الإرهاب الإسلامي في الغرب يواصل غزواته المظفرة!

ليست بالجديدة، لا عمليات الإرهاب المتستر بالإسلام لأغراض سياسية، ولا العشرات، والعشرات من المقالات، والتقارير المنشورة عن الموضوع، وخصوصا منذ جرائم11 سبتمبر، وكنا من جانبنا قد نشرنا الكثير في الموضوع، ولاسيما ما يخص فرنسا.

إن مقالنا اليوم هو عن المخاطر الجديدة التي تهدد دول الغرب وفي المقدمة منها فرنسا بعد الولايات المتحدة.

إن الصحافة في فرنسا، وأسبانيا تنشر منذ أيام معلومات عن خطط القاعدة لضرب أهداف حساسة في البلدين وكذلك في ألمانيا ودول أوروبية غربية أخرى. إن هذه المعلومات حصلت عليها المخابرات الأسبانية بعد اعتقال شبكة إرهابية خطيرة، معظم أعضائها باكستانيون، والتحقيق معهم، وكنا في مقالنا عن سركوزي قد أشرنا لهذه المعلومات، وكيف أن الإرهابيين كانوا يخططون لتفجيرات في وسائل النقل، ولاغتيال بعض الشخصيات الفرنسية، وكان من المؤشرات على الخطر قتل الإرهابيين الإسلاميين الموريتانيين لثلاثة سائحين فرنسيين في موريتانيا.

إن الحكومات المعنية تتخذ فعلا سلسلة إجراءات أمنية تحسبا لأية عملية إرهابية، وخصوصا في محطات القطارات الأرضية، ويظهر أن فرنسا في مقدمة أهداف خطط الإرهابيين الإسلاميين، الذين يستخدمون اسم الإسلام لتنفيذ عمليات انتحارية يذهب المدنيون بالجملة ضحاياها، كما وقع في 11 سبتمبر، وفي تفجيرات وسائل النقل في كل من مدريد، ولندن، وكما جرى، ويجري، عندنا في العراق في تفجيرات القاعدة، وكذلك ما جرى في بلدان عربية وإسلامية، بما فيها السعودية.

لقد نشرت صحيفة 'لو باريسيان' الفرنسية بتاريخ 21 يناير المنصرم، وبعد أن تذكر الأخطار الجدية التي تواجه فرنسا، مقابلة مع المدعوة 'فاطمة مجاتي'، أجراها مراسل الصحيفة في المغرب. إن عناوين المقابلة، والصورة السوداء لهذه الإرهابية، منشورة على الصفحة الأولى، والمقابلة تفصيلا منشورة على الصفحة 13،.

للتعريف بهذه 'الخيمة' الإرهابية السوداء نذكر أنها أرملة الإرهابي الفرنسي المغربي كريم مجاتي، الرأس المدبر لتفجيرات القطارات الأسبانية عام 2004، ومن قبل منسق العمليات الإرهابية في الدار البيضاء عام 2003 التي فتكت ب45 ضحية مدنية، وكذلك في عملية الهجوم على المجمّع السكني في الرياض في العام نفسه، وحيث قتل في العملية 35 شخصا، ومن حسن الحظ أن هذا القاتل المحترف إبادة الأبرياء قُتل عام 2005 في السعودية، وها هي أرملته تواصل المسيرة الدموية.

إن فاطمة هي من رؤوس الإرهاب الإسلامي للقاعدة،، وهي، بالتالي، لا تنطق عن الهوى في تهديداتها، وهي تشرح كيف انتقلت من امرأة متحررة إلى إسلامية محجبة متشددة على أثر حرب الخليج الأولى، فوجدت أن أفضل مكان تعيش فيه هو أفغانستان!

تقول صاحبة العصمة في المقابلة إن فرنسا سوف 'تعاقب' على 'انحيازها للولايات المتحدة' في عهد سركوزي، خلافا لعهد شيراك، واصفة الرئيس الفرنسي ب'توأم بوش'، ولذا فإن فرنسا 'لن تكون بعد الآن محمية ولا في أمان'، و تضيف للتبرير أن الأطفال العراقيين يموتون كل يوم، فكيف يمكن الصمت!؟، وتقول أيضا: 'عندما يشنون الحرب فعليهم انتظار الحرب'! طبعا إن السيدة عاشقة الأطفال والبشر بامتياز لا تتحدث عن ضحايا زوجها في الرياض، والدار البيضاء، ومدريد، وكيف تتحدث عن ذلك مادامت، كبقية الإرهابيين، تعتبر جرائم زوجها 'غزوات ضد الكفر والكفار'؟

إن مغالطات السيدة تكرار لسلسلة مغالطات الإرهابيين الإسلاميين المتواصلة في تبرير جرائمهم الدموية، والتي جرى تنفيذها قبل سركوزي، وقبل حرب أفغانستان، وحرب العراق الذي صار اليوم ذريعتهم الأولى.

