في إحدى رحلاتي إلى الشرق الأقصى.. وفي احد المعابد البوذية.. سألت الكاهن الذي كان يتحدث بود عن ديانتة. ما عقاب المرأه التي تتزوج من خارج دينها البوذي..

إستغرب جدا من سؤالي ثم انفرجت أساريرة وأجابني بسعادة غامرة بأن ليس هناك أي عقاب لأن الله محبه.. وفي زواجها هذا فإنما تؤكد الحب الإلهي لجميع البشر..

دعيت الشهر الماضي إلى حفل زواج هندوسي.. علمت خلال مراسيمة بأن بأن كلا من العروسين ينتمي لطائفة مختلفة عن الآخر.. كما في السنه والشيعه؟؟.. إستمتعت جدا بمراسيم عقد الزواج والتي وإن كانت طويله إلا أنها وفي جميع مراحلها تؤكد على مباركة الله لهذا العقد لأن الله هو الحب والمحبه.. والتاكيد على وجود الله في كل حياة لأن الحياة نفسها جزء من الله.. وأنه موجود في الإحتفال لكي يبارك هذا الزواج.. وأن إستحقاق إرادته عز وجّل تكمن في تقارب البشر والثقافات..

أهم ما لفت نظري خلال مراسيم العقد.. أسئلة رجل الدين المتعدده فيما إذا كانت هناك أية قرابة بين العروسين كشرط أساسي للزواج للتأكد في المستقبل من خلو الأبناء من أية عاهات تنتج من زواج الأقارب. ثم تأكيده على حرية الزوجة في الإبقاء على إعتناقها الديني والصلاة في أي معبد تريد.. لأن الله واحد وكل أماكن العباده مهما اختلفت في الدين فإنها لله وهو موجود فيها كلها..

الأسبوع الماضي.. تلقيت مكالمة من صديق مسلم يحمل شهادتين للدكتوراه.. صوته ينم عن قلق كبير.. وحيرة أكبر.. فإبنته المولوده في بريطانيا والتي تعدت الثلاثين من العمر.. تعمل في مركز كبير في إحدى أكبر الشركات البريطانيه قررت الزواج من رجل إيرلندي..برغم حبه الكبير لها.. يصر على عدم التحول لأية ديانة أخرى إلا أنه أكد لها انه سيترك لها منتهى الحريه في تربية أبناؤهما على ديانتها..

بالتاكيد كان رد الأب الأول الرفض المطلق لهذا الزواج. ولكنه وبعد أن هدأت ثورتة وجد أن أمامه أحد حلين فقط..إما أن يتخلى عن إبنته وهو ما لا يستطيع إحتماله خاصة وأنه كأب حريص على إسعادها ويتمنى سعادتها.. أو أن يحفظ ماء وجهه أمام نفسه وأقاربة ويحاول أن يجد من رجال الدين المتنورين من يرضى بعقد القران.. يسألني رأيي ومساعدته في العثور على رجل الدين الذي يرضى بإتمام هذا الزواج.. وأنه ورغم علمه بأن الحكومه البريطانيه لا تعترف إطلاقا بأي زواج ديني وأنه قطعا لا يريد التخلي عن إبنتة ويريد مساعدتها.. إلا أن تربيتة الإسلامية وخوفة من الله وضميره يجبرة على محاولة إيجاد حل ديني لهذه المعضلة!

بالتأكيد مرت علي حالات عديده مشابه.. ولكن الفرق أن الرجل الكتابي رضي بالتحول إلى الإسلام إرضاء للفتاة وأهلها ولإيمانه بأن الحب قيمة روحية من قيم الدين..وتهلل العائلات حفظا لماء الوجه..
بدأت بالبحث في الويب.. ووجدت على شبكة أمان الأردنيه المعلومات التالية.

quot;حالات الزواج المختلط في اليمن خلال العام الماضي 2008 بلغت 1149حالة، مسجلة ارتفاعا عن العام 2007، بـ141 حالة، حيث كانت 1008 حالات فقط.

ونقلت وكالة سبأ الرسمية عن وزارة العدل في إحصائيتها الصادرة عن إدارتها العامة للتوثيق القول: quot; إن موافقات الزواج المختلط quot;ذكور أجانب بيمنياتquot; بلغ 945 موافقة، فيما عدد الذكور اليمنيين المتزوجين بأجنبيات 204. وأكد مدير عام التوثيق والتسجيل بوزارة العدل أحمد حزام القبلاني أن موافقات الزواج المختلط التي تصادق عليها وزارة العدل يتم المصادقة عليها بعد التأكد والتحقق من صحة البيانات المتعلقة بهذا الشأن من قبل وزارة الداخلية وسفارات الراغبين بهذا الزواج بالإضافة إلى التأكد من استيفاء كافة الشروط الشرعية.

