محمد عبد الرحمن :عندما ذهب صديقي لشراء أسبوعية quot;الدستورquot; المصرية، لم يكن يعلم أنها تتضمن quot; بوسترquot; للسيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اللبناني، وهو quot;البوسترquot; الذي وزعته الصحيفة فور انتهاء اطلاق النار اعلاناً لانتصار المقاومة.. لكن صديقي الذي يؤكد أنه لم يكن يعلم أوقع الصورة على الأرض من دون قصد بالطبع، ليفاجئ بالمحيطين به يعترضون بشدة ويوجهون له اللوم لدرجة أن أحدهم وصف الفعل بأنه quot;حرامquot; .

طبعا صديقي لم يقصد اي سوء ، لكن الحكاية مدخل مناسب للتأكيد على الشعبية التي يتمتع بها السيد نصر الله في الشارع المصري، شعبية وصلت إلى حد معاملته كنبي أو رسول في زمن يبحث فيها الناس بضراوة عن أنبياء .
نصر الله قبل حرب لبنان الأخير كان يتمتع باحترام كبير غير ظاهر. فمنذ تحرير الجنوب عام 2000 لم تسلط عليه بشكل كبير الأضواء داخل مصر وبشكل عام فإن المجتمع المصري نادراً ما يهتم بشؤون عربية داخلية، بمعنى أن المهمومين في مصر بما يحدث بالعراق وفلسطين وحتى في لبنان قبل اغتيال الحريري، ليسوا على دراية كافية، بالفروق بين الشيعة والأكراد، ولا حماس والجهاد، وقبل استشهاد الحريري، لم نكن نعلم الكثير عن الفرق بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، وأتحدى أن يعرف غالبية المصريين مثلا ما هو منصب السيد وليد جنبلاط وإن كان شكله محفوظاً بسبب الفضائيات، حتى السيد نصرالله، لا يناديه الناس هنا باللقب لأنهم لا يعرفون أنه لقب ديني فمعلوماتنا للأسف عن الشيعة قليلة جداً، وإن كان لذلك إيجابيات مهمة، فلم يتأثر المصريون بفتاوى الفتنة التي أوصت بعدم مساندة حزب الله لأنه شيعي، فقد كان حسن نصر الله بالنسبة للمصريين في الحرب ndash;وبإختصار شديد- الرجل الذي أوجع إسرائيل .

فكامب ديفيد لا يعرفها هنا الغالبية من الناس خصوصا البسطاء، ومن الصعب أن يعترفوا بها بينما سفارة إسرائيل في القاهرة تنتهك حقوق جيرانها، وجنود الدولة العبرية على الحدود يصيبون ويقتلون شباباً مصريين كل فترة، ناهيك عما يحدث في قطاع غزة كل يوم .

ليأتي حسن نصر الله ويضرب حيفا وعكا وطبرية ومستعمرات يهودية لم نكن نسمع بها من قبل، صحيح كان التعاطف مع الشعب اللبناني كبيراً، لكن لم تكن هناك أصواتا كثيرة تؤيد الهجوم على نصر الله لأنه أدخل بلده في مذبحة، لسبب بسيط أن إسرائيل في الذاكرة المصرية هي المجرم الأول والبادئ في كل مذبحة أياً كان السبب .
لكل ما سبق كان منطقياً أن تفكر جريدة أسبوعية في فكرة البوستر لتضمن من الزاوية التجارية على الأقل بيع كل المطبوع من هذا العدد، ليس هذا فحسب فقد أظهر استطلاع رأي أجراه مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية أن زعيم حزب الله حسن نصر الله هو أكثر شخصيات ي الشرق الأوسط بشعبية.

وقال الدكتور سعد الدين ابراهيم الأمين العام لمركز ابن خلدون إن خالد مشعل القيادي في حركة حماس يأتي في المرتبة الثانية ، فيما حل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ثالثا .

الإستطلاع يضع القيادات السياسية المصرية في مأزق حاد، فها هي عينة من الشباب تختار ثلاث شخصيات غير مصرية بسبب غياب النموذج الموازي لهم داخل مصر .شعبية نصر الله وصلت كذلك لطنطا بمحافظة الغربية شمال مصر عندما وزع بعض الشباب صوراً له وكميات من الحلوى ابتهاجاً بانتصار المقاومة وهو الفعل الذي لم يحدث في القاهرة نفسها .بينما قام عدد من أعضاء مجلس الشعب من المعارضة وquot;الإخوان المسلمينquot; والمستقلين بوضع مقاطع من خطب الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; اللبناني السيد حسن نصر الله، نغمات لهواتفهم المحمولة.وكان بعض النواب قد طالبوا بتغيير اسم شارع جامعة الدول العربية، أشهر شوارع القاهرة الكبرى ليصبح باسم شارع نصر الله. كما قام عدد من هؤلاء النواب بوضع صور للأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; على سياراتهم .ويبدو ان حسن نصر الله سيحتفظ بشعبيته طويلاً طالما لم يجد منافساً له على لقبه الجديد quot; قاهر الإسرائيليين quot;كما يقول البوستر الذي احتفظ به الكثيرون .