هل يمكن لنا نحن الجنس البشري أن نكتشف يوماً ما سر الكون؟ الجواب أن هذا الأمر ليس مستحيلاَ لكنه يتطلب علوم متقدمة وتكنولوجيا متطورة جداَ ومزيداَ من الوقت يحسب بملايين السنين. قبل ربع قرن أتحفنا العالم البريطاني الفذ ستيفن هاوكينغ Stephen Hawking بكتابه الرائع تاريخ مختصر للزمن Bregrave;ve Histoire du Temps تطرق فيه للأسئلة الجوهرية المتعلقة بأصل ومصير الكون وأصل ومصير الحياة فيه، وحمل كتابه ما قبل الأخير هذا العنوان وهو كتاب النظرية الكلية الجامعة أصل ومصير الكون الذي صدر سنة 2008 La theacute;orie du Tout Origine et Destin de lrsquo;Univers. وتوج رؤيته العلمية للكون بكتابه المذهل الأخير الذي صدر سنة 2011 وأحدث ضجة كبرى لدى الرأي العام العالمي وكان تحت عنوان التصميم العظيم أو هل هناك مهندس كبير للكون y-a-trsquo;il un grand architecte dans lrsquo;univers مستنداَ إلى آخر نتائج المشاهدة والمراقبة والرصد العلمية للكون المرئي وإلى أحدث التجارب المختبرية وإلى آخر النظريات العلمية وتناول آخر ما قدمته الفيزياء النظرية physique theacute;orique وعلم الكون cosmologie وفيزياء الجسيمات اللامتناهية في الصغر physique des particules ليشاطرنا ما تثيره هذه الاكتشافات العلمية المتعلقة بالكون من مشاعر وتساؤلات وانفعالات وما يترتب عليها من تجديد في فهمنا للواقع الناجم عنها وهو فحوى نظريته الكوزمولوجية التي أسماها بالنظرية م M-Theacute;orie وخلص فيها إلى أن الكون أوجدته قوانين علمية جوهرية ولم يكن بحاجة إلى خالق يقدح زناد الانفجار العظيم. والحال أن معظم الأبحاث تركزت حول نقطة البداية وما بعدها أو ما يعرف بالفرادة الكونية singulariteacute; cosmiqueالمرتبطة بالانفجار العظيم Big Bang ونادراً ما يتجرأ أحد من العلماء في تناول موضوع ما قبل البيغ بانغ أو الانفجار العظيم عدا قلة قليلة من بينهم الأخوين بوغدانوف les fregrave;res Bogdanove و مارتن بوجوفالد Martin Bojowald، وباحث شاب وجريء يدعى وليد مهدي قدم رؤيته لفيزياء جديدة لما قبل الوجود المادي.

هناك من نظر بوجود معلومة رياضية حاسوبية افتراضية information matheacute;matique virtuelle تختزن كل ما يوجد في الكون المرئي من محتوى قبل ظهوره الفعلي الواقعي أو المادي وهي نظرية الأخوين بوغدانوف التي طرحاها في أطروحيتهما للدكتوراه في الفيزياء النظرية والرياضيات الفيزيائية. بينما ركزت مقاربة بوجوفالد على وجود عالم قبل اليغ بانغ انهار على نفسه في أعقاب عملية انكماش عظيم وتكثف في نقطة مكانية لامتناهية في الصغر مع كثافة لا متناهية ودرجة حرارة عالية جداَ قبل أن يحقق قفزة جديدة نحو عملية انفجار عظيم جديدة وتوسع وتمدد هائل تخلله عملية تضخم مفاجيء وهي متوالية متكررة وبلا توقف. لو تسلقنا الزمن والمكان أو الزمكان معاً espace-temps ووصلنا إلى ما قبل نقطة الصفر point 0 وهي اللحظة التي كان فيها حجم الكون معدوماً nullفي حيز لا متناهي في الصغر في حين أن كثافته وطاقته كانتا لا متناهيتين في حدودهما، أي قبل حوالي 14 مليار سنة ضوئية، لوجدنا أن الوجود المادي له سابقة مكررة إلى ما لا نهاية كالبالون الذي يسقط على الأرض ويقفز في الهواء ثم يسقط ثم يقفز مرة أخرى وهكذا دواليك