تمر معظم النساء العربيات بأحلك ليلة من العمر في ليلة المفروض بها أن تكون أحلى ليالي العمر.. في ليلة مفروض بها أن تكون بداية حياة جديدة ورباط مقدس بين روحين وجسدين إختارا الحياة معا والإستمتاع بهذه الحياة بحلوها ومرها.. يعكرها إحساس المرأة بالخوف والتوتر.. الخوف من أن لا تنزف في تلك الليلة لأي سبب كان.. الخوف من أن تكون فقدت تلك القطعة المطاطية الرقيقة سواء بإرادتها أم بدون إرادتها.. قد تتعدد أسباب فقدانها لتلك القطعة ولكن النتيجة واحدة.. الإهانة لكرامتها.. إذلالها وتذليلها.. وربما تطليقها فورا..والعودة إلى أهلها بوصمة لا يمحيها إلا الدم لأنها إمرأة عار.. فحتى في القرن الحادي والعشرين ما زالت العذرية أبلغ شيء في حياة الرجل الشرقي.. حتى وإن كانت كذبة كبيرة أو عملية تضليل من إختراع صيني لا يتجاوز ثمنها العشرة دولارات..

كتبت عن هذا الموضوع قبل سنة.. في مقالة رفضت الصحافة العربية نشرها.. ولكني أعود اليوم لأكتب مرة أخرى بعد أن رأيت كيف يساهم فقهاء الدين بتزييف البنية التحيتية الإنسانية في العالم العربي.. والتي أهم أساساتها الصدق.. مع النفس ومع المجتمع لبناء مجتمع سوي لا يشوبه الخوف الدائم والإزدواجية في المشاعر..

أفتى مفتي مصر السابق علي جمعة ( وهو الذي أفتى في السابق في كتابه المعنون ( الدين والحياة _ الفتاوي اليومية العصرية - بجواز التبرك ببول النبي ونخامته.. وجواز صلاة المرأة ببدلة الرقص وذلك من مبدأ العمل بمقولة ( ساعة لربك وساعة لقلبك ).. وهي في نظري فتاوي مضحكة.. ولكني اعتقد أن فتواه الأخيره يوم الثلاثاء 20 سبتمبر وعلى القناة المصرية الثانية في برنامج البيت بيتك إن دلّت على شيء فهي تدل على عجز رجال الدين عن مواجهة الحقيقه في مجتمع القرن الحادي والعشرين..والمساهمة في تزييف المجتمعات العربية , حتى وإن كانت فتاويهم بحسن نية !!! يقر المفتي على..quot;quot; إجازة إجراء عملية ترقيع غشاء البكارة للنساء اللاتي فقدن عذريتهن quot;لأي سبب كانquot; ، قبل الإقدام على الزواج ، مؤكدا أن الترقيع أمر مباح. ( لم تكن هذه العملية موجودة أصلآ لإباحتها أم عدم إباحتها ). وأكد في تفصيله لهذه الفتوى ، أن الدين الإسلامي يدعو إلى الستر ، وإذا كان إجراء الفتاة ، التي فقدت عذريتها لأي سبب كان ، لعملية ترقيع غشاء البكارة سيؤدي إلى سترها ، فإن الإسلام يبيح ذلك. ( حقيقة لا تشوبها شائبة من منطلق إذا بليتم فاستتروا ) وأضاف مفتي مصر: quot;على تلك الفتاة ألا تخبر خطيبها بأنها فقدت عذريتها ، كما أن الأمر ينطبق كذلك على المرأة الزانية ، حيث لا يجوز لها أن تخبر زوجها بأنها ارتكبت جريمة الزنا. وأكد الدكتور جمعة أن ذلك الأمر يأتي في إطار السعي للحفاظ على وحدة الأسرة ، وبهدف مساعدة الفتيات المخطئات على التوبة والزواج ، ولا يعد من قبيل الغش والخداع quot;quot;

