عماد سمير عوض
&

كم هى محيرة أحيانا مهمة أن يختار الانسان عنوانا لموضوع يريد أن يتحدث فيه! هذا بالضبط ما حدث عندما شرعت فى كتابة هذا المقال، كنت أعرف ماذا أريد أن أقول .. و من المستمع .. و ما الهدف، لكنى لم أستطع فى البداية أن أضع عنوانا محددا. أعلم أننى أريد أن أتكلم عن السماحة، وأن المستمع هو القارىء الكريم ، و الهدف ألا أدع معلومات و مفاهيم خاطئة تمر مرور السموم - التى تخترق الجسم تدريجيا و لا يدرى بأمرها الا بعد فوات الأوان - لتخرب العقل و تهدم و لا تعمر، أقول أعرف كل هذا لكنى لم أستطع ان أضع عنوانا يعبر عنه، و لكن - بعد جهد جهيد - اخترت العنوان أعلاه، لتوضيح الفرق بين "سماحة الاسلام" التى عايشتها بنفسى.. و"سماحة الدكتور عمارة" التى يتجرعها القارىء عن طريق مقالاته الأسبوعية فى جريدة الأخبار. وكنت قد تناولت فى مقالين سابقين بعض ما يكتبه الدكتور محمد عمارة فى جريدة الأخبار ، و وضحت فى كلا المقالين بعض الأخطاء التاريخية التى يضعها سيادته فى كتاباته، ووضحت الخطأ فى بعض الآراء التى يبنيها سيادته على معلومات غير كاملة و الآراء نفسها لا تخلو من اللا موضوعية، وبينت أن شخص سيادته لا يعنينا من بعيد أو قريب، و انما ما يعنينا هو ما يكتبه و ما يصل للقارىء المسكين فينبهر وينجذب بينما الحقيقة بعيدة كل البعد عما ذهب بعقل القارىء و أخرجه من عالم الواقع. وقد أرسلت مقالى الأول "الدكتور عمارة و تشويه الأديان" الى جريدة الأخبار& قبل ارساله لجريدة وطنى و لم ينشر، ولم أستطع أن أعرف السبب لذلك، لكن الواضح أنه اشتراك من الجريدة المذكورة مع سيادته فى نوعية بعض المواد التى تنال من عقيدة الأقباط و عدم الاكتراث بمشاعرهم لا عن طريق ما ينشر و لا عن طريق السماح بالتعليق! و هنا سوف أستكمل الحديث بالتعليق على مقال آخر لسيادته بجريدة الأخبار بتاريخ الجمعة 6 ديسمبر 2002 ، تحدث فيه عن السماحة ، وان كان الأمر هذه المرة قد يستدعى بعض التجوال فى مقالات أخرى له، اذ أنها على ما يبدو خاصية مميزة فى كتاباته أنه لا يتأكد مما يكتب قبل ان يضعه فى متناول القارىء المسكين ، غير عابىء بتأثير مثل هذه المادة الضارة على عقل القارىء ورئتى الأمة من المسلمين والأقباط، و من المستحيل بالطبع ان أتعرض لكل ما قاله لأن هذا يحتاج الى عدة كتب ، لكنى سأحاول الاختصار بقدر الامكان، والاكتفاء بنقاط بسيطة، ولمن أراد من القراء الكرام أن يعود لمقالاته فكلها موجود على موقع جريدة الأخبار على الشبكة الدولية .
السماحة فى المسيحية و الاسلام
&&& وسأبدأ هنا بالحديث عن السماحة فى المسيحية من وجهة نظر اسلامية ، عندما استمعت لها بطريق المصادفة أثناء اقامتى ببلدى الحبيبة مصر، و عندما حدث هذا لم أفاجأ، و لم أعتبره أمرا خارقا للعادة ، لأن ما تربيت عليه من خلال المعاملة يصب فى تلك الخانة و يركز على نقط التلاقى والتآخى الكثيرة جدا. باختصار، فى أحد ايام الجمعة فى منتصف الثمانينات، كان الخطيب فى المسجد المقابل لمنزلنا يتحدث عن السماحة، و قال سيادته ما معناه "عندما كان سيدنا عيسى عليه السلام موجودا، أتى اليه اليهود بامرأة زانية ليختبروه، وسألوه ماذا نفعل بها؟ فرد سيدنا عيسى و قال لهم: من منكم بلا خطية فليرمها بحجر! هل رأيتم سماحة مثل هذه؟" ثم كررها متسائلا بنبرة محتدة "هل رأيتم سماحة مثل هذه؟" ثم أكمل قائلا "وأنا أقول لكم انه توجد لدينا سماحة مثل هذه" ثم استرسل ضاربا مثلا اسلاميا يؤكد على سماحة الاسلام مثله مثل المسيحية، لينتهى فى النهاية أن السماحة أمر مطلوب، ينبغى على كل مؤمن أن يتحلى به! وأنا هنا أعلق "هل رأيتم سماحة مثل هذه؟" الخطيب الوطنى يشهد للسماحة فى المسيحية، مستخدما مثلا مسيحيا ليلقى على المستمعين - وهو يفترض فيهم طبعا أنهم من المسلمين - مثلا فى السماحة، هل رأيتم سماحة مثل هذه؟ الخطيب الوطنى يتحدث بوطنية راقية عن أوجه التلاقى و التشابه واستغلها للبناء والتقويم، لم يستغل النافذة الاعلامية المحدودة نسبيا المعطاة له فى الهجوم على الديانات الأخرى والتحقير من شأنها مختبئا خلف عبارات مقدسة ، ولم يدس معلومات تاريخية غير صحيحة ليبث الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، و لم يستخدم نبرة استعلائية استعدائية عدوانية نعراوية لدغدغة المشاعر بلا طائل، بل أراد أن ينفذ الى العقل بالاقناع والحجة .. والأخلاق. لم يقرأ الكتاب المقدس بعقلية ابن كثير و السيوطى - مع كامل احترامى للعالمين الجليلين كعلامتين من علامات التبحر فى علوم الكتاب المقدس عند المسلمين- وانما التفت ليأخذ المعنى الذى لا تخطئه عين فى الآخر عن السماحة و المحبة وارتكز عليه كمحور للبناء و التقارب و التآخى الحقيقى لا المزور الذى ظاهره التقارب و باطنه سم زعاف، لم يختبىء خلف ورقة الأغلبية لينال من الأقلية ، خالطا الحق بالباطل ، بل وضع يده فى يد الآخر بمنطق نقى و نية مستقيمة وأراد أن يتكلم عن سماحة حقيقية .. بلا أهداف خفية أو أغراض غير واضحة..، لم يرفع الخطيب المغوار والفارس المفوه الكتب المقدسة على أسنة الرماح منتهزها فرصة لاشهار سيفه فى وجه المسالمين و المعزولين ، بل سما فوق كل ذلك، وتحلى بحكمة وخبرة و رزانة الشيوخ و ابتعد عن حماقات من هم فى سن الحداثة، من أجل احياء السماحة التى يبدو أنها تمر بمحنة.. حتى أنها أصبحت أداة .. للاسماحة ، فماذا عن سماحة الدكتور عمارة؟
&&&& فى مستهل المقال يقول سيادته "السماحة في المصطلح الحضاري، العربي الإسلامي: هي الجود.. أي العطاء بلا حدود.. وهي المساهلة واللين، في الأشياء والمعاملات، دونما انتظار مقابل او ثمن، او حاجة الي جزاء. فشارع الاسلام، سبحانه وتعالي، قد شرعه لهداية العالمين، ولتحقيق مصالحهم الشرعية المعتبرة، ومقاصد شريعة هذا الاسلام هي تحقيق ضرورات وحاجيات وتحسينات الاجتماع الانساني، ومطلق الإنسانية، في المعاش والمعاد.. والله سبحانه وتعالي، غني عن الخلق، الذين شرع لهم هذا الهدي الدائم، وافاض عليهم هذه السماحة والجود بلا مقابل وبلا حدود". (الأخبار 06/12/2002) و هو كلام جميل جدا، و أرى انه لن يتغير اذا وضعنا كلمة مسيحي بدلا من اسلامي، و وضعنا كلمة مسيحية بدلا من كلمة اسلام، لكن سيادته لم يذكر مثلا ان كثيرين من الحكام الذين حكموا باسم الاسلام لم يعاملوا أهل الذمة بهذه السماحة "بلا مقابل وبلا حدود دونما انتظار مقابل او ثمن"، و أن التاريخ الاسلامى يذكر مثلا ان الجزية التى كانت تطبق على غير المسلمين على سبيل التسامح أدت لدخول كثيرين ومنهم أهل سمرقند فى الاسلام، ليس حبا فى الاسلام و انما حبا فى عدم دفع الجزية ، حتى أن عامل الخليفة الأموى فى ذلك الوقت على خراسان- الأشرس بن عبد الله السلمى- أعلن عليهم الحرب و حجته فى ذلك ان "الخراج قوة المسلمين" و أنهم أسلموا ظاهريا فقط للهروب من دفع الجزية .. (تاريخ الطبرى أحداث سنة 110 هـ)، و أيا كان الأمر من صحة اسلامهم ام لا ، فالمؤكد ان الجزية كانت عبئا ، و ليس كما حاول البعض أن يروج أنها كانت مبلغا هينا، حتى أن عامل الخليفة لم يتردد فى اعلان الحرب بسبب ذلك، و من ناحية أخرى أن الكثيرين وجدوا فى اهل الذمة عائدا استثماريا ذو قيمة ، حتى أن تحولهم للاسلام صوريا سيضر بهذا الاستثمار! و هو الأمر الذى يلقى بكثير من الشك و التساؤل على قصة "العطاء بلا حدود" و "دونما انتظار مقابل او ثمن". و هى مقدمة لابد منها حتى نتأكد أننا نتحدث عن نفس الشىء ، لأن الدكتور عمارة عندما يتحدث عن المصطلح "الحضارى العربى الاسلامى، و الجود بلا مقابل وبلا حدود" لا يقصد فى الغالب السماحة التى نعرفها جميعا.
السماحة عند الدكتور عمارة!!!
&&&& قد يكون من المهم جدا قبل أن نبدأ أن نحدد موقع سيادته من كلمة سماحة، و الى أى درجة يعبر عنها فى كتاباته، تعالوا بنا نذهب فى جولة سريعة مع كتاباته لنرى و نتأكد قبل أن نصدر أحكاما، حتى لا نصيب الناس بالباطل :
1- "فكتبهم التي يعترف علماؤهم هم بتلفيقها ووضعها، وتحريفها، كتب النصارى محرفة و ملفقة و موضوعة" (الأخبار 13/12/2002)
2- "اصحاب الشرائع الدينية، الذين جاء الاسلام وكل منهم ينكر الاخر، ويلعنه في صلواته ويصب عليه الوان الاضطهادات والابادات بحسبان ذلك مما يقربه إلي الله" ( الأخبار 13/12/2002).
&3- "طبقت النصرانية علي اليهود هذا المبدأ الظالم وامتدت به إلي الأبد، فوضعت في صلواتها لعن كل أجيال اليهود بذنب موقف أجدادهم الأولين من المسيح، عليه السلام" (الأخبار 6/12/2002).
4-" ولقد وضع اليهود هذه العقيدة العنصرية في أسفار العهد القديم' عندما أعادوا كتابتها بواسطة الأحبار والرؤساء والحاخامات في مرحلة السبي البابلي" (الأخبار 18/10/2002).
5- "لأن الفكر الديني لتلك المجتمعات قد تأسس علي مجافاة العقل ورفض العقلانية.. والايمان لديهم كما يقول قديسهم أنسلم (1033-1109م) لا يحتاج إلي إعمال عقل!" (الأخبار 8/9/2002).
6- "كما يقول لهم عهدهم القديم هذا، أن علاقتهم بالآخرين كل الآخرين ليست فقط الكراهية واللعن والإنكار" (الأخبار 6/12/2002)، و هنا العهد القديم يشار اليه كما لو كان الحديث عن كتاب فى التطريز او التدبير المنزلى ، و "هم" ضمير عائد على اليهود رغم أن الدكتور يعلم بالتأكيد أن اليهود لا يوجد عندهم عهد قديم و جديد، وان كان بالفعل يعلم فهى مشكلة كبيرة.. أما ان كان لا يعلم فهى .... عدة مشاكل!
&&&& و قد اكتفيت بهذه العينات لأن الكلام و ان كان نعته بأنه "لايصح أن ينشر فى جريدة رسمية" يعتبر مجاملة له الا أن هذا ليس مهما لدينا، بقدر ما يهمنا أن نوضح أن هذه رؤية الدكتور عمارة للسماحة.
&&& كان الجزء السابق عبارة عن مقدمة، وأيا كان ما كتبه الدكتور، دعونا نعود مرة أخرى لمقاله عن السماحة: وقع الدكتور فى عدة أخطاء بحثية ما كان يصح أن يقع فيها ، و جزء من هذه الأخطاء يكفى تماما لأن نختلف معه فيما كتب وفيما وصل اليه من نتائج، بعض هذه الأخطاء على سبيل المثال:
&&& الخطأ الأول: المجاز لا يجوز : من المعروف أن أى دين، سماوى أو غير سماوى، هو مجموعة من القواعد الايمانية و الأخلاقية، ترسم حياة الانسان الروحية، كما ترسم حياته مع المجتمع المحيط به، و الدين فى هذه الحالة ليس بشرا يشعر، يستل سيفا و يطعن و يهجم ويدافع مثلما حاول الدكتور أن يقنعنا، بل هو القواعد التى تحكم تصرف الفرد بناء على امتثال الفرد لهذه القواعد لا بناء على ادعاء الفرد امتثاله لهذه القواعد، و بالتالى قوله "ولقد بادلت النصرانية اليهودية انكارا بإنكار" (الأخبار 6/12/2002) يعتبر قول فاسد، لأن النصرانية أو المسيحية لا تبادل أحد عين بعين وسن بسن..، و لا انكار بانكار، و أيضا قوله "طبقت النصرانية علي اليهود هذا المبدأ الظالم وامتدت به إلي الأبد" لا يقل فسادا عن القول السابق.. الخ .
