بقرار رئاسي سلم الرئيس مسعود البرزاني مسؤولية جهاز الامن القومي في اقليم كردستان الى نجله مسرور الذي يرأس في الوقت ذاته جهازا مخابراتيا باسم quot;باراستنquot; للعائلة البرزانية والحزب الديمقراطي، وهو معروف كشخصية مخابراتية له علاقات واتصالات مع اجهزة مخابراتية اقليمية ودولية كما تشير اليه الصحافة الكردية.

وكاد امر اختيار مسؤول الجهاز المخابراتي ان يمر مرور الكرام، ولكن اختيار نجل البرزاني للموقع الامني جوبه باراء متباينة ومتنوعة مع رفض وممانعة من قبل المعارضة الكردية والرأي العام، وقد احتوت الصحافة المستقلة وصفحات التواصل الاجتماعي على الانترنيت الكثير من الاراء المتباينة والتعليقات الرافضة لاسباب عديدة.

ولا شك ان اختيار البرزاني لنجله لم يأتي من فراغ بل لاسباب تعود الى توزيع المصالح شخصيا بينه وبين الرئيس طالباني ولترتيب البيت البرزاني للسيطرة والتحكم بكل مقاليد امور السياسة والامن والتجارة والاقتصاد في الاقليم، ويأتي هذا بعد ان فرض نفسه كرئيس للاقليم من خلال الاتفاق الاستراتيجي بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، والذي خرج حزب الطالباني من مولد الاتفاق بلا حمص، مثلما خرج البرزاني من مولد سحب الثقة من نوري المالكي بلا حمص، وقد كان تمرير وفرض ابن شقيقه نيجيرفان لسنوات طويلة رئيسا للحكومة من اقوى النتائج التي استثمرت لصالح البرزاني على حساب حزب الطالباني للتحكم من خلال الحكومة بامور التجارة والاقتصاد والنفط والمال والاسواق والعقارات، مع استمرار ادارة الامور الامنية تحت اشراف نجله، وهذا ما جعل ان تتحول منطقة نفوذ البرزاني الى مملكة عائلية مطلقة مستباحة للرئيس واقاربه وافراد عشيرته في اربيل ودهوك، وهو ما يطلق عليها مملكة quot;اليشماغ الأحمرquot; من قبل بعض الكرد، ونتيجة لهذه السيطرة والانفراد بالحكم تحولت هذه المملكة الى بيئة مقيدة لاستنشاق هواء الحرية ومحاطة باجراءات أمنية مشددة لحماية نظام الحكم الواحد والعائلة المالكة الحاكمة، وفي نفس الاتجاه حصل تمركز للحكم في عائلة الرئيس طالباني بمنطقة نفوذ الاتحاد الوطني في السليمانية وتجمعت السلطة في جميع المجالات بيد عائلة الرئيس نفسه وتحولت الى مملكة طالبانية تقود مصالحها زوجة الرئيس ونجله في امريكا.

لا شك وبعد اكتمال توزيع الادوار واختيار نجل البرزاني رئيسا للجهاز الامني الكردستاني، فان دائرة سيطرة الرئيس استكملت بالتمام والكمال في منطقة اربيل ودهوك من خلال توزيع ادوار القيادة بينه وبين ابن شقيقه ونجله، فالامور السياسية تحت ادارته والامور التجارية والنفطية تحت ادارة ابن شقيقه نيجيرفان والامور الامنية تحت ادارة نجله مسرور، لتتحول بذلك الى مملكة عائلية مطلقة تحت امرته وادارته، مع توزيع بعض الادوار الصغيرة على بعض الحلقة المحيطة بالرئيس طالباني لاضفاء صبغة التعاون والتنسيق بين الرئيسين.

وليس بخاف ان الرئيس جلال طالباني قد لعب دورا فعالا لصالح البرزاني لتمرير خطة سيطرة العائلة المالكة على مقاليد الحكم والامن والتجارة في الاقليم في منطقة سيطرة الحزب الديمقراطي، وبلا شك فان هذا الدور جاء على حساب حزبه الاتحاد الوطني فجعله ضعيفا على الساحة السياسية الكردية، وبالمقابل لا يخفى ان الرئيس طالباني حصل مقابل ذلك على دعم البرزاني ليكون رئيسا لجمهورية العراق ولو انه منصب فخري يملك صلاحيات بروتوكولية وتنفيذية محددة حسب مواد الدستور الدائم الذي منح رئيس الوزراء صلاحيات تنفيذية واسعة ومطلقة لادارة الدولة والحكومة الاتحادية.

والمشكلة ونتيجة لفرض سياسة العائلة المالكة كأمر واقع في كردستان، تحول الاقليم الى ساحة مكشوفة لعقد صفقات سياسية وتجارية ونفطية اقليمية ودولية ولاشك ان هذا ما يدفع بالكرد وبالاقليم ان ينتظرهما مستقبل مجهول ومصير خطير بسبب بناء الاتفاقات على اساس المصالح الشخصية والعائلية والحزبية.

ولهذا نقول، وبالرغم من صعوبة اجراء تغيير لازالة سيطرة العائلتين في الظروف الراهنة، الا ان المستقبل يحمل مخاطر حقيقية واوضاعا غير حميدة للكرد في الاقليم في حالة بقاء السيطرة والنفوذ المطلق للعائلتين على حالهما على مدى المستقبل المنظور، وخاصة بعد ظهور بوادر توريث الحكم والسلطة، لذا نأمل من الرئيسين خطوات ضرورية حكيمة عاجلة وبناءة للتغيير الجذري في الواقع الكردستاني لازالة الممالك العائلية والقضاء على الفساد الرهيب للسلطة الحاكمة، والا فان الثورة والتغيير بحكم التاريخ وضروراته قادمة مهما طال الزمن، ويومها لا يجدي العتب ولا اللوم، والله على ما اقول شهيد.

كاتب صحفي ndash; اقليم كردستان العراق
[email protected]