في مقالتي المرفوضة كتبت التالي..
تؤكد الأبحاث في كتب التراث عن العصر الجاهلي بأنه كان للمرأة مطلق الحرية في المعاشرة الجنسية حيث كان لها الحرية في المعاشرة الجنسيه حين تضع علما على باب خيمتها للدلالة على رغبتها المقدسه , وقد يعاشرها أكثر من رجل.. وفي حال حملها لها أن تنتقي الزوج الذي تريده لتتزوجه , وينبغي عليه ان يخضع لرغبتها وإنتقائها.
بمعنى ان عرب الجاهلية وقبل الإسلام كانوا يحترمون حق المرأة في المعاشرة الجنسية..وبلغ إحترامهم حتى للعاهرات منهن.. ويقال بأن والدة عمرو بن العاص كانت إحداهن عاشرها في ليلة واحدة أربعة من أشراف قريش يقال أنهم العاص وأبو سفيان وأبو لهب وأمية بن خلف وأن كل من هؤلاء الرجال ادعى عمرو لنفسه ولكنها نسبته إلى العاص لأنه كان أثراهم...

أما وعلى صفحة Historia فوجدت للكاتبه روزا ياسين وتحت عنوان دراسات quot; المومس في مثالوجيات المنطقه quot; وبعد التأكيد على أن عبادة الأنثى كانت أول عبادة في تاريخ الديانات الشرقيه.. تؤكد التالي...
أما في الجزيره العربيه قبل الإسلام ndash; فكان يمكن لمجموعة من الرجال أن يتشاركوا في معاشرة إمرأه حيث تضع علما على باب خيمتها للدلالة على رغبتها المقدسه , ويعاشرونها حتى تحبل وتلد , ثم تنتقي المرأه الزوج الذي تريده لتتزوجه , وينبغي عليه ان يخضع لرغبتها وإنتقائها. وهناك أيضا قصص تؤكد بحرية المرأه في الجاهليه في معاشرة الرجل.. حيث كانت المرأه وبعد بلوغها الثانية عشر والإحساس بحاجتها الجنسيه تتكحل وتضع زهورا على شعرها وتخرج لتنادي يا للكاح..
من الروايات السابقه نخلص إلى فكرتين أساسيتين.. الأولى إحترام الجاهليين لحق المرأة في إرضاء غريزتها الجنسية الطبيعية.. والأخرى عدم إهتمامهم بالبكاره كسيف يسلط على رقبة المرأه كما هو حاصل اليوم.. ثم جاء الدين الجديد.. وتجلى عدم الإهتمام بالبكارة في زواج النبي محمد quot; سلام الله عليه quot; بالسيدة خديجه والتي وبالتأكيد لم تكن بكرا لأنه كان الزوج الثالث.. إضافة إلى زواجاته الأخرى والتي كانت كلها من نساء إما أرامل وإما مطلقات فيما عدا السيدة عائشة.. وتأكيده الدائم عى الرحمة بالمرأة والتوصية بها.. ولكن التاكيد على قوامة الرجل و إعطائه حقوقا جنسية لا حصر.. سواء بالتحايل على الدين في تعدد الزوجات.. أو الإستمتاع بالجواري في منطق أن كل إمرأة يستطسع الرجل الإنفاق عليها وإيوائها تصبح حلالا له.. وأن ثروة الرجل في الجاهلية كانت تقاس بما لديه من نساء ينفق عليهن..

كل ما سبق من الحريات للرجل فاقم من تسلطه على المرأة.. وعمل على تثبيت ثقافه ذكورية يقودها رجال دين كلهم ذكور.
في مجتمع أعطى لعذريتها الأهمية الكبرى حين ربطها بشرف كل ذكر في العائله ولغى ثقافتها وعلمها ومكانتها الإجتماعيه ودورها في تنشئة جيل سوي واعي ومسؤول حين أعطى الأهمية القصوى لنقطة دم أصبح حاليا من الممكن شراؤها إما بعملية ترميم أو بالإختراع الصيني الجديد.. غير واعيين بانهم وبهذا التشدد اللا منطقي وتحت مسمى ان الثقافة الإسلاميه تحرم الإختلاط وتحرم هذه العلاقات خارج إطار الزواج ؟؟؟ يسهمون في خلق مجتمع مكبوت عرضة لشتى الإنفعالات...مريض يقوم على الإزدواجيه.. والكذب والنفاق.. والإستخفاف بحياة المرأة وقتلها لخلق مجتمع نظيف وطاهر !!!!!

