فتيات بمهنة quot;فنانات للرقصquot; .. وما بعد الرقص .. في الفنادق

تحقيق -موسى عساف

الولوج في‮ ‬العالم الليلي‮ ‬،‮ ‬مثل السير في‮ ‬حقل ألغام،‮ ‬فكل شيء بحساب،‮ ‬وحساب دقيق للغاية،‮ ‬الخطوة‮ ‬يجب أن تكون محسوبة ومدروسة،‮ ‬والكلمة‮ ‬يجب أن تصاغ‮ ‬عدة مرات قبل أن تنطلق،‮ ‬لأن أقل خطأ‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكلف الكثير،‮ ‬وليس أقلها فقدان المصدر الموثوق للمعلومة‮. ‬
المحظورات والممنوعات كثيرة في‮ ‬عالم تدرب كل العاملين فيه على السرية،‮ ‬وعدم البوح‮ ''‬للغرباء‮'' ‬عن المسكوت عنه،‮ ‬حفاظا على العاملين والمسيرين له‮.‬
العالم الليلي،‮ ‬عالم‮ ‬غريب،‮ ‬تختلط فيه الحقيقة بالكذب،‮ ‬عالم‮ ‬يتركك أقل معرفة بعد كل المعلومات التي‮ ‬يمكن أن تحصل عليها،‮ ‬ويترك لديك العديد من علامات الاستفهام،‮ ‬والتي‮ ‬تجتهد لإيجاد إجابة لها،‮ ‬فلا تجد إلا المزيد من الأسئلة،‮ ‬والعديد من الحكايات‮ - ‬ربما تكون مسلية‮ - ‬ولكنها في‮ ‬النهاية حكايات أناس دخلوا‮ ''‬الكار‮'' ‬برغبة منهم أو بالإجبار،‮ ‬ولكنهم لن‮ ‬يستطيعوا الخروج منه بمحض إرادتهم،‮ ‬لأن القوانين التي‮ ‬تحكم،‮ ‬فوق كل القوانين،‮ ‬والنظام الساري‮ ‬بين العاملين‮ ‬يلزم كل واحد منهم بدوره الذي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يتجاوزه إلا بعد حين‮...‬

ولكن وفي‮ ‬كل الأحوال ستكون نقطة الانطلاق واحدة من المناطق،‮ ‬حيث تتركز أغلب الفنادق الصغيرة،‮ ‬والتي‮ ‬تقدم إضافة إلى الخدمات الفندقية المتعارف عليها،‮ ‬خدمات‮ ''‬خاصة‮'' ‬لروادها من طالبي‮ ‬المتعة،‮ ‬وبمستويات وأسعار متفاوتة،‮ ‬يمكن أن تبدأ بأقل من خمس دنانير وصولاً‮ ‬إلى عدة مئات من الدنانير،‮ ‬حيث تعتمد‮ ''‬التسعيرة‮'' ‬على مواصفات عديدة منها‮: ‬الجنسية،‮ ‬الشكل،‮ ‬العمر،‮ ‬وأشياء أخرى‮...‬
العالم السفلي‮ ‬في‮ ‬البحرين،‮ ‬لا‮ ‬يختلف عن كل العوالم السفلية في‮ ‬أي‮ ‬مكان آخر في‮ ‬العالم،‮ ‬حيث الشبكات المكونة من مستوياتها الثلاث المتعارف عليها،‮ ‬والسرية التامة المحيطة بهذا العمل،‮ ‬إضافة إلى تشابه قصص العاملات في‮ ‬هذا المجال،‮ ‬واللاتي‮ ''‬ربما‮'' ‬قد حفظن نفس القصة حول الأسباب التي‮ ‬دفعتهن لاحتراف مهنة الدعارة،‮ ‬ولكن ما‮ ‬يميز البحرين ودول الخليج الأخرى في‮ ‬هذا الشأن،‮ ‬هو التنوع الواضح في‮ ‬جنسيات الفتيات،‮ ‬فمن شرق آسيا مروراً‮ ‬بأفريقيا ووصولاً‮ ‬إلى أوروبا تتنوع الجنسيات‮...‬

