تحت عنوان quot;quot; حرائق ليست ذات لهبquot;quot;.. كتب الأستاذ موفق مطر يتساءل quot; أي مستقبل نرجوه، أي حرية واستقلال نناضل لتحقيقهما فيما المرأة الفلسطينيه عندنا مستعبدة مغتصبة الحقوقquot;quot; حيث نشر مركز معلومات وإعلام المرأه الفلسطينيه في غزه بحث ميداني حول المرأه.. كانت نتيجتة بأن 77% من النساء في القطاع معنفات.. أي يتعرضن للعنف.. وللأسف هذا العنف ليس من جنود الإحتلال.. بل من أزواجهن وأولياء امورهن والمجتمع المتسلط عليهن بسيف المفاهيم المشتقه من حليب الرغبه في السلطان والإستزاده من متعة الجنس لا أكثر..
وفي27 ديسمبر في الصباح أجد على صفحات إيلاف حمله لبنانيه جديده تحت عنوان quot; لا للعنف الاسريquot; نظّمتها جمعيّة quot;كفىquot; مع التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الاسري.


إنفطر قلبي وانا أستمع لشهادة أمرأه معنفه حرمها الزوج من أبنائها ودمر حياتها وحياتهم ولكن القضاء وبعد خمس سنوات لا يزال يراوح مكانه في قضيتها لحضانة أبناءها..برغم إثباتها بأن الأب زوّج الإبن ذا ال16 سنه والذي كان متفوقا في دراسته.. ثم باع إبنته ذات الثانية عشره لدفع ديونه 600 دولار لمدة عشرة أيام.. أما إبنته الأكبر والتي لم تذكر الأم عمرها فحسب أقوال ألأم كان يستعملها لملكه الخاص؟؟؟؟؟؟


وفي الساعه التاسعه مساء من نفس اليوم 27 ديسمبر أقرأ على صفحة إيلاف الرئيسيه وتحت عنوان quot; أمهات فلسطينيات شهدن إعتداءات جنسيه على بناتهن quot;quot; في الضفة الغربيه. إعتداءات جنسيه متنوعه رصدت داخل العوائل الفلسطينيه وخارجها كلها دونت تحت إسم quot;جرائم جنسيه ضد قصرquot;.. إعتدى فيها أحد أفراد العائله الأب ndash; الأخ ndash; العم - الخال على قاصرات.. وجرائم أخرى ضد أطفال.. وقانون الأحوال الشخصية الأردني للعام 1976 المعمول به في الاراضي الفلسطينية، يقف عاجزا أمام تلك الإعتداءات مما أدى إلى زيادتها بحيث أصبحت تمثل ظاهره خطره على المجتمع لا تقتصر فقط على فقراءه.. بل وحتى بعض من الأغنياء والمثقفين..وذلك لآن ذلك القانون القاصر يعتبر عمر البنت القانوني هو 15 عاما، وعليه فإن القضاة يعتبرون الاعتداء الجنسي على من هي فوق الـ15 عام quot;زنا رضائي..أما تلك التي تحت الخمسة عشر فتحمي الجاني الخوف والتقاليد والسكوت.. ولا أدري كيف يكون زنا رضائي من قاصر؟؟؟


لآ أدري إن كان للعبة التنافس القذره على السلطه ما بين فتح وحماس يد في تزامن صدور كلا التقريرين..وفي المبالغه فيهما إن كان هناك مبالغه.. ولكني أعرف بأن العنف ضد المرأه وإنتهاك حقوقها وجسدها ليس بغريبا أو جديدا سواء في لبنان.. أم غزة أم الضفة الغربية.. وتمتد أبعاده ووجوده بكل الأشكال في جميع أرجاء المنطقة العربيه..!!
فمثل هذه الجرائم تقع في بلدان اخرى في المنطقه ولكنها تبقى مدفونه حتى لا يصيب العائله العار إما بالصمت المطبق.. وإما بقتل المجني عليها غسلا للعار.. غير عابئه بان المجني عليها ضحيه.. والدوله بعيده كل البعد فموت إمرأه أو إختفاءها ليس بذا أهميه.. والدوله لديها اولويات اخرى أهم من المحافظة على المجتمع.. وبالتالي تترك السوس لينخر فيه...