&&& الخطأ الثانى: التعميم لا يصح بناء على استثناءات - على سبيل المثال تحدث سيادته عن التاريخ المصرى القديم ، و اتخذ مثالا لذلك فترة أخناتون ، و هى فترة فى حدود العشرين عاما، و الفترة التالية لها التى نما فيها من جديد أتباع الآلهة الأخرى و من أشهرهم أتباع الاله أمون و هى فى أعظم التقديرات فى حدود الثلاثين عاما، و هى فترة لا يصح أن نحكم بها على حضارة شعب امتدت لنحو ثلاثة آلاف وخمسمائة عام منذ حضارة نقادة الأولى حتى مجىء الفرس، واذا كان سيادته قد ذكر فى مقاله بتاريخ )27/12/2002( ما معناه أن الخليفة الفاطمى الحاكم بأمر الله والخليفة العباسى المتوكل كانا كثيرا التسخف على النصارى ، فهذان الشخصان فترة حكمهما بالنسبة للتاريخ الاسلامى(نحو خمسة و ثلاثين عاما من أربعة عشر قرنا) أكثر بكثير من فترة حكم أخناتون و ما بعدها من فتن بالنسبة للتاريخ المصرى القديم ) نحو خمسين عاما من خمس و ثلاثين قرنا( وهو أمر يوضح لنا حجم الخطأ الذى وقع فيه الدكتور ومع العلم أن حوادث التسخف على النصارى كانت أكثر بكثير من مجرد فترة الحاكم و المتوكل.
&&&& الخطأ الثالث - كم هائل من المعلومات والحقائق التاريخية نسيه الدكتور .. أو تناساه، يجعلنا نشك فيما وصل اليه من نتائج.. على سبيل المثال البسيط جدا:
1- لم يذكر سيادته الحضارات الأخرى، على سبيل المثال الصين و الهند، وحضارة الهند هى حضارة عريقة ممتدة لآلاف السنين، و عرفت التسامح الدينى قبل المسيحية بعدة قرون، و يشهد على ذلك "مرسوم الصخر" رقم 12 والذى أصدره الملك أشوكا ملك الهند فى القرن الثالث قبل الميلاد و هو المرسوم الذى نستطيع ان نتخذه دستورا للتسامح الدينى "لا ينبغى لأحد أن يسىء بالقول لعقيدة من العقائد" (من العجب أن الهند القديمة توجد بها مثل هذه الآداب قبل نشر الدكتور لمقالاته بنحو ثلاثة و عشرين قرنا)، "يعلن الملك أن كل أفراد شعبه بمثابة أبنائه الذين يحنو عليهم، فهو لن يفرق بينهم بسبب اختلاف العقيدة" (قصة الحضارة، ويل ديورانت، ترجمة المرحوم د. زكى نجيب محمود، مطبعة مكتبة الأسرة 2001 المجلد الثانى ص 103) .
2- نسى سيادته أن الحقبة اليونانية البطلمية (332-30 ق م ) عرفت فترات كثيرة من التسامح الدينى، حتى أن بطليموس الثانى هو الذى أمر بترجمة العهد القديم من الكتاب المقدس عند المسيحيين - التوراة و تعاليم الأنبياء عند اليهود(الترجمة السبعينية) و هو العمل الذى لا أعتقد ان هناك من قام بشبيه له بعد ذلك، و الحديث هنا ليس عن العديد من المعابد التى بناها البطالمة للألهة المصرية القديمة مثل معبد دندرة و معبد فيلة، فهذا حديث يطول شرحه.
3- لم يذكر سيادته أن الاسكندر ذهب لمعبد أمون فى واحة سيوة و سجد للاله آمون هناك، و أيا كان الغرض السياسى لذلك، فهو يحمل فى طياته درجة من درجات التسامح.
4- لم يذكر سيادته أن لعن الامام الشهيد على بن أبى طالب من على منابر الصلاة كان عادة متبعة فى عهد الأمويين، وهى تلك العادة التى أبطلها الخليفة الأموى عمر بن عبد العزيز )99-101 هـ( عندما أتى للحكم ، و أنا لن أتحدث بالطبع عن السلوك المضاد، و هو لعن الذين تسببوا فى ايذاء الامام الشهيد ، حيث يحدثنا ابن خلدون فى تاريخه عن تلك الكتابة على باب الجامع ببغداد فى عهد الدولة البويهية سنة 351 هـ والتى تتضمن "لعن صريح" فى بعض الشخصيات التى يتصور البعض انها تسببت فى أذية الامام الشهيد و ذريته ، (تاريخ ابن خلدون - المجلد الثالث - بنو أمية-الخلفاء العباسيين) ص 423 .
5- أنف أبو الهول ، قام بتشويه وجه أبو الهول شخص يعرف بالشيخ محمد صائم الدهر- (أبو الهول للدكتور سليم حسن - طبعة مكتبة الأسرة 1999 ص 87) و هذه المعلومة نقلا عن المقريزى فى كتابه المشهور المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار ، و هذا الحادث و ان كان يعيد للأذهان ما قامت به فى العصر الحديث حكومة طالبان فى أفغانستان ، الا انه يعبر عن سلوك خاطىء يرفضه أى متدين حقيقى، كذلك يعيد للأذهان ما قام به قتيبة بن مسلم الباهلى قائد الجيش العربى الذى غزا السغد فى عام 93هـ، حين "أتى بالأصنام فسلبت، ثم وضعت بين يديه، فكانت كالقصر العظيم حين جمعت، فأمر بتحريقها" تاريخ الطبرى أحداث عام 93هـ.
6- أبكانا الدكتور عمارة على الأثار المصرية القديمة، ولم يذكر سيادته أن السلاطين المماليك مثلا كان من المعتاد أن يبنى كل منهم مسجدا، و أن حجارة أغلب هذه المساجد كانت تؤخذ من الأثار الفرعونية، حتى لو استدعى ذلك هدمها، حتى أن الزائر لبعض المساجد القديمة فى منطقة الصليبة و حى طولون يلاحظ بعض النقوش الفرعونية على العتبات و بعض الأحجار، كذلك قلعة صلاح الدين تم أخذ حجارتها من أحجار بعض الأهرامات الصغيرة فى الجيزة (الخطط للمقريزى).
7- كتب سيادته "لذلك كانت السماحة صفة لصيقة بالاسلام، ومميزة لهذا الاسلام.. كما كانت صفة واقعية، تجسدت في أمته وحضارته وتاريخه، ولم تكن مجرد مثاليات استعصت علي التطبيق" (الأخبار 6/12/2002) و لم يحدد على وجه الدقة ما معنى كلمة تجسدت فى امته، حاولت ان افهمها فلم أستطع، فسيادته حول الاسلام و أمته و حضارته و تاريخه لكائن حى يشرب و يأكل ويتنفس بلغ من العمر خمسة عشر قرنا، فحيرنا معه وأجهدنا فى البحث! لم أستطع ان أتبين أين كان ذلك؟ هل كان ذلك فى واقعة الحرة (63هـ) عندما استبيحت أعراض و حرمات المدينة المنورة لجيش الخليفة الأموى- لمدة ثلاث أيام-؟ أم فى واقعة النهروان؟ أم واقعة صفين؟ أم كربلاء؟ أم مرج راهط؟ أم فى تشالديران؟أم فى مرج دابق؟ أم فى سلوك الطاغية الحجاج ابن يوسف .. والذى رمى الحرم المكى بالمنجانيق و بلغ عدد قتلاه أكثر من مائة و ثلاثين ألفا؟ أم فى الزاب؟.. أم أين بالتحديد؟ و لما كان هذا التجسد قد حدث فى أوقات أخرى، ألا يستدعى هذا تغيير كلمة "تجسدت في أمته وحضارته وتاريخه"؟ ولتكن مثلا "تجسدت فى بعض أبناء أمته وبعض حضارته وبعض تاريخه"؟ وهل مصطلح الفروسية الاسلامية الذى ذكره سيادته (الأخبار 13/12/2003) ينطبق على هذه المعارك المذكورة؟ أم أن من شروط الفروسية الاسلامية ان تكون ضد غير المسلمين؟ و ماذا عن الحروب العديدة بين العثمانيين السنة والصفويين الشيعة )مثل تشالديران 1514م( أيهما يستحق لقب الفروسية الاسلامية؟
8- لم يتعرض السيد الدكتور لكثير من الأحداث و الفتن التى تسىء للاسلام، و التى ينظر لها على أنها لم تكن لتحدث لولا أن الحكام و المحكومين ابتعدوا عن السماحة الحقيقية ، مثل المذبحة التى قام بها العباسيون لأمراء بنى امية على نهر ابى فطرس 132 هـ، أو هارون الرشيد عندما أمر بهدم كنائس الثغور (الطبرى 191هـ)، أو خدبندا (1304-1316) فى دولة الالخانات الذى "أفحش فى التعرض لحرمات قومه" (ابن خلدون - المجلد الخامس 513 ص)، أو انتفاضة الزط فى عهد المعتصم ،أو ثورة الزنج (255هـ - 270هـ)، أو السلطان سليم العثمانى(1512-1520م) الذى لم يكفه النكبة التى أنزلها بمصر من احتلالها بجيوشه و تحويلها لايالة عثمانية (مديرية أو محافظة)، بل تمادى بعد ذلك و فعل ما لم يفعله أى مستعمر عندما أخذ معه الصناع والمبدعين من ابناء مصر و الكثير من المغانم الى استانبول وهو عمل يقوم به لص وليس سلطان ،أو السلطان العثمانى سليمان القانونى (1520-1566م) الذى لم تعجبه على ما يبدو مقولة "أعز الولد.. ولد الولد" فقتل خمسة من أحفاده و أبيهم (بايزيد ابنه)، أو السلطان العثمانى محمد الثالث (1595-1603 م ) الذى أمر بقتل كل اخوته 19 (تسعة عشر أخ) لا لشىء الا لكى يطمئن على العرش(العثمانيون- د محمد سهيل طقوش).. و هو هنا أفاض بما يملك "بلا حدود" ، لكن ما أفاض به بالتأكيد لم يكن السماحة "التى تجسدت في أمته وحضارته وتاريخه" وانما شىء آخر..، كل هذا فيض من غيض ، وان دل على شىء فهو يدل على أن تاريخ المسلمين كان به ومضات مضيئة وصفحات غير مضيئة .
