في مقالتي السابقه بعنوان الإنسان الفلسطيني.. وأهون الشرين.. التي نشرت في إيلاف يوم 27 ديسمبر 2005.. كتبت أحاول حث الفلسطيني على تحمّل إنتخاب فتح مرة أخيره برغم فسادها لأنها قد تكون الطريق الأسلم له في الحقبه المقبله. وكتبت..
quot;quot; الإنسان الفلسطيني مسؤول عن مستقبله، وخياره لأي حركات تستند إلى أي دين وأي عقيده لن يجلب له الأمن.. وعودة الإنتفاضه بأي شكل ستجلب الخراب أكثر من سابقتها.. وأن المشهد الفلسطيني لا ينذر بأي خير للفلسطيني نفسه... إن لم يستعمل العقل والوعي بما حوله.. quot;quot;
وبالفعل ولسوء الحظ وبإنتخاب حماس ووصولها إلى السلطه تطورت الأمور من سيء إلى أسوأ.. ولم تنتهز حماس هذه الفرصه لتحقيق أهم مطلب في حياة أي إنسان.. لحماية كرامته الإنسانيه.. بل تعنتت ورفضت كل ما من شأنه مساعدة الإنسان الفلسطيني في حياته تحت الظلم والإحتلال وإستعملت بلاغة وزرائها لتتويه الأمور... إستعملت منابر الجوامع لتخدير المعدات الخاويه..

هناك مثل شعبي يقول quot;الجوع كافرquot;.. الحيوان أخيه يقتل ليطعم أبنائه..
وليس أصعب على الإنسان من أن يرى أبنائه يتضورون جوعا.. والأرض المحتله وسكانها أصبحت فريسه.. فريسه لإسرائيل. وفريسه مشابهه لبلاغة شعارات حماس.. وفريسه لفساد قادة فتح. وعليه فلا يجب أن نستغرب كثيرا ردة الفعل الفلسطينية الأخيره للجوع والقهر.. فأي منهم جميعا لم ينجح في إعطاء الفلسطيني حقه لا في الحريه ولا في حياة كريمه..
نعم أعلم أن الصورة قاتمه.. بل وقاتمه جدا.... العنف الذي اندلع مؤخرا ليقتل الأخ أخيه يؤكد أن الفلسطيني أصبح خطرا على نفسه وعلى أخيه وعلى ألآخرين... وبالتالي لا أعتقد أن الفلسطينيون قادرون حاليا على الدخول في معركة انتخابات جديده.. فأي إنتخابات بحاجه إلى شيء من الإستقرار.. والوقت.. وعند الفلسطيني الوقت معناه جوع أكثر وإنتظار أطول وتلاعب في تفكيره لإستقطابه لفصائل فقدت ضميرها حين إستغلته وقودا للوصول إلى كراسي السلطه المزيفه..
الحل المنطقي الآن هو عدم تبديد الوقت.. وإختيار أقل الخيارات ضررا ووقتا..
فهناك أربعة رؤوس للسلطه.. إثنان في الداخل.. وإثنان في الخارج.. وكل لديه أجندته السياسيه المختلفه عن الآخر.. وكل له ولاءاته المختلفه.. ولكن أي ممن في الخارج ليس لديه أي ولاء للفلسطيني القابع والجائع... ووصول أي منهما إلى السلطه في الداخل سيدخل الإنسان الفلسطيني في متاهات جديده.. وطويله. ومؤلمة. وسيكون عاملا لعدم الإستقرار أو القبول الدولي مرة أخرى.. وسيمثّل خطر خارجي.. ثمنه مرة أخرى وقف المعونات.. وخطر داخلي ثمنه إضرابات و حرب أهليه..
نعم لحكومة تكنوقراط مؤقته لفترة لا تزيد عن أربعة سنوات.. يتم خلالها بعضا من الإستقرار السياسي.. والإقتصادي.. لتساعد الفلسطيني على إنتخاب أية حكومة جديده تحمل في قلبها مأساته.. وتستطيع الخروج به إلى بر الأمان...

أحلام أكرم ndash; كاتبه وباحثه في حقوق الإنسان ndash; لندن