وأكد القبلاني أن وزارة العدل تحرص على صحة الإجراءات القانونية والشرعية لهذا الزواج لضمان نجاحه وصون حقوق المرأة اليمنية التي وافقت على الزواج بأجنبي والإقامة معه خارج الوطن.quot;

ثم عدت للتحدث مع رجل دين أعرفه.. وبالطبع أكد لي ما أعرفه من عدم جواز المسلمه من الكتابي.. خوفا من وقوع الإختلافات بعد الزواج لعدم إحترامها لديانتها.. وخوفا من إعتناق الأطفال لديانة الأب.. وخوفا على المسلمه من أن لا يعرف هذا الكتابي كيف يحترمها ويحرص عليها كما يحرص عليها المسلم كدرة مكنونة؟؟؟
وأكد لي بأن السبب في جواز المسلم بكتابية.. إضافة إلى حقه الشرعي الذي شرّعه الله عز وجل هو أن دينه يعلو على دينها.. ويعترف بدينها بينما لا يعترف أهل الكتاب بالإسلام.. ولم يذكر لي بأن الكتابية التي تتحدى أهلها ومجتمعها بالزواج من مسلم لا يحق لها إرثه إلا إذا إعتنقت الإسلام!!

الموضوع لا يبرح تفكيري.. لأنه مشكلة تواجهها وستواجهها بحدة أكبر العائلات البريطانيه من أصول عربية وإسلاميه مع الجيل القادم من بناتنا المولودات في الغرب..
فالمشاكل التي تواجة تعارفهن على شباب مسلم أكبر بكثير مما يعترض الشاب لأن له مطلق الحرية في التعرف على أي من بنات الديانات الأخرى!!
صعوبة بل إستحالة إقناعهن بحقوق الزوج المسلم على المرأه!!!

ثم إستحالة رضوخ إية إمرأة متعلمه في الغرب للمكوث في البيت والتضحية بذاتها وتعليمها فقط.. لإطاعة زوج يعمل في الخارج ولكنه يرفض أن يكون شريكا داخل البيت.. ومنطق أية إمرأة هو أننا كزوجين متساوين في الحقوق والواجبات بإستطاعتنا تدبير أعباء البيت والأولاد شراكة.. إما لمقابلة الأعباء الماديه في الحياة ولتأمين مستوى أفضل لأبنائنا..أو لتحقيق الذات.. وهو منطق يرفضه الرجل الشرقي من أصول عربية ومسلمة لأنه تحد صارخ لهيمنتة؟؟ مما سيؤدي حتما لزيادة عنوسة البنات..

أتساءل هنا.. ما مسؤوليتنا كوالدين نريد سعادة أبناؤنا جميعا؟ هل سنقف كحجرة عثرة.؟؟. هل سنتخلى عنهن؟؟ ثم هل سنبقى مجرد أشباح في مجتمعنا الجديد؟؟؟ نرفضه مع علمنا بأننا لا ولن نستطيع العودة من حيث أتينا؟؟

أسئله كثيرة حيرتني.. وأقضت مضجعي.. إلى أن قرأت تفسير البرفوسور الكندي خليل محمد فهل يمثل حلا مناسبا لهذه المشكلة؟؟؟؟

quot;quot; حقا أن الإسلام يعترف بالأنبياء السابقين ويجلّهم. وهو أمر مفروغ منه لأنه علم بهم بينما هم لم يعلموا به ولا يستطيعوا الإعتراف به... لأن معناه الإعتراف بالديانه وإعتناقها وكما أكد الإسلام فإن إعتناق أي دين امر شخصي وخاص.و.( لا إكراه في الدين ).

وبرغم أن القرآن نزل يخاطب الذكر لأن ذلك ما كان سائدا في ذلك العصر (ومن هنا يبدو وضوح الآية التي تحل للمسلم أن يتزوج بالكتابية) ولكن القرآن أكد على المساواة بين الرجل والمرأه. بما ومن الممكن تفسيره بحق المرأه المماثل للرجل بالزواج من الكتابي..

ثم أن القرآن ذاته أكد في إحدى آياتة على حق أهل الكتاب في دخول الجنة إذا ما عملوا صالحا فهل من المعقول وبعد أن إعترف بحقهم وبمساواتهم بالمسلمين أن يرفض الزواج منهم؟؟؟

معظمنا يثق بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.. من هذا المنطق أليس من مصلحتنا في هذا العصر.. وحماية لمستقبل بناتنا القبول بالحقوق المتساويه حفاظا على صورة الإسلام الذي يعترف بالمساواة وبحقوق البشر جميعا؟؟

أما ودحضا للمقولة التي تدّعي الخوف على مستقبل الأبناء من إعتناقهم لدين الأب.. فكلنا يعلم بأن للمرأة المسلمة حقها القانوني الذي يكفل لها الإشتراط فيما تريده حين كتابة العقد.. وعليه فإنها تستطيع وضع شرط إنتماء الأولاد لدينها.. إضافة إلى أن معظم بناتنا المولودات في الغرب لديهم ثراء ثقافي أكبر بكثير مما نحمله.. ويستطعن بقوة شخصياتهن عدم السماح للزوج ولا لغيره من هيمنة أي فكر مهما كان يتعارض مع مصلحة أبناؤهن.. وكثيرات منهن تتقاضى راتب يفوق ما قد يتقاضاة الرجل...
أعلم أنني أتطرق لمشكلة تواجهها العديد من العائلات المهاجرة.. ولكن لا أحد يجرؤ على التطرق لها ونقاشها بحياد وموضوعية ومعظمنا يعجز عن الإجابة الموضوعية لمثل هذا السؤال حين تسألك الإبنه لماذا يحق لأخي بينما لا يحق لي.. كيف تجيب أية أم؟؟؟؟


باحثة وناشطة في حقوق الإنسان