أكثر من 400 شخصيَّة بارزة تشدّد خلال اجتماع في واشنطن على أهميَّة العلاقات:
الولايات المتَّحدة والسعوديَّة تشكلان حجر زاوية للاستقرار والسلام العالميَّين

لقاء مرتقب بين العاهل السعودي وأوباما في لندن

انحناءة أوباما أمام العاهل السعودي تثير زوبعة

إتصال بين العاهل السعودي وأوباما حول الملفات الإقليمية والدولية

اوباما والإنحناءة للعاهل السعودي

موفد اميركي خاص يسلم العاهل السعودي رسالة من اوباما

العاهل السعودي يبحث مع ميتشل مستجدات القضية الفلسطينية

غوردون براكر من واشنطن: تبدو العلاقات السعودية الأميركية حيوية جداً للاستقرار العالمي والسلام، في عالم من التحديات المعقدة، وذلك طبقاً لمسؤول عالي المستوى في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. فقد قال ويليام بيرنز، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، يوم الاثنين، إن القرار، في ما يتعلق ببعض أكثر التحديات العالمية أهمية، بدءًا من الأزمات الباكستانية والأفغانية، إلى الصراع العربي الإسرائيلي، مروراً بالأزمة الاقتصادية العالمية، والبرنامج النووي الإيراني، يعتمد على: quot;قدر كبير على كيفية تعاون الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية سوية، للتصدي لذاك النسق المضطرب من التحدياتquot;.

وقد أدلى بيرنز بتصريحاته تلك، في مؤتمر بارز حول العلاقات السعودية الأميركية، نظمته المؤسسة الأميركية الجديدة، وهي مؤسسة خبراء ريادية، مع اللجنة المتخصصة بالتجارة الدولية المنبثقة من غرفة التجارة السعودية. وقد أمضى أربعمائة شخص من الحكومة، والإعلام ومجالس الخبراء، وأكاديميون، ودبلوماسيون أجانب، وقادة أعمال بارزين، ومعاهد أخرى من واشنطن، كانوا من بين الحضور، يوماً كاملاً لمناقشة أوجه حيوية حول العلاقات بين البلدين، وقضايا رئيسة أخرى تواجه الشرق الأوسط. وكان حيز من المؤتمر قد بث على الهواء من خلال محطات الكيبل عبر الولايات المتحدة الأميركية.

وكان من بين المتحدثين الأمير تركي الفيصل، مدير مركز الملك فيصل للدراسات والأبحاث الإسلامية. وعبد الله زينل علي رضا وزير التجارة، والسيد إبراهيم العساف، وزير المالية، والسيد محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد السعودية، والدكتور عبد الرحمن السعيد، المدير العام لمركز الدراسات المتخصصة، والمستشار في البلاط الملكي، وآنا ماري سلوتر، مديرة السياسات في وزارة الخارجية الأميركية، والسيناتور السابق شاك هاغل، والدكتور زبيغنيو بريزنسكي، وبراد بورلاند من هيئة استثمارات الجدوى، إضافة إلى سفراء كل من فرنسا، والمملكة المتحدة.

وقد ركزت الجلسة الأولى بشكل مستفيض، على العلاقات السعودية الأميركية، رغم أن وقتاً طويلاً خصص لمداولات حول انهيار عملية السلام بين العرب وإسرائيل. وقال السناتور شاك هاغل، النائب السابق عن نبراسكا، والذي يعمل حالياً الآن كبروفيسور في جامعة جورج تاون: quot; إن مبادرة بيروت التي أعلنها، ولي العهد ndash;في حينه- الأمير عبد الله، مثلت نقطة انطلاق قوية. لقد كانت وثيقة بارزة. ولا أدري لماذا تراجعنا عن ذلك؟ لقد كانت فرصة استثنائية كنا قد افتقدناهاquot;.
وقد قال هاغال، الذي كان واحداً من بين جمهوريين قلائل انتقدوا الحرب على العراق، والسياسات الإسرائيلية بشكل علني، إن التأهب لحرب العراق، كان قد صرف أنظار إدارة بوش عن الكلام عن إعلان بيروت بشكل جدي.
وقد كان المتحدث الذي أعقب هاغال هو الدكتور زبيغنيو بريزنسكي، مستشار الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس كارتر، والصوت البارز في الشؤون الخارجية، الذي قال: quot;هناك حاجة ماسة، وأصيلة، لتحالف سعودي-أميركي بشأن السلام في الشرق الأوسط. quot;