إن مغالطات المتطرفين والإرهابيين الإسلاميين تتزايد، وتتجدد، وتتكاثر كل يوم، مع اندلاع كل قضية سياسية ساخنة جديدة في العالمين العربي والإسلامي تستخدم ذريعة لممارسة القتل الجماعي،، برغم أن كل هذه الذرائع لا تصمد أمام الحقيقة، ولا يمكنها ستر أغراضهم السياسية في الهيمنة على المجتمع وعلى السلطة، وفرض أحكام الشريعة بأكثرها تزمتا. هذا وسوف نعود في الحلقة التالية لتناول طبيعة وأهداف هذه الحركات السوداء، وفضح مفاهيمها، ومغالطاتها، وذلك عند مناقشتنا لتصريحات الناطق باسم المجلس الإسلامي الأمريكي تعليقا على تحذيرات المرشحين الجمهوريين من خطر التطرف والإرهاب الإسلاميين، واعتبار المجلس لتلك التحذيرات 'عداء للإسلام'، و'إسلاموفونيا'!

إن خطر الإرهاب على فرنسا بالذات، هو مدار هذه الحلقة، ولذا نشير مجددا إلى عمليات 'الجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة' لعام 1995 بتفجير محطة قطارات أرضية في قلب باريس، وإذ راح ضحاياها العشرات من الأبرياء، من مختلف الأديان والأعراق. لقد نفذت تلك الجريمة الكبرى باسم الانتقام من 'فرنسا الاستعمارية'، وبحجة الدعم الفرنسي للحكومة الجزائرية. إن هذه الجماعة المسلحة قد انضمت فيما بعد لشبكات القاعدة، وهي اليوم العمود الفقري لشبكات الإرهاب في البلدان المغاربية، والسيدة 'الخيمة' عضو في قيادتها.

إن القاعدة، منذ تأسيسها عام 1998 تحت شعار الحرب على 'اليهود والصليبيين'، قد وضعت فرنسا ضمن قائمتها السوداء، وراحت خلاياها تنتشر في ألمانيا، وفرنسا، وأسبانيا، وبريطانيا، والدول الغربية الأخرى. حينئذ لم يكن سركوزي لا رئيسا، ولا وزيرا، ولم تكن قد انفجرت قضية الحجاب، ولا كانت هناك حربا أفغانستان، والعراق؛ ومع ذلك، نشطت خلايا القاعدة للتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية كبيرة، كالتفكير في تفجير برج إيفيل بطائرة مختطفة، والتخطيط لتفجير كنيسة ستراسبورغ بتنسيق بين الإرهابيين في ألمانيا وفرنسا، وقيام أفراد عائلة إمام جامع جزائري بالعمل لصنع سلاح كيميائي لاستخدامه ضد السفارة الأمريكية بباريس. إن هذه وغيرها من الوقائع الدامغة، قد سبق لنا الوقوف عندها في سلسلة مقالاتنا عما ورد في كتاب 'الإسلاميون هم فعلا هنا'.

أما حرب إسقاط صدام، فالمعروف جدا موقف شيراك وحكومته في معارضتها بكل عنف، وبتشنج صارخ ضد بوش، ولم يغير سركوزي في رئاسته الموقف من القضية العراقية، ولم يرسل قوات للعراق، ولكن 'خطيئته' في نظر المتطرفين الإسلاميين، وفي نظر القوميين المتعصبين أيضا، هي تحرير السياسة الفرنسية من هوس العداء الأعمى لدولة كبرى هي عضو فعال في منظمة الأطلسي بجنب فرنسا. إن هذه الحقائق تفضح الثرثرة المنافقة والمتكررة عن أطفال العراق، بينما يحاولون طمس تفجيرات التكفيريين المتواصلة في العراق، والتي تساقط آلاف المدنيين ضحاياها وبينهم الأطفال، ناهيكم عن الضحايا من أيتام العراق.

بعد قرار فرنسا في عهد شيراك بحظر حمل الطالبات والطلبة لشارات رمزية ذات مدلول ديني، وجه الظواهري من قناة 'العربية' نداء ' إلى الإخوة المسلمين في كل مكان'، وردت فيه تهديدات صريحة لفرنسا بسبب ذلك القانون، واعتبره موجها ضد الإسلام، قائلا: ما معناه ' انظروا لأي مدى لا يزال الغربيون يحملون مشاعر الصليبيين'، ودعا لمقاومة القانون بكل الأساليب. لقد كشف للمرة ما بعد الألف عن الحقد المسعور الذي يكنه الظواهري، وجميع المتطرفين الإسلاميين، على أنظمة الغرب العلمانية، التي فسحت لملايين المسلمين مجالات واسعة لحرية العبادة، ومنحتهم المعونات السخية. في ذلك الوقت، أي عام 2004، كان سركوزي وزيرا للداخلية، وقد وضع جانبا دعوته عام 2003 إلى تعديل قانون 1905، وعمل على إنجاح صدور قانون 2004، وذهب للقاهرة واتصل بشيخ الأزهر لشرح حيثيات القانون، وكيف انه ليس ضد أي دين، وفي حينه تلقى عدة رسائل تهدده بالقتل بسبب موقفه ومركزه، وتطالبه بسحب القانون، وكان من بين المحرضين إمام المركز الإسلامي في بلجيكا، الذي أشرنا له في مقالنا الأخير.

إن المجلس الإسلامي الأمريكي يزعم أن الحديث عن 'التطرف الإسلامي'، و'الإرهاب الإسلامي' يعني 'معاداة الإسلام'، وهو يهدد المرشحين الجمهوريين بعدم تأييد مسلمي الولايات المتحدة لأي مرشح جمهوري! فيا ترى أين الحقيقة؟

هذا سيكون محور الحلقة الثانية من المقال.

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية