جاءت احتجاجات طلبة جامعة الملك خالد بأبها (جنوب السعودية) كخبر مميز تلاقطته وسائل الإعلام، ليس فقط على المستوى المحلي رغم تذبذب تغطيته؛ لكن عبر المستوى الإقليمي من خارج حدود المملكة، تغير فيه لون الخبر الأخضر المنبعث من جبال أبها العالية ليصل منقّعا في مياه الخليج ومبحرا في إعلام طهران بسواد يشبه لون عمائم أصولييها.


وإن كانت مطالبات طلاب وطالبات الجامعة الجنوبية بالسعودية يراها البعض تقف في حيز الحقوق الواجب المطالبة بها، والآخر يراها تقف في مجال آخر كخروج عن النص، إلا أن الرأي العام في مجملها أيد الإضراب والمطالبة بما أنها لم تخرج عن الإطار الوطني الذي يمس الأمن والاستقرار بها.


السعودية ليس معهودا عنها القيام بالاحتجاجات أو التظاهر، فالقوانين ترفض ذلك برفقة الرأي الشرعي الذي quot;يحرمهاquot;، وإن كانت بعضا من أشياء تحدث في مدينة القطيف (شرق السعودية) غيرت تاريخ الاحتجاجات لكنها لا زالت تحت سيطرة الأمن السعودي حيث يراها خروجا ومساسا للأمن الداخلي لخدمة أغراض خارجية وهو بحسب ما حملته بيانات وزارة الداخلية المتعددة عن ذلك.


quot;ثورة الجامعةquot; كما أطلقتها بعض من مواقع التواصل الاجتماعي شراراتها كانت نسائية، خرجت بعود ثقاب أساءت فيه إدارة الجامعة توجيه خطابها المتكسر نحو جيل تطور في فهم وتجاوز بعضا من أعضاء هيئة التدريس بذات الجامعة، دخول رجالي من عصبة الأمن الجامعي جعل الأمور تخرج عن نطاق التهدئة وفرض السكوت، إلى موجات صوتية وحركية وعصيان حمله الشطر الذكوري لذات الجامعة للمطالبة بحقوق غفى عليها الزمن لكنها ظلت مشتعلة.


غالبية تلك التحركات كانت حاضرة في الخطاب الإعلامي السعودي وإعلامها الجديد بالذات، حرفها الإعلام الإيراني متمثلا في قناة quot;العالمquot; الناطقة بالعربية ليضمها نحو تقرير أطلق عليه اسم quot;احتجاجات سعوديةquot;، حمل معه خبر احتجاجات سياسية quot;خلّف مقتل طالبة جامعية برصاص قوات الأمن السعودية جامعية ثار لأجلها بقية الطلابquot;.


النساء شكلن في ثورة الجامعة المسموعة بشكل مختلف في الإعلام الإيراني زعامة الحراك وشكلن كذلك زعامة التصدي لـquot;العالمquot; الإيرانية بعد أن رفضن كل تأويلات ما أسموه بـquot;الدراما الإيرانية التي لن تحوز على الأوسكار سوى في الخرابquot;، معللين تحركهن ومطالباتهن بأنها كانت لتحقيق الحياة الأفضل داخل الجامعة ورفض الإجراءات الإدارية المعرقلة لمسيرتهن.

طلاب وطالبات جامعة الملك خالد قاموا بثورة أولى في تاريخ الجامعات السعودية التي تطالب بإقالة مديرها بعد تراكمات من فشل إداري حملوه مسئولية تسرب الطلاب والكفاءات الأكاديمية نحو الجامعات الخاصة بالمنطقة وجامعات أخرى، معللين تظاهراتهم كذلك بتأخر مشروع المدينة الجامعية التي يتجاوز عمرها ١٤ عاما برفقة مديرها.


quot;ثورةquot; الجامعة التي يجب أن سنستجيب لهذه الكلمة في هذا الوقت معها؛ تشكل المنعطف التاريخي المستحيل إيقافه دون تدخل كبير وعلى مستوى وطني، فالأجيال القادمة في السعودية بدأت في تسيير أمور مطالباتها في أحضان الجامعات مكانيا، بعد ثورة قادت إلى تغيير محدود أتاحته لهم الشبكات الاجتماعية.


القضية في جامعة الملك خالد ليست بعيدة عن مستوى التعليم الجامعي في مجمله بالسعودية، لكنها خلقت رؤية تفاؤلية في إعادة النظر في أسس اختيار مدراء الجامعات وتقنين اختيارهم مع الوكلاء، وبرؤية أكبر فتحت مدارك جديدة أن الجامعات معنية بالتغيير وفق ما تطمح له رؤى الشباب.