أسامة مهدي من لندن : اتهم فريق الدفاع في محكمة الأنفال التي تنظر في ابادة 180 الف كردي المتهم فيها الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين، مسؤولا اميركيا في المحكمة بفرض شهود نفي عليها قائلا إن هناك مؤامرة ضد المتهمين والدفاع وإن قرار الادانة والحكم في القضية يبدو جاهزا .
وفي بداية الجلسة الثالثة والعشرين للمحكمة في بغداد صباح اليوم التي انعقدت بحضور جميع المتهمين اشتكى المحامي بديع عارف من قيام مسؤول اميركي في المحكمة بمحاولة فرض شهود على المحامين وقال إنه قدم له قائمة تضم حوالى 40 شاهدا وطلب منه تقديمهم كشهود نفي من دون موافقة المتهمين او المحامين الذين لايعرفون من هم هؤلاء الشهود وما هي المعلومات التي سيدلون بها . واضاف أن هناك مؤامرة يتعرض لها الدفاع وقال ان الحكم في القضية يبدو جاهزا . واشار الى أنه يتعرض لمضايقات في مطار بغداد لدى عودته اليها من عمان مقر فريق الدفاع وكذلك مكان سكن عائلته التي يقوم بزيارتها بين فترة واخرى .
واوضح ان رئيس فريق الدفاع خليل الدليمي لم يتمكن من الحضور الى بغداد لوجود مذكرة اعتقال أصدرتها السلطات العراقية بحقه . وكان الادعاء العام في المحكمة قدم شكوى ضد الدليمي مشتكيا من تصريحاته التي يهاجم فيها المحكمة والادعاء .
وقد رد عليه القاضي برفض تقديم أي اسماء من دون علم رئاسة المحكمة واكد أن تصرف هذا المسؤول الاميركي مرفوض وقال انه سيحقق بالامر .
ثم طلب المتهم صابر الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية السابق تأجيل جلسات المحكمة الى حين استتباب الأمن في العراق موضحا أن الشهود الرئيسين ام مختفون او مغادرون للبلاد . وقال إن معظم الشهود يخشون الحضور الى المحكمة خوفا على حياتهم . ووجه عتابا لمن أسماهم برفاق السلاح السابقين الذي تخلوا عنهم وأشار الى ان الحياة هي وقفة شرف وتخليهم عن الشهادة معيب .
وقد باشرت المحكمة الاستماع الى شهود جدد كان اولهم تيمور عبد الله احمد الذي يسكن العاصمة الاميركية واشنطن حاليا وذلك بعد ان استمعت خلال جلساتها السابقة التي بدأت في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي الى 78 مشتكيا من بين حوالى الف اخرين . وقد اجل قاضي المحكمة محمد العريبي الخليفة الجلسات في الثامن من الشهر الحالي ليفسح المجال امام المتهمين وفريق دفاعهملتسمية شهود النفي .
واكد المشتكون أن قراهم تعرضت لقصف الطائرات والمدفعية العراقية بالسلاح الكيمياوي وهرب الالاف من سكانها وقتل العشرات منهم خلال هذه العمليات واثناء الهروب باتجاه تركيا التي دخلوها وسكنوا عددا من من مناطقها الجنوبية حتى عام 1991 حين اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد النظام العراقي السابق وانفصال اقليم كردستان عن الحكومة المركزية في بغداد .
وخلال الاسبوع الماضي زار وفد من المحكمة برئاسة القاضي العريبي ،مسؤول مكتب محافظة دهوك لمركز الأنفال في كردستان علي بندي الذي اوضح ان الزيارة استهدفت تطابق إفادات الشهود التسعة من محافظة دهوك والذين سبق لهم وان أدلوا بشهاداتهم في محاكمة صدام واعوانه عن جرائم الأنفال .
وأشار بندي في تصرحات نقلتها وسائل اعلام كردية إلى ان الوفد زار كلًّا من قرية كوريمي التي جرت فيها عملية إعدام جماعية ل 33 شخصا من أبناء القرية آنذاك وقلعة نزاركي التي شهدت الكثير من عمليات التعذيب والقتل الجماعي لضحايا الأنفال من قبل نظام صدام فضلا عن قرية برجيني التي تم قصفها بالسلاح الكيمياوي مشيرا إلى أن الوفد قام بإجراء كشف الدلالة والمخطط لموقع الجرائم التي اقترفها النظام في الأنفال . لكنه انتقد الزيارة قائلا إن وفد المحكمة تعمد عدم القيام بزيارة المواقع المهمة الأخرى التي توجد فيها أدلة وشواهد حية وملموسة تدين نظام صدام وتؤكد مدى الفظائع التي ارتكبها بحق الشعب الكردي ولا تزال الى اليوم شاخصة مثل قريتي أرمشتي وتويكا في قضاء زاخو وقرية أيكمالة في منطقة برواري بالا وعدة قرى من منطقة بري كاري وخاصة قرية كيزي التي فقد منها 96 شخصا خلال عمليات الأنفال .
ومن جانبه اكد المدعي العام للمحكمة ان لديه شريطا صوتيا ووثائق تثبت ان الرئيس العراقي السابق امر شخصيا بضرب الاكراد العراقيين في شمال العراق في الثمانينات بالغاز.
وقال منقذ الفرعون ان لديه اشرطة صوتية لاجتماعات جرت في بغداد بين صدام وكبار مسؤوليه في قيادة حزب البعث شمال العراق وفي احدها يقول لهم انهم يجب الا يستخدموا مثل هذه الاسلحة الا بتفويض منه وقال لهم ان امر استخدام الاسلحة الكيماوية بيد صدام وحده. واشار الى ان الادعاء سيقدم الاشرطة الى المحكمة التي ستراجعها وتقرر ما اذا كان يمكن قبولها كأدلة. واضاف ان الادعاء لديه ايضا وثائق موقعة من صدام وصادرة من مكتبه امر فيها باستخدام الاسلحة الكيماوية ضد الاكراد اثناء حملة الانفال موضحا ان هذه الوثائق والاشرطة ستكون مفتاح الادعاء في إثبات المسؤولية الجنائية ضد صدام.

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيميائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.