كانت الحيلة التقليدية التي يلجأ إليها اللآعبون الإقليميون،rlm; لإبعاد القوي الخارجية عن منطقة الشرق الاوسط،rlm; الزج بها في صراعات مع بعضها البعض أو سحبها نحو مسارات اقليمية مخالفة لمصالحهاrlm;.rlm; حدث ذلك في أثناء الحرب الباردة.rlm; لكن الأمر اختلف كلية في عالم مابعد الحرب الباردة،rlm; فقد أدي الإحتلال الأمريكي للعراق إلي تهميش قدره هؤلاء اللآعبين من جهة،rlm; كما أنه فشل في ترجمة قوته العسكرية إلي القدرة علي حملهم علي التغيير من جهة أخريrlm;.rlm;
من هنا طرح نظريا أكثر من مشروع ومبادرة للإصلاح الديمقراطي والتغيير في المنطقة، بدءا من مشروع الشرق الاوسط الكبير وأنتهاء بالشرق الأوسط الجديد. وبين هذا وذاك كانت الديمقراطية هي كلمه السر لدي الجميع،rlm; حكومات وشعوبا،rlm; دولا وطنية وقوي كبري علي السواءrlm;.rlm;
بيد ان فرض الديموقراطية كان يتم في السابق إما عبر هزيمة منكرة،rlm; كما حدث في ألمانيا واليابانrlm;، أو عبر معاهدات وشراكة ومفاوضات كما حدث في هلسنكيrlm;1975rlm;. لكن المفارقة في هذه المرحلة تكمن في نوع الديموقراطية المرغوب فيها، وهل هي علي المقاس الأمريكي أم لا ؟ وما هي مساحة النفوذ الأمريكي فيها؟
فقد كتب علي الشلقاني في جريدة quot; المصري اليوم quot; أن الهدف الرئيسي من الحرب الدائرة في لبنان هو تحطيم لبنان، لأن التجربة الديمقراطية الناجحة في لبنان يعيبها من زاوية إسرائيل وأمريكا معا أنها مستقلة عن النفوذ الأمريكي، وبالتالي مستقلة عن النفوذ الإسرائيلي، وهذا هو الذي يذكرنا بعقاب الشعب الفلسطيني. أدعت أمريكا أنها تعمل علي إقامة الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن هذا هو برنامجها الجديد، هذه هي الأقوال.
ولكن الأفعال تثبت أن أمريكا تريد ديمقراطية مفصلة لصالحها، فعندما اختار الشعب الفلسطيني حماس في انتخابات حرة بشهادة الجميع، نجد أمريكا ومن ورائها أوروبا الغبية تحارب الحكومة الديمقراطية، وتعاقب الشعب الفلسطيني، وتمنع عنه المعونة وتجوعه، لأن نتيجة تطبيق الديمقراطية جاءت بحكومة لا ترضي عنها أمريكا.
ولذا نستطيع أن نستنتج بالمثل أن laquo;لبنانraquo; الذي أقام ديمقراطية حقيقية في بلاده، والذي أعاد نهوضه فكريا واقتصاديا وحضاريا إلي درجة تدعو إلي الفخر والتهنئة، إنما يعيبه أنه نظام ديمقراطي مستقل عن إسرائيل وأمريكا فأصبح نظاما لا ترضي عنه أمريكا، فقد قاوم ليستقل عن سوريا، وظل مستقلا عن أمريكا، ودليل استقلاله هو أن حزب الله معترف به كحزب شرعي في لبنان، وله وزراء في الحكومة الديمقراطية القائمة، ولذا الديمقراطية الحقيقية في لبنان، لأنها مستقلة عن أمريكا وعن إسرائيل، فهي تمثل خطرا علي أمريكا، فقد وجب أن تعاقب لبنان كما عوقبت فلسطين من قبل، وذلك حتي لا تقوم له قائمة إلا في ظل نظام خاضع لأمريكا وللغرب، ولضمان ذلك، يخطط الغرب لإرسال قوة عسكرية قد تصل إلي عشرين ألف جندي بحجة الحيلولة بين حزب الله وبين إسرائيل ـ وهو اعتراف بأن القضاء علي حزب الله عسكريا مستحيل ـ ولكن الأثر الحقيقي في النهاية هو احتلال لبنان بقوة عسكرية غربية تقضي علي المقاومة وتخضعه سياسيا لأمريكا، ومن ثم لإسرائيل كذلكquot;.
يؤيد هذا الرأي الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الذي أعلن في مقابلة مع صحيفة quot;الفايننشل تايمزquot; البريطانية الأربعاء 2-8-2006 أن النزاع بين إسرائيل وحزب الله الشيعي اللبناني يوجه quot;ضربة قاضيةquot; للآمال التي يعلقها اللبنانيون على قيام دولة مستقلة وقوية وحرة من النفوذين السوري والإيراني.
غيران جنبلاط ذهب إلي ماهو أبعد حيث اعتبر أنه quot;بعد 12 يوليو/تموز (تاريخ بدء القصف الجوي الإسرائيلي على لبنان) تجذر لبنان بقوة في المحور الإيراني-السوريquot;. مشيرا إلي أن لبنان quot;لن يكون إلا دولة ضعيفة إلى جانب ميليشيا قوية جداquot;..... quot;ستكون حكومتنا مثل حكومة أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) إلى جانب حماس أو ربما أسوء ومثل حكومة (رئيس الوزراء العراقي نوري) المالكي في العراقquot;.
وترشح هذه التطورات وتلك الآراء سيناريو quot; هيدلي بول quot; كما طرحه في مؤلفه quot; المجتمع الفوضوي quot; عن نظام مابعد الحرب الباردة أو ما بعد ويستفاليا،rlm; والذي بدأ يتردد بقوة في الساحة الدولية، وهو العودة إلي ماقبل ويستفاليا، وقيام نظام قروسطي جديد، يتألف من مجموعة من الولايات القضائية المتداخلة وسلطات مجزأة وولاءات متعددة.، في هذا السيناريو تكونrlm;(rlm; القوة السلطة)rlm; أفقية وليست رأسية.
وهناك خمس سمات للسياسة العالمية المعاصرة تؤيد نوعا ما هذا السيناريو :rlm; ظهور التكامل الاقليمي quot;أوروبا الموحدهrlm;quot;، تآكل مفهوم الدولة القومية،rlm; عودة العنف الدولي الخاص،rlm; نمو المنظمات العابرة للقوميات والحدود،rlm; تسارع وتيره الكوكبة.rlm; وتمثل جميع هذه الاتجاهات البارزه تحديا لنظرية الدولة التقليدية ومفهوم السيادة الويستفاليrlm;.rlm;
وعلي الرغم من تشكك بول في الأفول المطلق لنظام الدولة التقليدي أو مفهوم السيادة بالمعني الويستفالي، الذي أصبح يشكل نوعا من التبرير إما للحرب الاستباقية أو للتدخل لأسباب انسانية، فان العديد من المنظرين المعاصرين يرون ان رؤيته لعالم قروسطي جديد في السياسة العالمية هو قيد التحقيق اليومrlm;.
[email protected]