حبكة الإتهامات للسعودية وquot;المستقبلquot; ضعيفة ومكشوفة
quot; الفيلم السوري quot; لم يقنع مشاهدين في لبنان

سوريا تبث إعترافات مجموعة قالت إنها نفذت هجوم القزاز

إيلي الحاج من بيروت: تعكس quot; الإعترافات المتلفزة quot; التي بثها التلفزيون السوري حول التفجير على طريق مطار دمشق في 27 ايلول/ سبتمبر الماضي- بصرف النظر عن صحتها أو نسجها بالخيال الإستخباراتي السوري- استمراراً لسوء العلاقة بين النظام السوري والمملكة العربية السعودية، علاقة وصفها قبل ثلاثة ايام وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأنها quot; جفاء quot; من المملكة quot; لا نعرف في دمشق سببه quot;! كما أنها تزيد حدة السجالات السياسية والإتهامات المتبادلة بين نظام الرئيس السوري بشار الأسد وquot;تيار المستقبلquot; خصوصاً وقوى 14 آذار/ مارس اللبنانية عموماً.

والواقع أن إعلام دمشق المباشر وكذلك العامل بالإيحاء لم يتردد منذ أشهر بعد كل حادث أمني على الأراضي السورية وحتى على الأراضي اللبنانية في توجيه الإتهام إلى المملكة العربية السعودية . بلغ هذا التوجه أعلى مستوى بعد اغتيال القائد العسكري والأمني لـquot;حزب اللهquot; عماد مغنية بتفجير سيارته في دمشق في 13 شباط / فبراير الماضي. وخلافاً للعادة السورية في توجيه الإتهامات فوراً إلى إسرائيل، استندت كل المواقع الإلكترونية الدائرة في فلك النظام السوري آنذاك إلى كلام أوردته صحيفة quot;جمهوري اسلاميquot; القريبة من مكتب مرشد الثورة الإيرانية علي الخامنئي، نقلا عن مصدر سوري جاء فيه: quot;كشفت التحقيقات الخاصة باغتيال عماد مغنية عن وجود تعاون سعودي واردني مع الموساد والسي أي آيه في هذه القضيةquot;.

ووعدت السلطات في سوريا بعد اغتيال مغنية بكشف كل ملابسات الجريمة في سرعة، وطفقت وسائل إعلام سورية غير رسمية في دمشق وبيروت تلهج في نشر إشاعات عن أسماء مسؤولين حاليين وسابقين في المملكة متورطين في تلك الجريمة وستعلن دمشق أسماءهم بعد القمة العربية التي انعقدت في دمشق في 29 آذار/ مارس وقاطعتها السعودية ومصر والأردن .

طبعاً، لم تكشف السلطات السورية شيئاً عن ملابسات قتل مغنية في أحضانها. وبدا جلياً أن توجيهها الإتهامات إلى السعودية وغيرها كان مرتبطاً بموقفها من انعقاد القمة العربية في دمشق لا أكثر. وكانت الرياض خصوصاً أكثر من اعترض على التوجه السوري إلى منع انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان يخلف الرئيس السابق إميل لحود- بعد قرار ترك قضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري للمحكمة الدولية- فضلاً عن الموقف المبدئي من تحالف النظام السوري مع إيران على حساب العرب ومصالحهم في الخليج والعراق ولبنان وفلسطين ودول أخرى.

بناء على هذه الخلفيات المتضادة، شنت مواقع وشخصيات في لبنان شديدة الصلة بالإستخبارات السورية حملات إعلامية قاسية على السعودية وسفيرها في لبنان عبد العزيز خوجة، الذي اضطر إلى مغادرة لبنان بحراً في وقت لاحق خلال ما عرف بحوادث 7 ايار/ مايو التي اجتاح خلالها حلفاء النظام السوري بيروت وبعض الجبل وتعرضوا بالرصاص للسفارة السعودية المجاورة لمحطة تلفزيون quot;المستقبلquot; التي أحرقت.