9- لم يتعرض الدكتور لبعض الأسماء التى أساءت لسمعة الاسلام، و كان حكمهم لا علاقة له بالسماحة، وسحقوا الآخرين سواء الرعية أو دول مجاورة باسم الاسلام ، على سبيل المثال "قازان 1295-1304" ابن حفيد هولاكو ، وهو الذى تحول للاسلام و طرد رهبان البوذية الذين رفضوا التحول للاسلام من دولة الالخانات و حول معابدهم لمساجد، كما دمر الكنائس واضطهد المسيحيين و اليهود و حارب المماليك المسلمين مثله ، و محمد ابن تكش خوارزمشاه 596-617 هـ الذى أراد احتلال بغداد فى عام 614 هـ و"استعد له الخليفة العباسى الناصر لدين الله وفرق المال والسلاح وأرسل إليه الشيخ شهاب الدين السهروردي في رسالة فأهانه واستدعاه وأوقفه إلى جانب تخته ولم يأذن له بالقعود" (ابن تغربردى، النجوم الزاهرة فى ملوك مصر و القاهرة- أحداث 614 هـ(، و كذلك ابنه جلال الدين )617هـ - 628هـ( بعد ذلك الذى "سار إلى دقوقا فافتتحها بالسيف وأحرق البلد ونهب أهلها وفعل فيها ما لا تفعله الكفار" (ابن تغربردى - أحداث 622 هـ)، و السلطان سليم الأول المذكور فى الفقرة السابقة والذى تخطى جميع الحدود عندما ذبح أربعين ألف شيعى من رعاياه (الدعوة الاسلامية - توماس أرنولد ص 80، نقلا عن فينلاى - الجزء الخامس ص29)، كذلك أيضا السلطان محمود الغزنوى (389-421هـ) 999-1030 م ، و يصفه ويل ديورانت فى قصة الحضارة بـ "اللص العظيم" لكثرة ما سلب واستباح فى منطقة شمال الهند، و لم يرحم المعابد أو البيوت او المدنيين فى السبعة عشر حملة التى قام بها، و من كثرة ما سبى فى الحروب كان لا يجد ما يفعله بالسبى، وفى احدى غزواته على مدينة سمنة بلغ عدد قتلاه خمسين ألفا (ويل ديورانت -المرجع السابق)، كذلك سلطنة دلهى و ما فعله سلاطينها بالهنود مثل قطب الدين أيبك الذى كان "قتلاه مئات الألوف" (المرجع السابق)، وامبراطورية المغل و ما حدث لغير المسلمين فيها على يد بعض الحكام المسلمين مثل أوران جيزب 1658-1707 ، و الذى هدم معابد الهندوس و بنى بدلا منها مساجد ، و اضطهد السيخ فى البنجاب..الخ، و آخرين.. كثيرين يتبرأ منهم الاسلام.
10- ذكر سيادته "ولم يقف الاسلام بهذا الافق، غير المسبوق في السماحة والتسامح عند الاخر المتدين بديانات سماوية فقط - اهل الكتاب من اليهود والنصاري - وانما امتد به ليشمل المتدينين بالديانات الوضعية.. فتركهم هم ايضا وما يدينون وعاملهم في الدولة الاسلامية، معاملة اهل الكتاب" و استشهد بواقعة من عهد عمر ابن الخطاب، و نسى سيادته أن بعض الخلفاء العباسيين اضطهد أتباع مانى وتعقبهم و قتلهم (المهدى 158هـ 169هـ ، الهادى 169هـ- 170هـ)، حتى ان الطبرى ذكر قولا عن الهادى "أما و الله لان عشت لأقتلن هذه الفرقة كلها حتى لا أتركن منها عينا تطرف" (تاريخ الطبرى -أحداث 170هـ) وهو يذكرنا بما فعله دقلديانوس (284-305م) بالمسيحيين.