حسب فرضية بوجوفالد أي أن الانفجار العظيم لم يكن سوى قفزة عظيمة big-bounce وباللغة الفرنسية grand rebond وهي مرحلة تعقب الانهيار العظيم grand effondrement أو الانكماش العظيم Big Crunch، ومن ثم يحصل التمدد أو التوسع في الكون univers en expansion. يمكننا أن نتساءل حول ما إذا كانت هذه العملية تولد في كل مرة كوناً مرئياً مماثلاً ومتشابهاً أو مطابقاً لما سبقه وما يعقبه identique في حركة أزلية بين الصفر واللانهاية وبالعكس. بعبارة أخرى يمكن أن يكون لكوننا المرئي كون توأم، قد يكون مشابهاً له أو مختلفاً عنه،وسابق له، بيد أنه انهار على نفسه وانكمش ثم انفجر مرة أخرى منطلقاً من نقطة لا متناهية في الصغر ضمت أو احتوت جميع المعلومات المتعلقة بالكون السابق الذي انكمش ولكن بصيغة المعلومة الرياضية الحاسوبية الافتراضية. من هنا اعتقد علماء الفيزياء أن بإمكانهم شرح وتفسير كل شيء عن الكون بفضل النظرية الشاملة والجامعة نظرية الكل theacute;orie du tout وكشف أسرار المادة والزمن والمكان وما يتعلق بهما من قوانين..وما يزال التحدي قائماً طالما ظلت دعامتي الفيزياء الحديثة، اي نظرية النسبية لآينشتين relativiteacute; geacute;neacute;rale وميكانيك الكم الميكانيك الكوانتي أو نظرية الكوانتا meacute;canique quantique في تناقض دائم وعلى خلاف في ما يتعلق بطبيعة العالم، فالأولى تصف زمكان espace-temps متواصل ومستمر ومنحني وفق وجود المادة فيه، بينما تطعن الثانية بمفاهيم كلاسيكية سائدة في الفيزياء العصرية مثل التموقع أو التموضع localisation. ومهما كانت النظرية القادمة أكثر جوهرية وتمامية فإنها بلا شك ستغير بصورة راديكالية طبيعة إدراكنا وفهمنا لكوننا المرئي. وإنها ستتيح حتماً للعلماء أن يتعاملوا بشكل أعمق مع ألغاز الطبيعة. وإذا لم يفلح العلماء بتحقيق توحيد القوى الكونية الجوهرية الأربعة أي الجاذبية أو الثقالة، والكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة والقوة النووية الشديدة فلا بد والحالة هذه أنه سيتعين عليهم إعادة النظر ومراجعة النظريات القائمة والبحث عن بديل حتى لو اضطروا للبدء من الصفر. إن معضلة الفيزياء الحديثة هو عدم التوافق القائم بين النسبية والكوانتية وحقليهما المتباعدين والمرتبطين عضوياً ببعضهماً في آن واحدـ اي اللامتناهي في الصغر واللامتناهي في الكبر infiniment petit et infiniment grand لأن الكون المرئي نفسه بدأ من مستوى اللامتناهي في الصغر ووصل إلى مستوى اللامتناهي في الكبر. فالنسبية العامة relativiteacute; geacute;neacute;rale تتعامل مع المادة باعتبارها مكونة من أشياء أو أجسام كلاسيكية objets classiques مرصودة ومحددة مواقعهاlocaliseacute;s بينما تكون المادة في الفيزياء الكوانتية physique quantique ممثلة بكيانات وظائف الموجة entiteacute;s des fonctions drsquo;onde ومجالات أو حقول كوانتية champs quantiques، وهي ليست جسيمات بالمعنى الكلاسيكي المألوف القابلة للتحديد المكاني corpuscules localiseacute;s. وكذلك من المعروف أن النسبية العامة لا تتلائم مع مكان وزمان مطلقين في حين يوجد في الفيزياء الكوانتية افتراض أن الزمن محدد deacute;fini. نجح العلماء على نحو تقريبي نظرياً في توحيد ثلاث