزارة الا اردني( تناقش علنا )، و على المادة ( 28 فقرة هاء ) من الدستور الاردني : يشترط فيمن يتولى الملك أن يكون مسلماً عاقلاً مولوداً من زوجة شرعية ومن أبوين مسلمين( تسرد همسا في المجالس ).

و سبب ربط المادة 42 و 28 في النقاش الدائر هو المادة (25) التى تنص على أن تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك و المادة (26) التى تنص على أن تناط السلطة التنفيذية بالملك ويتولاها بواسطة وزرائه. و هو ما يعني المجلس التشريعي و السلطة التنفيذية و الملك هما وجهان لعملة واحده، و اذا كان بعض من وزراء الملك سقطوا بنص قانوني من مجلس الامة المنتخب يحرم ازدواجية الجنسية، فأنه حكما سقوط المجلس الوزاري اي السلطة التنفيذية، و يعني انها ساقطة بالتبعية وبالتالي قانونا قرارت مجلس الوزراء قابلة للطعن و غير دستورية.

و ايضا من باب التأكيد الفقهي، حيث ان المجلس النيابي قد اقر عدم جواز الجمع بين المنصب الوزراي و الجنسية الاخرى فهو الاجدر ان يطبق مادة الدستور التى تفيد ان يكون الملك من ابوين مسلمين، و هو شرط يدعي البعض عدم توافره لان والده الملك عبد الله الثاني quot;الاميرة منى جاردنيرquot; هي مسيحية و كان هذا احد اسباب عدم منحها لقب ملكة في عهد الملك الحسين و لم تتم الاشارة الى اي وثيقة تثبت دخولها الاسلام وقت التنصيب الملكي( قد ثكون حان الاوان لنشر تلك الوثيقة و تاريخ اعتناقها الاسلام )، رغم ان هذا الشرط تم القفز عنه حين الزواج من الملكة quot;نور quot; والتى الدها أمريكي من أصل سوري وأمها من أصل سويدي تدين المسيحية و تحمل الجنسية الامريكية ميلادا و التى اشيع انها تخلت عنها لاجل quot;العرش الهاشمي quot;، و لكنها استخدمت quot;الجنسية الامريكية quot; و هو ما ساعدها في القضايا التى رفعتها في امريكا ضد ورثة الملك الحسين حسب ما اذيع في حلقة quot;لاري كنج quot; على فضائية السي ان ان، و كان ردها quot; ان الاسلام في الشرق الاوسط يمنعها من الحديث عن زوجها و قضايا العائلة quot; و لم تقل quot;انني كمسلمة quot;lt; راجع النص المتلفز gt;. و لكن لم يرد اي شيء في الدستور عن و لايه العهد و اوبيه المسلميين، و هو ما سمح للامير حمزة بتولي المنصب ثم اقصائه.

و لا اريد هنا ان افهم خطأ انني ضد تولي الملك عبد الله الثاني الحكم او في مواجهة مع مؤسسة العرش ( من باب الاحترام لا الخوف )، و لكني اشير الى ما يدور في الساحة و التقنية القانونية و التكييف الدستوري، واضافة اقصد انني مع الازدواجية التى اقرها مجلس نيابي سابق بناءا على توجه ملكي (في عهد الملك الحسين )، لان من صلاحيات الملك في الدستور quot;التشريع quot; و له حق مساو لمجلس الامة، و رغم ان هذا الحق تم التغاضي عن تعديله و هو ما اعتبر تراجع عن الاصلاحات و اتهم من طالب به بتقييد صلاحيات الملك، و هو ايضا مطلب يصب في خانة الاصلاحات الدستورية الاخيرة لدى المعارضة الاردنية، الا ان الملك الحسين رحمه الله استخدم ذلك الحق عند اصدار quot;حق حمل اكثر من جنسية الى جانب الاردنية quot;.

ومع العلم ان الدستور في المادة 15- 1 يشير الى ان: تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط الا يتجاوز حدود القانون، الا ان اثارة تلك القضايا القانونية تذهب بمن يتناولها خلف القضبان و تعتبر مناقشة اي امر يشمل الملك هو من باب quot;المواجهة quot; و يستلزم quot;التأديب و التأنيب و ربما عقوبة المساس بالذات الملكية عند بعض منافقي الملك و متسولي الرضا.