quot;تتلاشى فرص السلام الآنquot;، كما قال بريزنسكي، الذي أضاف أن: quot; الحرب ليست حلاً للأزمة التي فرضتها إيرانquot;. كما إن حرباً إسرائيلية ضد إيران سيكون لها quot;عواقب وخيمة على المنطقةquot;. وأردف: quot; يجب ألا ندع الحرب تغريناquot;. وعقـّب بريزنسكي بالقول: quot; لم تنخرط الولايات المتحدة في عملية السلام العربية ndash; الإسرائيلية، على نحو جدي، خلال ثمانية أعوام، يجب أن يتغير هذاquot;. وأما المتحدث التالي، فقد كان الأمير تركي الفيصل، الذي تحدث بإسهاب عن فرص السلام في فلسطين، فقال: quot; لا نحتاج لأي خطط من أوباما، فلدينا كفايتنا منها، ما نفتقره، هو التنفيذ، وليس التطمينات اللفظيةquot;.

واستطرد الأمير تركي الفيصل قائلاً، يجب على الولايات المتحدة استمرار استئصال الإرهابيين في باكستان وأفغانستان، ولكن حالما ينجز هذا العمل، quot; ينبغي على قواتها مغادرة أفغانستان على نحو فوريquot;. وحول مسألة التعاون بشأن الطاقة، فقد أبدى الأمير تركي امتعاضاً من الخطاب الأميركي حول quot;الاستقلال في مجال الطاقةquot;، مقللاً من شأن ذلك في عالم: quot;يتوقف فيه اعتمادنا جميعاً على الطاقةquot;.

وأبدى الأمير تركي ملاحظة حول العلاقات السعودية-الأميركية قائلاً إن الإدارة الرئاسية، ووزارة الخارجية، لديهما تفهم طيب في ما يتعلق بالعلاقات الأميركية-السعودية، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الكونغرسquot;. فقد قال: quot; إن زعامة الكونغرس تائهة بشأن العلاقات السعودية الأميركيةquot;، ملاحظاً بأن جهود جميع السفراء السعوديين، للولوج إلى الكونغرس لم تكلل بالنجاح، إلى حد كبير.

وقد تكلم الدكتور عبد الرحمن السعيد، وبشكل بليغ، عن مبادرة السلام العربية، وبالقدر نفسه عن رزمة المبادرات التي وصفها بـquot; الكف الممدودةquot;، للملك عبد الله، في الداخل والخارج. وبينما كان الحضور يصغون بإمعان، كان السعيد يصف باستفاضة عن حوار الأديان التاريخي للملك عبد الله، بالإضافة إلى جهوده على صعيد المصالحة العربية، ومبادراته الداخلية في الحوار الوطني، والانفتاح في عالم الإعلام.

وقال الدكتور السعيد: quot; لقد مد الملك عبد الله يده للسلام من خلال مبادرة السلام العربية، غير أن الطرف الآخر لم يبادلنا ذلك. لقد كان الناس في السابق، يبدون تذمراً بأن العرب نادراً ما قدموا خططاً للسلام. ولكننا، الآن، وتحت قيادة الملك عبد الله، فقد قمنا بذلك، غير أن الطرف الآخر يرفض ذلك. وفي الواقع، فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي مؤخراً، إن مبادرة السلام العربية تمثل تدميراً لإسرائيلquot;. وقد عبر الدكتور السعيد، وفي معرض إجابته عن سؤال يتعلق بالمشروع النووي الإيراني، عن أمله في أن تكون منطقة الشرق الأوسط برمتها خالية من السلاح النووي في المستقبل، ما يعني إشارة مباشرة لترسانة الرؤوس النووية الإسرائيلية.

