عدد المرشحون المحتملون لخوض الإنتخابات الرئاسية بمصر في تذايد مستمر حتى من قبل ان تفتحت اللجنة العليا المشرفة علي هذه الإنتخابات ابوابها ndash; في العاشر من الشهر الجاري - لكي يحصل كل من يريد علي أورق الترشيح بلا قيد ولا غشتراطات، وحتى بلا قيمة مادية ولو في شكل رمزي !!..
ومع تزايد تلك الأعداد يواصل طرح الأسئلة المجتمعية التى لا تعبر عن القلق بقدر ما تعبر عن quot; حالة تجريب quot; تمر بها البلاد لأول مرة.. حالة تطرح من الأسئلة أكثر ما تتلقي من أجابات شافية وافية..

هي في رأي حالة طبيعية للغاية، لا يجب أن نتخوف منها ـو أن نجزع.. أنها تعد وفقا لقانون التغييرات الثورية quot; حالة لم يتعود عليها المجتمع قبل تاريخ إندلاع الثورة quot; ومن ثمن تصبح شغله الشاغل.. وهذا صحيح فالمجتمع المصري اليوم يستعد لخوض تجربة quot; هي الأولي في حياته quot; ونعني بذلك تجربة إختيار رئيس الجمهورية بكامل الحرية وبلا تزوير او دعاية كاذبه وتخطيط مسبق للفوز..

توقعنا ndash; في أوائل الشهر الماضي - ضمن حوار مفتوح عبر إحدي الفضائيات أن يتوازي مع الإقبال علي الترشح من جانب عدد كبير من الاشخاص، أن ينفتح المجال بنفس القدر لحديث لا ينضب حول المرشحون وفرص نجاحهم والقوي التي تقف وراء كل منهم وانتقال بعضها من دائرة هذا المرشح إلي ذاك.. الخ..
وفي الأيام الاخيرة زاد هذا اللغط عندما طرحت بعض القوي وصف quot; الرئيس التوافقي quot; وقامت الفضائيات بإفساح برامجها الحوارية ndash; وهي بالعشرات - لمناقشة هذا المفهوم وهل هو تَوجه محمود ؟؟ أم هو ترتيب من خلف الجدران لفرض نوعية محددة من المرشحين ؟؟.. وفي حين رفضت تيارات الإسلام السياسي هذه الفكرة فور طرحها وعابتها، إلا أنها سرعان ما رأت فيها فرصة مواتية لتحقيق طموح أن يفوز المرشح الذي يمكن ان تجتمع حوله كلمتها بالمنصب الأرفع في مصر..
وبذلك تجمع بين الحسنيين.. الغلبية النيابية، والوجاهة الرئاسية !

الملاحظة الجديرة بالتسجيل هنا أن كل ما يدور في الساحة المصرية من حوار حول quot; انتخابات الرئيس القادم quot; يملأ الأفق وما يبدو منه خلف جدار، سرعان ما يزاح عنه الستار بعدد ساعات قليلة.. حرية الطرح والنقاش متوافرة، حتى ما تعرض له بعض له بعض المرشحين المعروفين جماهيرياً من مضايقات مادية أو معنوية لم يسلم من النقاش والتدوير والتحوير علانية أمام الجميع.. فكل فرد في مصر يحرص علي يعرف وأن يقلب الأمر في داخله عقلانياً او وجدانياً كما شاءت له امكاناته الثقافية وظروفه الإجتماعية، المهم ان يكون له مطلق الحرية في أن يتلقي وان يسعي للفهم وأن يعبر عن نفسه بغض النظر عن حجم الخطأ والصواب فيما يتوصل إليه..

وضع quot; حالة إنتخاب الرئيس quot; الإستثائي، إنبثق من كون هذه الإنتخابات هي quot; الأولي من نوعها quot; التى تجري في الشارع.. الأولي التي تجمع بين طياتها مرشحون محتملون من كل اطياف المجتمع المصري.. النخب والمشاهير والناس العادية..

هذه الحالة quot; الأولي quot; تميزت حتى يومنا هذا بعدة ملامح يمكن رصدها في النسق التالي..
1 ndash; العداد المتزايد من المرشحين الراغبين في خوض التجربة ربما إلي نهايتها، ثقة من بعضهم أنهم قادرون علي المنافسة حتى الرمق الأخير ورغبة من بعضهم الآخر في التواجد في دائرة الضوء التى تجعله مثار حديث هنا وهناك ولو لبعضة أيام..

2 ndash; ربط فكرة الترشح بحق كل مواطن في إستخدام النص الدستوري الذي لا يحرم أحد من التقدم باوراقه مستوفاه كما كانت تنص المادة 76 سيئة السمعة، وعلي اللجنة العليا إذا رفضت ما يتقدم به من مستندات ان تعلن أسبابها علي الملأ..

