يبدو أن رجائي إلى الملك عبد الله بين عبد العزيز الذي ورد في مقالتي يوم 19 يوليو وتحت عنوان quot;quot; لماذا لا نأخذ من الدين أيسره quot;quot;.. قد أثمر وأينع حين تخطى موضوع قيادة السيارة للمرأة السعودية.. بأكثر مما حلمت.. فلقد كتبت حينها quot;quot; تدخل الملك عبد الله الفوري لوضع حد لهذا الجدل ضرورة بحته تستند إلى تدخل الملك الراحل فيصل ( رحمه الله ) بموضوع بناء مدارس لتعليم البنات في المملكة برغم ما أحاطها من لغط مماثل وهي السابقة الإيجابية التي أدت إلى تعليم الإناث quot;.

والآن أجد أنه تدخل وأمر جلالته بعد مشاورته مع هيئة هيئة كبار العلماء بمشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى.. وفي المجالس البلدية..

هي خطوة الألف ميل التي قطعها جلالته ليستكمل فيها خطواته الإصلاحية للنهوض بالمملكة حين فتح أول جامعة مختلطة متحديا فيها العديد من علماء الدين المتشددين.. لعلمه الأكيد بضرورة تغيير الذهنية السعودية والإنتقال بها إلى الديمقراطية بعد ومع تقبل حق وجود المرأة ككائن مساو للرجل في كل المجالات. وهي الخطوة الأولى لبناء البنية التحتية الأساسية للديمقراطية و أحد أهم الخطوات التي ستساعد على ضمان الإستقرار السياسي في المملكة. وهي التنمية الإنسانية التي تفتقدها معظم المجتمعات العربية.. نتيجة التبريرات الفقهية الذكورية المتعددة لحماية سلطة الرجل..

إن مشاركة المرأة في عضوية مجلس الشورى يضعها في موقع المسؤولية المباشرة عن قرارات الدولة في علاقاتها مع العالم من حولها.. والمرأة بطبيعتها نظرا لحسها الإنساني أقدر على المحافظة على الترابط الإنساني مع الآخر لغريزتها الطبيعية في الحماية.. وبالتالي أقدر على ربط جسور من ثقافة التعاون والمصالح المشتركة القائمة على المساواة.. وأقدر على بناء ثقافة سلام وأمان تشترك فيها مع الجميع لحماية اجيال المستقبل.. ووجودها يمثل أجمل صورة لبلد متقدم يقف على قدم المساواة مع الدول الأخرى لبناء عالم جديد توجهه إنسانيته في علاقاته الإقتصادية والسياسية..

أما عضويتها في المجالس البلدية فهي تضعها في موقع أول من المسؤولية عن المجتمع الذي تعيش فيه..ومسؤوليتها عن تغيير جوانب الثقافة السلبية تجاه المرأة التي نمت وترعرعت على مدى اجيال سابقة ساهم فيها العديد من فقهاء الظلام..
إن مسؤوليتها الأولى هنا تكمن في التدخل الفوري لتجديد وتطوير المناهج التعليمية لتتماشى مع ثقافة العصر وحقوق الإنسان وحقوق المرأة التي هي أم الإنسانية..
إن سيدة مثل السيدة وجيهه الحويدر أو السيدة بدرية البشر وغيرهن كثيرات في هذه المناصب كفيل بأن ينقل المملكة السعودية في فترة زمنية قصيرة إلى مصاف الدول المتحضرة إنسانيا وليس معماريا فقط..
ولكن ما يتبادر إلى ذهني ولا يستطيع مبارحته هو.. كيف ستسطيع المرأة الشعور بالإستقلالية في أداء عملها والشعور بالحرية في إبداء آرائها بينما لا زالت هي نفس المرأة التي تحتاج لإذن ولي الأمر لإستخراج بطاقة سفر.. وتحتاج لمحرم لمرافقتها في سفرها.. وهي التي لا تستطيع الإعتماد على نفسها في الوصول إلى مكان عملها بدون سائق..
نعم إن الأمر الذي أصدرة جلالة الملك.. أمر إيجابي.. ويتماشى مع طموحاته للإصلاح
ولترسيخ ذهنية الديمقراطية بدءا بالمساواة بين الرجل والمرأة في العملية السياسية.. ولكن هذه المساواة لا زالت مبتورة إذا لم ترافقها صدور قرارات فورية اخرى تعززها وعلى رأسها قيادة سيارتها بنفسها.. وإلا فالتناقض لا زال سيد الموقف.. ولا يزال حرمانها من حرية قيادة السيارة شكلا صارخا من أشكال التمييز ضدها ويتعارض كليا مع مصادقة الحكومة السعودية على إتفاقية سيداو عام 2000.. برغم مباركة الدول الغربية لهذه الخطوة.

إن تدخلي في الشأن السعودي هدفه إنساني فقط لأنني أؤمن بأن حقوق المرأة حقوق عالمية لا تختلف مع إختلاف البقعة الجغرافية لأن الرابط الإنساني بين نساء العالم رابط بلا حدود..


أحلام أكرم - باحثة وناشطة في حقوق الإنسان