مصادر المعارضة الليبية تكشف إتفاقا لتسوية ملف الصدر
صفقة إيرانية ـ سورية ـ ليبية لتدشين quot;محور فاطميquot;

صدر الدين الصدر: إزدواجية في السلوك الإيراني تجاه ليبيا
كتب ـ نبيل شرف الدين: في وقت تواترت فيه أنباء عن التوصل لاتفاق بين ليبيا وإيران على تسوية ملف الإمام موسى الصدر مؤسس وزعيم حركة أمل الشيعية، الذي اختفى في ظروف غامضة منذ آخر زيارة له إلى ليبيا عام 1978، بحيث يبقى ذلك الملف الشائك بعيداً عن إعاقة تطوير العلاقات بين طرابلس وطهران، فقد كشفت لـ (إيلاف) مصادر من المعارضة الليبية بالخارج عما أسمته صفقة quot;إيرانية ـ سورية - ليبيةquot;، تدشن محوراً إقليمياً جديداً أسمته المصادر quot;المحور الفاطميquot;، لمواجهة ما تراه تلك الأطراف الثلاثة تمدداً سلفياً على خارطة المنطقة، ينبغي محاصرة نفوذه .

وأوضحت المصادر الليبية أن هذه الترتيبات الحثيثة تأتي في الوقت الذي تعاد فيه رسم خرائطها وإعادة ترتيب موازين القوى فيها، وربطت بينها وبين التصريحات المثيرة للجدل التي أطلقها العقيد الليبي معمر القذافي في مناسبات عديدة، وتحدث فيها عن إعادة إحياء الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا ومناطق نفوذها التاريخية. وربطت ذات المصادر بين هذا التحالف الإقليمي المزعوم من جهة، والأزمات المكتومة بين المملكة العربية السعودية وكل من سورية وليبيا من جهة أخرى، فضلاً عما وصفته بحالة التوجس التقليدية بين طهران والرياض، ومن هنا فقد ذهب تحليلات مصادر المعارضة الليبية إلى أن الدوافع الليبية من وراء هذا المحور تنحصر في مجرد الرغبة بالانتقام من السعودية وحلفائها الإقليميين، على غرار ما حدث من دعمه لتمرد الحوثيين في اليمن الأمر الذي وصل إلى حد توجيه اتهامات رسمية من قبل صنعاء إلى طرابلس الغرب، بتورط جهات ليبية في دعم هذا التمرد بالتمويل والتسليح.

قصة الصفقة

وكشفت مصادر المعارضة الليبية عن نجاح اتصالات سورية على مستوى رفيع، في إقناع إيران بلعب دور حاسم لدى حلفائها في لبنان، بغية معالجة قضية الإمام الصدر، وأن تلك الاتصالات أسفرت بالفعل عن إقناع إيران بتقريب مواقفها مع ليبيا في عدد من الملفات الإقليمية. والجدير بالذكر أن شيعة لبنان يتهمون السلطات الليبية بإخفاء مصير الإمام الصدر، بينما تنفي ليبيا تلك الاتهامات، وتؤكد أنه غادر طواعية مع مرافقين له الأراضي الليبية على متن طائرة إيطالية متوجها إلى العاصمة الإيطالية روما، وقد أصدر القضاء اللبناني مذكرات توقيف بشأن عد من المسؤولين الليبيين، بينهم بعض المقربين من العقيد القذافي. ومضت ذات المصادر قائلة إن ملامح الاتفاق السري الذي أشرفت عليه دوائر الاستخبارات في البلدان الثلاثة استند إلى اتفاق على إغلاق ملف الإمام الصدر مقابل تعهد ليبي بتقديم دعم مالي لصالح حلفاء إيران وسورية في لبنان، وأن تضغط إيران وسورية على حلفائهما من الشيعة في لبنان لإقناعم بقبول تسوية تضمن عدم إدانة نظام العقيد وغلق هذا الملف نهائياً.

ويرى مراقبون أن quot;حديث التشيعquot; الذي بات يلح القذافي عليه من خلال استدعاء الدولة الفاطمية التي اندثرت منذ قرون، هو أمر لا يخلو من الحسابات السياسية المرتبطة بالواقع الراهن، فبعد صدامه الشهير مع العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز إبان ولايته للعهد، خلال مؤتمر القمة الشهير، احتدم الخلاف بين الرياض وطرابلس الغرب، واستمرت القطيعة، بل وتفاقمت إلى درجة اتهامه بشكل شبه رسمي بالضلوع في مؤامرة قيل إنها كانت تستهدف العاهل السعودي شخصياً. وقاطع القذافي قاطع قمة الرياض العربية، ولم يستجب لمساعي المصالحة التي بذلها الرئيس المصري حسني مبارك، كما تحدثت صنعاء عن أياد ليبية وراء تمرد الحوثيين، وتنظيم الشباب المؤمن في جبال صعدة على الحدود مع اليمن، وذهب بعض محللين إلى القول إن القذافي يرغب في محاصرة السعودية بحزام شيعي، quot;ليس حباً في عليّ بالضرورة، بل بغضاً في معاويةquot;، كما يقال.

وفي تطور لافت خلصت مؤخراً لجنة ليبية ـ إيرانية مشتركة إلى اتفاق على تشكيل أربع لجان لدعم التعاون بين البلدين، وتوقيع تسع إتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون في مجالات الإستثمار والتعليم العالي والنقل البحري والمصارف والثروة البحرية وتقنية المعلومات وغيرها. وفي أول زيارة يقوم بها مسؤول إيراني رفيع المستوى إلى ليبيا منذ ربع قرن، زار نائب الرئيس الايراني برويز داودي ليبيا، على رأس وفد رفيع المستوى، واستقبله خلالها رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي، ووزير الخارجية عبد الرحمن شلقم، ثم توج ذلك بلقاء مع العقيد الليبي معمر القذافي.