ترحيب مرشد النظام الايراني بالتصريح الاخير للرئيس الامريکي باراك اوباما و الذي حذر فيه من مخاطر الهجوم العسکري على إيران، هو بمثابة اول غزل من نوعه بين النظام الديني المتطرف في إيران و بين الادارة الامريکية طوال العقود و لم يکن من السهل تجاهله او التقليل من شأنه لما يکتنف هذا الترحيب من معان و إيحاءات متباينة.
الضغط الدولي المتزايد على النظام الايراني و الظروف بالغة السوء التي يمر بها هذا النظام و تزايد الحديث بصدد إحتمال توجيه ضربة عسکرية لهذا النظام، بالاضافة الى الاوضاع المضطربة التي تمر بها المنطقة و تخيم ظلالها بقوة على إيران، تدفع من دون أدنى شك بالخليفة الواهن للخميني الى الترحيب بتصريح قادم من على لسان أکبر مسٶول في بلادquot;الشيطان الاکبرquot;، تلك البلاد التي قال الخميني قبل وفاته ببرهة قصيرة بأنهquot;يقطع اليد التي تمتد من إيران لمصافحة أمريکاquot;، لکن هذا الترحيبquot;الغريب من نوعهquot; و على لسان الخامنئيquot;ولي أمر المسلمينquot; کما هو دارج في أدبيات النظام، يلفت النظر يعکس بقوة مدى إحساس النظام بالذعر و الرعب و التوجس من المستقبل.
اوباما الذي تطغي على تصريحاته بشأن إيران نوع من التحفظ و الحذر، يبدو انه أراد أن يوجه رسالة واحدة ولکن بمضمونين مختلفين لکل من النظام الايراني و اسرائيل، إذ ان الحديث عن إحتمال توجيه ضربة جوية إسرائيلية للمنشئات النووية الايرانية قد إزداد في الاونة الاخيرة بشکل ملحوظ، ويظهر ان اوباما يريد أن يحذر اسرائيل من مخاطر هکذا مغامرة لن تشترك فيه واشنطن و لاتحظى بدعم اوربي و دولي، کما انه في نفس الوقت يريد أن يحث النظام الايراني على التقدم بخطوات عملية إيجابية للأمام من أجل التوقي من تلقي ضربة عسکرية قاصمة محتملة، بيد ان تصريح اوباما يحمل في نفس الوقت توجسا أکبر من إحتمال أن يستفاد النظام الايراني من ضربة اسرائيلية و يقوم بتوظيفها توظيفا عقائديا من أجل إخراجه من أزماته المختلفة التي تضعه على مفترق حساس و بالغ الخطورة.
اوباما، هذا الحمل الوديع الذي فاجأ العالم کله عندما تمکن من النيل من اسامة بن لادن، والذي نجح الى حد ما في إخراج الدولار من ضائقته و محنته الاستثنائية، لاريب من أنه لن يترك مجالا للدولة العبرية کي تقوم بتخريب کل مافعلته واشنطن خلال الاعوام المنصرمة، حيث أن ايران اليوم غير عراق الثمانينيات عندما نجح الطيران الاسرائيلي بتدمير مفاعل تموز النووي، وان اوباما يدرك بوضوح أن النظام الايراني يعاني الامرين حاليا من الظروف السيئة على مختلف الاصعدة و ان التفکك و الشقاق و الاختلاف قد باتت من علامات و مميزات المرحلة الحالية، وکما صار واضحا و مفهوما فإن اوباما وعلى النقيض من جورج بوشquot;الاب و الابن على حد سواءquot;، يتکلم بتحفظ و روية لکنه يتصرف خلف الکواليس بکل حزم و قوة، ولذلك و على أغلب الظن فإنه قد يکون لاوباما في النظام الإيراني أکثر من حصة!