إيلاف من الرباط: أجرى رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، الخميس بمدريد، مباحثات مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، وذلك في إطار الدورة 13 للاجتماع رفيع المستوى المغرب – إسبانيا.

وخلال هذا اللقاء، أكد المسؤولان أن انعقاد الدورة الثالثة عشرة للاجتماع رفيع المستوى يجسد متانة الصداقة وجودة العلاقات التي تجمع البلدين، كما يعكس تقاربا في وجهات النظر، ويؤكد الإرادة المشتركة في استشراف المستقبل بشكل مشترك.

وأشار الجانبان أيضا إلى أن هذا الاجتماع رفيع المستوى يندرج ضمن دينامية سياسية تدعمها الرؤية المستنيرة لقائدي البلدين، الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس، معربان عن ارتياحهما للمتابعة المستمرة لتنفيذ خارطة الطريق المغربية–الإسبانية المعتمدة في أبريل 2022.

وذكر الطرفان أن تنظيم هذه الدورة، التي تأتي بعد دورة 2023، وعشر سنوات بعد الاجتماع السابق المنعقد بمدريد سنة 2015، يبرز الحاجة إلى الحفاظ على وتيرة منتظمة لهذه اللقاءات والنظر في اعتماد تقييم مرحلي، مشيدين بالدينامية الإيجابية التي تطبع العلاقات الثنائية.

كما شكلت مباحثات أخنوش وسانشيز مناسبة للتأكيد على ضرورة إخضاع الملفات ذات الأولوية المدرجة ضمن خارطة طريق 2022 لتقييم في مناخ من الثقة والتشاور، مع التشديد على أهمية تفعيل الآليات البرلمانية للتعاون باعتبارها أداة أساسية تتيح للحكومتين تنفيذ التزاماتهما المشتركة.

اتفاقات تعاون متعددة
في غضون ذلك، وقع المغرب وإسبانيا عدة اتفاقات تعاون شملت مجالات السياسة الخارجية، والاقتصاد، والعدالة، والنقل، والفلاحة والصيد البحري، والتعليم والبحث العلمي، والرياضة، والتنقل المستدام.


وزيرا خارجية إسبانيا والمغرب لدى توقيعهما على بعض الاتفاقيات

وفي هذا الإطار، وقع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، مذكرة تفاهم في مجال السياسة الخارجية النسوية.
وتروم المذكرة تعزيز الحوار وتبادل الخبرات والتعلم المتبادل لدعم إدماج مقاربة المساواة بين الجنسين في مختلف السياسات الخارجية للبلدين.

كما وقع بوريطة وألباريس مذكرة تفاهم بين المعهد المغربي للتكوين والأبحاث والدراسات الدبلوماسية، والمدرسة الدبلوماسية الإسبانية، بهدف ترسيخ الشراكة بين المؤسستين وإرساء إطار دائم للتعاون في مجال تكوين الدبلوماسيين الشباب وتبادل الخبرات في الدبلوماسية والعلاقات الدولية.

ووقع الجانبان أيضا مذكرة تفاهم حول تنقل الدبلوماسيين الشباب، تتيح برامج للتنقل التكويني تمكن الدبلوماسيين الشباب في كلا البلدين من اكتساب معارف معمقة بشأن السياسات العمومية والملفات الاستراتيجية المعالجة في المغرب وإسبانيا.

وفي المجال المؤسساتي، تم توقيع إعلان نوايا بين الأمانة العامة للحكومة المغربية ووزارة الرئاسة والعدالة والعلاقات مع البرلمان الإسبانية، يروم مواكبة تحديث المطبعة الرسمية للمملكة.

ويشمل هذا التعاون تتبع تنفيذ استراتيجية المطبعة الجديدة، وتطوير قدراتها التنظيمية والعملياتية، ووضع مؤشرات موثوقة لتقييم أدائها.

كما وقع الوزيران مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التراث الوثائقي ورقمنته، ترمي إلى تبادل التجارب والمنهجيات والمعارف في التدبير الأرشيفي والوثائقي، وتطوير آليات الرقمنة والحفظ الرقمي وتسهيل الولوج الإلكتروني للوثائق.

وعلى المستوى القضائي، وقع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، ووزير الخارجية الإسباني مذكرة تفاهم بشأن التبادل الإلكتروني لطلبات المساعدة القضائية الدولية.

وتنص المذكرة على إحداث مجموعة عمل تتولى دراسة الجوانب التكنولوجية والقانونية والتنظيمية اللازمة لتمكين إرسال هذه الطلبات وتلقيها بشكل إلكتروني.

وفي القطاع الاقتصادي، وقعت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، مع وزير الخارجية الإسباني مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الجبائي، تهم تبادل الخبرات في مجالات الوعاء الضريبي والمراقبة والتحصيل، والتكيف مع الإصلاحات الضريبية الدولية، واستكشاف حلول تكنولوجية لتحسين أداء الإدارات الجبائية في البلدين.

