عبدالرحمن مصطفى : منذ أن بدأ نشاط المنتديات الالكترونية العربية على الانترنت والجدل دائر حول استخدام الأسماء المستعارة في الكتابة والتعليق، وانتقل الجدل إلى ساحات أخرى كالمدونات والمواقع الإعلامية، وطوال تلك الفترة عبـَّر بعض مستخدمي الانترنت عن استهجانهم فكرة إخفاء المستخدم شخصيته وتسجيل آرائه بأسماء ليس لها وجود في الواقع، بينما رأي آخرون أن هذا الجدل مفتعل زاعمين أن الإنسان بشخصيته ورأيه وليس باسمه، حول تلك المسالة دارت سجالات دونتها الشبكة العنكبوتية نحاول اليوم استعراض ملامحها..

تحت عنوان quot;أرحمونا من هذه الأسماء المستعارةquot; كتب ذات مرة أحد زوار المنتديات quot;الكاتب ليس في حاجة لاسم مستعار كي يتعامل به مع القارئquot;، وأضاف مصطفى معروفي صاحب الرأي السابق الذي يمثل شريحة من الرافضين للأسماء المستعارة أن صاحب الاسم المستعار بإمكانه أن يهاجم من يشاء بكل حرية، فتخفيه تحت اسم وهمي يضمن له مساحة من التحرك غير متاحة لمستخدم الاسم الحقيقي،في ساحة أخرىكان هناك منيحمل كنية quot;المبدع العربيquot; أكد أن اللقب يرضيه، فاسمه الحقيقي كثيرون يحملون مثله بينما كنيته هي ما اشتهر بها على الانترنت، وعندما سئل آخر عن سر اتخاذه لقب الملك الحزين قالquot; لأني أحب الحزن لا أكثر...quot;، وما كانت عبارتهالمختصرةإلا نموذجا لبعض مرتادي المنتديات الذين وجدوا في الاسم المستعار تنفيسا عن حالتهم النفسية.
آخرون عبرت ألقابهم عن سبب تواجدهم في هذه المساحة على الانترنت، ألقاب من نوعية quot;الهاكر المصريquot;، أو quot;تروجانquot; كان من المنطقي أن نجدها داخل منتدى خاص بالتقنية أو اقتحام المواقع، كذلك الأمر مع أسماء شخصيات تاريخية quot;كالقرطبيquot; و quot;قطر الندىquot; جاءت متوائمة مع منتدى متخصص في التاريخ، ولعل المنتديات ذات الطابع الديني من أكثر المساحات التي تتضح فيها العلاقة التفاعلية للأسماء الرمزية مع المواقع والمنتديات.

أما الأسماء التي تحمل دلالات رومانسية مثل quot;أسير الحبquot; أو quot;أمير العشاقquot; فتشكل قلقا لدى بعض مشرفي المنتديات المضطرين لمتابعة مشاركات هؤلاء الأعضاء للتأكد من أن تلك الأسماء المستعارة ليست دعاية لأنشطة رومانسية مرتقبة تتسبب في مضايقة للعضوات، ومن ضمن ما يمثل ضغطا على المشرفين قيام عضو قديم في المنتدى باتخاذ اسم جديد يسجل به آراءه بحرية كي يحافظ على اسمه القديم مصانا من أي سوء، ويتحفز المشرفون لأصحاب الأسماء المستعارة ذات الدلالات التحريضية.. لذا لا عجب إن نجد مسالة الأسماء المستعارة من أهم بنود اتفاقية الاشتراك في أي منتدى، وعلى كل عضو الالتزام بالشروط المتعلقة باختيار الأسماء بحيث لا تتعارض مع سياسة المنتدى بأي حال.
من اطرفالشروط التي يمكن للمرء أن يقابلهاعند التسجيل في منتدىالعبارة التاليةquot;يمنع التسجيل بأسماء الكفار والطواغيتquot;،وتزول الدهشةعندما نعلم أن الشرط صادر عن منتدى جهادي كان ينشر بيانات وأشرطة عمليات الاختطاف والتفجير في العراق، وتم إغلاقه مؤخرا..!

ولم تبتعد الأسماء المستعارة عن دائرة الفتاوى، فداخل المنتديات الالكترونية انتشرت قائمة من الفتاوى بخصوص الأسماء المستعارة ودلالاتها، وضعت محاذير عن استخدام ألفاظ معينة كالعاشق والمحب والألفاظ التي تزكي صاحبها كحبيب الرحمن وغيرها.

العزاء الوحيد لمن يستخدم أسماء مستعارة أن تلك الظاهرة قديمة، فقد عرف التاريخ شعراء كتبوا بألقاب وأسماء مستعارة مثل الشنفرى والفرزدق.. وغيرهم، وحتى يومنا هذا ما زال هناك من يكتب الشعر -خصوصا في المجتمعات الخليجية- تحت أسماء مستعارة دون غضاضة، وفي الحقل الصحفي من الوارد أن يضطر الكاتب تحت ضغط العمل أن يستخدم أسماء مستعارة، ويروي الكاتب الصحفي أنيس منصور عن اضطراره للكتابة بأكثر من اسم عندما كان هناك حرج أن ينشر عدة مقالات باسمه وهو رئيس تحرير إحدى المجلات، في تلك الفترة كان يكتب تحت اسم quot;سيلفانا مأرييلليquot; التي وجد نفسه مضطرا أن يدون خبر مصرعها عندما انتهت مهمتها في الكتابة بعد أن جذبت اهتمام بعض الكتاب والقراء .

وترى بعض الكتابات التي ناقشت هذه القضية أنه رغم المضار التي تطال صاحب الاسم الرمزي إلا أنها تعطي مساحة للفرد أن يجرب أشكالا أخرى من التفاعل مع الآخرينعبر شبكة الانترنت، وفي النهاية يظل استخدام الأسماء الرمزية متعة خاصة يرى بعض المستخدمينأنها تساعد على الاندماج في الوسط الافتراضي،أمااهم مساوئهأن يكون الهدف من وراء استخدام الأسماء المستعارة هوالتخفي.. وليس تقديم الذات بصورة جديدة .