11- تحدث سيادته كثيرا عن القدس، و ذكر أن "المسلمين ومنذ فجر الاسلام قد عاملوا القدس كمكة معاملة الحرم الشريف.." (الأخبار27/09/2002)، كذلك ذكر سيادته "كذلك عامل الفاتحون المسلمون القدس، فحاصرها جيش المسلمين بقيادة ابي عبيدة بن الجراج حتي رغب اهلها في الصلح دونما قتال لانها حرم لا يحل فيها القتال.. بل لقد ظلت هذه الحرمة عقيدة اسلامية مرعية عبر عصور التاريخ"، و نسى سيادته أن المعظم عيسى (ابن الملك العادل أبو بكر أخو الناصر صلاح الدين الأيوبى) عاملها معاملة الحصن العسكرى الاستراتيجى و هدم أسوارها فى 616 هـ" وذم الناس المعظم فقال بعض أهل العلم في ذلك: في رجب حلل الحميا وأخرب القدس في المحرم" (ابن تغربردى أحداث 616 هـ)، و نسى سيادته كذلك أن الحاكم بأمر الله لم يعاملها معاملة الحرم الشريف عندما هدم كنيسة القيامة، وأن الخوارزمية »هجموا على القدس وبذلوا السيف في من كان به من النصارى حتى أفنوا الرجال وسبوا النساء والأولاد ونبشوا قبور النصارى وأحرقوا رممهم" (السلوك المقريزى أحداث 642 هـ)- ولم اتعرض هنا لكم التقاتل الذى حدث بين أبناء الدين الواحد بسبب اختلاف الاتجاهات السياسية و الدينية وهو ان كان تاريخا الا أننا نرى ضرورة أن يتصدى له من توجد لديه خلفية دينية تؤهله لذلك، ليوضح لنا كيف ولماذا قتل الخليفة عثمان بن عفان ، وما هى بالتفصيل أحداث الفتنة الكبرى ، و ما هى قصة الخوارج؟ و الاسماعيلية؟ و القرامطة؟ والباطنية؟ والحشاشين؟ وهل حدثت خلافات بين الشيعة و السنة عبر التاريخ؟ و ما الذى حدث للأئمة الأربعة؟ و ما الذى فعله المتوكل بالتحديد؟ و ما هى قصة المعتزلة؟ و الحنابلة و الشافعية؟ و الأشعرية؟ و الجهمية؟ و الجبرية؟ و المرجئة؟.. الخ و هل حدثت خلافات بينهم؟ و من قتل محمد بن أبى بكر؟ و كيف قتله؟ و عبد الله ابن الزبير و أين و كيف قتل؟ ومن الآخرين الذين قتلوا؟ و من هو زيد "النار" و الذى سمى بالنار "لكثرة ما حرق من الدور بالبصرة من دور بنى العباس و اتباعهم" (الطبرى 200 هـ)، و من هو ابراهيم الجزار، و الذى كان يقال له الجزار "لكثرة من قتل باليمن من الناس و سبى و أخذ من الأموال" (الطبرى 200هـ) ، أو بدلا من كل هذا، تعالوا بنا نتخيل أن أحد الخبثاء قد استاء مما كتبه الدكتور، و قرر أن يقارعه الموضوعية بالموضوعية و المنهجية بالمنهجية .. الخ.. و فتح كتاب تاريخ شيخ المفسرين الطبرى "تاريخ الأمم و الملوك"، و قرأ أحداث عام 284 هـ، و ذلك فى عهد الخليفة العباسى المعتضد(279-289هـ / 892 - 902 م)، وهو هنا يحدثنا عن كتاب أمر الخليفة المعتضد أن يتم اخراجه ليقرأ مع خطبة الجمعة، و يذكر أن هذا الكتاب كان قد كتب فى عهد الخليفة المأمون (198-218هـ/813-833م)، وهو فى الواقع طويل جدا، لذلك سأكتفى بنقل فقرة صغيرة منه فقط: "اللهم العن أبا سفيان بن حرب، و معاوية ابنه، و يزيد بن معاوية، و مروان بن الحكم وولده، اللهم العن أئمة الكفر، وقادة الضلال، و أعداء الدين، ومجاهدى الرسول، و مغيرى الأحكام، و مبدلى الكتاب، و سفاكى الدم الحرام". سيكون من المفيد لو أن الدكتور عمارة تكرم علينا بتفسير هذه العبارة بدأ من كلمتى "اللهم العن" الأولى و الثانية مرورا بكلمة "مبدلى" و انتهاءا بكلمة "الحرام". مع العلم ان ابن كثير (البداية و النهاية) علق على هذه الخطبة و لم يعرضها، و انما ذكر فقط أن الأحاديث التى بها و تنال من بنى امية "أحاديث باطلة" و معناها - وليأذن لنا الدكتور عمارة فى استعارة مصطلحه العلمى- ملفقة، و ان كانت الأمانة العلمية تقتضى أن نؤكد أن الخليفة بعد أن أمر بتوزيع هذه الخطبة لتقرأ، عدل عن قراره، و ذلك ليس لأن ضميره استيقظ و أدرك ان الاسلام لا يوافق على هذا السلوك البشرى و يرفضه، و انما لأن البعض أفهمه أن هذه الخطبة ستصب فى مصلحة شيعة على بن أبى طالب و أحفاده و أتباعهم، و كانوا فى ذلك الوقت قوة سياسية يخشاها الخليفة العباسى.