3 ndash; العدد الأكبر ممن سحب أوراق الترشح لم يفكر بعد في حسابات المكسب والخسارة.. ولا رتب نفسه للبحث عن قوي سياسية أو حزبية تدعمه..
4 ndash; إنقسام القوي السياسية إلي معسكرين.. أحدهما يمثل التيار السياسي الإسلامي الذي تتزعمه جماعة الأخوان المسلمون، أما الثاني فيمثله المجلس الأعلي للقوات المسلحة باعتباره قوي فاعلة ومؤثرة في الحياة السياسية المصرية وفق مقتضيات اللحظة الراهنة..

5 ndash; وإن كان البعض يؤكد أن منصور حسن هو المرشح التوافقي الذي يسانده المجلس الأعلي للقوات المسلحة، فلم تتضح بعد معالم المرشح التوافقي لتيار الإسلام السياسي..
6 ndash; لم تتبلور بعد معالم البرامج الإنتخابية للشخصيات الأكثر شهرة في الشارع السياسي المصري.. خاصة وأنها ndash; أي هذه الشخصيات - حفرت طريق شعبيتها منذ بعضة اشهر بشكل ملحوظ سواء علي مستوي التجمعات الدعائية التى توالي عقدها بمحافظات مصر أو ضمن ما تساهم به من مشاركات إعلامية وفضائية علي وجه الخصوص..

بل ان بعضها تحمل مشاق السفر إلي الخارج عارضا نفسه وافكاره علي بعض الجاليات المصرية، خصوصا في لندن!

7 ndash; إنعدام التواصل حتى بين المرشحين المحتملين الذين ينتمون لتيار سياسي متجانس سواء كان إسلامي التوجه او ليبرالي النهج..
نقول هذا بغض النظر عن توافر الكثير من مؤشرات الميول الإستعراضية عند البعض، وتوافر نوايا الضرب تحت الحزام عند البعض الآخر، وربما الإستعداد لتجاوز خطوط التنافس السلمي الآمن عند البعض الثالث.. فكل ذلك متوقع بدرجة أو بأخري لأنه يمثل ويعكس المكافأ التطبيقي لتمثيلية الإنتخابات الرئاسية الأخيرة التى شهدتها مصر قبل نحو سبع سنوات !!..
-أين ما نراه اليوم ويتنفسه الشعب المصري، مما قام به الحزب الوطني من إفسادا متعمد لمتركزات المجتمع المصري ؟؟..


-أين هذه المواقف البكر التلقائية للمرشحين ولجموع الشعب، من جهود ترزية القوانين التى تبجحت في نفاقها وكذبها وتدليسها إلي المستوي الذي أمات داخلهم حياء التأدب أمام الشعب..

هذه المرة quot; الأولي quot; يعيش أبناء المجتمع المصري quot; حالة إنتخابات حقيقية quot; إلي حد كبير غير مسبوق.. أجواء تحكمها القواعد والقرارات المتفق عليها علناً.. ويترشح لها أناس بعضهم معروف ومعلوم تاريخه بلا مواربة إو إخفاء.. ويتطلع للمشاركة فيها كل من وجد في نفسه القدرة الذاتية علي التقدم بأوراقه.. وتستعد شرائح الشعب جميعها للتصويت والإختيار وفق وفق الخطوات المعلن منذ أسابيع دون خوف أو فزع.. وتشمر منظمات المجتمع المدني عن ساعدي الجد لمراقبة أداء القضاء ولقياس حيادية مستوي اشرافه علي مجرياتها وللتأكد من مصداقية وشفافية القائمين علي الأمر..

لذلك لا نستغرب موجات التكهنات والشائعات التى تمطرنا بها سماء مصر علي مدار الساعة.. فهناك أحاديث لا تنتهي عن المرشح المدعوم !! وهناك أقاويل لا تتوقف عن القوي السياسية والحزبية التى تغير من توجهاتها بين ليلة وضحاها !!
وهناك من يستولد كل صباح صفقة بين بعض القوي السياسية والحزبية !! وهناك من يتوقع إنسحاب هذا المرشح أو ذاك قبل بدء الجولة الأخيرة !! وهناك من يشكك في ذمة بعض المرشحين المالية، ويدعي أن بعضهم يتلقي تمويل من الداخل والبعض الآخر تصله مبالع ضخمة من الخارج..
إنها تجربة التواصل الاولي بين الجماهير المصرية وبين حقهم في إختيار رئيس جمهوريتهم، بكل ما تتحمله ndash; التجربة - من حسنات وسئيات..

لكن ما نحن علي ثقة منه، أنها سوف تكون ثرية بما يجعلها أهلآً لأن تضع قواعد تطبيقية توفر للتجارب التى ستأتي بعدها الاطار النظري الأكثر تماسكا والأطار العملي النابع من واقع ومكونات وثقافة المجتمع المصري !!

bull;استشاري اعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]