وقد وصف عبد الله علي زينل رضا، العلاقة بين الرئيس أوباما، والملك عبد الله بالحيوية. quot; لقد تشكلت حقبة حديثة مع هذين الزعيمينquot;، كما قال. وأردف: quot; كلاهما يسعى إلى تناغم أعظمي على الحلبة الدولية، وكلاهما له القدر نفسه من التأثير لتوجيه مسارات الأحداثquot;. كما لاحظ، بأن الولايات، والعربية السعودية يجب أن ينخرطاً، معاً، في العمل في مجال صناعة المعرفة، وفي quot; خلق رأسمال ثقافيquot;، وبأن اقتصاد المملكة قد تحول في السنين القليلة الماضية، وبأنه سيستمر في عملية النمو.

وفي أثناء ذلك، فقد حثت، ريتا هاوسر، رئيسة المعهد الدولي للسلام، إدارة الرئيس أوباما لمد جسور التواصل مع حماس، وأخبرت الحضور بأنه: quot;لن يكون هنالك أي عملية إعادة بناء ناجحة في غزة، من دون حماسquot;. وقد لاحظت، أيضاً، بأن ملف حماس- فتح، يجب ألا تنحصر معالجته بيد مصر، كما هو الوضع عليه حالياً. وقالت: quot;ينبغي أن تلعب العربية السعودية دوراً أكبر في شأن الوحدة الفلسطينيةquot;. كما عبرت عن تشاؤمها حيال عملية السلام، وعلى نحو خاص، لطالما أنه ينبغي، حتى الآن، على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن يرسل إشارات برغبة لاتخاذ الخطوات الصعبة المطلوبة.

وعلى الصـُعد الاقتصادية، فقد اقترح السيد إبراهيم العساف، خطة مشتركة أميركية- سعودية للاستثمار في دول أخرى، في قطاعات الغذاء، والطاقة، على نحو محدد. ودعا البلدين لـ: quot; إيجاد أرضية مشتركة على الحلبة من أجل تطوير متعدد الأطرافquot;، وخصوصاً في صندوق النقد، والبنك، الدولي، وبنوك التنمية الإقليمية. ودعا إلى تعاون quot;مثمرquot; بين البلدين، بالعمل معاً على صعيد جدول أعمال التغيرات المناخية.

وخلص العساف بالملاحظة أن الاقتصاد السعودي يبقى قوياً. quot;إن اقتصادنا يقدم فرصاً عدة. وإن العالم سيتعافى من الأزمة، ولا يوجد هناك بلد كهذا يحتل هذه المكانة الجيدة للتصدي للاحتياجات الدولية من البترول والبتروكيماويات. وأنا مستبشر جداً بآفاقنا الاقتصاديةquot;. وتكلم محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد السعودية، عن موضوع التعافي الاقتصادي للعربية السعودية، ملاحظاً بأن المملكة قد تدبرت أمرها في تفادي مخاطر العاصفة المالية، لأنها ادخرت أموالاً خلال فترة الطفرة، وكانت لديها العزيمة لإنفاق الأموال لتحفيز الاقتصاد خلال لحظة التهاوي. وقد لاحظ الجاسر بأن المملكة قد خفضت بشكل دراماتيكي مديونيتها من مستوى 125% من الناتج القومي الإجمالي الـ GDP في العام 1999، إلى 15% من الـناتج القومي الإجمالي الـ GDP، اليوم. واختتم الجاسر بالقول إن التعافي الاقتصادي للعربية السعودية يبقى مؤثراً، وميزانية الحكومة الإنفاقية، ستساعد المملكة في النمو بشكل أبعد.

ولاحظ فلينت ليفريت، وهو زميل أول، في مؤسسة أميركا الجديدة، ورئيس سابق لمجلس الشرق الأوسط للأمن القومي، أنه يتوجب وضع العربية السعودية في مقام مهم بالنسبة إلى القضايا الرئيسة التي تواجه الاقتصاد العالمي اليوم، تماماً كالصين، والولايات المتحدة. وأبدى ملاحظته بالقول: quot; كان هناك الكثير من الكلام عن مجموعة الاثنين أي الـ G2 ، والتي تتكون من الولايات المتحدة والصين، ولكني أقترح بأنه يمكننا الحديث عن مجموعة الثلاثة، الـ، G3 ، تلك التي تتطلب وجود العربية السعودية فيها أيضاًquot;. quot; والعربية السعودية تلعب، بالمطلق دوراً حيوياًquot;، على صعيد قضيتين رئيسيتين تواجهان العالم اليوم، وهما الطاقة والمال الاستراتيجي.

إلى ذلك قال براد بورلاند، الرئيس الاقتصادي لاستثمارات الجدوى في الرياض: quot; إن الانخفاض في أسعار البترول لم يكن له أي تأثير على الاقتصاد الوطنيquot;، في العربية السعودية، رغم أنه اعترف بأن أفراداً سعوديين كثيرين كانوا قد فقدوا مبالغ طائلة من الثروات في هبوط أسواق البورصة. ولاحظ بـ: quot;أننا سنشهد نمواً بما يعادل 4-6% في القطاع الخاصquot;. وقال: quot; هذا ما زال يشكل طفرة، ولكن ليس من تلك التي تؤدي إلى أزمة. فالعربية السعودية ليس كدبي بمعنى أنها لاتملك فقاعة مـُلكيةquot;.

وأكد للمستثمرين من بين الحضور أن: quot;البنوك بحالة طيبة في العربية السعودية، وإنها قادرة على الوفاء، وعلى درجة جيدة من التنظيمquot;. ولاحظ، بأن البنوك الدولية، وعلى أي حال، قد تراجعت وعلى نحو كبير عن الاستثمارات في مشاريع كبيرة في العالم الناشئ، ما يمكن أن يفرض مشاكل على مشاريع الاستثمار في البنية التحتية في المملكة.

هذا، فقد عبـّر كثير من المشاركين عن أملهم في أن الملك عبد الله، ومن خلال دوره كخادم للحرمين الشريفين، سيلعب دوراً بارزاً في حوار الغرب مع الإسلام. فقد ساجلت الدكتورة آن ماري سلوتر، مديرة قسم تخطيط السياسيات في وزارة الخارجية، بأن: quot;مبادرة الملك عبد الله لحوار الأديان هي مهمة جداً، وتستأهل الانتباه الكافي نفسه الذي تستأهله مبادرة السلام العربية، لأنها إعلان مبادئ يجب أن نرحـّب بها جميعاًquot;. وامتدح جوزيف مكميلان، موظف البنتاغون رفيع المستوى، مشروع إعادة التأهيل السعودي للجهاديين، واصفاً إياه بـ: quot;البرنامج العالمي الأكثر فعاليةquot;، وquot; الأنموذج لبلدان إسلامية أخرىquot;.

أما ستيف كليمونز، مدير السياسة الخارجية في المؤسسة الأميركية الجديدة، فقد عبـّر عن ارتياحه لما تمخض عنه المؤتمر. quot;إنه لمن الأهمية بمكان بالنسبة لعلاقات الولايات المتحدة الأميركية أن تخرج من الظل. وهذه العلاقة حيوية جداً بالنسبة للجغرافيا الاقتصادية، لكنها تجري خلف الأبواب الموصدة. وأنا سعيد بأن هذا المؤتمر قد أضفى شيئاً من النور على العلاقةquot;.