عن دار شرقيات للطباعة والنشر، صدر العدد الثاني من كتاب جهات الثقافي غير الدوري. حيث خصص الجهاتيون عددهم الثاني للشاعر محمد الثبيتي، وشمل الإصدار ديوانه الجديد "موقف الرمال" إضافة إلى ديوانه الثالث "التضاريس" الذي سبق أن نُشر قبل حوالي عقدين من الزمان.
وقد بدأ الديوان بكلمة لرئيس تحرير "جهات" القاص: مسعد الحارثي، الذي جاء في كلمته: "بهذه اللغة نجيء إليكم في إصدارنا الثاني لجهات، حاملين الثبيتي لقراء العربية على امتداد الوطن العربي"، كما أكد رئيس التحرير على أن "جهات" ستستمر وفق ما خطط لها مؤسسوها".
جاء بعد ذلك الدكتور عبدالعزيز المقالح بقراءة نقدية لبعض نصوص محمد الثبيتي، وقد جاء فيها: " تكفلت "جهات" بإصدار ديوان الثبيتي في عدد خاص؛ احتفاء بهذا الشاعر المبدع، وحضوره العميق في الحياة الأدبية منذ صدور ديوانه الثالث "التضاريس" الذي وضعه في مقدمة أهم الأصوات الشعرية في الجزيرة العربية والخليج، وفي قراءة عاجلة للنصوص الأربعة التي أرادت مجلة "جهات" أن تكون موضع النظر والتعليق كنماذج لبقية نصوص الديوان، تأكد لي أن هذا الشاعر يواصل مسيرة تقدمه نحو الجديد بخطى واسعة. فالمبدع الموهوب الذي خرج من قلب العمود الدافئ الجميل؛ حاملاً ما تبقى في ذاكرته من إيقاع وقافية ورغبة في التحول والتغيير، ولم يخطئ طريقه نحو الجديد الحقيقي محافظا على مشاعر الرقة والعذوبة، وفي الوقت ذاته؛ فإنه يبدو في نصوصه المطولة كما في نصوصه القصيرة حريصاً على التركيز في استخدام اللغة، وفي بناء الصورة، وفي تكثيف الدلالة دون الإخلال بالمعنى"، وختم قراءته النقدية الموسومة بـ "الثبيتي، حلم الرغبة في كتابة ما لم يُكتب": " أزعم أنني أعرف الشاعر محمد الثبيتي، أو بالأصح أقرأه منذ عشرين عاماً ويزيد، متابعاً انطلاقته وصعوده، وربما كانت هذه المعرفة المقرونة بالقراءة المتصلة بتجربته في نظر الأصدقاء في "جهات" كافياً يؤهلني عندهم لأضع هذه الإشارات – على إيجازها – بين يدي ديوانه الرابع مؤكداً بذلك أن الديوان ميلاد دورة شعرية عربية جديدة، تبدأ هذه المرّة من الجزيرة، وليس من بغداد أو القاهرة.". وقد اشتمل ديوان "موقف الرمال" على أحد عشر نصا شعريا، زين جزء من آخرها "اختر هواك" غلاف الديوان بخط الشاعر، وهو:

أَرَأَيْتَ إِذْ تَمْتَدُّ أَعْنَاقُ الرِّفَاقِ
إِلَى المُحَاقِ
يَلُوْحُ فِيْ أَقْصَى الظَّلامِ
يَرَونَهُ بَرْقَاً..
وَأََنَتَ بَرِيْقَا.
فَارْتَبْتَ فِيْ الأَوْطَانِ
"لا تَحْمِيْ العَلِيْلِ مِنْ الرَدَى"
وَارْتَبْتَ فِيْ الشُّطْآنِ
"لا تَرْوِيْ الغَلِيْلِ مِنْ الصَّدَى"
فَذَهَبْتَ فِيْ بَحْرِ الجُنُوْنِ عَمِيْقَا.


كما اشتمل الغلاف الأخير على شهادة للأستاذ: فهد الخليوي بوصفه أول من نشر للثبيتي في مجلة اقرأ الثقافية، حيث جاء فيها: " محمد الثبيتي شاعر كبير ومهم على المستوى المحلي والعربي، يزخر شعره بغنائية مدهشة وتدفق إنساني باهر، كما أنّه بعيد كل البعد عن حشد المفردات الزائدة، وتخلو مضامينه الشعرية من المباشرة وتسويق الشعارات."
يذكر أن "جهات" إصدار ثقافي يُنفّذ في مدينة جدة و يُُطبع في دار شرقيات للنشر في القاهرة. وقد أسسه الشاعران: حامد بن عقيلمن السعودية وأحمد محجوب من مصر، ويضم في هيئة تحريره: مسعد الحارثي رئيسا للتحرير، وناهدة دوغان مولوي نائبا لرئيس التحرير، وأمل إسماعيل وعبير الأنصاري مديرا تحرير، إضافة إلى الشاعرة المصرية ياسمين محمد مسلم والروائي المصري عصام الزهيري والقاص السعودي فهد الخليوي والشاعر المصري نادي حافظ في هيئة التحرير. كما تترأس الهيئة الاستشارية للاصدار الروائية السعودية ليلى الجُهني، إضافة إلى الدكتور كامل صالح من لبنان، وهناء حجازي من السعودية وميس العثمان من الكويت، وجاكلين سلام من سوريا.
وقد ساهم في إعداد هذا الإصدار للنشر من خارج هيئة التحرير كل من: الناقدة خلود سفر الحارثي والأستاذ: سعيد بن عبدالله هاجس الغامدي.
نص من نصوص المجموعة:

أأنتِ هنا؟

أَأَنْتِ هُنَا؟
أَأَنْتِ هُنَا قَابَ قَوْسِيْنِ مِن أَرَقِي العَذْبِ
كَي لاَ أَنَامْ
أَأَنْتِ هُنَا
يَا الَّتِي أَسْكَنَتْنِي حَدَائِقَهَا
وَحَبَتْنِي شَقَائِقَهَا
وَسَقَتْنِي رَحِيْقِ الغَمَامْ

يَا الَّتِي رُوْحُهَا لَثِمَتْ وَجَعِي
وَمَلاَئِكَهَا هَدْهَدَتْ مَضْجَعِي
ثُمَّ أَسْرَتْ بِرُوْحِيْ جَنُوْباً وَشَامْ

يَا الَّتِي سَكَنَتْ عُرْفَةَ لاَ تُمَسُّ سَتَائِرُهَا
وَحِيْنَ لَمَسْتُ قُيُوْدِيَ كَانَتْ ضَفَائِرُهَا
فَاحْتَجَبْتُ بَأَحْشَائِهَا أَلفَ عَامٍ وَعَامْ

وَصِرْتُ أُغَنِّي بِلاَ شَفَتَيْنِ
وَأَحْيَا بِلاَ رِئَتَيْنِ
وَأٌلْجِمُ بَيْنَ يَدَيْهَا خُيُوْلَ الكَلاَمْ.