سيدي القارىء العربي.. لن أقول تخيل للحظه بانها إبنتك التي تغتصب.. لأني أعرف أن الغالبية أشرف من ذلك.. ولكن تبقى الأقليه المتواجده والتي تعاني من أشكال القهر والقمع وإنعدام الحريات مما يؤدي إلى أخطر الأمراض الإجتماعيه وهو الكبت الجنسي وبالتالي هتك عرض المرأه الصامته المتحمله لمثل هذه الجرائم.. ولكني أحثك على أن تتخيل أنها إبنة أختك.. أو إحدى قريباتك.. ترى ما ذا ستفعل...؟؟؟؟


هذه المرأه البنانيه وأمثالها كثيرون في العالم العربي.. مسؤولية من هم.. هل هم مسؤولية المجتمع الذكوري أم مسؤولية الدوله أم نتاج ثقافه إنقرضت ولكن المجتمع لا زال يتمسك بها ويلوكها بلا أدني فهم لما تورثه من مشاكل مجتمعية تؤصل للعنف فيه وفي اجياله...بالتأكيد لا نستطيع أن نلقي بالمسؤولية على المرأه التي حرمت من ان تكون مسؤولة عن نفسها.. وعليه فإن المسئوليه مشتركه بين الجميع.. ولكن تبقى الدوله المسؤوله الأولى.. الدوله العاجزه عن إحداث تغيير حتى لو كان قسريا (بدل احكام طوارىء وأحكام عرفية كلها قسريه ) بدءا بتغيير القوانين المعمول بها والمتعلقه بالمرأه.. إخراج مثل هذه القوانين من دائرة التشريع الإلهي المبتور الذي تختلف تفسيراته من دولة لأخرى.. وإستنباط قوانين جديده منبثقه من المبادىء العالميه لحقوق المرأه كإنسانه..


نعم إن القوانين المعمول بها والمتعلقه بالمرأه هي أهم أسباب التخلف في المنطقه لأن هذه القوانين الظالمه تؤسس لمجتمع يتقبل الظلم والقهر المؤدي إلى العجز والتخلف.. و ينتقل بسهوله من جيل إلى جيل..هذا الكبت والمعترف علميا بان أخطر نتائجه هو التأسيس لمجتمع يتسم بالعنف.. وأن تراكمات هذا العنف تؤدي إلى الإرهاب بكل أشكاله....

إن الظلم الأسري المتمثل في السكوت على مثل هذه الجرائم وحرية ذكور العائله في إنتهاك كرامة المرأه الإنسانه سواء بإنتهاك عرضها أم ضربها تحت مقولات تطويعها وتصحيح سلوكها. والذي تتلقاه صاغرة سواء كانت أم أم إبنه أم أخت..هو ما يؤسس لمجتمع التطويع لأن قتل روحها سينتقل إلى قتل روح إبنتها.. ويهمش دورهما في تربية الذكور بحيث ينمو هؤلاء الأطفال على هذا العنف وكأنه جزء روتيني مقبول من الأسره والمجتمع.. والنتيجه الحتميه هي مجتمع عنف يتفاقم ويشل أي حركه للتغيير أو التطوير من أفراده وخطر جرائمه ليس قاصر على مجتمعه أو حدوده بل يمتد ويصاحبه في أي منطقه يتنقل إليها أي فرد من أفراده..


نعم مسؤولية الدوله في كسر إحتكارات العرف والتقاليد بسن أقسى العقوبات ضد من ينتهك أي حق من حقوق المرأه.. وتجريم جرائم أخرى وإلغاء أي قوانين مخففه للجرم..
إن تعلل الحكومات العربيه بحماية الخصوصيه الثقافيه والتقاليد الاجتماعيه للتنصل من مسئوليتها عن دورها في تغيير الأنماط المجتمعيه التي تعرقل تطور المجتمع ما هي إلا غطاء لبقاء واستمرار وترسيخ أنماط اجتماعيه وثقافيه تمنع التغيير الذي هو الأساس لأي إصلاح وتبقي المجتمع بأكمله في مستنقع الجهل.. كما عززت الدوله بسلبيتها تلك حماية القوانين الداخليه بما برر مفهوم وصاية الرجل على المرأه وتوكيل مهمة تصويبها وحقه في تأديبها وضربها وتعذيبها وسجنها في جدران الخوف والتخلف.. وإبقائها سجينة الأنماط والتقاليد الاجتماعيه والثقافيه.