و القانون عرفا مقصود به الملك quot;كناية quot;، و للاسف بات النظر الى الملك و القانون باعتبارهما ملمسا واحدا، حيث لا مجال الحديث عن اي من خصوصيات quot;الحكم او الملكquot; بضم الميم في العهد الملكي السابق بعكس ما هو مسوح به في عهد الملك عبد الله الثاني حيث يتم تناول quot;الملكة رانيا quot; علنا في الصحف المحلية الالكترونية، و اعتقد أن الملك عبد الله الثاني لديه الحنكة و سعة الصدر و الفكر الحر بينما مستشاريه بعكس التوجه الحر، و هو ما ظهر في مقتطفات الحديث الملكي للصحف الامريكية مؤخرا و تناغم مع ثورات الربيع العربي.
في عام 1998 الاردن كان به ستمائة و خمسون الف مواطن يحملون الجنسية الاردنية و الامريكية معا، تليها الجنسية الكندية و البريطانية والاسترالية و اللبنانية سرا. اذن الحديث هنا عن ما يقارب المليون اليوم و مطلوب اقصائهم عن العصب الحكومي والمناصب و التساؤل كيف سيتم التعامل معهم و الاردنيون امام القانون سواء؟.

كان الهدف من السماح بالازدواجية في حمل الجنسية في عهد الملك الحسين هو امتصاص الاردنيين من اصول فلسطيينية و تهجيرهم للخارج و لكن الارقام لدى وزارة الداخلية تشير الى العكس حيث نسبة من ترك الاردن و هاجر الى الغرب من الاردنيين الشرقيين اكثر من الفلسطينيين اللذين تمسكوا بالبقاء في الاردن.( الفلسطينيون هم الاردنيون الغربيون نسبة الى انهم اتوا من غرب نهر الاردن في التعريف السياسي للشرق الاوسط الجديد ).

و على الرغم من منع مرشحين خوض الانتخابات التكميلية في عهد رئيس الوزراء الاردني (حامل الجنسية الكندية ) الاسبق لكن هذا الشرط تم التغاضي عنه في الانتخابات النيابية الحالية و تم التغاضي عنه حين ترشح اردني يحمل الجنسية الفلسطينية( مخالف لقرارات جامعة الدول العربية بحمل جنسيتين عربيتان في ان واحد) في مجلس النواب الاردني في عهد رئيس وزراء يؤكد البعض انه يحمل الجنسية الامريكية، و تغاضى عنه عند تعيين اعضاء مجلس الاعيان و ترشيح النواب حاملين جنسيات مختلفة.
الحديث عن الاصلاح السياسي يقضي ان يتم تصويب الاوضاع لا ان يتم تفصيل القوانيين لمقاسات شتوية او ربيعية.

الجميع يعرف ان حكومة الرئيس الاردني الحالي quot;د.معروف البخيت quot;، بعض منها تحمل جوازات امريكية و خصوصا الطاقم الاقتصادي و التخطيطي و من تم ترشيحهم سفراء، و ان الحكومات السابقة بها وزراء يحملون الجنسية الامريكية خصوصا الخارجية و المالية و التخطيط، و البريطانية للصحة و الالمانية للشباب و الكندية للسياحة و مستشاريين للملك و غيرهم.

و طالما انه تم المنع سابقا حسب القانون فلا يجوز السماح لاحقا لان القانون يقاس بالاسبقيات و تعتبر حكومة الرئيس البخيت غير قانونية و لا يجوز قانونا اعفاء وزرائها من النص الاصلي او المعدل لاحقا و تستوجب الاستقالة و الاقالة في ان واحد تطبيقا لاحكام الدستور.

في quot;اخر حلقة quot; تلفزيونية قدمتها على فضائية الاردن منذ حوالى احد عشر عاما، كان الموضوع quot; ازدواجية الجنسية quot; و الابوين quot;المسلمين quot; شارك بها ليث شبيلات عبر الهاتف و كان السبب في انها اخر حلقة متلفزة قدمتها ( كان و لا يزال المعارض الاردني ليث شبيلات على قائمة غير معلنة ممنوع الاقتراب منها او التصوير !!!!)، وفي الاستوديو على الهواء مباشرة كان وزير الدخلية سلامه حماد و رئيس اللجنة القانونية في مجلس الشعب و مستشار الامم المتحدة للجنسيات و الخبير في القانون الدولي د.فرحات، و اقصد ان اقول ان من حق الشعب الذي بايع الهاشميين الحكم في الخمسينيات و اقر مع الملك طلال الدستور ان يقوم بالاصلاح السياسي الذي يوفق الاوضاع عوضا عن الدخول في متاهة quot;شرعية الحكم quot; و سقوط الوزراء.

السلطة القضائية هي السلطة الوحيدة التى خرجت من قبضة الملك في الخمسينيات حسب الدستور، و هي الامل المتبقي اليوم في فكر قضائي حر ينصف الدستور و يعالج الازمات السياسية ضمن استراتيجية جامعة لا تعترف بالتجزئة الطارئة و التراجع الاقصائي لمرحلة انتقالية في تاريخ الدولة الاردنية.
[email protected]