شارع المعارض كان نقطة البداية،‮ ‬حيث الفنادق الصغيرة،‮ ‬والتي‮ ‬تقدم صالاتها‮ ''‬عروضاً‮ ‬فنية‮''‬،‮ ‬وليس بمستغرب أن تجد في‮ ‬فندق لا‮ ‬يزيد ارتفاعه عن‮ ‬4‮ ‬أو‮ ‬5‮ ‬أدوار،‮ ‬ثلاث صالات أو أكثر،‮ ‬وتتنوع هذه العروض بين الآسيوي‮ ‬والعربي‮ ‬والافريقي‮...‬،‮ ‬وبالتالي‮ ‬سيتنوع الزبائن كل حسب جنسيته،‮ ‬ولكن الملفت للنظر أنه في‮ ‬العديد من تلك الصالات ستجد بالتأكيد الزبون العربي‮ ‬حاضراً‮ ‬دائماً‮ ‬كقاسم مشترك‮...‬
وللحديث مع العاملين في‮ ‬مجال‮ ''‬الترفيه‮'' ‬لا بد أن تملك قدرة كبيرة على الإقناع،‮ ‬والحذر في‮ ‬الحديث،‮ ‬فأي‮ ‬كلمة قد تخرج منك تدل على هويتك الصحافية،‮ ‬قبل أن‮ ‬يطمئن إليك المصدر،‮ ‬من الممكن أن تحجب عنك الكثير من المعلومات،‮ ‬أو تقدم لك معلومات مثالية،‮ ‬خالية من الحقيقة،‮ ‬والتي‮ ‬هي‮ ‬هدفنا الأول والأخير من هذا التحقيق‮.‬
البداية كانت مع مدير إحدى الصالات في‮ ‬وسط المنامة والذي‮ ‬رفض الحديث في‮ ‬البداية إلى أن تأكد أن التقرير لن‮ ‬يحوي‮ ‬أسماء الأشخاص أو الأماكن،‮ ‬حيث أوضح أنه عمل مديراً‮ ‬لعدد من الصالات في‮ ‬البحرين،‮ ‬منذ ما‮ ‬يزيد على سبع سنوات،‮ ‬تنقل خلالها بين أربعة أو خمسة فنادق‮.‬
ويضيف،‮ ‬أنه لا‮ ‬يستغرب الحملة التي‮ ‬تشنها وزارة الإعلام والداخلية على صالات الفنادق،‮ ‬حيث‮ ''‬أننا معتادون على ذلك،‮ ‬فبين فترة وأخرى تقوم وزارة الإعلام والداخلية بشن مثل تلك الحملات،‮ ‬ثم لا تلبث أن تهدأ ويعود الوضع إلى ما كان عليه‮''‬،‮ ‬ويؤكد أن‮ ''‬العديد من الفنادق،‮ ‬وخاصة الصغيرة منها،‮ ‬لا تستطيع البقاء والاستمرار بالعمل دون المراقص‮''‬،‮ ‬لأن وحسب قوله‮ ''‬دخل الفنادق‮ ‬يعتمد بالدرجة الأولى على الصالات،‮ ‬لأن أغلب الزبائن لا‮ ‬يأتون إلى الفنادق من أجل الإقامة فقط،‮ ‬بل من أجل الاستمتاع والسهر‮''.‬

