كيف سيتابع أوباما سياسة نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط؟

مبارك يبدأ زيارة إلى واشنطن بعد توقف 4 أعوام

أفشين مولافي من واشنطن: ترى ما الذي يجب ان يأتي اولا: مبادرات بناء الثقة العربية ازاء اسرائيل ام تجميد المستوطنات الاسرائيلية ومفاوضات سلام جادة من اجل السلام؟ ما سيكون شكل التحول السياسي في مصر بعيدا عن مبارك؟ هل سيكون على واشنطن تليين نبرتها بشأن قضايا حقوق الانسان والديمقراطية في مصر لصالح quot; المساومة quot; القديمة القائمة على المخاوف المتعلقة بالأمن الاقليمي ومستوى رفيع في ادارة الدولة؟ هل ستعود مصر مرة اخرى لتكون اهم حليف استراتيجي عربي لاميركا؟

كل هذه الاسئلة طرحت في واشنطن وستلاحق الرئيس المصري حسني مبارك خلال لقائه الرئيس اوباما في البيت الابيض يوم الثلاثاء، في ختام زيارته الرسمية الى العاصمة الاميركية والتي تستمر يومين.

خلال آخر لقاء للرئيس الأميركي ونظيره المصري في القاهرة

كان الرئيس اوباما قد دعا حلفاء اميركا العرب الى القيام بالتفاتات بسيطة ازاء اسرائيل، مثل إنشاء علاقات ثقافية او السماح للطائرات الاسرائيلية باستخدام المجال الجوي العربي في رحلاتها، غير ان الدول الاعضاء في الجامعة العربية رفضت وعلى نطاق واسع هذه الصيغة قائلة إن على اسرائيل أن تثبت اولا تحقيق تقدم ملموس في اتجاه السلام، هذه الدول قالت إن مبادرة السلام العربية كانت خطوة غير عادية يمكن ان تُعتبر اجراء رئيسًا لبناء الثقة.

كتبت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; يوم الاثنين، اعتمادا على مقابلة مع السفير حسام زكي من وزارة الخارجية المصرية، كتبت تقول إن quot;الرئيس مبارك سيبلّغ الرئيس اوباما بأن أفضل السبل لبناء الثقة، من وجهة نظر عربية، هو حث اسرائيل على تجميد المستوطنات وتطبيق خطة اقتصادية من اجل تحسين ظروف المعيشة في الضفة الغربية وتخفيف الضغط على غزة والموافقة على التفاوض على جميع القضايا المطروحة على بساط البحث، بما في ذلك، وضع القدس واللاجئينquot;.

في هذه الاثناء نقلت صحيفة quot;الاهرامquot; عن الرئيس مبارك قوله: quot;أكدتُ للرئيس اوباما ( في حزيران ) في القاهرة بان المبادرة العربية تمنح اسرائيل اعترافا بها ثم تطبيع العلاقات معها بعد تحقيق سلام عادل وشامل وليس قبله quot;.

وكان وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قد رفض الشهر الماضي وبشكل علني الفكرة القائلة إن على العرب عرض اجراءات بناء الثقة كطريق لتحقيق السلام، الامير سعود الفيصل قال خلال زيارته الى واشنطن: quot; نحن نعتقد ان الاسلوب التصاعدي ومنهج الخطوة خطوة لم ولن تؤدي الى السلامquot;. الامير سعود الفيصل قال ايضا ان quot;اجراءات الامن الموقت واجراءات بناء الثقة لن تحقق السلام. المطلوب هو منهج شامل يحدد النتيجة النهائية منذ البداية quot;.

في ما يتعلق بزيارة مبارك، قال مسؤول في البيت الابيض quot;سيرغب الرئيس في مناقشة السبل التي يمكن للدول العربية ان تسهم بها في خلق سياق لإطلاق المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، من خلال الموافقة على القيام بالتفاتات ازاء اسرائيل في اطار مبادرة السلام العربية quot;، بيان البيت الابيض ذكر ان ادارة اوباما لم تتخل عن فكرة اجراءات عربية لبناء الثقة.