كلمـــة أخيـــرة
&&& دكتور محمد عمارة ليس بجديد أن نقول أن هناك خلافات بين الأديان، سواء كانت سماوية أم غير سماوية ، و لكن درجة تحضر الانسان تقاس بمدى قدرته على التغلب على هذه الاختلافات من أجل المصلحة العامة للجميع، بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق.. الخ. دكتور عمارة : الكلام الذى تكتبونه فى جريدة الأخبار تجاوز جميع الخطوط.. الحمراء و الزرقاء و السوداء، و سيادتكم تكونون على خطأ كبير اذا كنتم تظنون أن هذا درجة من درجات الشجاعة أو الجرأة أو البسالة، فليست شجاعة يا دكتور عمارة أن تطعن فى مقدسات الآخرين، وليست بطولة أن تستغل المنبر الاعلامى الذى يدعم جزء منه أموال دافعى الضرائب المصريين - أيا كان دينهم - لتهاجم أثمن ما يملك أبناء لهذا الوطن و هو معتقدهم، و ليست جرأة أن تتحدث عن الكتاب المقدس عند اخوة لك فى الوطن- حتى مع احساسك أنهم ليسوا اخوة - بهذا الأسلوب، فهو خطأ فاحش أن تظن سيادتك أن مهاجمة المعتقدات أمر صعب، أو أن نشر الكلام الذى يسىء لمعتقدات الأخرين بسالة ، أو أن اتهام الآخرين بتحريف كتبهم المقدسة أمر لا يقدر عليه الا معجز، كذلك يجب ألا تظنوا أن استغلالكم لموقعكم فى جريدة الأخبار يمكن أن ينال من الأقباط، فالأقبــاط الذين عاشــوا رغم دقلديانوس و الحاكم بأمر الله لن يؤثــر فيهم كثيــرا كلامكم .. و انمــا ســيؤثر فى الوحـدة الوطنيــة..
&&& دكتور عمارة: نعرف ما تكنونه لأقباط مصر ، و كم تتعمدون أن تظهروا ذلك بين الحين و الآخر، على سبيل المثال عندما ذكرتم أن أتباع أريوس كانوا موحدين بالله (الأخبار13/09/2002)، لا نتعجب لماذا اخترتم أريوس و لم تختاروا مثلا نسطور أو ابيون، لأن سيادتكم توجهون السهم - عفوا ، أعنى الرسالة السريعة- لأقباط مصر ، فأنا لا أعتقد أن قراء سيادتكم من المسلمين يعلمون من هو أريوس او غيره، كما أننى لا أعتقد ان كثير من الأقباط يعلمون من هو نسطور أو من هو ابيون ، بل يعلمون تماما من هو أريوس، لذلك ذكرتم سيادتكم هذا الاسم واعتبرتم أتباعه أنهم "موحدين".
&&& دكتور عمارة: الكتب المقدسة و أياتها الكريمة ارسلت للبشرية نعمة لها، و ذلك بشرط أن ينفذ البشر هذه التعاليم ، و خاصة فيما يتعلق بالسماحة ، و بشرط أيضا أن ينفذ البشر هذه التعاليم بمحبة حقيقية، بدون استعلاء أو استعداء أو ترديد بلا فهم، من الجميل أن تحدثونا سيادتكم عن الآيات الكريمة التى تتحدث عن السماحة فى الاسلام، وهو كلام جميل، ولكن الأفضل ان تبدأوا بأنفسكم و تطبقوا هذا الكلام الكريم بدلا من الاكتفاء بالتباهى به و الاختباء خلفه.
&&& دكتور عمارة: نعلم مشاعركم تجاه الديانات الأخرى، و نعلم كيف تنظرون لكلمة مواطنة ، و نعلم كيف تفسرون كلمة سماحة، و نعلم كيف تترجمون كلمة رزانة و تعقل ، ونعلم كم تعانون عندما تتحدثون عن حسنات الأديان الأخرى، ليس فقط من المحاولة، بل من جراء الفشل الناتج عن ذلك، لذلك لن نكلمكم من هذه الزاوية، و انما سنسألكم أن تراعوا المبادىء الإنسانية الحقيقية فى التعامل مع أبناء الديانات الأخرى، و أن تراعوا أن كلام سيادتكم هذا ليس حديثا فى غرفة مغلقة بها بعض الأصدقاء، بل هو كلام تقرؤه الملايين، و هو كما ترون سيادتكم لا نستطيع أن نحسبه محبة و سلام و رحمة.. أو "عطاء و جود بلا حدود"..
&&& دكتور عمارة: نشكركم على المعلومات الغزيرة عن المسيحية التى امطرتموها على قراء جريدة الاخبار، و هى معلومات كتبت صفحة جديدة غير مسبوقة فى تاريخ جريدة الأخبار على الأخص، حيث اكتشفنا أن أتباع أريوس كانوا موحدين بالله، و أن كتبنا المقدسة تم تلفيقها، و أن المسيحية مثاليات تستعصى على التطبيق.. الخ، لذلك نرجو من سيادتكم أن تحتفظوا بهذه المعلومات السبقية الثمينة لأنفسكم و أن تكفوا عن الحديث عن المسيحية و كتابها المقدس وعهديها وقديسيها ومقدساتها، ليس من أجل أبناء الطوائف المسيحية- فموقف سيادتكم منهم واضح وضوح شمس بادية الشام فى نهار أغسطس - بل من أجل مصرنا جميعا، مسلمين.. و غير مسلمين.. وان كان حتما و لا بد ان تثبتوا عظمة الاسلام على حساب الأديان الأخرى فعليكم بالبوذية أو الهندوسية أو المانوية أو المجوسية..، و الله الموفق لما فيه الخير و الصلاح .

نقلا عن جريدة وطنى-مصر---تعاون خاص مع ايلاف
- نيو جيرس