جولة داخل الفندق

بعد جلسة الدردشة في‮ ‬مكتب‮ ‬بالفندق،‮ ‬أخذنا جولة في‮ ‬مرافق الفندق بعد العديد من التنبيهات،‮ ‬وأهمها عدم التصوير وعدم إبراز شخصيتنا كصحافيين،‮ ‬لأن الزبائن‮ - ‬حسبما‮ ‬يقول‮ - ''‬حساسون جداً‮ ‬من هذه الناحية،‮ ‬فبعضهم أشخاص لهم مراكز مهمة،‮ ‬ولا‮ ‬يرغبون أن‮ ‬يُعرف ارتيادهم مثل تلك الأماكن‮''.‬
بداية الجولة كانت في‮ ‬أحد الأندية الليلية بالفندق،‮ ‬حيث تمتزج أدخنة السجائر برائحة المشروبات الكحولية ونغمات الموسيقى الشرقية،‮ ‬وعلى ضوء خافت تتمايل خمس فتيات بلباسهن التقليدي،‮ ‬في‮ ‬حركات‮ ‬غير متناغمة وغير متوافقة مع الموسيقى،‮ ‬وما أن تعتاد عيناك على المكان بعد فترة،‮ ‬ستكتشف العشرات من الزبائن‮ - ‬وأغلبهم من الآسيويين‮ - ‬يتوزعون على طاولات الصالة،‮ ‬معلقين أعينهم على الراقصات ومختلطين مع بعض العرب‮ (‬بحرينيون وخليجيون‮).‬
ويؤكد مدير الصالة أن أغلب العرب في‮ ‬هذه الصالة لا‮ ‬يعرفون اللغة التي‮ ‬تتحدثها الراقصات،‮ ‬وإنما دخلوا الصالة،‮ ‬لأنها الأقل سعراً‮ ‬بين الصالات الأخرى،‮ ‬أو لأنها تحافظ أكثر على السرية كون العرب لا‮ ‬يرتادونها كثيراً‮. ‬ويقول‮: ‬أن الفرقة‮ ‬التي‮ ‬تعمل في‮ ‬الصالة،‮ ‬تم استقدامها مباشرة من الـ‮(...)‬،‮ ‬وحصل‮ ''‬مستأجر الصالة‮'' ‬على تأشيرات للراقصات والعازفين بمهنة فنانين‮.‬
ويضيف‮: ‬أن الفندق قام بتأجير الصالة لأحد المستثمرين،‮ ‬وبمبلغ‮ ‬مقطوع،‮ ‬على أن‮ ‬يقوم‮ (‬المستأجر‮) ‬بإدارة الصالة وتوفير مستلزماتها من مشروبات وفرقة فنية وخدمة ونظافة،‮ ‬ويتوقع المرء أن صالة بمثل هذا المستوى تدر دخلاً‮ ‬لا‮ ‬يقل عن ألف إلى ثلاثة آلاف دينار‮ ‬يومياً،‮ ‬وذلك حسب ما‮ ‬ينفقه الزبائن خاصة‮ ''‬النقطة‮'' ‬التي‮ ‬يقدمونها إلى الراقصات،‮ ‬والتي‮ ‬تتراوح بين دينار واحد إلى ما‮ ‬يزيد عن‮ ‬100‮ ‬دينار‮.‬

وعند السؤال عن عمل الراقصات في‮ ‬الدعارة،‮ ‬تردد في‮ ‬البداية،‮ ‬وأكد أن عمل الفتيات‮ ‬يقتصر على الرقص فقط،‮ ‬وبعد إلحاح،‮ ‬بيّن أن بعضهن‮ ‬يعملن في‮ ‬الدعارة بعد انتهاء البرنامج،‮ ‬وذلك حسب الطلب من الزبائن،‮ ‬ومن الملفت للنظر ورغم أن أغلب زبائن الصالة من الجنسية الآسيوية،‮ ‬فإن زبائن الدعارة على الأغلب من الخليجيين،‮ ‬وفسر ذلك بعدم القدرة المالية للآسيويين على دفع ثمن الخلوة بالفتاة،‮ ‬والتي‮ ‬تتراوح بين عشرين إلى مئة دينار،‮ ‬حسب الفتاة والاتفاق مع‮ ''‬رجل تنظيم المهنة المكلف بإدارة عملها‮''.‬
الصالة الـ‮ (...)‬

أو هكذا‮ ‬يطلقون عليها،‮ ‬رغم أن الفرقة العاملة هناك من‮ (...)‬،‮ ‬وتبدو الصالة للوهلة الأولى،‮ ‬أكثر نظافة وترتيباً‮ ‬من الصالة السابقة،‮ ‬والراقصات اللواتي‮ ‬يتمايلن على المسرح أكثر عرياً‮ ‬من سابقاتهن،‮ ‬زبائن هذه الصالة على الأغلب من الجنسيات العربية المختلفة،‮ ‬إضافة إلى بعض الأوروبيين‮.‬
وتتكون الفرقة من ثماني‮ ‬راقصات إضافة إلى عازف ومطرب،‮ ‬وتقدم وصلات لأغاني‮ ‬أجنبية تتخللها بعض الأغنيات الخليجية والعربية‮ ‬بلهجة ركيكة للغاية،‮ ‬وربما كان هذا هو السبب الذي‮ ‬يدفع بالكثير من العرب لارتياد الصالة،‮ ‬كما قال مدير الفرقة،‮ ‬إضافة بالطبع إلى الجمال الفائق للراقصات،‮ ‬والنسبة الكبيرة من العري‮ ‬في‮ ‬ملابسهن‮.‬
ويضيف‮ (‬بيتر‮) - ‬وهو الاسم الذي‮ ‬سمح لنا بنشره‮ - ‬أن فتيات الفرقة تم تجميعهن خلال ثلاثة أسابيع قبل القدوم إلى البحرين،‮ ‬حيث طُلب منه فرقة مكونة من عشرة أشخاص للعمل في‮ ‬المرقص،‮ ‬ويؤكد‮ (‬بيتر‮) ‬أن أغلب الراقصات في‮ ‬فرقته حاصلات على شهادات جامعية في‮ ‬مختلف التخصصات ما بين الفلسفة والرياضيات واللغة الإنجليزية،‮ ‬مضيفاً‮ ‬أن السبب الرئيس الذي‮ ‬دفعهن للعمل كراقصات،‮ ‬هو ارتفاع الدخل المتحصل من هذا العمل،‮ ‬والذي‮ ‬يزيد في‮ ‬بعض الأحيان عن‮ ‬3‮ ‬آلاف دولار شهرياً‮ ‬على الأقل،‮ ‬وهو أعلى من راتب وزير لمدة سنة،‮ ‬إضافة إلى تأمين الإقامة والمأكل في‮ ‬الفندق‮.‬

ومن الملفت للنظر في‮ ‬هذه الصالة أن الزبائن أكثر‮ ''‬كرماً‮'' ‬من الصالة السابقة،‮ ‬حيث لم تتوقف‮ ''‬فتاة الورد‮'' ‬عن توزيع الأطواق على الراقصات،‮ ‬والتي‮ ‬يبلغ‮ ‬سعر الطوق الواحد فيها‮ ‬10‮ ‬دنانير،‮ ‬ويؤكد‮ (‬بيتر‮) ‬أن بعض الزبائن‮ ''‬الخليجيين‮'' ‬ينفقون في‮ ‬نهاية الأسبوع ما‮ ‬يزيد عن‮ ‬500‮ ‬دينار في‮ ‬السهرة الواحدة،‮ ‬وذلك طلباً‮ ‬لكسب ود إحداهن،‮ ‬أو لمنع‮ ''‬زبون آخر‮'' ‬من الفوز بالفتاة‮. ‬وعند سؤاله عن عمل الفتيات في‮ ‬الدعارة،‮ ‬رفض‮ (‬بيتر‮) ‬ذلك،‮ ‬ولكنه قال أنه لا‮ ‬يتدخل في‮ ‬العلاقات الخاصة للعاملات في‮ ‬الفرقة،‮ ‬وبالتالي‮ ‬لا‮ ‬يمانع من أن‮ ‬يكون للفتيات أصدقاء‮ (‬بوي‮ ‬فرندز‮).‬
من جانبه قال مدير الصالات أن‮ ''‬أسعار الفتيات الـ‮(...) ‬يتراوح بين‮ ‬20‮ ‬إلى‮ ‬100‮ ‬دينار،‮ ‬لكن حسب أيام الأسبوع‮'' ‬حيث ترتفع الأجرة نهاية الأسبوع لوجود العديد من الخليجيين،‮ ‬والذين‮ ‬يملكون القدرة المالية على الدفع أكثر من البحرينيين والمقيمين‮.‬

وطلبنا من محدثنا أن‮ ‬يشرح لنا المزيد عن علاقة الفتيات برواد الصالة فقال أن‮ ''‬جميع الراقصات‮ ‬يجمعن العديد من الأصدقاء‮ (‬البوي‮ ‬فرندز‮)‬،‮ ‬إضافة إلى أن لديهن القدرة على إقناع كل واحد منهم أنها صديقته فقط‮''‬،‮ ‬ويعلق‮ ‬على ذلك‮ ''‬هن‮ ‬يبحثن عن النقود فقط،‮ ‬ولا‮ ‬يحملن أي‮ ‬مشاعر لأحد‮''‬،‮ ‬حيث لهن قدرة عجيبة على التخلص من أي‮ ''‬صديق‮'' ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يرونه مناسباً،‮ ‬وذلك بالعديد من الحجج والأكاذيب‮.‬
ورغم محاولتنا الحديث مع إحدى الفتيات،‮ ‬إلا أننا تلقينا رفضاً‮ ‬قاطعاً‮ ‬من‮ (‬بيتر‮) ‬بحجة أن الفتيات‮ ‬يحتجن إلى الراحة بعد انتهاء عملهن‮.‬

الصالة الأكثر شعبية

في‮ ‬اليوم التالي‮ ‬تابعنا جولتنا في‮ ‬الفندق ذاته،‮ ‬وبمصاحبة محدثنا نفسه حيث كانت الصالة التي‮ ‬تمثل القمة هي‮ ‬الهدف،‮ ‬ولأننا في‮ ‬نهاية الأسبوع،‮ ‬فقد ازدحم الفندق بالزبائن،‮ ‬وكانت الجنسيات الخليجية هي‮ ‬الأكثر حضوراً،‮ ‬إضافة إلى العديد من الجنسيات العربية والآسيوية والأوروبية‮.‬
وللزبون العادي‮ ‬من الصعب بمكان الحصول على طاولة بموقع متميز،‮ ‬ولكن مرافقنا قام بتأمين مكان مميز،‮ ‬نستطيع منه رؤية كل مَن بالصالة من زبائن و‮''‬فنانات‮''‬،‮ ‬ولم‮ ‬ينسَ‮ ‬تذكيرنا بالممنوعات مثل التصوير والتسجيل،‮ ‬والأهم من ذلك الإفصاح عن طبيعة زيارتنا للصالة‮.‬
من الواضح أنه قد تم تجهيز الصالة بتجهيزات جيدة،‮ ‬ولكنها تفتقد إلى الذوق‮.‬

تقف على مسرح الصالة ست فتيات من ثلاث جنسيات عربية،‮ ‬والتي‮ ‬من المفترض أنهن‮ ‬يقمن بالرقص،‮ ‬ولكن بالنظر إلى ما نعرفه عن الرقص،‮ ‬فإن ما‮ ‬يقمن به لا‮ ‬يتعدى سوى عرض المفاتن والتمايل بدون إيقاع وإرسال إشارات إلى بعض الزبائن،‮ ‬الذين‮ ‬يسرعون إلى‮ ‬تقديم‮ ''‬النقوط‮'' ‬لهن،‮ ‬وبسخاء كبير،‮ ‬حيث بيّن لنا مرافقنا أن قيمة طوق الورد في‮ ‬الصالة‮ ‬20‮ ‬دينارا،‮ ‬هذا إضافة إلى التاج والذي‮ ‬تصل قيمته إلى‮ ‬50‮ ‬دينارا،‮ ‬وخلف الراقصات تقف‮ ''‬الفرقة الموسيقية‮'' ‬والمكونة من ضارب إيقاع وعازف أورغ‮ ‬ومطرب،‮ ‬لا تجد في‮ ‬صوته ما‮ ‬يدل على الطرب،‮ ‬ورغم ذلك فإنه‮ ‬يجتهد في‮ ‬تلبية الطلبات المتتالية من الأغاني،‮ ‬والتي‮ ‬كانت في‮ ‬معظمها أغان خليجية،‮ ‬على الرغم من أن‮ ''‬المطرب‮'' ‬من جنسية عربية‮. ‬وبعد جلوسك في‮ ‬الصالة ولمدة أقل من نصف ساعة،‮ ‬تستطيع أن تكتشف‮ ''‬الخروف‮''‬،‮ ‬وهو مصطلح‮ ‬يعني‮ ‬الزبون الجاهز للذبح،‮ ‬الذي‮ ‬يقوم بإنفاق مبالغ‮ ‬كبيرة على‮ ''‬النقوط‮''‬،‮ ‬وفي‮ ‬الغالب،‮ ‬حسب مرافقنا،‮ ‬يكون الخروف أحد رجال الأعمال الذي‮ ‬لا‮ ‬يستطيع السيطرة على نفسه بعد أول‮ ''‬كأس‮''.‬
و‮''‬خروف‮'' ‬الليلة كان أحد الخليجيين ويدعى‮ ''‬أبو خالد‮''‬،‮ ‬قال لنا المرافق أن‮ ''‬أبو خالد‮'' ‬من الزبائن المهمين في‮ ‬الصالة،‮ ‬يأتي‮ ‬بشكل أسبوعي،‮ ‬وله طاولة محجوزة باسمه نهاية كل أسبوع،‮ ‬ويضيف أن‮ ''‬أبو خالد‮'' ‬ينفق ما بين‮ ‬1000‮ ‬إلى‮ ‬3000‮ ‬دينار في‮ ‬كل سهرة‮.‬

ولدى الاستفسار عن المقابل الذي‮ ‬يحصل عليه‮ ''‬أبو خالد‮'' ‬قال المرافق وببساطة‮: ''‬لا شيء‮''‬،‮ ‬وأضاف‮ ''‬هذه المبالغ‮ ‬هي‮ ‬لزوم السهرة والفرفشة،‮ ‬أما أي‮ ‬شيء آخر فله حسابه الخاص‮''.‬
وعن الشيء الآخر،‮ ‬يقول‮: ''‬الفنانات في‮ ‬الأصل لا‮ ‬يعملن في‮ ‬الدعارة،‮ ‬ولكن زبون مهم ودفّيع مثل أبو خالد لا تستطيع أي‮ ‬واحدة منهن مقاومته‮''‬،‮ ‬ويضيف‮ ''‬على العكس من ذلك،‮ ‬فقد تتبارى الفتيات فيما بينهن للفوز به في‮ ‬نهاية السهرة،‮ ‬حتى‮ ‬يصل الأمر إلى درجة الشجار فيما بينهن‮''.‬
ولدى الاستفسار عن المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يدفعه الزبون لإحداهن،‮ ‬قال المدير‮: ''‬حسب الزبون،‮ ‬حيث‮ ‬يتراوح المبلغ‮ ‬بين‮ ‬50‮ ‬دينارا إلى عدة مئات‮''‬،‮ ‬ويضيف‮ ''‬هذا بالطبع فضلاً‮ ‬عن أجرة الحجرة ولزوم السهرة‮''. ‬وعن المبلغ‮ ‬المتحصل من العملية،‮ ‬يقول‮''‬يوزع المبلغ‮ ‬بين مدير الفرقة والفندق،‮ ‬ولكن الجزء الأكبر منه‮ ‬يذهب للفتاة،‮ ‬على اعتبار أنها ليست داعرة،‮ ‬وهذا بعكس ما‮ ‬يحصل مع فتيات‮ (‬البزنس‮)‬،‮ ‬وهن الفتيات اللواتي‮ ‬احترفن الدعارة‮''.‬
ويضيف المرافق‮: ''‬وللحقيقة،‮ ‬لا تقوم جميع الفتيات بالممارسة الجنسية مع الزبائن،‮ ‬هناك الكثير منهن لا زلن‮ ‬يرفضن ذلك،‮
‬ويؤكدن أنهن راقصات فقط‮''.‬

قصة‮ ‬ياسمين‮...‬

ياسمين واحدة من الفتيات العاملات في‮ ‬المرقص،‮ ‬وبعد جهد كبير استطعنا إقناعها بالتحدث معنا،‮ ‬ولكن كالعادة بالشروط التي‮
‬يحددونها‮ ''‬لا تسجيل،‮ ‬لا تصوير،‮ ‬لا أسماء‮''.‬
وياسمين تبلغ‮ ‬من العمر‮ ‬22‮ ‬عاماً،‮ ‬لديها قسط كبير من الجمال وحسن القوام،‮ ‬يخالطه الكثير من الخجل،‮ ‬وعن قصتها حدثتنا قائلة‮: ''‬أنا من‮ (...)‬،‮ ‬دفعني‮ ‬أهلي‮ ‬للزواج ولم أكمل السادسة عشر،‮ ‬وذلك نظرا للفقر الذي‮ ‬تعيشه العائلة‮''‬،‮ ‬وتضيف‮: ''‬لم‮ ‬يدم زواجي‮ ‬أكثر من سنتين،‮ ‬بسبب إدمان زوجي‮ ‬الخمر والمخدرات،‮ ‬وأنجبت خلال فترة زواجي‮ ‬ابنتي‮ ‬الوحيدة‮ (‬فرح‮)''.‬
وشاءت ظروفها‮ - ‬حسب قولها‮ - ‬أن تعود إلى بيت أهلها الفقير جداً،‮ ‬حيث جهدت أن تجد وظيفة تؤمن لها ولابنتها لقمة العيش،‮ ‬ولكنها فشلت في‮ ‬ذلك فشلا ذريعاً،‮ ‬بسبب عدم امتلاكها مهارات عمل أو أي‮ ‬شهادة دراسية،‮ ‬وتضيف‮: ''‬كان الجميع من حولي‮ ‬يطمع في‮ ‬جسدي،‮ ‬فأنا‮ ‬‭-‬‮ ‬حسبما‮ ‬يقولون‮ - ‬جاهزة،‮ ‬صغيرة في‮ ‬السن وجميلة ومطلقة‮''!‬

وتضيف‮: ''‬وشاءت الأقدار أن ألتقي‮ ‬بإحدى السيدات في‮ ‬بلدي،‮ ‬والتي‮ ‬كانت تعرف ظروفي‮ ‬الصعبة،‮ ‬ولهذا قدمت لي‮ ‬عرضاً‮ ‬مغرياً‮ ‬بالسفر إلى الخليج من أجل العمل كنادلة في‮ ‬أحد المطاعم،‮ ‬وبراتب‮ ‬1000‮ ‬دولار‮''‬،‮ ‬وأمام هذا المبلغ‮ ‬الكبير‮ - ‬حسب قولها‮ - ‬لم تستطع المقاومة،‮ ‬وحصلت بسرعة كبيرة على موافقة العائلة،‮ ‬لأن مبلغ‮ ‬كهذا سيخرجهم من الفقر المدقع الذي‮ ‬يعانونه‮.‬
وتضيف‮ ‬ياسمين‮: ''‬بعد وصولي‮ ‬إلى البحرين،‮ ‬قمت بتسليم جواز سفري‮ ‬إلى إدارة الفندق،‮ ‬وسكنت مع فتاة‮ (....) ‬في‮ ‬غرفة واحدة بنفس الفندق‮''‬،‮ ‬بعد ذلك اكتشفت‮ ‬ياسمين أن العمل الذي‮ ‬قدمت من أجله إلى البحرين هو الرقص وليس العمل كنادلة حسب الاتفاق‮. ‬وتقول‮: ''‬في‮ ‬البداية ترددت في‮ ‬الموافقة،‮ ‬ولكن زميلتي‮ ‬في‮ ‬الحجرة أقنعتني‮ ‬بالعمل،‮ ‬حيث أننا نعمل كراقصات فقط،‮ ‬وليس أكثر من ذلك‮''‬،‮ ‬وتؤكد‮: ''‬ولتقبُل العمل كراقصة احتجت إلى أكثر من أسبوع،‮ ‬حيث قمت بمراقبة الفتيات على المسرح،‮ ‬وتأكدت أن لا شيء‮ ‬يمكن أن‮ ‬يحدث لي،‮ ‬فقط الرقص‮''‬،‮ ‬وتضيف‮: ''‬هذا بالإضافة إلى وعد من مدير الفرقة بزيادة راتبي،‮ ‬كذلك حصولي‮ ‬على‮ (‬النقوط‮)''. ‬وعند سؤالها عن رأي‮ ‬عائلتها في‮ ‬عملها كراقصة،‮ ‬أجابت‮ ''‬عائلتي‮ ‬لا تعرف عن عملي‮ ‬كراقصة،‮ ‬وهم‮ ‬يعتقدون أنني‮ ‬لا زلت أعمل نادلة في‮ ‬مطعم،‮ ‬وعلى العموم،‮ ‬أعتقد أن المبالغ‮ ‬التي‮ ‬أرسلها لهم ستعميهم عن السؤال لفترة طويلة‮''!‬