قوى هي الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة والنووية الشديدة في إطار مسمي بنظرية الحقول أو المجالات theacute;orie des champs إلا أن الجاذبية أو الثقالة هي التي بقيت عصية على التوحيد ولم يتم تعضيد نظرية الحقول بالبعد الرياضي اللازم لها أي لم تسند رياضياَ matheacute;matiquement لذلك لم تعتبر نظرية جوهرية fondamentale. من هنا فإن النموذج القياسي للكون المرئي modegrave;le standard يحتاج لترسيخه وتكريسه إلى إثبات وجود بوزونات هيغز bosons de Higgs وهو الأمر الذي يحتاج لبعض الوقت ولمزيد من التجارب في مصادم ومسرع الجسيمات الجبار سيرن collisionneur de hardons du CERN. تم التحقق من صحة وصف الجاذبية أو الثقالة بمساعدة النسبية العامة بدقة كبيرة ولكن إذا بحثنا عن نظرية توحيدية كبيرة تضم الثقالة أو الجاذبية الآينشتينية la gravitation einsteinienne فسيتعين علينا أن نعيد النظر بكل شيء بما في ذلك نظرية النسبية العامة لأنه لم يتم بعد التحقق من صلاحيتها في كافة المجالات خاصة في المسافات اللامتناهية في الصغر حيث عجز العلماء في تقدير نسبة التفاعلات الثقالية interactions gravitaionnelle التي تحدث بين أجسام ذات كتل توجد بينها مسافات صغيرة جداً لا تتجاوز بضعة ميكرومترات micomegrave;tres.

وكذلك على مستوى المجرات والنجوم حيث تبدو الغازات الكونية والمجرات والنجوم ذاتها تدور بسرعة أكبر من التكهنات والتوقعات الدينامكية التي تضمنتها نظرية النسبية لذلك لجأ العلماء إلى فرضية لم تثبت بعد تتلخص بوجود ما يعرف بالمادة السوداء matiegrave;re noire غير المرئية والمجهولة الماهية وهي طريقة لحفظ ماء الوجه بغية الإبقاء على صلاحية نظرية النسبية العامة لآينشتين لانعدام البديل المقبول عنها لحد الآن، فإما القبول بفرضية المادة السوداء والطاقة المعتمة أو الداكنة بغية الحفاظ على النسبية العامة، وإما تغيير وتعديل هذه الأخيرة أو حتى التخلي عنها والتحول إلى نظرية جديدة تقدم توقعات وتنبؤات وتكهنات مختلفة preacute;dictions diffeacute;rentes وهو المقصود في أوساط العلماء اليوم بتعبير أو صيغة الثقالة أو الجاذبية المعدلة graviteacute; modifieacute;e. يقف العلماء حائرون أمام مجموعة من التساؤلات الجوهرية وعلى رأسها لماذا اتخذ كوننا المرئي وضعه الحالي حجمه وشكله وقطره ومساحته وعمره وهندسيته أو معماريته الخ وهل هناك سبب جوهري مقصود يقف وراء هذا الوضع للكون المرئي أم هو مجرد نتيجة لصدفة؟ يجيب بعض العلماء بأن كوننا المرئي ليس حالة فريدة بل هو جزء من عدد لا متناهي من العوالم أو الأكوان وكل واحد منها تقوده وتسيره قوانين جوهرية خاصة به تمنحه ملامح وخاصية وماهية تختلف أو تشابه العوالم أو الأكوان الأخرى، والبعض الآخر شكك أن بإمكان البشر أن يحددوا يوماً ما وبدقة لا متناهية أن هناك مجموعة من القوانين تكون فعلاً جوهرية وتأسيسية، ويواصلون البحث عن دلائل إضافية تجريبية بشأن الأنموذج القياسي modegrave;le standard لفيزياء الجسيمات بإمكانه توحيد مواصفات وشروحات وتفسيرات على الأقل ثلاثة من القوانين الجوهرية الأربعة المسيرة للكون المرئي ويأملون أن يتوصلوا مع ذلك إلى نظرية كلية شاملة تتضمن أيضاً قانون الجاذبية أو الثقالة.
