ألعراق .. أولا وأخيرا


ألدكتور أياد علاوي*

يواجه العراق حاليا تحديات تاريخية داخلية وخارجية كبيرة تستهدف حاضره ومستقبله ووحدة شعبه وتدمير مقوماته الاساسية التي صنعت بوحدة ابنائه حضارة انسانية على مر العصور تعدت العراق والمنطقة الى العالم كله .. وهي مخاطر تستدعي العمل بروح الشعور بالمواطنة والممارسة المخلصة لضمان وترسيخ الوحدة الوطنية لتحقيق هدف اعادة بناء العراق وحل ازماته السياسية والامنية والاقتصادية والخدمية وذلك انطلاقا من التوجه الى صناديق ألأقتراع في الخامس عشر من الشهر المقبل لاختيار قادة قادرون على التصدي لهذه التحديات من خلال برنامج عمل حقيقي يضع مصالح الامة والشعب فوق كل المصالح الفئوية والطائفية والعرقية الضيقة .. شعارهم العراق اولا واخيرا .

وادراكا من خطورة هذه التحديات ومن اجل تحقيق آمال وتطلعات العراقيين هذه فقد حملنا نحن في القائمة العراقية الوطنية شرف بناء العراق والدفاع عنه بكل ما نستطيع ليبقى حرا مستقلا بعيدا عن التبعية والطائفية والجهوية من خلال برنامج عمل وطني دؤوب نسعى للعمل على تنفيذه خلال السنوات الاربع المقبلة التي ستعقب الانتخابات منطلقين من الايمان بأن تاريخ العراق وثوابت قيمنا ومباديء ديننا الحنيف واسس وحدتنا الوطنية كفيلة بعودة بلدنا لأداء دوره المركزي في المنطقة والعالم وفي جميع المجالات وحيث تشكل فيه التعددية الدينية والقومية عامل قوة لا ضعف .

اننا مدركون ان الامن يجب ان يكون في مقدمة الاولويات الواجب التصدي لها لما له من اهمية في حياة العراقيين واوضاعهم الانسانية والمعيشية في جميع جوانبها حتى يستطيعوا ممارسة تطلعاتهم بعيدا عن الخوف وعدم الاستقرار ومن هنا يجب العمل على بناء مؤسسات امنية وطنية قوية تمثل جميع اطياف المجتمع يكون ولاؤها للوطن والشعب وذلك بالترافق مع الغاء الكيانات المسلحة غير النظامية وضمان سيادة القانون والقضاء على الأرهاب واكمال المسيرة التي بدأتها حكومتنا من اجل بسط الأمن والقضاء على الأرهاب في مناطق متفرقة من البلاد فضلا عن اعادة بناء الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى.

ولذلك فان الجهود يجب ان تتوجه بعد الانتخابات المقبلة نحو تعزيز القوات المسلحة العراقية وتجهيزها بأحدث انواع الأسلحة والمعدات وتهيئتها للقيام بمسؤوليات امنية اوسع في حفظ الأمن والنظام العام وحماية الحدود وردع من تسول له نفسه الأعتداء على العراق وشعبه وذلك من اجل تحقيق امل يتطلع اليه جميع العراقيين بتهبئة ظروف المباشرة بانسحاب منظم للقوات المتعددة الجنسيات من بلدهم بالتزامن مع مع بناء قدرات العراق الوطنية العسكرية والأمنية.

وفي هذا الاطار يجب العمل بجد للقضاء على الارهاب وتجفيف مصادره والتعاون مع الدول المجاورة على الخصوص لانهائه .. فهناك كيانات مسلحة تحاول ايذاء التحولات السياسية في العراق مما يقتضي الحال معالجتها من خلال استعمال القوة بشدة وبشكل متوازي مع الحوار مع الحاضنة الاوسع لهذه الكيانات المسلحة بهدف دعوتها لان تكون جزءاً من العملية السياسية والخط المتوازي الثالث هو بناء الاقتصاد على اسس قوية وسليمة واعادة تنشيط الدورة الاقتصادية من اجل وضع حد للمظاهر المسلحة وللعنف في العراق .. ولقد تبنينا اساليب المعالجة هذه في السابق فأثمرت وسنعمل على مواصلتها بشكل واضح في المستقبل ايمانا منا بان خسارة كل عراقي هي خسارة للعراق ولهذا نحن حريصون على ان تكون القوة في محلها وتستعمل في اوقاتها ومصممون على اللجوء الى الحوار لضم العراقيين الى العملية السياسية والى التحولات الجارية الان في الوطن.

ومن هنا فأن ايماننا بان الوحدة الوطنية هي العامل الأساس في أستقرار العراق واستتباب الأمن فيه فان الامر يفرض علينا عملا يحقق تكريسها والغاء الطائفية والعرقية اللتين تهددان بتمزيق النسيج الاجتماعي العراقي الجميل من خلال تبني برنامج وطني شامل يضمن الحوار البناء ومحاسبة المجرمين والعفو عمن عداهم اضافة الى العمل على اعادة اعمار المناطق التي تضررت من العمليات العسكرية بعد سقوط نظام صدام وتقديم التعويضات للمتضررين.

أن الفساد هو سرقة لأموال الشعب واعاقة لبناء الوطن وتقدمه وخيانة للامانة والمسؤولية الوطنية وعليه يجب التعامل معه على هذا الأساس ومحاسبة اي مسؤول حكومي تثبت عليه تهمة الفساد على الفور ومن خلال القضاء العادل بعيدا عن التسييس خاصة وان الفساد قد استفحل في اغلب مؤسسات الدولة وهو ما ادى بالتالي الى استنزاف موارد البلاد واصبح خطره على حاضرها ومستقبلها لايقل تاثيرا مدمرا عن دور الارهاب الذي يعمل على تخريب كل مقومات الامة .

فالعراق بلد غني يتمتع بالكثير من الخيرات الطبيعية من النفط و المعادن و المياه الى جانب امكانياته البشرية العالية واذا ما تحقق برنامج وطني يحقق رسم معالم حياته الجديدة على اسسس صحيحة وراسخة فأنه سيكون قادرا على ان يكون في الطليعة أمنا ورخاء وتقدما وبما يحقق الفائدة لشعبه وللمنطقة جمعاء . واعتبارا لهذا فنحن عازمون على توفير فرص العمل لعموم المواطنين بالتساوي من خلال الأدارة الخبيرة والحكيمة للأقتصاد الوطني واستثمار موارد البلاد و بالأخص عائدات النفط والغاز لتطوير وتنشيط الدورة الأقتصادية وامتصاص البطالة والأهتمام بدعم القطاع الوطني الخاص وقطاع الأستثمار وتوفير المنتجات النفطية بأسعار مناسبة للمواطنين .

ان من الاهمية بمكان ان اشير والعراقيون يتطلعون الى مستقبل افضل الى ان وجود المرجعية بيننا هي واحدة من نعم الله على العراقيين لان هذا الوجود اساسي ومهم انطلاقا من دورها الرائد في القضايا الكبيرة التي تتعلق بالوطن ووحدته وكرامته ولذلك فهي تمثل في اعتبارنا البعد الاستراتيجي للوطن ومن هنا فأن من الضروري ان تبتعد القوى السياسية عن زج المرجعيات في الصراعات السياسية وتتجنب الاستقواء بمقامها سياسيا لان هذا يسيء كثيرا الى الابوة الروحية لها كونها خيمة يستظل بها جميع العراقيين اضافة الى انه يفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها في وقت تبذل فيه جهود كبيرة لتأصيل مفاهيم الديمقراطية الليبرالية في العراق الجديد .. فكلما اقحمت القوى السياسية بالمرجعيات في قضايا تفصيلية يحصل هدر لامبرر له ومن هنا كان من الطبيعي ان تدرك المرجعيات ضرورة البقاء بمنأى عن هذه الصراعات والاختلافات في الاراء والمصالح .

ان العراق يتمتع بوجود العتبات المقدسة التي تسهم في ترسيخ الوحدة الوطنية .. لذا فهي مصدر احترام وأهتمام وسنعمل بالتنسيق مع المراجع الكرام على حمايتها ورعايتها وتوفير الخدمات لها لما تحتله من مكانة اجتماعية ودينية كبيرة في نفوسنا جميعا كما سنعمل على توسيع وصيانة الحضرات المقدسة الشريفة .. الحضرة الحيدرية والحسينية والروضتين الكاظمية والعسكرية والحضرة القادرية وأماكن العبادة للديانات الاخرى بما يتلائم وقدسية هذه الأماكن الطاهرة.

ان من المهم والضروري بعد ذلك ان تتوجه الجهود من اجل أستعادة العراق لكرامته وامنه وتمكينه من ممارسة دور متميز في المنطقة والعالم وهذا يعني بناء علاقات تقوم على المصالح وتشابكها مع الدول المختلفة وخاصة دول حاضنته العربية والاسلامية والمحافظة على الخصوصيات وعدم التدخل في شؤون الاخرين وكلما قطعنا شوطاً في بناء القدرات الامنية والعسكرية وكرسنا الوحدة الوطنية ورفعنا الحيف والظلم عن المجتمع العراقي وتحاورنا مع الامم المتحدة لجدولة انسحاب القوات المتعددة الجنسيات كلما كان العراق قادراً على استعادة كرامته والوقوف بشموخ بين دول العالم ومنع القوى التي تريد النيل منه من التدخل في شؤونه الداخلية.

•رئيس الوزراء العراقي السابق
•زعيم القائمة العراقية الوطنية للانتخابات المقبلة