دمشق:وصل رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وحيدًا - وآماله- إلى صحارى التي تبعد اربعين كيلومترا عن دمشقفي أول زيارة يقوم بها إلى العاصمة السورية بعد يوم واحد من منح حكومته الثقة في مجلس النواب اللبناني. ويأمل السنيورةفيأن تكون الزيارة بداية لعلاقة جديدة بين سورية ولبنان مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. ومن المتوقع أن تضع الزيارة الأمور العالقة بين لبنان وسوريةفي إطارها القانوني، من خلال لقاء يجريه السنيورة مع نظيره السوري ناجي العطري، وآخربعده مع الرئيس السوري بشار الأسد.

وقد اكدت صحيفة "تشرين" الحكومية السورية اليومأن سورية ستستقبل رئيس الوزراء اللبناني "بقلب مفتوح" رغم "جوقة من المشككين اللبنانيين".

من جهته، صرح رئيس المجلس الاعلى السوري اللبناني نصري خوريان السنيورة سيبحث كافة الملفات مع سورية خلال زيارته التي تستغرق ساعات.

الزيارة تكتسب أهمية كبيرة نظرا لسخونة الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي سيتم بحثها مع المسؤولين السوريين وعلى رأسهم الأسد والعطري. وسيجري السنيورة خلال الزيارة محادثات حسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء السوري تتركز حول علاقات التعاون الثنائية والقضايا التي تهم البلدين الشقيقين سورية ولبنان.

كما تاتي اهمية زيارة السنيورة الى دمشق كونها الاولى لرئيس وزراء لبناني يحظى بثقة غالبية مجلس النواب اللبناني بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في شهر ابريل الماضي والفتور الذي شاب العلاقات السورية اللبنانية منذ ذلك الوقت وكذلك كونها الاولى له خارج بلاده واول اتصال سياسي بعد التجاذبات بين تياره والقيادة السورية اثر اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري.

ومن شان زيارة السنيورة الى دمشق ان تبلور صيغة جديدة للعلاقات السورية اللبنانية من مختلف جوانبها قد يعاد من خلالها النظر في كثير من الاتفاقيات الموقعة بين الحكومتين وبخاصة منها التجارية والاقتصادية التي يقول الجانب السوري انها تميل الى صالح الجانب اللبناني.

ووصف مراقبون في العاصمة السورية زيارة السنيورة بانها هامة جدا بالنسبة لسورية وكذلك للبنان مؤكدينضرورة نجاح هذه الزيارة لان فشلها فشل للبلدين معا.

ويرى المراقبون ان القضايا الاقتصادية التي سيبحثها السنيورة مرتبطة ارتباطا لاباس به بمجمل الوضع العام السياسي في سورية وفي لبنان وفي المنطقة وان ارتباط الاقتصاد بالسياسة لم تخترعه لبنان بل هو امر معروف في السياسة في كل ارجاء العالم.

ويؤكد المراقبون ان المطلوب الان وبالدرجة الاولى هو ان تنجح محادثات السنيورة مع القيادة السورية لان في نجاح هذه المحادثات اطمئنان لسورية وللبنان وفي فشلها لايمكن لسورية ان تكون مطمئنة ولا لبنان كذلك .واعرب المراقبون عن ثقتهم بان تخرج المحادثات السورية اللبنانية بنتائج ايجابية نظرا لقدرة رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة ونظيره السوري.

ويدور حديث في الأوساط الإعلامية السورية عن ان مجادثات السنيورة مع الأسد وعطري ستتركز حول قضايا ثنائية هامة من ابرزها موضوع الحدود وتجارة الترانزيت وتسهيل حركة مرور الشاحنات حيث ان هذا الموضوع كان مدار تجاذب اتهامات بين الطرفين خلال الاسابيع الماضية والتبادل التجاري ومواضيع تتعلق بالعمال السوريين في لبنان الذين يعملون في مجال البناء والزراعة وكذلك موضوع العمال اللبنانيين ويعمل معظمهم في الفنادق والمطاعم اضافة الى مواضيع امنية تهم الجانبين. كما أن هناك توجه نحوإثارة موضوع المفقودين السوريين في لبنان إبان الحرب الأهلية التي جرت فيه.

ومما لا شك فيهأن مشكلة الحدود اللبنانية السورية تأتي على خلفيةخروج القوات السورية من لبنان،الأمر الذي أبرز تغييرًا تامًا فيطريقة التعامل التي تنتهجها دمشق تجاهبيروت، إذ باتت تتعامل مع لبنان على أنه دولة وبالتالي فالامتيازات التي كان يحظى بها في السابق باتت غير موجودة الآن. كما أن هناك توجهًا رسميًا في دمشق إلى تنظيم العمالة بين البلدين.

وكانت الحكومة السورية قد طالبت رسميا بتعويضات عن الاذى الذي لحق بالعمالة السورية في لبنان بعد اغتيال الحريري وانسحاب القوات السورية من لبنان.

وفي المجال السياسي سيتم التركيز على قرار مجلس الامن الدولي رقم 1559 الخاص بلبنان حيث تقول سورية انها قامت بتنفيذ مايتعلق بها من هذا القرار المتمثل بانسحاب القوات السورية واجهزتها الاستخباراتية بشكل كامل في حين توجه الى سورية اتهامات عن وجود بعض العناصر المخابراتية ما زالت متواجدة في لبنان.

وسبقت زيارة السنيورة الى دمشق انقسامات بين الكتل النيابية في مجلس النواب اللبناني خلال مداولات منح الثقة حيال مستقبل العلاقات السورية اللبنانية وملفات ساخنة اقتصادية وسياسية خاصة ما يتعلق بمصير سلاح حزب الله اللبناني والفصائل الفلسطينية في مخيمات لبنان.

وترتبط سورية ولبنان بعدة اتفاقيات تجارية واقتصادية ومائية تم التوقيع عليها خلال اجتماعات المجلس الاعلى السوري اللبناني برئاسة رئيسي الوزارة في البلدين منها تسهيل انسياب السلع والمنتجات الصناعية والزراعية واقامة المشاريع الاستثمارية المشتركة واقامة السدود وفي قطاع الكهرباء والغاز الطبيعي حيث تقوم سورية بتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية والغاز.

كان في استقبال السنيورةالعطري وعدد من اعضاء الحكومة السورية. وتوجه السنيورة الذي لا يرافقه اي من اعضاء حكومته الى دمشق حيث سيجري محادثات مع العطري قبل لقاء الرئيس السوري بشار الاسد، حسبما ذكر المسؤول الاعلامي في مجلس الوزراء السوري محمد حسين.

وتشهد العلاقات بين سورية ولبنان توتًرا كبيرًا منذ اشهر وخصوصا منذ انسحاب القوات السورية في نيسان(ابريل) الماضي تحت ضغط مظاهرات شعبية لبنانية وضغوط دولية.