وفي اطار استعراضها لزيارة مبارك، كتبت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; ان quot;زيارة السيد مبارك الى واشنطن، تشير بأشكال عديدة الى بداية جديدة لسيناريو قديم، فبينما يتجادل العرب والاسرائيليون حول من يتقدم اولا، تعود الدول العربية الى ممارسة أدوارها في المنطقة، في حين تخفف الولايات المتحدة من انتقادها لسجلي مصر على الصعيد السياسي وفي مجال حقوق الانسان مقابل تعاون مصر الاقليمي quot;.

ويلاحظ تقرير صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; ايضا بأن quot; زيارة السيد مبارك تشير ايضا الى مساع لإعادة مصر الى وضعها السابق اي ان تعود الحليف الاستراتيجي العربي الرئيس للولايات المتحدة، وذلك بعد سنوات من التوتر ومن العداء بين واشنطن والقاهرة.

وكان الرئيس مبارك قد رفض زيارة واشنطن احتجاجا على سياسات الرئيس بوش في الشرق الاوسط، وعلى اجتياح العراق وعلى الانتقادات العلنية الموجهة الى سجلي مصر على الصعيد السياسي وفي مجال حقوق الانسان quot;.

تقرير صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; من القاهرة أضاف ان quot;محللين سياسيين ذكروا هنا أن ادارة الرئيس بوش همشت مصر فعليا واتجهت بشكل اكبر الى العربية السعودية، باعتبارها قوة اقليمية، لمواجهة نفوذ ايران المتزايد ومن اجل دفع مبادرة السلام العربية الى الامام وكان قد رعاها ملك السعودية في البداية، غير ان السعوديين تراجعوا اليوم.

وقال محللون سياسيون إن الرئيس اوباما كان يحث العربية السعودية على تولي القيادة في عرض ما دعاه بإجراءات بناء الثقة على اسرائيل، غير ان السعوديين رفضوا ذلك بصراحة قائلين إنهم سبق وأن قدموا مبادرة سلام حصلت على تأييد جميع اعضاء الجامعة العربية الاثنين والعشرين quot;.

في هذه الاثناء، وعشية زيارة مبارك، نشرت مؤسسات فكرية اميركية بارزة تقارير اشارت فيها الى احتمال ان تشهد مصر حالة زعزعة في الاستقرار فيها في غضون السنوات القليلة المقبلة.

ستيفن كوك، الخبير الاميركي البارز في مجلس العلاقات الخارجية والمتخصص في شؤون مصر، قال إن مصر قد تتعرض الى حالة من عدم الاستقرار السياسي وهي quot; تدخل حاليا فترة من الانتقال السياسي، مع توقع انتهاء قريب لحكم الرئيس حسني مبارك والذي دام ثماني وعشرين سنة تقريبا. ستضعف هذه النقلة، وبشكل اكبر، من قدرة الحكومة المصرية على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتلك الخاصة بالسياسة الخارجية، وستزيد بالتالي من احتمال حدوث عدم استقرار سياسي فيها quot;.

المحلل حث ادارة اوباما على التعامل مع مسألة عدم الاستقرار المحتمل في مصر بشكل جاد.

أما ديفيد شينكر وجي سكوت كاربنتر، الخبيران في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، وهو معهد موال لاسرائيل، فقد كتبا مؤخرا قائلين إن زيارة مبارك الى الولايات المتحدة quot; تمثل ذروة جهود بذلتها ادارة اوباما على مدى ستة اشهر للضغط على زر اعادة التشغيل مع القاهرة. فبعد سنوات من التوتر الناجم عن تركيز الادارة السابقة على حقوق الانسان وتطوير الديمقراطية، تمت استعادة علاقة quot; المساومة quot; الثنائية التقليدية بين مصر والولايات المتحدة بشكل فعلي... وقد تساعد الدينامية الجديدة في التخفيف من بعض الازمات الاقليمية، غير أن التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها القاهرة لن تتبدد، ولاسيما أن الدولة على عتبة فترة انتقالية على صعيد القيادة وهي الاولى منذ ثمانية وعشرين عاما quot;.

