تجسّد القصة الأسطورية للنبي إبراهيم (عليه السلام) في زواجه من هاجر جدة العرب على زوجته الأولى سارة، إحساس المرأة حين يتزوّج عليها زوجها حتى وإن كان بإختيارها كما حصل مع سارة التي إختارت هاجر الخادمة الطريدة والمهجّرة ( لتأكيد فوقيتها ودونية المرأة الضرّة ) لتزويجها من زوجها لإطفاء رغبتة لإنجاب الذرية..ولكن غيرتها بعد علمها بحملها هي ما دفعها لحث إبراهيم على التخلص منها بتطليقها وطردها.. بدون أية رحمة لها ولوليدها إسماعيل مما حمل إبراهيم على تركها في صحراء السعودية بدون ماء ولا مأوى.. وبقية القصة نعرفها جميعا بدءا من الطواف بمكه وسعيها بين الصفا والمروة هلعا وخوفا على نفسها وعلى وليدها في هذه الصحراء القاحلة (وكلا الشعيرتين تعتبر ركنا أساسيا من أركان الحج ) إلى أن حفر إسماعيل الأرض بيديه لتخرج منها مياه زمزم.. رغم ان كتب التراث التي كتبت بعد الإسلام كما جاء في الجزء الأول من كتاب السيرة النبوية للإمام أبو محمد عبد الملك بن هشام.. ص 167.. تؤكد بأن عبد المطلب الجد الأول للنبي (سلام الله عليه) هو من قام بالحفر بناء على رؤى جاءته في منامه أمرته بأن يقوم بحفر بئر زمزم لسقى الحجيج..

ولكن ما لا نعلمه ولم نتعلّمه، الجزء الآخر من الأسطورة التوراتية.. يقول الطّبريّ في تاريخه : quot;فغضبت سارة على أم إسماعيل، وغارت عليها، فأخرجتها، ثم إنها دعتها فأدخلتها. ثم غضبت أيضاً فأخرجتها ثم أدخلتها، وحلفت لتقطعن منها بُضعة، فقالت أقطع أنفها، أقطع أذنها فيشينها ذلك، ثم قالت: لا بل أخفضها، فقطعت ذلك منها، فاتخذت هاجر عند ذلك ذيلا تعفى به عن الدم، فلذلك خفضت النساء، واتخذت ذيولاً ثم قالت: لا تساكني في بلد.quot;

القصة تؤكد بأن سارة لم تشفي غليلها بطردها وإنما عمدت إلى تشويه أعضائها الجنسية بقطع بظرها، وهو ما يعرف بالختان !!حتى يأنف منها الزوج ولا يقربها. هذه الرواية تؤكد بأن عملية الختان عملية تنفير وتشويه متعمد للمرأة. وبرغم أنها لم تذكر في القرآن الكريم بأي نص أو إشارة، إلا أن دعاة الإسلام السياسي ربطوا quot;إسلامية الدولة التونسية quot; بعملية الختان تلك !!! حين بشّر الداعية السلفي وجدي غنيم وأمام 15 ألف تونسي في قبة المنزه بقدوم العهد الإسلامي الجديد ودعا إلى الجهاد.. وأن ختان الإناث مكرمة وأنه من الإسلام؟ وأتساءل هنا ما هو الجهاد الذي ينادي به.. هل جهاد الرجال لحثهم على عملية التشوية تلك.. أم هي جهاد ضد العالم الكافر حولنا للحصول على السبايا لبيعهم أو أتخاذهن كجواري.. وتطبيق ملك اليمين كما ينادي البعض منهم وأحدهم الذي دعا من تونس مؤخرا للأخذ بجارية إلى جانب الزوجة لأن إمراة واحدة لا تكفي!!

سؤالي هو إذا كانت عملية الختان فرض من الله لماذا لم تذكر في أية سورة من القرآن الكريم، وليس هناك من إجماع على حكم شرعي ولا قياس يمكن أن يقبل به.. وكل ما يستند إليه ظن بحديث للنبي (سلام الله عليه) رواه الحاكم والبيهقي وأبو داود بألفاظ متقاربة، ولكن بأسانيد ضعيفة كما يؤكد الكثيرون من العلماء.. وفيه أن إمرأة تسمى أم عطية quot; كانت تقوم بختان الإناث في المدينة المنورة. ويروي أن النبي قال لها quot;quot; يا أم عطية، أشمي ولا تنهكي، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج quot;quot; إضافة إلى حديث آخر عن محمد بن حسان الكوفي روى أن النبي (سلام الله عليه ) قال quot;الختان سنة للرجال ومكرمة للنساء quot;. وكلا الحديثين مروي عن وعن وعن وعن..... ودونت بعد 300 سنه.. إضافة إلى أنه إذا كان الختان للنساء مكرمة ومن شعائر الإسلام فلماذا لم يطبقها النبي ( سلام الله عليه ) على بناته وزوجاتة وهو ما لا يوجد دليل واحد عليه!

سيدي القارىء وسيدتي القارئة.. المعلومات التي اوردتها صحيحة مائه بالمائة وموجودة في كتب الأساطير والتراث التي إستعذب فقهاء الدين إحياؤها في دواخلنا في القرن الحادي والعشرين.. لحثنا على الأخذ بعملية تعف منها النفس البشرية وتقتل إنسانية المجتمع والمرأه (المفعول بها )..

فقهاء الدين الذين يريدون سجن الحرية الفكرية وحرية العقل.. يرفضون الأخذ بثقافة جديدة لا تخاف من الماضي.. ثقافة تعمل على تحليلة ونقده بمسؤولية لخدمة مجتمع الغد.. وإستعذب المجتمع سجن العقل حتى لا يتحمل مسؤولية تنظيفه من مثل هذه الشوائب خوفا من الله عز وجل.. وتجعل الجميع من حولنا يصفنا بالبربرية... حين عجزت المجتمعات العربية التي تحررت من الإستبداد ولكنها إستعذبت إستبداد من نوع آخر.. وقامت بإنتخاب أنظمة جديدة تبيح لتعدد الزوجات.. ولعبودية المرأة.. وتتستر تحت شعار دولة مدنية لا تتعارض مع أحكام الشريعة بينما يعلمون تماما ان العديد من ألأحكام صلحت لزمن معين في تاريخ سحيق لم تستطع فيه المرأة على إعالة نفسها ورضيت بالعبودية.. ولكن مثل هذه الأحكام البربرية لا تصلح لعصر الإنترنت والتلفزيون لأنها تمحي إنسانيتنا كبشر.

باحثة وناشطة في حقوق الإنسان