حوَّلت الحرب الدائرة في غزة منذ أزيد من نصف عام حياة الغزيين إلى جحيم، ما بين نقص المواد الغذائية والمياه النظيفة والأهم فقدان الرعاية الصحية، فأصبحوا معرضين لخطر الوفاة مع انهيار الخدمات الصحية واستمرار مسلسل استهداف المستشفيات. وفي ظل القصف الإسرائيلي المتواصل، تتفاقم معاناة المصابين بأمراض مزمنة وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال والحوامل، خاصة ممن يعيشون في مخيمات الإيواء لا سيما في رفح التي تعج بالمدنيين بعد أن أصبحت مأواهم الوحيد.

كذلك، انتشرت أمراض سوء التغذية والأمراض الفيروسية والتنفسية بين الأطفال، كما هاجمت الملاريا وأمراض الكلى الشباب والنساء وكبار السن بسبب استهلاكهم مياهاً ملوثة، إضافة إلى أنَّ الكثير من الخدج والرضَّع رحلوا بسبب فقدان حليب الأطفال أو غياب خدمة الحضانات بعد أيام من الولادة.

وساهم تفاقم المشاكل الصحية لأهالي غزة في وفاة الآلاف بسبب عدم وجود ما يسعفهم من خدمات طبية تنقذ حياتهم، فما بين ظروف الحرب وفقدان الأهل والأبناء، بات الموت أمراً واقعاً داخل كل بيت وبين كل أسرة.

أكثر من مليون مواطن غزاوي تسوء أوضاعم الصحية يوماً بعد الآخر، وبالرغم من ذلك، تصر إسرائيل على استمرار الحرب وضرب خيام المدنيين بداعي تتبع عناصر حركة حماس، فما ذنب هذا الشعب المسكين؟!

إقرأ أيضاً: حرب غزة مقدمة لمشهد جديد في الشرق الأوسط؟

على صعيد الصحة النفسية لسكان غزة النازحين بفعل الحرب، فهي بالتأكيد في حالة يرثى لها في ظل انعدام الأمن والأمان، وقد فتكت بالغالبية أمراض القلق والتوتر والخوف على الأهل والأبناء في ظل مسلسل القتل والإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضدهم يومياً.

وتدمر نظام الرعاية الصحية في غزة بينما يعيش السكان المحاصرين بدون أي ضمانات صحية، فتزهق الأرواح قي كل وقت، وتنتشر أمراض الإسهال وسوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة، ومسلسل المعاناة مستمر من دون أفق للحل قريب.

وفي ظل استمرار الإصرار الإسرائيلي على اجتياح رفح، ينتظر سكان المخيمات سيناريو هو الأسوأ من الموت مرضاً أو جوعاً، وهو الموت كأشلاء بنيران القصف الصاروخي حتى ينتهي مسلسل الإبادة الجماعية بنجاح.. فمن يردع إسرائيل عن هذا الجرم الذي لا يرتضيه عرف أو دين أو قانون مثلما لا يستقيم مع أبسط حقوق الإنسان؟

إقرأ أيضاً: ليلة هروب قادة حماس!

لقد أوردت كريستيان ليندماير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، تحذيراً صريحاً من الوضع الصحي الكارثي في غزة، ومن الجوع الذي يفتك بالناس بسبب الحرب الإسرائيلية المدمرة، وأكدت أنَّ الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض، وأنَّ غالبية السكان يواجهون الجوع وسوء التغذية، وبالتالي فهم معرضون بسهولة لجميع الأمراض، كما أنهم في مراكز الإيواء لا يعرفون كيف يمضون يومهم بسبب غياب الغذاء وعدم وجود مستشفيات، حيث ينتظر المرضى "الموت" في كل لحظة.

وفي آخر إحصائية للصحة العالمية، فمنذ منتصف تشرين الأول (أكتوبر) 2023، سجلت المنظمة أكثر من 33551 حالة إسهال أكثر من نصفها بين الأطفال الأصغر من خمس سنوات، إضافة إلى 8944 حالة إصابة بالجرب والقمل، و1005 حالات إصابة بجدري الماء، و12635 حالة طفح جلدي، و54866 حالة إصابة بعدوى في الجهاز التنفسي العلوي، وأكثر من 50 ألف حامل وما يقرب من 337 ألف طفل دون الخامسة يهددهم الموت بسبب المرض في غزة حاليًا، إذ من الواضح أنَّ سكان الإيواء النازحين من بيوتهم في غزة بعد أن دمرها الاحتلال، يعيشون كارثة ومأساة تاريخية، فهم معرضون للموت من الجوع وسوء التغذية والعطش، أو من الرصاص والإصابات وانهيار الخيام فوق رؤوسهم، كما أن الأطفال يتضورون جوعاً، ويعانون سوء التغذية، ومعرضون بسهولة لجميع الأمراض.. فمن ينقذ أهالي غزة!

إقرأ أيضاً: الجوع يسابق الرصاص

يبدو أنَّ الحرب قد حكمت بالإعدام على الأطفال والكبار، وهي ماضية في جعل غزة مكانًا غير صالح للعيش من خلال استهداف المستشفيات على وجه الخصوص وحصار المدنيين في رفح وتهديدهم كل يوم بالاجتياح والقتل، فإلى متى تستمر الغطرسة الإسرائيلية، ومتى تستجيب تل أبيب لمبادرات الهدنة ووقف إطلاق النار وإيجاد "حل حقيقي ونهائي" للصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟!