تمهيد:
إن فن التصوير يرجع إلى العصور التاريخية الأولى حيث خط يد الإنسان الأول ما شاهده
صورة للنقاش سلطان محمد عراقي 942
هجريه يصور معراج سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم
في بيئته من حيوانات وأشجار وحوادث متعلقة بنشاطه الإنساني وحياته اليومية العادية من صيد وزراعة وحروب. خط كل ذلك على جدران الكهوف والمغار، تلك الصور تعطينا اليوم صورة قربيه للواقع المعاش آنذاك وشروط الحياة وسلوكيات الإنسان وعقائده المختلفة وتصوراته حول العالم الخارجي وعالم ما وراء الطبيعة والعلاقات الاجتماعية السائدة في العصور الغابرة.
ستبقى تلك العلاقة بين العقيدة والفن بصورة عامة علاقة جدلية تاريخية وكارتباط عضوي أساسها تقدم تفسيرات متقاربة توفيقية لرؤى الإنسان حول العديد من النشاطات الإنسانية وظواهر ما وراء الطبيعة.
هذه رحلة زمنية بين تلك الإبداعات الإنسانية للوصول الى حد أدنى للحوار الإنساني السلمي بين مختلف الاتجاهات الفكرية والعقائدية بين الناس رغم اختلاف مآربهم ومشاربهم من ثقافية او اجتماعية. حيث تشترك جميع العقائد السماوية في توحيد الخالق البارئ عز وجل وتبجيل أزلية وجوده في حين يرى الجميع ان البشر رغم اختلاف مقاماتهم ضيوف هذه الدنيا الفانية فانون زائلون لا محال يلتقون في الآخرة يوم الدين بإذن الرحمن الرحيم.. لا ريب ان البارئ عز وجل عندما وضع في أصابع أيادي عباده من البشر من الرسامين الموهوبين تلك الموهبة الكبيرة والسر في كشف حدود الأشياء ووجوه الآخرين لفيه حكمة كبيرة يعلم سره الله سبحانه وتعالى.
تجارب الأولين:
العديد من معارفنا حول أحوال الشعوب تأتي من تلك الصور والتخطيط ونحن لشاكرين لأيادي ذلك الرسام الذي جعلنا نقوم برحلة عبر الزمن لنلتقي بأجدادنا العظام وقد كان جدي رحمة الله عليه ورضوانه يستحرم التصوير ورفض ان يصور ولذا لا يتمكن اليوم أحفاده من رؤية هيئته ولكن والدي رحمة الله عليه ترك لنا ميراثا من الصور والأفلام الفيديو وهو يداعب أحفاده فيها وبذلك سينتقل صوتا وصورة عبر الزمن ألانهائي وعبر العصور وربما ملاين من السنوات ليتمكن حتى حفيده رقم مليون مشاهده جده الكبير.إن امتناننا وشكرنا لا يوجد له أي حدود لمن وضع اللبنة الأولى للتصوير الفوتوغرافي واكتشف الكاميرة ليبقى صورنا خالدة وكلما شاهدنا صورة رغم أن التطورات ألاحقة جاءت بالجديد في عالم الصورة المتحركة ولا يمكن اليوم من تصور ما سوف يكون عليه عالم الغد. ولا ريب ان معظم الناس اليوم يحملون هويات تثبت شخصيتهم مرفقة بصورة شخصية لهم تسهل التعرف اليهم وتثبيت هويتهم ولا بد ان نذكر ان كل ذلك تم بفضل مخترع الكاميره والصورة الفوتوغرافية
ان تاريخ تطور الرسم بدأ بخط تلك التخطيط على الجدران في الكهوف والمغاور والرسم المنقوش على الحجر والزخارف وكتابات في حضارات الصين والهند والانكا في جنوب غرب امريكا الجنوبية وحضارة العراق القديم والحضارة المصرية الفرعونية والحضارة الإسلامية خاصة تلك التي وصلتنا من الأندلس ودول ما وراء النهر والحضارات الأخرى في كافة أرجاء العالم.
من المؤسف إننا اليوم لا نستطيع رؤية صور شخصيات تاريخية غيرت مجرى التاريخ وحتى الرسل والأنبياء. لمجرد انهم عاشوا في عصور لم تكن فيها لتكنولوجيا التصوير أي وجود. ولو كانوا قد عاصرونا لكنا نشاهدهم يوميا من على شاشات التلفزيون وتملئ صورهم المجلات والجرائد ومواقع الانترنت. ان التطورات الهائلة التي حصلت مع اكتشاف جهاز التصوير أدى الى توثيق كامل للأحداث و للشخصيات والرؤساء والملوك والعلماء والكتاب والفنانين فالمكتبة الوثائقية الإنسانية اليوم تشمل الكثير من الصور واللوحات الزيتية لحياة الناس والملوك وتعطينا معلومات مهمة عن تركيبة تلك المجتمعات وبيئتها. وقد راعني ما شاهدت من لوحات بديعة في متحف لويزيانا للفن الحديث في الدانمارك في عرض خاص لروائع النمنميات الإسلامية ابتداء من الفترة ما بين 1200 ميلادية الى 1500 وانتهاء ما بعد عام 1750 ميلادية. وقد وجدت بين المعروضات العديد من الرسوم التي خطها الفنان الرافديني وبين تلك المخطوطات رسوم تعود الى 1224 ميلادية خطت في بغداد بيد quot;عبد الله بن الفضل quot; في كتاب quot; الحديثquot; ورسوم من quot;شاه نامهquot; الفردوسي من تبريز وشيراز وأصفهان وصور تمثل موضوعات قصص كتابquot; كليلة ودمنة quot; ومئات الرسومات البديعة الأخرى. حيث كانت قاعات التي تم فيها عرض تلك الروائع يغطي جدرانها اللون الأسود والضوء الخافت حماية لتلك الروائع من التلف. اما المجموعة نفسها فقد شملت صور المخطوطات والأساطير وكتب العلمية والأشعار والإيقونة الدينية التي تصور حوادث وشخصيات
صور تمثل الإمام علي كرم الله وجه ، يكثر تواجده في معظم البيوت في ايران وسوريا ولبنان و العراق
من التراث الإسلامي. اما مبدعوها فنراهم منتشرين في كل المعمورة والبلاد الإسلامية خاصة من الشرق في الصين والهند وباكستان وأفغانستان والدول الإسلامية في حوض بحر قزوين والدول العربية وما وصلنا من الأندلس وأماكن كثيرة اخرى. كان العرض ما بين التاسع من اكتوبر 2007 الى الاول من يناير 2008 نهاية العام الماضي حيث كنت ضمن وفد ثقافي في زيارة للعاصمة الدنماركية لمدة ثلاثة ايام زرنا فيها العديد من المؤسسات الثقافية والفنية وكانت تلك الزيارة حافزا لكتابتي البحثية هذه.
نرى ابتعادا كليا وإكراها يصل الى درجة التحريم للرسم كما هي في الديانة اليهودية حيث يحرم رسم الأحياء وتجسيد الكائنات الحية حيث وردت نصوص في التوراة تحث بالابتعاد عن الرسم في نصوص العهد القديم. لذا لا يمكن الحديث عن أي فن تشكيلي ديني عبراني تجسيدي وقد اتخذ الإسلام على الأكثر هذا المسار لاحقا ولكن بدرجات مختلفة وكما سنرى من مراجعة الصور والرسومات التي وصلتنا عبر التاريخ الإسلامي وربما كان النازع هو الخوف من العودة الى الوثنية احد الأسباب الرئيسية للابتعاد من الرسم والنحت الإسلاميين. بينما نرى ان الصور والتماثيل كانت تزين شوارع وقصور وبنايات مدن الإمبراطورية البيزنطية والإغريقية والرومانية.
أيقونة سيدنا السميح على جدار
متحف كنيسة ايايا صوفيا
ndash; استانبول532 ميلادية
ان للديانة المسيحية مسارا يسير عكس ذلك وترجع أولى صورة سيدنا المسيح المتداول بأشكاله المتعددة إلى رسام سرياني وحسب الرواية المتعارف عليها في مناطق ماردين والرها وانطاكيه في جنوب تركيا اليوم. اذ تقول الرواية ان احد ملوكهم كان يعرف بنبوءة النبي دانيل حول مجيء نبينا عيسى عليه الصلاة والسلام فأرسل، حال سماعه بنبأ ظهور دعوة نبينا عيسى عليه الصلاة والسلام، احد الرسامين كي يقابله في فلسطين ويرسم صورة له وتستمر الرواية في تفاصيل سفر ذلك الرسام ومقابلته لسيدنا المسيح ورجوعه إلى الملك بتلك الصورة التي تحولت إلى أيقونه تزين معظم كنائس ودور العبادة في الإمبراطورية البيزنطية،تركيا حاليا، ومن ثم انتشرت إلى جميع أنحاء العالم.