في مجتمع القرن الحادي والعشرين.. لا زال المسلم يؤمن بان النساء ناقصات عقل ودين وحول مجتمع باكمله إلى وصي على نساؤه يعطي لعذريتها اهمية وعبء تحمله المرأة حتى بعد الزواج لتشعر طيلة عمرها بذنب إقترفته في الماضي.. وبعدم طهارتها..بينما ومن المفروض أن حماية المجتمع تكون اولا بحمايته الأخلاقيه وبالصدق مع النفس وبشراكة تامة بين الرجل والمرأة.

وأتساءل هنا..

في مجتمع تربت فيه على الخضوع والتسليم بأمرها لكل من يود أن يكون ولي امرها ,, الأب ndash; الأخ ndash; الخال ndash; العم.. وحتى أي ذكر في عائلتها تربت على إغتصاب روحي لها وفي احيان كثيره إغتصاب جسدي قد يكون من أقرب أقاربها.. ومع ذلك هي التي تدفع ثمن فض عذريتها بينما يتم تجاهل دور وتواطؤ الذكر في هذه الجريمه.. لماذا تحمل المرأه عبء الحماية الأخلاقيه وهي لا تملك من أمر نفسها ولا حياتها شيئا.. فهي ليست ولية أمر نفسها.. وبحاجة إلى ولي ذكر حتى من أبعد أقاربها لتستطيع الزواج.. والسفر.. والتعليم.. وحتى التنفس..

ما يصعقني ويثير حنقي أن المجتمعات العربية بكاملها أصبحت تقوم على الكذب والنفاق والمعايير المزدوجه.. وإنتقال هذا الزيف مشاركة بين الرجل والمرأه من جيل إلى جيل كالسرطان الخبيث الذي يعجز الأطباء عن تخليص المريض منه ويأبى هذا المريض أن يتعافى أو يموت.... وكيف تساهم الأم بنقل هذا الزيف حين تنصحها بعملية الترقيع.. وأين حنانها حين تتشارك مع ذكور العائلة في جريمة قتلها حماية للعرض وللشرف..

لماذا تعيش معظم العائلات العربيه حاله من الإزدواجيه في المعامله ما بين الذكر والأنثى.. والذي بدوره يؤدي إلى حاله شديده من الإنفصام الأخلاقي فبينما تبارك نزوات الرجل الجنسية وكذباتة الأخلاقية حين يتلاعب بعواطف المرأة تحت وعود كاذبة بالزواج.. تقتصر مطالبتها بالفضيلة والأخلاق على المرأة فقط.

لماذا آثر الخطاب الديني التركيز على السلبيات فيما يخص بالمرأه بحيث ساهم مع المجتمع في عملية وأدها وقتلها في حال خطؤها..ولماذا اولى أهمية أكبر من حياتها على قطعة لحمة لا تضر ولا تنفع لم يذكرها القرآن ولم تباركها السنه ؟؟
لماذا يذنبها هي فقط بحيث يثقل كاهلها بالآثام المفروضه عليها وبانها من ستستعر بهم نار جهنم فتحمل خطيئتها وحدها بينما يفر الرجل الجاني ؟؟

ثم لماذا آثر مفتي المملكة الأردنيه الصمت حين أرسلت له جريدة الغد تسأله ما حكم الشرع الإسلامي وموقفه من الفتوى الصادره quot; إجبار الفتيات على فحص عذريتهن قبل الزواج quot; مع علمه الأكيد بأنها تسيء لكرامة المرأه وإنسانيتها.. لماذا رفض وعلى حد قوله تحرّج من الحديث عن الموضوع.. بينما الموضوع من أخطر ما يمس المجتمع الأردني بل والعربي كله..لأنه يؤسس للعنف المجتمعي ويؤكد تآمر رجال الدين في هدم المجتمع وفي تقبل هذا المجتمع للأفكار الدينيه الأكثر سلبية عن المرأه بدل الترويج لثقافة إحترام المرأة والتسامح والمغفره.

