القرار الذي أصدرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة و الذي إعترفت من خلاله رسميا بحقوق سکان مخيم أشرف في العراق کطالبي لجوء، و مطالبتها لرئيس الوزراء العراقي نوري المالکي بتمديد مهلته لإغلاق أشرف، يأتي بمثابة نصر جديد يحققه سکان أشرف في صراعهم المرير ضد الجهود الحثيثة التي بذله و يبذله النظام الايراني من أجل حث الحکومة العراقية على إغلاق المخيم و طرد سکانه بأسرع مايکون.

ولئن کان رئيس الوزراء العراقي قد حدد نهاية العام الحالي کموعد نهائي أمام کان أشرف من أجل إخلاء مخيمهم، لکن لم ترجح أية اوساط سياسية او استخبارية إقليمية و دولية نجاح المالکي في مسعاه هذا وانما کان أغلبهم ولاسيما الدولية منها، تميل الى حل وسط بعيدا عن القرار شبه التعسفي للمالکي و الذي أکدت اوساط دبلوماسية في بروکسل بأن رائحة الضغط الايراني يشم منه بکل سهولة و رأت بأن تنفيذ تهديد المالکي يعني تلبية مطلب مهم و حيوي للنظام الايراني في العراق في الوقت الذي لايتقدم النظام الايراني ولو خطوة واحدة للأمام من أجل تلبية المطالب الدولية و الاقليمية المتباينة، بل ان جل همه هو الحصول على مکاسب على الارض و منح وعود(هوائية)مقابل ذلك، کما هو الحال مع المزاعم التي يطلقها بين الفينة و الاخرى بشأن برنامجه النووي المثير للجدل.

وتأتي أهمية هذا القرار من حيث انه لم يشترط على سکان أشرف الانفصال عن منظمة مجاهدي خلق کي يمنحوا اللجوء السياسي، مثلما سعى الى ذلك السفير الامريکي باتلر و أثار عاصفة من الانتقادات الدولية، ويمکن تفسير هذا الامر بأن المجتمع الدولي بات لايرغب في المزيد من إقصاء و تحجيم طرف فعال و مهم و رئيسي في المعارضة الايرانية وانما و على العکس من ذلك يرغب في ممارسة سياسة أکثر إنصافا و إعتدالا من السابق حيال منظمة مجاهدي خلق بشکل خاص و المعارضة الايرانية بشکل عام، لکن أهمية منظمة مجاهدي خلق تأتي من کونها الطرف الاهم الذي يوليه النظام الايراني أهمية إستثنائية و يحسب له حسابا خاصا، ولاسيما وان إختلاف المنظمة مع الخميني في الاعوام الاولى للثورة الايرانية قد کان على مبدأ ولاية الفقيه الذي رفضته المنظمة بشدة و دفعت ثمنا باهضا من أجل رفضها ذلك بحيث کلفها صراعا مريرا و عنيفا مع النظام مازالت فصوله مستمرة لحد هذا اليوم.

وفي کل الاحوال فإن نوري المالکي و من خلفه النظام الايراني، قد باتا في موقف صعب بعد هذا القرار المهم، خصوصا فيما لو أخذنا بالاعتبار أن هناك أطرافا عراقية کثيرة لاتحبذ او ترغب في ممارسة سياسة الضغط على سکان أشرف و تريد عوضا عن ذلك الاحتکام الى منطق الحکمة و الحوار و إيجاد حلول وسط ترضي جميع الاطراف وان يکون القرار النهائي الذي يصدر بشأن سکان مخيم أشرف قرارا عراقيا خالصا بعيدا عن الاهواء و الضغوط المختلفة للنظام الايراني، وان هذا القرار من شأنه تقوية موقف تلك الاطراف العراقية و دفعها للأمام في مواجهة المالکي الذي يمر حاليا بموقف سياسي صعب، رغم انه ليس هنالك من مؤشرات تدل على نية او عزم نوري المالکي على إنتهاج سياسة منطقية تأخذ المصلحة الوطنية العراقية بنظر الاعتبار و تعتبرها المعيار الاهم لإتخاذ أي موقف سياسي حيال أشرف و ينأى بنفسه و العراق بعيدا عن سياسة النظام الايراني تجاه سکان هذا المعسکر الذي أثار و يثير رحى جدل سياسي محتدم على مختلف الاصعدة، وعلى الارجح فإن المالکي الذي مازال يصر على موقفه المتشدد و يؤکد على ضرورة إخراج سکان مخيم أشرف في الموعد المحدد لهم بحلول نهاية هذا العام، فإنه بحاجة ماسة لمراجعة موقفه المتشدد من مخيم أشرف وان اصراره على موقفه هذا سيقود من دون أدنى شك وفي نهاية المطاف الى مواجهة خاسرة بينه و بين المجتمع الدولي و الذي لن تکون النتائج النهائية لصالحه أبدا و ستدفعه للمزيد من الانزواء و الاحباط.