هناك افتراض في الفيزياء الكوانتية physique quantique يقول أن جميع القوى والتفاعلات بين الجسيمات الأولية للمادة، تتم عبر أو بواسطة جسيمات افتراضية موجهة vecteurs de la force والمقصود بها جسيمات موجهة للقوة، وفي الواقع أن كل جسيم مادي، كالالكترون eacute;lectron أو الكوارك quark يبث أو يعطي eacute;met جسيمات خيالية أو افتراضي موجهة particules vecteurs وإن التراجع إلى الخلف أو الارتداد recul الذي يحدث هذا الدفع الباعث للجسيمات الخيالية يعدل من سرعة جسيم المادة مثلما هو الحال في قذيفة المدفع التي تحدث حالة ارتدادا للخلف للمدفع عند إطلاق القذيفة. ومن ثم يصطدم الجسيم الخيالي المقذوف والموجهparticule vecteur بجسيم مادي particule de matiegrave;re يمتصه مما يعدل من حركة هذا الجسيم. وإن عملية الانبعاث eacute;mission والامتصاص absorption التي تعقبها، تعطي نتيجة متطابقة مع تجربة القوة المباشرة الناجمة عن تصادم جسمين ماديين.

فلكل قوة كونية عائلتها الخاصة من الجسيمات. فلو كان لهذه الأخيرة اي عائلة الجسيمات كتلة مرتفعة أو عالية فسيكون من الصعب انتاجها واستبدالها خاصة في المسافات الكبيرة. فالقوى الحاملة لها لن يكون لها سوى مدى ضعيف porteacute;e faible وبالعكس إذا لم يكن لديها كتلة خاصة بها فسيكون لقواها مدى أكبر grande porteacute;e ويجدر بنا التذكير بأن الجسيمات الموجهة particules vecteurs للقوة المتبادلة لجسمين ماديين يقال لها إفتراضية vertuelles إذ أنها، وعلى النقيض من الجسيمات الواقعية، لا يمكن رصدها بأجهزة الرصد deacute;celeacute;e par un deacute;tecteurs لأنها لا تتجول إلا بين جسيمين واقعيين، ومع ذلك تيقن العلماء من وجود هذه الجسيمات الافتراضية لأنها تعطي نتائج وتأثيرات قابلة للقياس mesurable وبدونها لن يكون هناك وجود للقوى الكونية بين جسيمات المادة.


