حماس سعودي فاتر وأنباء عن إمكانية عودة نواز شريف
مشرف في الرياض... زيارة الرجل الذي فقد ظله


شريف يغادر الى لندن قريبا بعد فشل محاولات جمعه بمشرف
سلطان القحطاني من بروكسل: دأب الرئيس الباكستاني برفيز مشرف على زيارة الرياض وجدة، منذ سنوات عقبت استيلاءه على السلطة، إثر قيامه بانقلاب عسكري على سلفه نواز شريف، الذي قادته صفقة مع الحكومة السعودية إلى البقاء في أراضيها دون التطرق إلى السياسة لمدة عشر سنوات، يحصل خلالها الرئيس المخلوع على تعويض مالي وفيلا أنيقة على ساحل البحر الأحمر. إلا أن الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى الرياض قبل يومين، كشفت عن أنه قد تحول إلى رجل آخر غير ذلك الزعيم المتدين الذي كان يستلهم نشاطه بين فترة وأخرى من خلال زيارة الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية، ويصل إلى المطار وهو مطمئنٌ على نسبة شعبية عالية في صفوف مواطني بلاده، ونمو اقتصادي يجاوز التسعة في المئة كل عام.

وتبين أن كل ذلك قد تغيّر خلال ساعات الرياض القصيرة؛ فقد ظهرشريف مرهقًا ذا ملامح متعبة، ولم يقم بزيارة سريعة إلى الأماكن المقدسة، إضافة إلى أنه يأتي على وقع أصوات الأقنية الإعلامية التي كانت تنقل بين كل ساعة وأخرى أنباء عن مظاهرة ضده، أو محاولة اغتيال قام بها معارضوه، فضلاً عن شعبية متدهورة تحت خط الصفر السياسي، واقتصاد متعب جدًا.

وتقول الأحاديث المتداولة حول المآدب الرسمية العليا في الرياض وجدة، العاصمتين الحيويتين في مملكة النفط والإسلام، إن السعوديين قد quot;فقدوا الكثير من حماستهم للاستمرار في دعم حكم مشرفquot; بعد أن لاحظوا أنه لا يخرج من أزمة إلا كي يقع في أخرى، مما عزز الاحتمالات حول إمكانية السماح للرئيس شريف بالعودة إلى باكستان بعد أن خرج منها مرغمًا الشهر الفائت.

ويقول دبلوماسي غربي رفض ذكر اسمه في تعليقه على زيارة مشرف إلى الرياض: quot;لقد بدا وأنه رجل أتى كي يعترف بأنه فقد الأمل في الاستمرار وكله ثقة في أنه سيسمع الكلام ذاته من مضيفيه. لن يدعمه السعوديون بعد هذه الزيارة أبدًا... انتهى الأمرquot;.

وكان مشريف قد وقّع تعهدًا إلى الحكومة السعودية بأنه سيمتنع عن العودة عن السياسة مقابل السماح له بمغادرة باكستان دون معاقبته بسبب قضايا الفساد المتهم بها، وذلك عن طريق اتفاق بحثه مع النائب اللبناني سعد الحريري، أحد أكبر حلفاء الرياض وواشنطن، وتم بمقتضى ذلك تأمين مسكن أنيق له في مدينة جدة ومخصصات مالية.

ولكنه على الرغم من ذلك لم يلتزم بتعهده الخطي الذي أظهر الأمير السعودي مقرن بن عبد العزيز، رئيس الاستخبارات، صورة منه في مؤتمر صحافي في إسلام أباد، في إطار جهود بلاده التي كانت تريد تأمين عودة سريعة لشريف إلى منفاه وتعهداته لعدم زيادة طين مشرف السياسي بللاً وتلبيد الأجواء الباكستانية.

وإن صحت الأحاديث حول فتور الحماس السياسي السعود له فإن ذلك سيعني تساقط حلفائه واحدًا واحدًا بعد أن بدأ الأميركيون الذين كانوا يدعمونه بشدة في النأي عنه بسبب تعطيله العملية الديمقراطية في باكستان، وتدهور مستوى شعبيته، وعدم استطاعته

وقالت مسؤولة أميركية رفيعة في حديث أمام quot;إيلافquot; ليس للنشر، إن بلادها مقتنعة بأن quot;مشرف حليف مهم لكننا نملك المصداقية حين نقول أنه أخطأ بعد أن عطل الديمقراطية وفرضه حالات الطوارئ المتكررة .. يجب عليه أن يفرض الإصلاحquot; على حد تعبيرها.

الى ذلك قال احسان اقبال المتحدث باسم حزب رابطة مسلمي باكستان الذي يتزعمه شريف ان رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز غدا الجمعة لمناقشة خطط عودته الى بلاده باكستان، واضاف اقبال ان العاهل السعودي بعث بطائرة خاصة الخميس لنقل شريف من مدينة جدة على البحر الاحمر الى العاصمة الرياض.

وصرح ان شريف quot;سيقابل الملك غدا. وبعد الاجتماع ستتكشف تفاصيل عودة نواز شريف (الى باكستان)quot;. وياتي هذا التطور بعد يوم من عودة مشرف من زيارة الى السعودية اجرى خلالها محادثات مع الملك عبد الله قال مسؤول باكستاني انها تركزت على جهود الابقاء على نواز شريف في السعودية.

وصرح اقبال ان مشرف quot;اتى الى السعودية ليطلب من القيادة السعودية الابقاء على نواز شريف في البلاد حتى اجراء الانتخابات العامة، الا انه لم يتم قبول ذلكquot;. واضاف quot;حاول مشرف ان يجعل السعودية طرفا في السياسة الباكستانية، وهذا غير مقبولquot;.

ونفى متحدث باسم مشرف الاربعاء التكهنات بان الرئيس التقى شريف الذي ابعده مشرف في انقلاب ابيض عام 1999 ونفاه خارج البلاد في العام التالي. وعاد شريف الى باكستان في العاشر من ايلول/سبتمبر الا ان السلطات الباكستانية اعادته الى مدينة جدة بعد اربع ساعات من وصوله.

وقال نواز شريف إنه سيبحث مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز خطط عودته إلى بلاده خلال لقاء ثنائي قريب حسب تصريحات صحافية. ورجحت مصادر مطلعة لـquot;إيلافquot; أن يتم السماح له بذلك خلال الأيام القليلة المقبلة، دون تحديد إطار زمني لذلك أو ماهية التعهدات التي يمكن أن تطلب من شريف في المقابل. ومعنى ذلك عمليًا على لوح الشطرنج السياسي، أن السعوديين قالوا لنظام مشرف quot;كش ملكquot;.