رايس تشارك باجتماع لعزل نظام دمشق ودعم لبنان
معارض سوري يكشف لـ"إيلاف" فشل مؤتمر باريس

نصر المجالي من لندن: في الوقت الذي ترأست فيه وزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس اليوم في نيويورك اجتماعا متعدد الأطراف حول لبنان بهدف تشديد العزلة على دمشق على الساحة الدولية، فإن تقارير أكدت أن مؤتمر المعارضة السورية المقرر عقده هذا الأسبوع أو الذي يليه لن يعقد لأسباب عديدة، بينما صرح معارض سوري لـ "إيلاف" ان الترتيبات تجري لعقد مؤتمر بديل في عاصمة أوروبية أو في العاصم الأميركية، ولكن أي من العواصم الأوروبية ستكون اكثر جهوزية للمؤتمر نظرا لقربها من المنطقة، وتشهد العاصمة البريطانية على هذا الصعيد نشاطا كثيفا لأركان المعارضة خلال الأيام القليلة المقبلة ليصبح حالها حال باريس وواشنطن في فتح بواباتها لنشاط مناهضي نظام حكم بشار الأسد.

وفي وقت لاحق من اليوم، علمت (إيلاف) كدليل على انهيار مؤتمر المعارضة السورية المزمع في باريس، فإن أحزاب (الحداثة) و(تيار المستقبل) و(النهضة)،

وهي من الأحزاب المؤثرة في حركة المعارضة، أعلنت في بيان عن مقاطعتها للمؤتمر "حيث تحوم حوله شبهات كثيرة لجهة تنظيمه وتمويله وهويات المشاركين فيه".

وفي التفاصيل، فإن المعارض السوري المقيم في واشنطن حسام الديري الأمين العام لتجمع الأحرار الوطني الديموقراطي المنضوي تحت لواء المجلس السوري الوطني تحدث هاتفيا لـ (إيلاف) من مقر إقامته في واشنطن عن آفاق تحركات المعارضة السورية في الخارج لإسقاط النظام القائم.

وقال الديري "علينا في البداية أن نميز بين نوعين من المعارضة، فمنها ما هو يعمل عمل النحل خلية واحدة نحو إنجاز هدف سام واحد وبتعاون وتفاهم وانسجام تام، ومنها ما يقوم بدور الضباع التي تأتي على بقايا الفرائس لتنهبها كل له حصته، وينتهي الأمر عند هذا الحد من دون تحصيل الصيد الثمين". وقال في إشارة انتقاد لمعارضة مؤتمر باريس المهدد بالفشل "هناك معارضة وطنية أصيلة، وهناك معارضة منافقة".

وفي الوقت الذي وجه فيه الديري انتقادات حادة لمنظمي مؤتمر باريس الذي تشير فيه كل الدلائل إلى فشل ترتيبات انعقاده، قال "نحن لن نشارك في مؤتمر كهذا حيث نرفض أن نشارك في مؤتمر وجهت الدعوة للمشاركة فيه إلى أركان من النظام السوري القائم".

ولكن من هؤلاء؟ يقول الديري "لقد وجهوا دعوة لنائب الئيس السوري السابق عبد الحليم خدام وكذلك لرئيس الاركان السابق حكمت الشهابي، ومحتمل حضوره من جانب الدكتور رفعت الأسد نائب الرئيس السوري السابق الذي يعيش في المنفى حاليا".

وأضاف "نحن كمعارضة لا يمكننا أن نتعامل في أي حال من الأحوال مع أي شخص من ضمن النظام القائم او في ذات دائرته سواء في السابق او حاليا، فهم جميعا من وجهة نظرنا مارس أبشع الممارسات الاجرامية والديكتاتورية في حق الشهب السوري الذي يستحق نظاما برلمانيا ديموقراطيا راقيا يليق بحضارة وتراث الشعب السوري وتاريخه العريق".

وردا على سؤال حول التحقيقات التي يجريها المحقق الدولي ديلتيف ميليس حيث يصل غدا إلى دمشق، قال الديري "بالطبع نحن متأكدون أنه سيتوصل إلى نتائج تدين النظام السوري في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري".

وأضاف "نحن لسنا رجال استخبارات أو مخابرات ولدينا مخبرين كما أننا لسنا محققين، نحن معارضة أهدافها واضحة وسنحققها بإذن الله، ولكن كل الدلائل تشير ويعرفها القاصي والداني بأن نظام الأسد وأركانه متورطون في الجريمة،، ولكن ما هي إلا أيام حتى تتكشف الحقائق كاملة".

وأشار أمين عام تجمع الأحرار الوطني الديموقراطي إلى أن المعارضة لا ترهن بنفسها بنتائج تحقيقات ميليس، فأهدافنا واضحة وصريحة ونعمل من أجل تحقيقها، ولا نراهن على تلك النتائج سواء برأت النظام السوري أن دانته، ولا نربط مصيرنا بشروط قصيرة المدى، مهمتنا هي إنقاذ شعبنا على المدى الطويل وإقامة حكم ديموقراطي يشارك فيه الجميع سواسية بعيدا عن الطائفية والعرقية، فالوطن السوري هو للجميع من سنة وعلويين ودروز وكرد ومسيحيين، وكل من يعيش على الأرض السورية.

وأكد الديري، على هذا الصعيد أن الإدارة الأميركية عازمة على عزل النظام السوري وإطاحته، وقال "خشية واشنطن هيمن سيكون البديل"، وحين سئل عن البديل المطروح في ذهن المعارض "قال لا يوجد شخص بعينه، ولكن المهم هو أن ينتهي النظام الحالي ونؤسس لدولة ديموقراطية السيادة فيها للشعب والقانون وتحرم حقوق الإنسان كاملة بعيدا عن الظلم والارهاب والمعتقلات والمطاردات والاعدامات والتصفيات".

مصير مؤتمر باريس
وإلى ذلك، أنهت الجهات المنظمة لمؤتمر باريس للمعارضة السورية المزمع عقده نهاية الشهر الحالي الجدل حول إمكانية إلغائه وأكدت عقده رغم انسحاب أحزاب معارضة منه إما لأسباب مالية أو رغبة في تأجيله إلى ما بعد صدور تقرير ديتليف ميليس المحقق الدولي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وأشار المعارض فهد المصري، حسب موقع (العربية نت) أحد منظمي المؤتمر "للعربية.نت" إلى تأخير موعد انعقاد المؤتمر لـ48 ساعة حيث من المتوقع انعقاده في أيام 28 و29 و30 نهاية الشهر الحالي.

وكانت أحزاب سياسية معارضة أصدرت بياناً في 17 أغسطس/ آب الماضي، دعت فيه إلى عقد "مؤتمر وطني سوري" بين 26 و28 سبتمبر / أيلول الجاري في باريس، للتوصل إلى "ميثاق" من أجل "التغيير الوطني الديمقراطي السلمي" في سوريا.

وأشار المصري إلى أن بعض الأحزاب المعارضة انسحبت من المشاركة بالمؤتمر وذلك لأنها طالبت بانتظار تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس، وقال لـ"العربية.نت": "نحن رفضنا تأجيل المؤتمر إلى ما بعد صدور التقرير، وسيعقد بحضور شخصيات سورية من داخل سورية ومن الدول العربية الأخرى وسيأتي المعارض كمال اللبواني من لندن إلى باريس، كما ستشارك في المؤتمر شخصيات برلمانية فرنسية، وأما مراقب المؤتمر فلن يتمكن من الحضور وهو المحامي أنور البني وذلك لأنه ممنوع من السفر".

وحسب تصريحات المصري لـ"العربية.نت" يبدو أن بعض الأحزاب السورية المعارضة المشاركة في أعمال تنظيم المؤتمر انسحبت من المشاركة فيه بعد معرفتها بالتكاليف المالية التي تثقل عليها فضلا عن الضغوط التي تتعرض لها.

وأوضح المصري "طالبنا أعضاء اللجنة التنظيمية بدفع مبالغ من أجل استئجار الصالة التي تكلف حوالي 10 آلاف يورو وبعض المصاريف الأخرى ولكن فجأة ومنذ يومين طالب بعض هذه الأحزاب بتأجيل المؤتمر مثل حزب النهضة بزعامة عبد العزيز المسلط وحزب تيار المستقبل الكردي الذين أشارا إلى رغبتهم بالتأجيل حتى يصدر تقرير ميليس"، وكشف أيضا أن حزب الحداثة والديمقراطية برئاسة فراس قصاص لن يحضر المؤتمر.

وأكد المصري أن تكاليف انعقاد المؤتمر سوف تقع على أعتاق المشاركين نافيا أن تكون أي جهة خارجية تقف وراء تمويل أعمال المؤتمر.

وحول ما يشار إلى أن الجنرال السوري السابق رفعت الأسد يقف وراء هذا المؤتمر، نفى فهد المصري هذا الكلام جملة وتفصيلا قائلا "نحن نرفض وضع أيدينا بأيدي رفعت الأسد". وردا على سؤال أنه كيف يرفضون رفعت الأسد ويوجهون دعوة بنفس الوقت إلى نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي ترك منصبه في حزب البعث والجنرال السوري السابق حكمت الشهابي، أوضح المصري "نحن قلنا إنه يجب على خدام والشهابي أن يقوما بعملية نفض ذاتي لماضيهم قبل الحضور للمؤتمر فقد كانا من أعمدة النظام".

إلى ذلك، علمت "العربية.نت" أن المعارض السوري فريد الغادري رئيس حزب الإصلاح وصل إلى باريس مؤخرا وسيعقد اجتماعات مع منظمي مؤتمر المعارضة السورية وقد أكد هذه المعلومات فهد المصري مشيرا إلى أنه سيجتمع شخصيا مع الغادري لمناقشة إمكانية حضوره المؤتمر.

مشاورات رايس
وفي تلك الأثناء، شاركت وزيرة الخارجية الاميركية في اجتماع ضم رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ووزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي والامين العام للامم المتحدة كوفي انان في مقر الامم المتحدة.

ونفت وزيرة الخارجية الامريكية ان تكون الولايات المتحدة تسعى خلف تغيير النظام في سوريا لكنها عددت ما اسمته "ثلاث مطالب على دمشق القيام بها". وقالت رايس في المؤتمر الصحافي الذي تلا الاجتماع "نحن مهتمون فقط بما يلي من سوريا .. ان يكون هناك تعاون كامل مع تحقيقات (ديتليف) ميليس" رئيس لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري "حتى يتم التوصل للحقيقة ايا كانت".

واضافت قائلة "وان تظل سوريا صادقة تماما فيما يتعلق بروح القرار 1559" والذي يطالب بانسحاب القوات والاجهزة الاستخبارية الاجنبية من لبنان "لان من الضروري ان تصبح لبنان خالية من التدخل الاجنبي وان تكون لديها سيادتها الوطنية".

واكملت المطالب الامريكية بقولها "وان تقف سوريا مع الجانب الصحيح في الاحداث الجارية في الشرق الاوسط وان تقطع الجذور التي يستغل المتمردون من خلالها الاراضي السورية لاختراق العراق وان تقطع الدعم عن التنظيمات الفلسطينية الرافضة (لعملية السلام) والتي اصبحت بمفردها اكبر تهديد لتقدم التقارب الاسرائيلي الفلسطيني". واضافت ان كافة الاطراف "تحتاج الى التعاون الكامل" مع لجنة التحقيق باغتيال الحريري "وهناك دعوات الى سوريا بالتعاون وآمل ان تتعاون دمشق بالكامل".

وجاء المؤتمر بعد اجتماع مغلق لوزراء خارجية هذه الدول تعهدوا خلاله بدعم لبنان سياسيا واقتصاديا في اطار التحضير لمؤتمر للبلدان المانحة يعقد في بيروت في وقت لاحق هذا العام.

من جانبه قال السنيورة ان من المبكر تحديد الجهة الضالعة في اغتيال الحريري "وسينظر الشعب اللبناني في الامر عندما يصدر ميليس تقريره وهو تقرير ليس مخصصا فقط لمعاقبة اولئك الذين ارتكبوا الجريمة بل ايضا للخروج بدرس حتى لا تتكرر".

وشارك ايضا في الاجتماع وزراء خارجية بريطانيا جاك سترو وايطاليا جانفرانكو فيني ومصر احمد ابو الغيط والسعودية الامير سعود الفيصل وروسيا سيرغي لافروف، الى جانب الممثل الاعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا.

وكان عنان قد افتتح المؤتمر بقراءة بيان نيابة عن المشاركين قال فيه انهم تجمعوا "لاظهار دعمنا والتزامنا بالحكومة الجديدة في لبنان وعملها لاعادة تاكيد سيادة لبنان والانخراط في اصلاحات جوهرية وتعزيز مؤسسات لبنان الديمقراطية".

واوضح ان الاجتماع "بحث خطط الحكومة الجديدة للقيام باصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية ومؤسساتية في لبنان للترويج للاستقرار في لبنان والمنطقة عموما ونرحب باولويات برنامج الاصلاح اللبناني والذي سيعد المسرح للمساعدات الدولية".

وقال مسؤول رفيع في الخارجية الاميركية طلب عدم كشف هويته ان "استراتيجيتنا حيال لبنان تقوم على دعم الفائزين بالانتخابات ودعم بناء دولة تتمتع فعلا بالسيادة، وطبعا مواصلة سياسة العزل الدبلوماسي للنظام السوري".

وتتهم الولايات المتحدة سوريا بالتدخل في الشؤون اللبنانية وتضغط بهدف التطبيق الكامل لقرار مجلس الامن الرقم 1559 الذي ينص على نزع سلاح "كل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية"، وخصوصا "حزب الله" الشيعي الموالي لسورية.