افترض العلماء أن قوة الجاذبية أو الثقالة force gravitationnelle هي قوة كونية force universelle تؤثر على كل جسيم في الكون حسب كتلته وطاقته، وهي ناتجة عن التبادلات والتفاعلات الحاصلة بين جسيمات افتراضية particules virtuelles تسمى الغرافيتونات gravitons وهي الجسيمات التي يفترض بها أن تحمل وتنقل الثقالة أو الجاذبية. وهذه القوة الكونية هي أضعف القوى الجوهرية الأربعة بما لا يقارن، ولها خاصيتين مهمتين، فهي ذات مدى مكاني هائل نظراً للمسافات المذهلة الموجودة بين محتويات الكون المرئي من مادة وطاقة سواء كانت ظاهرة أو خفية، منظورة أو سوداء وداكنة،وهي نشطة دائماً، أي جاذبة باستمرار حيث دائماً ما تضاف جاذبية جسمين، مهما صغرا أو كبرا، كالأرض والشمس، لإنتاج قوة أكبر. أما بقية القوى الجوهرية الثلاثة الباقية فهي، إما أن يكون مدى تأثيرها ضعيفاً ومحدوداً، أو يكون نشاطها، إما جاذباً أحياناًattractives أو طارداً أحياناً أخرى reacute;pulsives ومتوسط تأثيرها يكون شبه معدوم في أغلب الأحوال. فالقوة الكهرومغناطيسية force eacute;lectromagneacute;tique تعمل agit وتؤثر على الجسيمات المشحونة كهربائياً كالالكترونات والكواركات وليس لها أي تأثير على الجسيمات التي تفتقد للشحنات الكهربائية أو عديمة الشحنة الكهربائية كالنوترينوات neutrinos، وهي أقوى بكثير من القوة الثقالية أي الجاذبية. فالقوة الكهرومغناطيسية بين الكترونين هي أكبر بـــ 10 مضروبة بــ 42 أي 1042 من القوة الثقالية أو الجاذبية بينهما. ولا ننسى وجود نوعين من الشحنات الكهربائية وهي السالبة والموجبة. فالقوة الناجمة عن شحنتين متشابهتين موجبتين أو سالبتين تكون طاردة reacute;pulsive في حين أن القوة الناجمة عن شحنتين مختلفتين سالبة وموجبة تكون جاذبة attractive. فجسم ثقيل كالشمس أو الأرض يحتوي على عدد متساوي تقريباً من الشحنات السالبة والموجبة بحيث أن مجموع القوى الجاذبة والطاردة الممارسة srsquo;exerccedil;ant بين الجسيمات تصبح شبه معدومة تقريباً أو تلغي نفسها srsquo;annule. ولكن على صعيد الذرات أو الخلايا والجزيئات الذرية moleacute;cules تكون القوة الكهرومغناطيسية هي السائدة أو الطاغية والمهيمنة dominante. وكما هو معروف فإن قوة الجذب الكهرومغناطيسية داخل النواة بين الالكترونات ذات الشحنات السالبة والبروتونات ذات الشحنات الموجبة هي التي تجعل الالكترونات تدور في فلك أو مدار orbite حول النواة كما هو الحال في الجذب الثقالي attraction gravitationnelle الذي يجعل الأرض تدور حول الشمس. ويعزى الجذب الكهرومغناطيسي للتبادل القائم بين عدد كبير من الجسيمات الافتراضية المسماة فوتونات photons virtuelles ولكن عندما ينتقل الالكترون من مدار إلى آخر أقرب للنواة فإنه ينتج طاقة تبعث أو تولد فوتون جديد حقيقي وواقعي photon reacute;el يمكن رؤيته بالعين المجردة أحياناً إذا كان طول موجته مناسباً لطيف الرؤية أو يمكن رصده وكشفه بأجهزة على غرار عمل الفيلم الخام في التصوير الفوتوغرافي. وفي نفس الوقت عند اصطدام فوتون حقيقي أو واقعي مع نواة فإنه سيعمل على نقل الالكترون من مدار إلى آخر أبعد عن النواة عندها سيتم امتصاص كل طاقة الفوتون. أما القوة النووية الضعيفة force nucleacute;aire faible فهي المسؤولة عن بعض الموجات الشعاعية radioactifs والتي بفعلها يتحول النيوترونneutron إلى بروتون proton داخل النواة الذرية. وأخيراً القوة النووية الشديدة force nucleacute;aire forte وهي أقوى القوى الجوهرية الأربعة والتي تقف وراء تماسك أغلب العناصر في عالمنا والتي تربط الكواركات داخل البروتونات والنيوترونات وتحافظ على بقاء البروتونات والنيوترونات داخل النواة في الذرة، وبدون هذه القوة فإن الطرد أو الدفع الكهربائي بين البروتونات ذات الشحنة الموجبة سيقوم بتفجير كل النوى الذرية noyaux atomique الموجودة في الكون عدا الهيدروجين الذي تتكون نواته من بروتون واحد، والذي يحمل هذه القوة هو جسيم افتراضي يسمى غليون gluion الذي يتفاعل مع نفسه ومع الكوارك. لقد استطاع العلماء نظرياً أو من الناحية النظرية أن يوحدوا بين ثلاث قوى جوهرية مسيرة للكون هي : الكهرومغناطيسية والنووية الضعيفة والنووية الشديدة في نظرية عرفت بإسم نظرية غوت GUT أي نظرية التوحيد الكبير لكنها عجزت عن استيعاب قوة الثقالة أو الجاذبية وهي القوة الجوهرية الكونية الرابعة والسبب هو أن نظرية النسبية التي تختص بمجال الثقالة أو الجاذبية ليست نظرية كمومية كوانتية و لا تأخذ بالاعتبار مبدأ اللاحتمية principe drsquo;indeacute;termination.
يحتاج تحقيق هذا الهدف إلى دمج مبدأ اللاحتمية بنظرية النسبية العامة وهو أمر في غاية الصعوبة إلا أنه ليس مستحيلاً، لذلك لم ينجح أحد بعد في إيجاد النظرية الكوانتية للثقالة أو الجاذبية theacute;orie quantique de la gravitation وتأتي الصعوبة من حقيقة أنه وفقاً لمبدأ اللاحتمية فإنه حتى في حالة وجود فراغ أو مكان فارغ espace vide فإنه في الحقيقة مليء بأزواج افتراضية من الجسيمات والجسيمات المضادة particules virtuelles et antiparticules virtuelles إذ لو كان الفراغ أو الفضاء الفارغ فارغ فعلياً وبصورة كلية عند ذلك سيكون لجميع الحقول والمجالات كالحقل أو المجال المغناطيسي والمجال الثقالي قيمة معدومة une valeur nulle والحال أن قيمة مجال ما وتنوعاته variations في الزمن تقرن بالتموضوع والسرعة أي بتغير التموضع أو السرعة لجسم في حين أن مبدأ اللاحتمية يجعل من المستحيل معرفة القيمتين أي السرعة والموضع في نفس الوقت أو في آن واحد. وإذا خرقنا أو انتهكنا هذا المبدأ فإن قيمة المجال ستتضمن بالضرورة الحد الأدنى من اللاحتمية واللادقة أو اللاتعيين principe drsquo;indeacute;termination و التقلبات والتحولات الكوانتية fluctuations quantique ولو طبقنا مبدأ اللاحتمية على الالكترونات فإن ذلك سينطوي على تشكل أزواج افتراضية من الجسيمات والجسيمات المضادة حتى داخل الفضاء الفارغ قبل أن تعدم بعضها البعض srsquo;annihiler mutuellement إذن المشكلة تكمن في أن هذه الجسيمات الافتراضية تمتلك طاقة، ونظراً لعددها اللامحدود واللامتناهي فإنها تطرح كمية من لطاقة تكون هي بدورها لا متناهية حسب معادلة آينشتين التي تقول أن الطاقة تساوي الكتلة مضروبة بمربع سرعة الضوء E= MC2 أي أنها ستكون مرتبطة بكتلة لا محدودةmasse infini. والحال، وحسب النسبية العامة فإن جاذبيتها تحني أو تحدب الكون إلى أن يصبح لا متناهياً في الصغر infiniment petit وهذا يخالف نتائج المشاهد والرصد والمراقبة مما يستدعي إدخال لا متناهيات جديدة neveux infini والتي تعمل على إلغاء اللامتناهيات التي تطرحها المعادىت الرياضية للنظرية.
يتبع

[email protected]