وتم أيضا توقيع إعلان مشترك حول التعاون في مكافحة خطاب الكراهية، لاسيما الذي يستهدف العمال المهاجرين، من طرف الوزير بوريطة ووزيرة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، إلما سايث دلغادو.

ويضع هذا الإعلان إطارا للتعاون في الوقاية والرصد ومحاربة خطاب الكراهية وفق مقاربة شمولية ومستدامة.

وفي المجال العلمي، تم توقيع مذكرة تفاهم بين المركز الوطني للبحث العلمي والتقني، والمعهد الجغرافي الوطني الإسباني.

وتهم المذكرة التعاون في دراسة الزلازل والجيودينامية والبنية الليثوسفيرية في المنطقة الإيبيرو–مغاربية، إضافة إلى التعاون في مجال الرصد الآلي وأنظمة الإنذار المبكر بالهزات الأرضية والتسونامي.

أما في المجال الفلاحي، فقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزير الفلاحة، أحمد البواري، ونظيره الإسباني، لويس بلاناس بوتشاديس، تتعلق بالتعاون في الفلاحة والصناعات الغذائية.

وتركز مذكرة التفاهم على الزراعة الإيكولوجية، وتحديث الضيعات الفلاحية، والأمن والسيادة الغذائيين، والتكوين وتبادل الخبرات التقنية، دعما لزراعة مستدامة ومبتكرة وقادرة على الصمود.
كما وقعت كاتبة الدولة ( وزيرة دولة) المكلفة الصيد البحري، زكية الدريوش، مع وزير الفلاحة الإسباني مذكرة تفاهم حول التعاون في الصيد البحري وتربية الأحياء المائية ومحاربة الصيد غير القانوني، وتشمل التنسيق في مجال المراقبة، واعتماد أنظمة رقمية لتأكيد شهادات التفريغ، وتبادل المعلومات حول واردات وصادرات منتجات الصيد.

وفي المجال التعليمي، وقع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، مع نظيرته الإسبانية، ماريا ديل بيلار أليغريا، اتفاقا يتعلق بتدريس اللغة العربية والثقافة المغربية في المؤسسات التعليمية الإسبانية بالمغرب، ويحدد شروط توفير الأطر التربوية المغربية لهذه المؤسسات.

كما وقع الجانبان مذكرة تفاهم في مجال الرياضة، تهم مكافحة تعاطي المنشطات، والوقاية من التحرش والتمييز في الرياضة، وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى جانب تبادل الخبرات عبر المشاركة في الدورات التكوينية والندوات واللقاءات المتخصصة.

وفي الختام، وقعت وزيرة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، إلما سايث دلغادو، ووزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، قرارا مشتركا يقضي بتمديد العمل لمدة سنتين إضافيتين بمذكرة التفاهم المتعلقة بالحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي.

ويهدف القرار مواصلة التعاون التقني وتبادل الخبرات وتعزيز القدرات المؤسساتية لتحسين التنسيق والحكامة المشتركة في هذا المجال.

وتجسد هذه الاتفاقات، بمختلف مجالاتها، الإرادة المشتركة للمغرب وإسبانيا في تعميق شراكتهما الاستراتيجية وتوسيع تعاونهما ليشمل آفاقا جديدة، خدمة للتنمية المشتركة وللاستقرار الإقليمي.


صورة تذكارية في ختام المنتدى الاقتصادي المغربي – الإسبانية مدريد

معايير سياسية واضحة
وكان أخنوش قد قال خلال افتتاح الاجتماع رفيع المستوى المغربي-الإسباني،أن الشراكة الاستراتيجية بين المغرب وإسبانيا اكتسبت، بفضل الرؤية المتبصرة لقائدي البلدين، الملك محمد السادس والملك فيليبي السادس، بعدا من الاستدامة والوضوح.

وأوضح أخنوش أن انعقاد هذا الاجتماع يشكل دليلا على أن العلاقات بين البلدين أضحت تقوم على معايير سياسية واضحة، وحوار مستقر، ورؤية مشتركة “نبنيها معا بروح عالية من المسؤولية”، مبرزا أن هذا التطور هو نتيجة لإعادة تنظيم وتوضيح التعاون الثنائي.

وتابع رئيس الحكومة المغربية قائلا إن “مشاوراتنا قد تكثفت بوتيرة غير مسبوقة، في تعبير عن إرادة مشتركة لضمان استمرارية واستدامة عملنا. كما نجحنا في خلق بيئة سياسية مستقرة وواضحة، ملائمة لاعتماد مقاربة مشتركة للتحولات الإقليمية وبلورة استراتيجيات طويلة المدى”.

وشدد على أن هذا الاجتماع الجديد يندرج بالكامل ضمن الدينامية السياسية التي يقودها قائدا البلدين، حيث مكن التزامهما الدائم وعمق الروابط التي تجمعهما من ترسيخ الشراكة المغربية - الإسبانية على المدى الطويل وبشكل واضح، مما يفتح الطريق أمام تعاون معزز ومهيكل.