وبعد الهجوم الأميركي على منطقة البوكمال على الحدود السورية ndash; العراقية أثار صمت السعودية، وفقا لقرارها عدم تناول كل ما يمت بصلة إلى سورية من قبيل تجاهل النظام القائم فيها، إستياء شديداً لدى دمشق عبّر عنه المعلّم قائلاً إنه فهم من قول وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في 22 تشرين الأول / أكتوبر الماضي إن quot;علاقتنا بسورية لا تحتاج إلى وساطةquot; إن المملكة لا تريد تحسين العلاقة بين البلدين.
واستتبعت الإتهامات السورية الدرامية المتلفزة بعد الإشارة إلى الدور السعودي إتهامات إلى quot;تيار المستقبلquot; اللبناني في ما بدا رداً على تصريحات ومواقف لرئيسه النائب سعد الحريري أدلى بها قبل أيام لمحطة quot;روسيا اليومquot; وتناولت دور النظام السوري في تسهيل تسلل مجموعات quot;فتح الإسلامquot; وعناصر أصولية الى لبنان، على غرار ما يفعل على الحدود مع العراق.

ودارت حرب تسريبات ونشر معلومات إستخباراتية عبر وسائل الإعلام المحسوبة على سورية وحلفائها وعلى قوى 14 آذار/مارس في بيروت، فنشرت quot;السفيرquot; نبأ كشف خلية إستخباراتية إسرائيلية تتجسس على زوار دمشق، وتولت وسائل أخرى الإشارة إلى إرتباط الخلية في شكل أو آخر بقوى الغالبية، ليتبين بعد أيام أن المتورطين فيها كانا تنظيمياً في quot;فتح- الإنتفاضةquot; التابع لسورية، وسياسياً مع إحدى الشخصيات البقاعية المحلية الشديدة الإرتباك في دمشق الوزير السابق عبد الرحيم مراد. والأغرب أن الشبكة اكتشفها quot;حزب اللهquot; وقبض على رأسها، علي الجراح، قبل اشهر.

وتلى ذلك نشر معلومات في بيروت عن اكتشاف رابط بين quot;فتح الإسلامquot; واغتيال الوزير الراحل بيار الجميّل والعثور على بندقية استخدمت في الجريمة.

ويجمع أركان تيار المستقبلquot; و14 آذار/ مارس على أن ما بثه التلفزيون السوري عن علاقة بين quot;فتح الإسلامquot; وبين التيار والسعودية هو برنامج مفبرك، درامي- كوميدي القصد منه التضليل وتزوير الحقائق بقصد تقديم النظام السوري نفسه للمجتمع الدولي على انه مستهدف من الارهاب وضحية من ضحاياه ومنخرط في مكافحته، خلافاً للصورة المعروفة عنه كنظام يرعى الإرهاب أويصدره خصوصاً إلى العراق ولبنان.

ويلاحظون أن quot;الفيلم السوريquot; كان مفككاً لا رابط يجمع أجزاءه سوى تبرير الحشود العسكرية السورية عند الحدود اللبنانية واتهام quot;تيار المستقبلquot; استباقاً لثبوت الجرائم الإرهابية على النظام الحاكم في دمشق من أول تشرين الأول/ أكتوبر 2004 حتى اليوم. كما يلفتون إلى أن quot;الهجوم السوريquot; يأتي في وقت تشهد العلاقات السورية اللبنانية تحسنا، لا سيما في مجال التنسيق الأمني وعشية زيارة وزير الداخلية زياد بارود لدمشق ، على أن تليها زيارة لوزير الدفاع الياس المر. ومن شأن هذا التطور ان يغلب المسار الأمني على العلاقة الثنائية، وان يجعل التنسيق والتعاون في مجال مكافحة الارهاب والتطرف بندا أول في المرحلة المقبلة.

أما تركيز فيلم الإعترافات المدبلجة على ارتباط quot;فتح الاسلامquot; بتنظيم quot;القاعدةquot; فالغاية منه ، على ما يقول هؤلاء الأركان، هو نقض كل ما قيل وشاع عن إرتباط quot;فتح الإسلامquot; بالإستخبارات السورية، في موازاة إلصاق مزاعم واتهامات بـquot;تيار المستقبلquot; والضغط لتفرض دمشق الانماط التي تلائمها في التنسيق الامني مع لبنان وتحاول تصوير الواقع اللبناني بانه خطر على امنها.

ويسألون : من صنع شاكر العبسي وأرسله إلى لبنان ثم أخرجه منه وعبر به الحدود ؟ واين هو هذا الرجل الآن؟

ويستذكرون كيف خرجت ابنة شاكر العبسي من المخيّم وانتقلت الى صيدا ثم عبرت الحدود متجهة الى سورية ، حيث استخدمتها الإستخبارات مادة خصبة في فيلم طويل يستهدف المحكمة الدولية وثبوت رعاية دمشق للإرهاب على أعتاب بدء المحاكمة التي سينقل العالم كلّه وقائعها، وستحدث زلزالاً.