سمية درويش من غزة: قال المحلل السياسي وديع أبو نصار مدير المركز الدولي للاستشارات في مقابلة خاصة مع quot;إيلافquot;، بأن القيادة الإسرائيلية تقوم في هذه الأيام بعملية تقييم متكاملة للأبعاد المحتملة لغزو غزة، أو ربما توسيع العمليات العسكرية ضد أهداف فلسطينية ليس في غزة فقط ولكن أيضا في الضفة الغربية.
ولفت أبو نصار، إلى أن القيادة الإسرائيلية بمركبيها السياسي والعسكري، تبحث عن إنجازات واضحة تغطي على إخفاقاتها في الحرب الأخيرة مع حزب الله، ومن هنا يأتي التردد بالنسبة لتوسيع العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين خشية أن تؤدي مثل هذه العمليات إلى خسائر فادحة في الجانب الإسرائيلي أو إلى تعقيد الأمور أكثر مما هي عليه اليوم.
وأوضح المتخصص بتقديم خدمات استشارة سياسية وإعلامية لعدد من الحكومات الأجنبية، بالمقابل إن التأجيل المستمر بالتوصل إلى صفقة تفضي إلى الإفراج عن quot;جلعاد شاليطquot; الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة يثير غضب المسؤولين الإسرائيليين المعنيين بالحصول على شاليط حيا مقابل أبخس ثمن يقدمونه للفلسطينيين.
وأضاف في الوقت الذي يلومون به بعض الفلسطينيين متهمينهم بأنهم يقفون وراء المماطلة بالتوصل إلى صفقة في هذا الصدد، يعتقد المحلل السياسي، بأن الإسرائيليين مذنبين أيضا بالمماطلة حيث يفحصون إمكانية تحرير شاليط بنفسهم دون التوصل إلى صفقة مع الفلسطينيين، وذلك من خلال تكثيف البحث عن الجندي المختطف ووضع خطط لتحريره.
وأشار أبو نصار لمراسلتنا، إلى أن ما حدث خلال الأيام الأخيرة من صدام فلسطيني-فلسطيني في غزة لا يبسط الأمور كثيرا، فهنالك في إسرائيل من يعتقد بأن هذه التطورات تشكل فرصة لحصول إسرائيل على دعم دولي صمت للمضي قدما في توسيع عملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين وبالذات في قطاع غزة، في حين يميل البعض الآخر إلى ترك الفلسطينيين يقتتلون فيما بينهم quot;كي لا يتوحدوا ضد غزو إسرائيلي محتمل، مما يساعد إسرائيل على تسويق موقفها القائل بأن الفلسطينيين لا يستحقون دولة مستقلة.quot;

صراع المناصب
وحول الصراع الدائر في قطاع غزة وان كانت بداية لحرب أهلية، قال أبو نصار، لقد استبعدت في الماضي حدوث حرب أهلية في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 لسببين رئيسيين: الأول تمثل بعدم رغبة حماس المضي قدما في مثل هذه الحرب لاعتقادها بأنها في المهادنة قد تحقق الكثير من المكاسب، ولعدم قدرة فتح على البدء في مثل هذه الحرب لتشتتها وتشرذمها.
أما السبب الثاني بحسب المحلل السياسي، فكان تشديد جميع القادة الفلسطينيين على quot;حرمة الدم الفلسطينيquot; بحيث لا يوجد أي مسؤول فلسطيني يستطيع تبرير أية مواجهة عنيفة فيما بين الفلسطينيين حتى ولو كان فصيله على حق، منوها في الوقت ذاته، لكن أحدا لا يمكنه تجاهل تطورات الأيام الأخيرة التي إن دلت على شيء فإنها تدل بأن الكثير من الفلسطينيين بدئوا يفقدون أعصابهم بسبب الحصار الاقتصادي الخانق الذي يفرضه العالم عليهم، والذي يساهم فيه تعنت حماس بعدم الموافقة أو إبداء ليونة مع مطالب الرباعية الدولية.
وأوضح إن تزايد قناعة عدد من الحمساويين بأن المهادنة لن تجلب الكثير من الإنجازات دفع البعض إلى محاولة quot;كسر عظمquot; المحتجين من حركة فتح لاسيما وأن بعض المحسوبين على الأجهزة الأمنية الرسمية انضموا، بعكس قرار الرئيس محمود عباس، إلى المتظاهرين ضد الحكومة.
وتابع أبو نصار قائلا، إن ما حدث في غزة يمكن أن يعتبر مؤشر خطير تجاه تطور حرب أهلية فلسطينية تكون على مراحل بدلا من أن تكون حربا صاخبة ومتواصلة، أي أن فرص الحرب الأهلية قد زادت بشكل ملحوظ رغم اعتقاده بأن جميع الفصائل معنية بتفادي هذه الحرب كل لحساباته من جهة، ولعدم تقديم مبرر لإسرائيل لتوجيه ضربات قوية عسكرية أو سياسية لهم.

الطبقة المثقفة
وفي ما يتعلق بالطبقة المثقفة الفلسطينية، وان كان باستطاعتها لعب دور لوقف النزيف، خاصة وان هناك دعوات فلسطينية لتسليمها دفة أمور السلطة بعد التجربة الفاشلة لحركتي حماس وفتح، أعرب أبو نصار، عن أسفه إن الغالبية quot;الصامتةquot; من الفلسطينيين، وليس فقط ما يسمى بالطبقة المثقفة، تعاني من عدم تنظيم ومن تفرد بمعنى أن كل شخص يركز اهتمامه بمصالحه هو دون القيام بمبادرات حقيقية ومتواصلة من اجل المصلحة العامة.
وأضاف بالحديث تحديدا عما يسمى بالطبقة المثقفة الفلسطينية فإننا نجد بعض المبادرات الإيجابية هنا وهناك لكنها بغالبيتها غير جدية ولا تستمر وعدم الاستمرار يعني عدم التأثير، ولفت إلى معضلة أخرى يعاني منها quot;المثقفون الفلسطينيونquot; هي شح مواردهم المادية الأمر الذي يدفعهم إلى البحث عن لقمة عيشهم بدلا من تنظيم فعاليات جماهيرية أو حتى إلى الانضمام quot;كجنودquot; مع أحد الفصيلين الكبيرين رغبة في الحصول على منصب أو جاه يدر عليهم بعض الشواقل.