صمته وصمت الباقين من رجال الدين في كل العالم العربي يعزز موقف الرجل الذي كان سببا في فقدان الفتاة لعذريتها بأن يكون أول الرافضين للزواج من أي فتاة ليست عذراء.. وفتوى الشيخ الآخر بجواز الترقيع تؤسس لعدم الثقة بالمرأة كليا..

صمتهم.. وكلامهم يعمل على مصادرة العقل وعزله عن الواقع الحقيقي.. وخلق حالة لا مثيل لها من الكبت.. و التحرش الجنسي.. بينما لا تتوقف شبكات التلفزة والإنترنت عن عرض أفلام جنسيه وإباحية تخلق حالة من عدم التوازن النفسي والعقلي في ظل كبت رهيب.. ومجتمع عدم إختلاط.

حنقي على فتوى الشيخ جمعه.. برغم أنها فتوى معقولة قد تخلص المرأة من العار والقتل.. هو أنه يساعد في تأسيس مجتمع النفاق وعدم الثقة بالمرأة... وكلا الشيخين معا يؤسسان لمجتمع الفتاوي وإلغاء العقل في القرن الحادي والعشرين !!!!

عزيزي القارىء.. أعلم مسبقا بأنه سيكون هناك الكثير من السخط على مقالتي هذه.. ولكن السؤال الأهم.. ألا نريد مجتمعا سويا قائما على الوضوح والصدق بدون زيف ولا خداع ؟؟ ألا نريد مجتمعا سويا قائم على المحبة والرحمة والمغفرة...
الحل..إخراج مجتمعاتنا من حالة الشذوذ المجتمعي والزيف.. الوضوح والصدق لخلق مجتمع سوي.. لخلق مجتمع طبيعي يتشارك فيه الرجل والمرأه بخلق جيل يعتمد على مبادىء الفضيله الغير مزيفه.. والتي لا تتحقق إلا بالأخلاق وبالرحمة وبالإنسانيه..

هناك دور كبير للدوله في تغيير المفاهيم العقيمه لحماية المرأه..
- تبتدأ في إلغاء فتوى.. quot; إجبار الفتيات على فحص عذريتهن قبل الزواج quot;
- وضع عقوبه صارمه في جرائم قتل المرأه تحت مسمى الشرف وإعتبارها جريمه متعمده ومتكاملة الأطراف.. وعدم التحايل في عقوبتها..
- مجانية عملية الترميم وتقنينها لفترة زمنية لحين تثمر التوعية.. لمنع الأطباء من رفض إجرائها تحت مبرر عدم قانونيتها وأنها غير اخلاقيه لأن الطبيب يعتقد بأن إجراؤها يجعله مشاركا في عملية الخداع.. مع علم الطبيب بأن ثمن رفضه سيكون القتل المتعمد لهذه الفتاه.. وأن إجراؤها سينقذ حياة إنسانه ويقلل من جرائم الشرف المشهوره في البعض من الدول العربية..
- قيام مؤسسات الدوله بعملية إعادة تقييم صادق لأفكار ومعتقدات توارثها المجتمع ولكنها وفي حقيقتها تسيء للمجتمع وللمرأة على وجه الخصوص....

والأهم إعادة صياغة المناهج التعليمية التي تروّج لدونية المرأة وبانها مخلوق ناقص.. وبأهمية العذرية.. آخذين بمثال زواج النبي بنساء غير عذراوات.. والترويج لثقافة تعتمد قيم الرحمه والمغفرة والتسامح...

ndash; كاتبة وناشطة في حقوق الإنسان