كنت صديقًا لصدام حسين في المعتقل... الكتاب والصورة (4/6)
كيف كان يتواصل مع شعبه وهو في الحكم... وماذا قال حينما رأى بغداد؟
زيد بنيامين من دبي
: كان الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين يواظب على الصلاة خمس مرات في سجنه، ويقرأ القرآن، ولكن جورج بيرو الرجل الذي قام باستجوابه ايام الإعتقال يظن أن هذا الالتزام كان نابعًا من المحنة التي كان الرئيس العراقي يمر بها. ويقول بيرو quot;كل الناس يجدون دينهم في السجن، حتى باريس هلتون وجدت الله أثناء فترة سجنها... أليس كلامي صحيحًا؟quot;...
كان صدام في المقابل يعشق الخمور الجيدة مثل جوني ولكر بلو لايبل، والسيكار الكوبي كما كان يحب الحديث عن النساء الجميلات لذلك كان واضحًا أنه ليس من نوعية المسلمين الملتزمين بأقصى درجات الالتزام، وبعد الحديث عن السيدات كان الرئيس المخلوع يحب الحديث عن الخيول quot;أفضل صورة بالنسبة إليها كانت تلك التي يركب فيها الفرس الأبيض ويفتتح خلالها ساحة الاحتفالات الكبرى في بغداد، فالأمر يعود إلى طفولته حيث كان يركب الخيول وخلال هروبه من العراقquot;...
خلال هذه المرحلة من الاستجوابات، كان هدف بيرو أن يجعل من الدكتاتور السابق بحاجة إليه ولو عاطفيًا، حيث كان بيرو الرجل الوحيد الذي يملك القدرة على الوصول إلى صدام حسين إلى جانب اطبائه الاميركيين، ولم يكن يرافق صدام وبيرو اي رجل ثالث خلال هذه الفترة من المقابلات... كانت لديه مساحته الخاصة لكي يقوم بالتمرينات مرتين يوميًا، في بعض تلك المرات كنت اذهب لأطل عليه وكنا نستغرق في الحديث هناك عن مختلف الامور او قد ينتقلان الى زنزانته خارج الغرفة المخصصة للقاءات، حيث كنا نتحدث عن التاريخ والسياسة والفنون والرياضةquot;..
كان على الجيش الاميركي أن يقوم بنقل الرئيس العراقي صدام حسين بطائرة الهيلكوبتر الى المستشفى ليتم فحصه بين فترة وأخرى، وكان على بيرو مرافقته quot;كنا نطير قبيل منتصف الليل، في ذلك الوقت كان نقل صدام حسين بالطائرة تحديّا كبيرا بالنسبة إليناquot; زود بيرو الرئيس العراقي بالعدة الخاصة بالنوم منها الحاجب الذي يوضع على العينين كان بيرو قد اخذها من احد الفنادق الكبرى في الولايات المتحدة quot;وضعتها على عينيه وقررت رفعها عن عينيه لاريه بغداد... في منتصف الليل، كانت تبدو كاي مدينة كبيرة في العالم ، بعد ذلك حينما كنا نجلس في المستشفى قال لي .. هل تعلم .. لقد كنت فعلاً اريد ان ارى بغداد ... لقد كنت تقرأ افكاري في تلك اللحظةquot;...
كان بيرو هو الذي أعطى الرئيس العراقي صدام حسين دفتر ملاحظات صغير ليدون فيه اشعاره، حيث كان الرئيس العراقي يكتب قصيدتين يوميًا، وكان يقرأ اشعاره على عملاء الاف بي اي quot; كانت اشعار الحب تمثل النسبة الاكبر مما يكتبه الرئيس العراقي، بعض منها كان جيدًا وبعضها الاخر لم يكن بمستوى جيد...quot;
كان الرئيس العراقي، بحسب بيرو، يكتب قصائده بلغة العشيرة التي ترعرع فيها، وبالتالي كان فهم بعضها صعبًا، لذلك كان يعمد الى شرح تلك القصائد... quot;كان صدام حسين رجلا ذكيًا... كان اكثر ذكاءً مما ظنه الغرب، كان يعرف جيدًا كيف يبقى على اتصال مع العراقيين، وسمح للعراقيين بالحديث إليه... كانت لديه مصادره الخاصة وشبكة اتصال اثناء وجوده في الحكم، فقد كان يسمح للعراقيين بالوصول إليه، كما اعتمد على شبكة من النساء اللواتي كان عليهن ايصال كل ما يجري إليه... وفي حديث للرئيس العراقي السابق، قال ان النساء هن افضل مصادر لما كان يجري في البلاد quot;يمكنهن ان يزودنك بافضل المعلومات، انهن قادرات على الحصول على معلومات اكثر من الرجال، ويمكنهن الحكم على هذه المعلومات بصورة افضل، وقد وجدهن الافضل بالنسبة إليه باعتبارهن اداة مفيدةquot;.. كما يروي بيرو..
في محاولة منه لحماية نفسه من أي انقلاب كما روى لبيرو فان الرئيس العراقي، كان يعمد إلى تعريض مساعديه المخلصين لتجارب، من بينها ان يمكّن عددًا من الشبكات بالاتصال بهم واقناعهم بالانقلاب على الرئيس العراقي واي واحد منهم يفشل في التجربة كان مصيره الاعدام .. كان الرئيس العراقي يريد ان يعرف مساعدوه وقادته العسكريون انهم معرضون لمثل هذه الاختبارات بين فترة واخرى..
مع حلول العام 1990 كان الرئيس العراقي يدخل الى مرحلة اخرى في حياته وهي مرحلة الاوهام حيث بدأ يفقد الاتصال بالواقع، ومع ما كان يحصل في العراق فعلاً، يقول بيرو معلقًا على هذه الجزئية: quot;لقد قال لي انه كان يهتم خلال هذه المرحلةبما سيفكر به الناس به كصدام حسين بعد 1000 سنة من يومه هذا .. كان يعتقد ان الناس ما زالوا يتكلمون عنه وهو في المعتقلquot;..
وفي محاولة من بيرو لإرجاع الرئيس العراقي إلى الواقع قدم الرجل الذي كان يجري المقابلات مع الرئيس العراقي أشرطة فيديو الى الدكتاتور المخلوع، حيث يقوم العراقيون بإسقاط تماثيله بعد وصول القوات الأميركية كما قرأ عليه بيرو مقاطع من شهادات لعراقيين قالوا انهم استخدموا دروعًا بشرية ابان دخول القوات الاميركية الى العراق، وبعد ذلك قال بيرو للرئيس المخلوع quot;انا افهم ما تقوله... ولكن اريد ان اصدقك... ولكن ما يحدث وما اقرأه لك الآن لا علاقة له بما تقول... تقول إن شعبك يحبك، ولكن انظر ما فعله العراقيون، انا متردد ومتذبذب صراحة ربما يمكنك مساعدتي لكي أفهم، فإذا كنت انظر كمؤرخ الى ما تركته فإن قصتك لا تتطابق مع ما أراه وما يقوله العراقيون، انهم يركبون فوق رأسك ويضربونك ويضربون وجهك!quot;... حينما شاهد صدام حسين ما حضره له بيرو كان الاخير يعتقد ان الحقيقة ستجعل صدام حسين اكثر صدقًا وواقعية... ولكن الامر كان عكس ذلك... فالرئيس السابق كان غاضبًا جدًا!
في الحلقة الخامسة... لهذه الأسباب دخلت الكويت!