وعند سؤالها عن العمل بالدعارة،‮ ‬ترددت في‮ ‬البداية،‮ ‬ولكنها أكدت لنا أنها لم تعمل بالدعارة على الإطلاق،‮ ‬وإنها ترفض ذلك رفضاً‮ ‬مطلقا على الرغم من محاولة مدير الفرقة المتكررة وزميلاتها بالفرقة إقناعها بذلك،‮ ‬وأضافت‮ ''‬لست أنا الوحيدة التي‮ ‬ترفض العمل بالدعارة،‮ ‬فهناك عدد من الفتيات‮ ‬يرفضن ذلك،‮ ‬ولا أحد‮ ‬يستطيع إرغامنا عليه،‮ ‬وكل ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يفعلوه هو الإغراء بالمزيد من المال‮''. ‬وبالنسبة للفتيات اللواتي‮ ‬قبلن العمل بالدعارة تقول‮: ''‬كل واحدة حرة،‮ ‬وكل واحدة لديها قناعاتها الخاصة،‮ ‬ولكن‮ ‬يجب أن لا تنظروا إلى جميع الفتيات بنفس الطريقة‮''.‬
وعن مستقبلها في‮ ‬مهنة الرقص تقول‮: ''‬أنا في‮ ‬البداية لست راقصة،‮ ‬ولا أجيد الرقص،‮ ‬ولكن الظروف هي‮ ‬التي‮ ‬وضعتني‮ ‬في‮ ‬هذا الطريق‮''‬،‮ ‬وتؤكد‮: ''‬أسعى لهدف واحد الآن هو تأمين مستقبلي‮ ‬ومستقبل ابنتي‮ ‬ومن ثم سأعود إلى بلدي‮ ‬بكرامتي‮ ‬وشرفي‮''.‬

وتضيف‮: ''‬أرجو أن لا تتوقع أنني‮ ‬سعيدة بما أعمله،‮ ‬ولكنه الفقر الذي‮ ‬اضطرني‮ ‬لذلك،‮ ‬لهذا فإنني‮ ‬في‮ ‬كل ليلة أصلي‮ ‬وأدعو الله وأنا أبكي‮ ‬أن‮ ‬يساعدني‮ ‬ويغفر لي‮''.‬
وبعد أن انسابت دمعات على وجنتيها،‮ ‬لم‮ ‬يعد هناك مجال لاستمرار الحوار،‮ ‬حيث أنها رفضت المزيد من الأسئلة واستــــــــأذنــــت بالعـــودة إلى‮ ‬غرفتهــــا لتنال قسطــــاً‮ ‬من الراحة‮.‬