إن هذه السلبيه من الحكومات العربيه كلها.. وتحالفها الباطني مع الحركات الإسلاميه التي تنادي بإعمال الشريعه وأنها وحدها مصدر القوانين المتعلقه بالمرأه متناسية أن الشريعة عمل إنساني يتأثر بالتطور وآن الأوان لتطويره، تغذي هذه الوصايه وتنزع أي إمكانيه لتطوير مبادىء القانون الإسلامي الخاصه بحقوق المرأه وتغييرها بما يتوافق مع روح العصر والمبادىء الأخلاقيه لأي دين.


إن الإستمرار في هذا التمييز يؤكد غياب إرادة الدوله لتحقيق المساواة في الحقوق ولتبقى المرأه في منزلة دونيه وتؤكد تضامن الحكومات مع رجال الدين لإخضاع النصوص الخاصة بالمرأه إلى عملية تأويل وفتاوي انحرفت عن قدسيتها.. مما رسّخ للنظرة الدونيه للمرأه وحولها الى كائن مشلول تبناها الرجل والمجتمع وبالتدريج إغتصب حقوقها وعلمها الصمت والخضوع حتى وهو يغتصبها جنسيا..


إن تقصير الدوله في تغيير قوانين الطلاق وجعله حق مشترك للطرفين مع الإحتفاظ للمرأه بحقوقها الماديه الكامله كما في قانون الملكيه المشتركه التونسي.. هو ما يجبر المرأه في كثير من الأحيان على الصمت خوفا من التشرد والحاجه الماديه بعد الطلاق.. وإمتداد هذا التقصير إلى بتر دور الجمعيات المختصه حين لا تملك هذه الجمعيات الصلاحيه في إستدعاء الذكر المجرم وإستجوابه وتقديم أية شكوى ضده.. لماذا يتظاهر العالم العربي بوجود هذه الجمعيات.. هل هي واجهة إصلاح لتجمّل وجه المنطقه بينما يتجمد دور القانون بالتقاليد والعرف لينتهك المرأه بكل أشكال الإنتهاكات؟؟؟

أقول ذلك وقلبي يقطر دما على كل إمرأه معنفه تشارك في قتلها أسرتها ومجتمعها وحكومتها..وحزينه على مستقبل المنطقه التي ينتهك عرض مربياتها.. سواء بالإغتصاب الجنسي.. أو بإغتصاب الحقوق..

سيدي القارىء.. إن إشراك المرأه في الحياة العامه والسياسيه وإعطائها حقوقها كاملة في كل ما يختص بحمايتها وتحريرها من قبضة الرجل أو الحاجه الماديه هي أساس النمو الإنساني والتنموي الحقيقي للمجتمع وكلاهما مفقود في العالم العربي..


والآن ونحن على مفترق طريق إما الإستمرار في سلب المرأه شرفها وكرامتها.. وجعل هذا الإغتصاب ظاهرة أكبر تنتشر في مجتمعات ذكوريه تقدس الرجل وإما أن تتضامن جميع الحكومات العربيه سويا في مسؤولية الترويج لكونية حقوق المرأه.. وتغيير القوانين المعمول بها حتى وإن كان قسرا. وتوحيد هذه القوانين من المحيط إلى الخليج...لأنها الطريق الوحيد لحماية المجتمع العربي وتطويره.. والأهم أنها نقطة البدايه في أي إصلاح.. نعم هي حرائق ولكنها ذات لهب ستحرق المنطقه العربيه كلها إن لم تبدأ الحكومات العربيه بتغيير وتعديل كل تلك القوانين المجحفه.. للإرتقاء بالمرأه وصيانة حقوقها الإنسانيه في كل شئونها.... بدون هذا لن نستطيع إرساء دعائم الديمقراطيه الحقه.. وسيبقى وجه العنف مبررا لإتهام المنطقه بتفريخ العنف والإرهاب..


باحثه وناشطه في حقوق الإنسان