مطالبات بمنعه ومعاقبة مرتكبيه:
زواج القاصرات في السعودية: متاجرة وبحث عن المال

للإطلاع على المزيد:

وزير العدل السعودي يعلن عن مسعى لتقنين زواج القاصرات

اليونيسف تبدي قلقا من زواج طفلة سعودية في الثامنة من العمر

فهد سعود من الرياض:أثار إصرار أحد القضاة السعوديين على موقفه الرافض لطلب تقدمت به إحدى الأمهات بفسخ عقد زواج طفلتها البالغة من العمر ثماني سنوات، من رجل في السابعة والأربعين من العمر، الكثير من ردود الفعل داخل السعودية وخارجها. ورغم رفض غالبيةالمجتمع السعودي لهذه الظاهرة، التي بدأت تنتشر في عدة مناطق، إلا أن بعض مأذوني الأنكحه في السعودية لا يزالون يصرّون على إتمام مثل هذه الزيجات. وسبق لهيئة حقوق الإنسان السعودية أن قدمت العديد من التوصيات التي تطالب بالحد من هذه الظاهرة، التي دعت منظمات حقوقية كثيرة للتعبير عن استيائها منها كونها تنافي حقوق الإنسان والطفل بشكل عام.

وقال المحامي السعودي والناشط الحقوقي عبد الرحمن اللاحم إن المملكة العربية السعودية سبق ووقعت اتفاقية دولية، هي اتفاقية حقوق الطفل، وبالتالي تعتبر هذه الاتفاقية إلزاميةquot;، وأضاف قائلا: quot;كان يفترض بالقاضي أن يستشعر نصوص هذه الاتفاقية وروح الاتفاقية نفسها، التي تجرم مثل هذه الزوجات، وتراها انتهاك لطفولة الفتاةquot;.

ومضى قائلاً في حديثه مع إيلاف: quot; لكن المشكلة أن هناك مجموعة من القضاة لا يقيمون لهذه الاتفاقيات والنصوص القانونية وزنا، رغم أن هذه المسألة مرتبطة بالشريعة التي يدخلها التنظيم من قبل السلطة التشريعية في الدولة.

ويضيف اللاحم قائلا: مثل هذه القضايا إذا حُملت من خلال حكم قضائي، ستؤثر بشك سلبيفي المملكة خصوصا وان المملكة حريصة على اتخاذ خطوات عملية في حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية بهذا الشأن، فمثل هذا الحكم والأحكام المشابهة لا تصب في مصلحة البلد.

ويؤكد اللاحم أن مثل هذه القضايا لها تأثير كبير على النسيج الاجتماعي السعودي، لأن دائما خلف هذه الزيجات quot;متاجرةquot; بالفتاة، كما أن هناك مبالغ نقدية يدفعها الزوج لولي الفتاة، وإذا تكررت مثل هذه الحالات ستصبح لدينا حالات متاجرة بالأطفال، وهذا أمر في غاية السوء، إذا لم تتداركه المؤسسة التشريعية، وتمنعه وزيادة على منعه تجريمه أيضا. لان المنع لا يكفي لابد من وضع نصوص تجريمية لمثل هذه الأعمال سواء للولي أو لمن يعقد النكاح.

وعن الدور الذي تلعبه هيئة حقوق الإنسان السعودية في هذا المجال، قال اللاحم إن الهيئة لها صلاحيات رفع التوصيات فقط، ويحظى الملف باهتمام الرئيس الجديد بندر العيبان واعتقد أن لديهم رؤية واضحة لمخاطر هذا الملف على حقوق الإنسان على المملكة بشكل عام.

من جهته، قال المستشار في الديوان الملكي عبد المحسن العبيكان إنه ضد الزواج من القاصرات، رغم انه لا يتعارض مع الإباحة والتحريم، وقال: أنا ضد تزويج الفتاة التي يقل عمرها عن 18 عاما. رغم أنه لا يتعارض أصلا مع التحليل والتحريم، وإنما هذا اقتضاءً للمصلحة العامة، ولولي الأمر أن يمنع بعض الناس من المباحات للمصحة العامة.

وعن زواج الرسول محمد ( ص) من عائشة، وهي بعمر التسع سنوات، قال العبيكان: quot;ليس كل الناس مثل الرسول محمد ( ص)، ولا كل الأولياء مثل أبو بكر الصديقquot;.

وأضاف العبيكان قائلا: quot; هناك الكثير ممن يتعاطون المخدرات، وبالتالي قد يبيع ابنته من اجل المخدرات أو الحصول على المال فيزوجها على كبار السن وهناك مشاكل كثيرة حصلت بسبب هذه الزيجات، فيجب أن يمنع تزويج من هم اقل من 18 سنة حتى لا تحصل مثل هذه المشاكل. وشدد العبيكان في ختام حديثه لإيلاف على ضرورة أن يكون هناك تنظيم من قبل وزارة العدل أو مجلس القضاء الأعلى لمنع هذه الزيجات.

من جهة أخرى، تستعد وزارة العدل السعودية في الإعداد لتنظيم جديد يقنن زواج القاصرات في المملكة. صرح بذلك لـ quot;الوطنquot; وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى.

ويأتي التنظيم الجديد وفقاً للوزير العيسى ـ انطلاقاً من قاعدة أنه quot;لا تلازم بين الحكم التكليفي والحكم الوضعيquot; وأضاف وزير العدل أن هذا النظام يأتي لحفظ الحقوق ودرء المفاسد بما يقضي على المظاهر السلبية في تزويج القاصرات، لافتاً إلى أن دراسة النظام تتضمن آلية واضحة لتزويج القاصرات وما يتعلق بهذا الموضوع كاملاً، ومشيراً إلى قرب موعد الإعلان عن ضوابط الدراسة اللائحية.

ويحظى التنظيم الجديد بترحيب وتأييد كاملين لدى الأوساط القضائية والقانونية والأكاديمية باعتبار أنه سيدفع ـ كما يقول المستشار خالد بن سعيد الشهراني لـ quot;الوطنquot; ـ الضرر عن الأطفال من البنات.

ويرى الشهراني أن هذا التنظيم سيحد من عملية المغالاة في المهور، خاصة لدى 90% من حالات زواج القاصرات التي تتم طمعاً في أموال كبار السن. بدوره قال القاضي السابق راشد بن سليمان الدويش إنه يأمل في أن تتضمن لائحة التنظيم الجديد أهمية اختيار مأذوني أنكحة مهيئين مع تشديد الرقابة عليهم، واشتراط تقديم إثبات شخصي للفتاة يؤكد شخصيتها.

وكان القاضي السعودي حبيب الحبيب أعلن رفضه وللمرة الثانية، على حكمه بإقرار زواج الطفلة من رجل في أواخر الأربعينات من عمره، رافضاً للمرة الثانية إعادة النظر في طلب قدمته والدة الطفلة بفسخ الزواج في جلسة استماع، عقدت السبت الماضي في مدينة عنيزة وسط السعودية. ويأتي رفض القاضي بحجة أن الأم ( المطلقة) ليست هي الولي على الطفلة.

وشهدت السعودية خلال السنوات القليلة الماضية عدة حالات مشابهة راح ضحيتها عدد من الفتيات، ما جعل القضية تتفاعل بشكل واسع النطاق على المستوى الشعبي والإعلامي.