الأيقونة أي الصورة الدينية:
تلك الصورة التي اقبل الناس عليها وبشغف يعتبر اليوم جزء من موروث ديني مقبول لدي الجميع ان كانت معلقة على حائط كنيسة او مستشفى او حتى في إحدى الدور السكنية. ويمكننا اليوم رؤية العديد من تلك الصور ألجداريه في معابد وكنائس وأديرة المنتشرة في كوردستان وأرمينيا وحتى في متحف ايايا صوفيا quot;كنيسة بيزنطية تحول الى مسجد بعد الفتح العثماني لاستانبول وتأسيس الإمبراطورية العثمانيةquot;. نرى جداريات رائعة يصور حياة سيدنا المسيح ومشاهد من العهدين القديم والحديث تزين جدران المتاحف ودور العبادة من أديرة وكنائس.
أبو الأنبياء إبراهيم عليه صلاة الله وسلم
وهويهم يذبح ولده إسماعيل لتقديمه
قربانا.
لا بد من الرؤية الواسعة للأمور ومشاهدة حقيقة واقعية بان الإنسان يعيش واقعه في زمن محدد ولو قدر لنبينا عيسى عليه السلام من العيش في هذا الزمان لكان سوف يظهر بالملابس العادية وبرباط العنق في برنامج التلفزيون وفي الصحف والمجلات ويناقش الناس في الساحات العامة ويستخدم الكومبيوتر والتلفون النقال الخلوي وأمور أخرى كثيرة وهذا ديدن الزمان فلكل زمان آذانه. فالأنبياء والرسل بشر مثلنا ولهم نفس الأحاسيس كانو يعيشون بين الناس والعامة يرونهم يقبلونهم ويسلمون عليهم ويأكلون معهم ويشربون، لا بل قد يقاتلونهم ويضربونهم كما إننا لو قدر لنا ان نعيش في عصور ماضية لما تركنا صورة لأحفادنا لحقيقة واقعة مرادها بان الكاميره الفوتوغرافية لم تكن مكتشفة مثلا وهذا ما أردت ان أنبه به القارئ الكريم في حديثي عن جدي الملا احمد الملا علي رحمة الله عليه الذي رفض تصويره بالكاميرة الكبيرة عند المصورين الذين كانو ينتشرون مع كاميراتهم الكبيرة، ذلك الصندوق الخشبي الكبير، في كركوك عند ساحة السراي وبالقرب من مديرية الجنسية حيث كان الناس ياتون من كل صوب لإصدار شهادة الولادة أما الجنسيةالعراقية فقد كانت تصدر من بغداد. هناك في مدينة العذابات كركوك ومدن عراقية اخرى بان نهاية الحرب العالمية الثانية كنت تلتقي بعشرات من المصورين وبكاميراتهم الكبيرة كصندوق خشبي كبير يقف على ثلاث أرجل خشبية. كانت تلك الحادثة سببا لعدم تمكننا اليوم من معرفة ملامح جدنا رحمة الله عليه ورضوانه بينما نرى العديد من الأجيال الذين تلوه تلك الفترة في صور وفي أفلام فيديو. بينما نرى ان العديد من البيوت الكركوكية كانت لا ترى أي ممانعة او حذرا في وجود الصور في البيوت نرى مثلا ان في تلك الفترة كانت هناك أثاث منزلية تزينها صور خاصة تمثلquot; البراقquot; ذلك الحصان الملائكي الذي اعتلاه الرسول صلى الله عليه وسلم في معراجه الى السماء.
ان العديد من العوائل رفضت اقتناء جهاز التلفزيون في الستينيات وقد حرمها العديدين من رجال الدين في بداية انتشار الجهاز في الشرق بصورة عامة وبقى على ذلك العديد من العوائل الكركوكية وعلى علمي حتى اوائل السبعينيات يرفضون اقتناء الجهاز. كان محطة تلفزيون كركوك قد بدا بثه التجريبي عام 1967 بينما كانت بعض العوائل الميسورة قد اقتنت الجهاز لمشاهدة برامج تلفزيون بغداد التي كانت تصل إشارتها ضعيفا وفي بعض الأحيان خاصة في ايام الشتاء الغائمة. بقى ان نعلم ان الجيل الجديد من رجال الدين اليوم ا يقدمون النصائح والوعظ عبر العديد من القنواة الفضائية حيث ينقل البرامج الدينية وعبر الأثير إلى أنحاء الدنيا ليعرف البشرية أينما وجدوا ويتنوروا بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
الرسم في العهد العثماني:
السلطان محمد الفاتح فاتح استانبول للرسام
سنان بيك من القرن الخامس عشر ميلادي
ومن الجدير بالذكر ها هنا بان الفكر الديني عند العثمانيين كان ميالا الى قبول رسم صور الأشخاص وبذلك تمكنوا من المحافظة على ذلك الإرث الإنساني البديع في جميع كنائس تركيا القديمة لحد يومنا هذا ونراه جليا في توجهات سلاطين آل عثمان إلى الرسم الأيقوني البديع في تلك النمنميات الرائعة المحفوظة في متاحف العالم. حيث يمكن مشاهدة العديد من تلك الروائع في متحف طوب قابي وبرلين والبريطاني و اللوفر و نيويورك ومتحف الايرميتاج في مدينة سانت بطرسبرغ فيروسيا في قسم الشرقيات فيها العديد من تلك الصور في العديد من المخطوطات كما انها موجودة في معظم الكتب المحفوظة في المكتبات الوطنية في الدول العربية والعالم اجمع، كما إننا نرى أن العديد من السلاطين استقدموا فنانين أوربيين كبار
ايقونة إسلامية تعود الى عام 1595
ميلادية
متحف توب قابي ndash;استانبول
لرسم صورهم الشخصية وأفراد عائلتهم كذلك. كما اعتاد السلاطين العثمانيين تشجيع الرسامين فتمكنوا من تقديم إبداعات فنية لا تقدر بثمن فهناك العديد من الرسومات ذو المواضيع الدينية مستوحاة من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نرى الرسام مصطفى الدارس يصور سيرة النبي في لوحات بديعة عام 1594 في استانبول. يقوم الرسام كذلك برسم العديد من المواضيع الدينية استجابة لفرمان السلطان مراد الثالث خاصة لوحته عن معركة احد.
إن كل ذلك يعود قطعا إلى إنهم كانوا في الأساس شعوب قادمة من أواسط آسيا حيث الرسم جزء أساسي من تزين البيوت والدور والمعابد جريا على نمط الفكر الفلسفي الشعوب شرق آسيا بصورة عامة رغم إننا نرى إن الديانة البوذية لا تحبذ الرسوم.
الرسم الديني:
لكن المسافة بين ما نراه اليوم مقبولا من ارث فني للرسامين كبار حاولوا بجهودهم الشخصية تصوير المأساة الإنسانية في حياة سيدنا المسيح ومن ثم تصوير البيئة والشخصيات الدينية من حواريين وشخصيات قصص دينية من العهد القديم والجديد وبموضوعية في فهم جوهر الدين بحد ذاته التي رافقت تلك الحقبة التاريخية ورسمها الفنانون من عدة جوانب ومنظور مختلف عبر الزمن يعكس حالة الإنسان في تلك العصور والارتباط العضوي بين نشاطات المجتمع الإنساني والفكر الديني حيث كان للعيد من الفنانين تصورات مختلفة عن طروحات الكنيسة ألاهوتية حول الفن من منظور واحد دوغمائي ضيق وتفسير غيبي مثالي للعالم الى رؤى بعيدة وطرح إنساني وواقعي.
لكن الكنيسة وعت الى دور الفن في تقوية العقيدة والأيمان وتثبيت ركائز وعائم الدين ونشر العقيدة وتحويل الكلمات الإنجيلية الى صور قريبة الفهم والإدراك رغم انها بقت تحافظ على التفسيرات ألاهوتية حول الحياة وتكوينها والمعارف العلمية وتطور المجتمعات. وقد التفت الكنيسة إلى أهمية الفن في مراحل متقدمة واستخدمت الفن في هذا الاتجاه وبجدارة بقى ان نعلم ان ذلك الصراع كان قاسيا على الفن والفنانين ولكنها في النهاية تركت إرثا فنيا كبيرا للإنسانية يتمثل في لوحات فنية رائعة خلدت حياة المسيحيين الأوائل وكما أسلفت من وجهات نظر فلسفية وعقائدية مختلفة. وقد راعى الرسامين في بداية الأمر أمور تحولت الى بديهيات الرسم الديني حيث ان هناك رموز متفق عليها مقدما بل ان حتى أشكالا معينة تدخل ضمن الوحدة التشكيلية للوحة من ألوان وأشكال يحدد خيال الفنان وتصوراته حيث تتحول الى معايير ثابتة للقيم يعتمد عليها دون الدخول الى جدال او نقاش. لكن الفنانين وبمرور الزمن حاولوا كسر ذلك الطوق وبقت الصورة الفنية لشخص المسيح خاليا من الظلال والأبعاد الثلاثية المجسمة لإعطاء جو من الغيبية للصورة ورسم هالة من النور فوق رأسه.
أشهر لوحة دينية العشاء الأخير
ليوناردو دافنتشي الشهيرة 1498 م
هذا المنحى الأخير يلاحظ في الصور الدينية الإسلامية في حين من ميزات الرسم الإسلامي الابتعاد من رسم صورة ملامح الوجه والابتعاد عن إعطاء الأبعاد للصورة وعدم رسم الظلال. وهنا تجدر الإشارة ان هناك كنائس ترفض وضع الأيقونات في صالاتها خاصة الكنيسة البروتستانتية بينما هناك كنائس تقدس صورة سيدتنا مريم العذراء.
نرى كذلك ارتباطا دقيقا بين تلك الصور الدينية وتلك ما نراه في الفن الصيني والياباني ولحد يومنا هذا حيث البعد الواحد والابتعاد من رسم الظلال للصورة بينما نرى بعدا أضافيا في مجسمات صور الفراعنة المنحوتة حفرا بارزا داخل الجدران الحجرية والمعابد ومن الجدير بالذكر ان التصوير الفرعوني قد أولى اهتماما بتفاصيل الصورة الى درجة كبيرة جدا خاصة في الصور الشخصية quot;البورتريتquot; لوجوه الموتى في التوابيت والجداريات.
بقى ان نعلم ان مجمل الفن التشكيلي الأوربي بقى متأثرا بذلك الأسلوب حتى الرسم الحديث في لوحات العديد من الرسامين الأوربيين المعاصرين أمثال بابلو بيكاسو حيث رسم الوجوه quot;البوتريتquot; بأسلوب الفرعوني يكون احد مركزات الأساسية لوحات هذا الفنان المبدع العالمي. بينما نرى اتجاها دينيا واضحا في لوحات الرسام سلفادور دالي.
ان وصفا كاملا لهيئة العديد من الأنبياء والأئمة الصالحين وخاصة لسيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم موجود في كتب التراث الإسلامي وبعضها كتب شعرا تغنى في الاحتفالات الدينية كالمولد النبوي ويذكر من شاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن قرب تفاصيل دقيقه عنه وعن لون بشرته الكريمة وطول قامته وامو اخرى كثيرة يمكن الرجوع الى كتب التراث الإسلامي لمعرفة المزيد.
هناك بالطبع مئات الصور الخيالية لنبينا الكريم لا علاقة له طبعا بشخص رسولنا الكريم. معظم تلك الصور تخفي ملامح وجهه الكريم. يتداول أهل العراق وإيران صورة تمثل الإمام علي كرم الله وجه ومنذ عصور طويلة وقد تكرر رسامي تلك الشخصية وتقبلها العامة ورجال الدين حيث تتواجد تلك الصورة في بيوت العامة من الناس ويمكن شرائها في الأسواق وترفع مع الأعلام الدينية في المناسبات الدينية عادة بجانب صور قادة المسلمين المعاصرين. ولكننا نرى إحجاما في رسم صورة الإمام حسين سيد الشهداء وان رسم فيخفى وجهه الكريم.
سفر الصورة:
مقامات الحريري للواسطي 1237م
الصورة في الشرق جاءتنا عن طريق الشرق فتاريخها قديم لدن شعوب اليابان والصين والهند ثم عن طريق ايران. كانت الصور النمنمية quot;المنياتورquot; قد جاء من الشرق من جهة الصين والهند وربما هي فن صيني قديم وكما ذكرت. ومقبولة تماما عند الأتراك القادمين أصلا من تلك الربوع،أواسط آسيا وحول حوض بحيرة قزوين، وانتشر التصوير لدن الشعوب الإيرانية كذلك وعرف الخلافة العباسية الرسم كذلك ويمكن العودة الى صور quot;مقامات الحريري quot; للقاسم بن علي والمعروف ب الو اسطي التي رسمها لتزين مخطوطاته في القرن الثالث عشر الميلادي والتي توجد مخطوطها في المتحف البريطاني وهناك أيضا في المكتبة الوطنية بباريس-فرنسا. وهناك العديد من المخطوطات التي تزينها الصور في متاحف الدنيا حيث ازدهر في عصر الخلافة الإسلامية في الأندلس.
انتشر التصوير في بلاد فارس وكان الترك من الصفو ين وقبل اكثر من الف عام قد تفننوا في الرسم الديني وترك لنا رساموهم مئات الصور التي نرى فيها بوضوح السحنة الصينية المغولية في وجوه الأشخاص وقد راعى البعض منهم عدم رسم وجه الأنبياء والرسل والصالحين بينما كان الآخرون يرسمون الوجوه. هناك مئات من تلك الصور في العديد من المتاحف اليوم وخاصة بين طيات المخطوطات التراثية التاريخية الإسلامية في العديد من مكتبات العالم ويعد مكتبة الصور النمنمية في متحف طوب قابي سراي من اكبر تلك المجموعات وبإمكان القارئ الكريم العودة الى صفحة المتحف المذكورة في ختام هذه الدراسة لمشاهدة بعض تلك الصور.
شير دار مدرسة اولغ بيك في سمرقند والتي تعود الى عام 1619
لم يتم استخدام تلك الصور بالصورة التي تم استخدام الصور الدينية في الكنائس وفي فترات مختلفة كانت تلك الصور تتحول الى مجرد سر من الأسرار. لا نرى اليوم اية صورة بارزة في الجوامع او المساجد الإسلامية بينما ينتشر الرسم ألزخرفي بين جوانب قاعاتها وأروقتها وقببها ولكن الجدير بالذكر ان مساجد سمرقند القديمة تحتوي بين تركيب نقوشها العديد من الأشجار والنباتات والحيوانات كما في بوابة بناية quot;شير دار مدرسة اولغ بيكquot; في سمرقند والتي تعود الى عام 1619 حيث نرى في في أعلى بوابتها صور غزلان وملائكة على هيئة بشرية.

نرى بان الصورة لعبت دورا مهما في نشر الوعي الديني خاصة لدن المسيحيين واستغل سياسيا في فترات تاريخية من قبل الكنيسة كذلك بينما ترك لنا رسامون عظام لوحات وايقونات دينية من جداريات ملحمية رائعة قيمتها لا تثمن تصور حياة الرسل والحوارين وقصص الخليقة والأنبياء والرسل مقتبسة من التوراة والإنجيل نراها اليوم على جدران وقبب معظم كنائس والأديرة العالم ستبقى مدى الدهر كنزا من كنوز التراث الإنساني الإبداعي. بقى ان نعلم ان الصورة الدينية ستبقى في المستقبل تلعب دورا عاطفيا و إيمانيا مهما بين أتباع العديد من الديانات خاصة الهندوسية والبوذية والطوائف المسيحية التي تستحب استخدام الإيقونة الدينية في الكنائس والأديرة وبيوت العامة.

للمزيد من المعلومات و لمشاهدة العديد من الصور الدينية يرجى مراجعة:
=2E04AD28DB72465888F48DBFDAA05B13amp;zcs=amp;framecheck=true
http://www.islam2all.com/rasoul/index.htm
السويد
20080709