فيما السنيورة يخوض محادثات صعبة في دمشق
الجيش اللبناني متأهب 80 في المئة

السنيورة يصل دمشق لوضع أطر قانونية لملفات شائكة

إيلاف، بيروت: يلتقي رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة ونظيره السوري محمد ناجي عطري اليوم في دمشق ، قبل أن يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد، ويبحث معهما في ملفات شائكة وعالقة، أبرزها موضوعا إقفال الحدود المشتركة بذريعة أمنية، والعمالة بين البلدين. وفيما التقت المصادر السياسية في بيروت على وصف محادثات السنيورة في دمشق بأنها "صعبة" ، استبقت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية ديالا حج عارف الزيارة بتصريحات صحافية مكرّرة، مفادها ان تسعة عمال سوريين في لبنان على الأقل قتلوا بموجب اعتداءات موثقة من أصل 37 مفقوداً وضحية، وذلك بعد ساعات من تأكيد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللبناني ، اللواء أشرف ريفي، أن عدد هؤلاء القتلى 7 بينهم أربعة قضوا في جريمة التفجير التي أودت بحياة الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، أما الآخرون فيجري التحقيق في ظروف مقتلهم . وكانت الوزيرة السورية تحدثت في السابق عن أكثر من 30 قتيلاً سورياً في لبنان نتيجة أعمال انتقامية وطالبت بتعويضات لعائلاتهم وللعمال السوريين الذين فقدوا أعمالهم في لبنان.

من جهته قال نصري خوري، الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري المكلف تنظيم العلاقة بين البلدين إن عدد السوريين الذين قُتلوا في لبنان أقل من 9، و"لا بد من التحقق من الموضوع قبل اثارته علناً»، مشدداً على ضرورة تشكيل لجنة أمنية مختصة تبحث بـ «ملف المفقودين في البلدين». وفي حين ذكرت صحيفة "الحياة" اللندنية أن «مجموعة أزمات اعلامية» شكلت في وسائل إعلام سورية رسمية للتخصص بالملف اللبناني، توقفت صحيفة «تشرين» السورية الحكومية عند تزامن طرح موضوع سلاح "حزب الله" في مجلس النواب اللبناني مع «مناقشة الموضوع نفسه وبمنحى سلبي في مجلس النواب الأميركي، مع التشديد على الموقف القديم المتمسك بمقاطعة حزب الله واعتباره منظمة ارهابية حتى ينزع سلاحه».

ميدانيا، أكدت مصادر موثوق بها في بيروت ان الجيش اللبناني رفع جهوزيته الى ثمانين في المئة على امتداد لبنان فيما تتعاون قوى الأمن الداخلي مع الأمن العام وأمن الدولة على تسيير 23 دورية ليلاً على امتداد منطقة بيروت الكبرى الممتدة من حدود قضاء كسروان عند نهر الكلب إلى مدينة الدامور على ساحل الشوف ، صعوداً إلى مدينة عاليه .

وأشارت المصادر الى أن اتفاقاً نهائياً تمّ التوصل إليه بين المسؤولين السياسين الكبار في لبنان ، يقضي بوجوب اعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، بعدما اتضح انها تعاني بالاضافة الى اقحامها سابقاً في العمل السياسي وفي اضطهاد المعارضين، من تداخل قانوني يدفع هذه الأجهزة الى التنافس، اذا كانت القضية تعني السلطة، أو الى التراخي، إذ يتكل كل منها على الجهاز الآخر، في حال كانت القضية "تحرق الأصابع". وبناء على هذا الاتفاق، تمّ تكليف قائد الجيش العماد ميشال سليمان اعداد دراسة عن واقع الأجهزة الأمنية في لبنان وتقديم المقترحات اللازمة للانطلاق بورشة التغيير والتحديث. وهناك اتجاه إلى تشكيل لجنة أمنية ـ قضائية تضم خبراء من دول متقدمة في العمل الأمني ومعروفة بحيادها السياسي، من أجل وضع التصورات اللازمة في هذا الشأن.

وذكرت المصادر نفسها ان المشاورات التي حصلت بين الرئيس السنيورة والمعنيين بالأمن بينت ان الأجهزة الأمنية لا تزال تعمل على أساس أساليب عفا عليها الزمن، وهي تحتاج إلى تقنيات جديدة كما إلى كفاءات مدنية في علم النفس وعلم اللغة وعلم الاتصالات اللاسلكية والانترنت ، بحيث ان المجموعات الإرهابية، التي تتحرك في لبنان والعالم باتت أكثر تقدماً، من كل النواحي، من الأجهزة الأمنية اللبنانية التي لا تزال تستند إلى تعيين ضابط ومعه مجموعة من الجنود غير المؤهلين لمكافحة الجاسوسية والجريمة.