من جانبها، كتبت ميشيل دون، خبيرة بارزة في شؤون حركات الاصلاح العربية في معهد كارنيجي اندومنت للسلام الدولي، في صحيفة quot;واشنطن بوستquot; يوم الاثنين مقالة نقدية حادة عن سياسات اوباما في مصر. كتبت تقول: quot; عندما يستقبل الرئيس اوباما الرئيس المصري حسني مبارك في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، اتساءل عما إذا كان الاثنان سيشعران بأن هناك شيئا ناقصا في هذا اللقاء. هذا الشيء الناقص هو مصالح مواطني مصر البالغ عددهم ثلاثة وثمانين مليون نسمة، والذين اختفت آمالهم المشتركة وطموحاتهم من اعتبارات الولايات المتحدة منذ ان التهبت اجندة الرئيس جورج بوش الخاصة بالحرية قبل سنوات. المواطنون الاميركيون هم الاخرون ليسوا مدعوين الى هذا الاحتفال والكونغرس في عطلة، ومبارك لن يجري ظهورا علنيا quot;.

واستطردت الخبيرة بالقول: quot; عادت العلاقات بين واشنطن والقاهرة الى شكلها المريح الذي كانت عليه في الفترة السابقة للحادي عشر من ايلول، وهي فترة كان الاشخاص الوحيدون المهمون فيها هم الرؤساء ووزراء الخارجية وكانت نقاط الاجندة المهمة الوحيدة هي السلام بين العرب واسرائيل واحتواء المتنمرين الاقليميين... سيكون من المهم جدا لاوباما توجيه رسالة مؤيدة للديمقراطية الى مبارك. وسيكون من السهل فعل ذلك الآن، في فترة هادئة وخالية من التوتر الذي يرافق انتخابات مباشرة او تبدل في الرؤساء، وفي جو يتسم بتجديد النيات الطيبة بين الولايات المتحدة ومصر quot;.

الخبيرة كتبت ايضا تقول إن على اوباما ان يصحح الفكرة السائدة في القاهرة بأن الولايات المتحدة ما عادت تهتم بنشر الديمقراطية في مصر quot;... ثم سألت: quot; لماذا تتراجع ادارة اوباما عن الترويج للديمقراطية في وقت تقف فيه مصر على عتبة انتخابات مهمة واحتمال تغير في القيادة ؟ يبدو انها تخشى من ان يمتنع مبارك عن التعاون على صعيد السلام الاقليمي والاستقرار في ما لو ازعجته واشنطن بالتعبير عن مخاوف على حقوق المصريين quot;.

وخلصت الكاتبة الى القول: quot; على اوباما ان يعمل مع مبارك على القضايا بين العرب واسرائيل وفي ما يتعلق بايران وان يصغي الى مشورة قائد مصر. غير ان عليه ان يسأل مبارك ايضا عن خططه في مواجهة المطالب المتزايدة لفرض حكم القانون وحرية التنافس السياسي في مصر. على الادارة الاميركية ان تعيد النظر في عدم انشائها علاقات مع المجتمع المدني المصري وان تجد وسيلة لإقامة علاقات شراكة مع العديد من المؤسسات والمنظمات التي يمكنها ان تؤدي ادوارا بناءة في عملية الانتقال نحو نظام اكثر انفتاحا. ولو حدث ذلك سيعبر اوباما عن احترامه ليس لرجلنا في القاهرة فحسب بل لثلاثة وثمانين مليون مصري ايضا quot;.

ترجمة: ميسون ابو الحب