على صعيد أمني آخر، ومن أجل مراعاة الضروريات الأمنية والتسهيلات الإنسانية في آن عموماً في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين عموماً وفي مخيم عين الحلوة تحديداً، تقرر تزويد وحدات الجيش المسؤولة عن أمن المداخل في المخيمات كمية كبيرة من الكاميرات لرصد حركة الخروج والدخول على مدى 24 ساعة في اليوم.

وعلى صعيد التحقيق في جرائم الإغتيال بالمتفجرات التي شهدها لبنان أخيراً، رشح أن المعلومات الوحيدة عن جريمة اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي تنحصر في ما توصل إليه فريق مكتب التحقيقات الفيدرالي(أف. بي. آي) الذي حضر الى مكان الجريمة بعيد الانفجار، والى الفريق الفرنسي الذي يقوم بمهمة التحقيق في جريمة اغتيال الصحافي سمير قصير ، نظراً إلى أن قصير يحمل الجنسية الفرنسية.

وتوصل الطرفان الى النتائج التالية: العبوة التي استخدمت في الجريمتين هي نفسها، شكلها نصف كروية وتزن 400 غرام، تحتوي على مواد متفجرة من نوع RDX شديدة الانفجار، مضاف إليها القليل من مادة الـTNT، وهذا الخليط يستخدم في توجيه القوة الانفجارية إلى الأعلى، مما يكفي لشطر جسم الإنسان الى نصفين. قوة هذه العبوة توازي ضعفي قوة القذيفة الصاروخية B7 التي تحتوي على 200 غرام فقط من المواد نفسها وهي كفيلة باختراق 26 سم من الفولاذ. العبوة من إنتاج غربي وتملكها الجيوش والأجهزة الأمنية الرسمية، وتحتوي على لاقط (RECEIVER) الكتروني يعمل على موجة الـFM وتفجر لاسلكياً عن بعد أكثر من 200 متر.

وحسب النتيجة التي توصل إليها مكتب التحقيقات الفيدرالي والفريق الفرنسي ، كانت العبوة التي اغتيل بها قصير موضوعة على الإسفلت تحت مقعد السيارة، فيما ألصقت عبوة حاوي بجسم السيارة تحت المقعد من الخارج بواسطة لاقط مغناطيسي أو معجونة لاصقة.

وتفيد المعلومات الخاصة بتحقيق حاوي، ان مجموعة من أربعة الى ستة محترفين رصدوا تحركات الرجل في محيط منزله والاماكن التي كان يقصدها، إضافة الى رصد أوقات خروجه وعودته الى المنزل، وان عملية زرع العبوة تمت أمام منزله في وطى المصيطبة بعد منتصف الليل إثر عودته من لقاء أخير جمعه مع بعض رفاقه في وسط بيروت.

وتنقل المصادر عن جهات دولية مشاركة في التحقيق في جريمة اغتيال قصير شكها بتورط مجموعات سابقة من تنظيم لبناني مسلح في الجريمة، وتشير الى ارتباط وثيق بين هذه المجموعات واحدى المرجعيات الأمنية الرسمية المهمة. وفي التحليل المنطقي، إذا ما صحّ تورط هذه المجموعات في جريمة اغتيال قصير أنها هي نفسها نفذت جريمة اغتيال حاوي نظراً إلى تشابه في الأسلوب.

علامات استفهام
وسجلت المصادر المتابعة للتحقيق سجلت عدداً من الملاحظات أبرزها أن ثمة إهمالاً على ما يبدو في التعاطي مع الشهود الرئيسيين في الجريمة وعدم منحهم الحماية اللازمة. وكشفت في هذا الإطار أن شاهدين من جيران حاوي، رصدا خلال الأيام التي سبقت جريمة الاغتيال تحركات مشبوهة لعدد من الأشخاص، وقدما هذه المعلومات الى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي تمكنت من التوصل إلى الرسم التشبيهي لأحد المتهمين، وهو الرسم الذي تمّ توزيعه في ما بعد على انه يعود لأحد المجرمين. كما تحدثت عن حصول محاولة لاختطاف احد هذين الشاهدين وهو حارس المبنى الذي يقطنه محسن إبراهيم الأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي والمجاور للمبنى الذي تقطنه عائلة حاوي، وذلك بعد أيام على الإدلاء بشهادته، عندما قدم إليه ثلاثة أشخاص ادعوا أنهم ينتمون الى فرع المعلومات في قوى الأمن وطلبوا منه مرافقتهم، إلا ان الحارس شكّ بالأمر فادّعى انه يحضر نفسه لمرافقتهم وأجرى اتصالاً للاستفسار بمسؤول في فرع المعلومات ابلغه بعدم صحة ما يجري وانه سيوفد دورية الى المكان. وعند ذلك عندها تحصن الحارس في منزله رافضاً الخروج، مما دفع منتحلي الصفة الأمنية دفع الثلاثة إلى الفرار قبل وصول الدورية.