غادر إلى نيويورك وتقريره يشغل الناس
براميرتز على طاولة الحوار اللبناني

إيلي الحاج من بيروت : غادر رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، القاضي البلجيكي سيرج براميرتز بيروت الى نيويورك عبر باريس الثانية فجر اليوم بالتوقيت المحلي، ورافقه أحد مساعديه لتقديم تقريره الأول عن مهمته الى مجلس الأمن الذي سينعقد الخميس المقبل للنظر فيه. ومن المتوقع أن يكون هذا التقرير وصفياً يسجل تطورات التحقيق، لا سيما منذ التقرير الثاني الذي وضعه سلفه القاضي الألماني ديتليف ميليس في منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، علماً أن هذه التطورات تركزت على الجانب السوري من التحقيق.
وسيواكب لبنان مباشرة جلسة مناقشة التقرير من خلال الأمين العام لوزارة الخارجية بالوكالة السفير بطرس عساكر، في حين تشارك سورية من خلال وزير خارجيتها وليد المعلم الذي توقع ان يكون التقرير quot;موضوعياquot;.
في هذا الوقت يظل السؤال مطروحاً في بيروت : هل قابل براميرتز الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق أم لا؟ وآخر من طرحه مجلة quot;الشراعquot; التي أضافت سؤالاً آخر: هل كان اللقاء بينهما على حدة ام حضره نائب الرئيس الجديد فاروق الشرع المطلوب اسمه للاستماع اليه كمضلل للتحقيق في هذه الجريمة، حسبما أوصى رئيس اللجنة السابق القاضي الألماني ديتليف ميليس؟
وأكدت المجلة نقلاً عن مصادر عربية مطلعة ان اللقاء تم فعلاً بين براميرتز والأسد، وبحضور الشرع، وانه ظل سرياً بناء على اتفاق مسبق تم ترتيبه بين جهات عربية ودولية، تحرص كما يقال على ان quot;لا يقتل الديب ولا يفنى الغنمquot;. وذكّرت بأن ميليس كان قد أوصى باستجواب الرئيس الاسد ووزير خارجيته يومها فاروق الشرع قبل أيام من انتهاء مهمته في منتصف كانون الثاني(يناير) الماضي. وبعد ساعات من اعلان نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام ان بشار الاسد هو الذي اعطى الاوامر بقتل الرئيس رفيق الحريري ورفاقه ، ثم حدد ميليس مهلة لإجراء هذا الاستجواب، وبدأت مداولات علنية وسرية سورية وعربية ودولية في شأن هذا الموضوع.وفي حين قالت دمشق : ان الشرع يمكن ان يمثل امام التحقيق، رفضت مثول الأسد تحت ذريعة سيادة الدولة، ثم قيل ان الشرع قد يزور جنيف او فيينا ليستمع اليه ميليس او من يخلفه او من يكلفه،من دون ان يبدو كمشتبه به، ومن دون تنفيذ طلب ميليس بأن يكون الاستماع اليه في دمشق في رزمة واحدة مع الاستماع الى الاسد شخصياً.
وأضافت المصادر: لم يصمد مفهوم سيادة الدولة السورية امام حق القانون الدولي، بعدما تبين ان القانون الدولي اقوى من سيادة الدول، وبعدما تبين أيضاً ان النظام في سورية انتهك سيادة دولة اخرى هي لبنان، بإخلاله بالعلاقات الواجبة بين دول تحترم سيادة بعضها مهدداً الامن والاستقرار فيه، وبعدما سكتت دمشق ومأمورها في لبنان اميل لحود عن الادعاء بانتهاك سيادة الدولة، حين جرى استجوابه في مقره الرسمي قصر بعبدا ndash;وفيه مقر سكنه ايضاً ndash; اكثر من مرة من قبل لجنة التحقيق الدولية في عهد رئيسها الأول ديتليف ميليس.
وكان الرئيس المصري حسني مبارك نصح بشار الأسد بأن يستقبل براميرتز في منـزله حول فنجان شاي، ليستمع منه الى ما يقول، ويجيبه عن بعض اسئلته، فتبدو الزيارة للتعارف او اكثر قليلاً، ولا تبدو استجواباً، مع تعهد بأن تبقى بعيدة عن الاعلام، علماً بأن للرئيس مبارك وجهة نظر او اسلوب طبقه في الخرطوم مع الرئيس عمر البشير بتسليم متهمين في جرائم دارفور حرصاً على بقاء النظام، يعتمده في الوقت نفسه مع بشار الاسد باقناعه بتسليم ضباط متهمين بجريمة قتل الحريري محافظة على النظام في سورية.
وخلصت المصادر العربية نفسها ، على ما نقلت quot;الشراعquot;، إلى ان هذا الاستجواب قد تم، وان التـزام عدم تسريب الخبر لا يزال سارياً، خاصة من جانب القاضي براميرتز. وغني عن القول أن لا مصلحة للنظام في سورية في الاشارة إلى حصول الاستجواب من قريب او بعيد.
إلا أن مصادر رسمية سورية نفت ما تردد عن زيارة سرية قام بها براميرتز إلى دمشق واجتماعه بالرئيس الأسد، وقالت ان دمشق مرتاحة إلى عمل رئيس اللجنة ولما تم التوافق عليه بين الجانبين خلال رحلته الأخيرة الى العاصمة السورية.
وكانت الأمانة العامة للأمم المتحدة تعمدت طمأنة المتخوفين من أسلوب براميرتز في ادارة التحقيق، وذلك من خلال وكيل الأمين العام للشؤون السياسية ابراهيم غمباري، في حفل عشاء أقامته quot;جمعية لبنانquot; في نيويورك شارك فيه رئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; وليد جنبلاط قبل عودته إلى بيروت ، إذ قال : quot;اطمئنوا الى ان لجنة التحقيق الدولية تسير في عملها على ما يرام وهي في أيدٍ ممتازة، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان يثق تماما بالقاضي براميرتز وبالفريق الذي يعاونهquot; .
وثمة من يفترض في الأوساط السياسية اللبنانية ان جزءا من مسار الحوار المتجدد بين قادة الأحزاب والطوائف اللبنانية سيكون مرتبطا بمضمون تقرير القاضي البلجيكي. ففي حال اعتبر أن دمشق أبدت تعاوناً وان الأحداث والوقائع التي ارتكز عليها سلفه ميليس في السابق لم تكن دقيقة، فسيحرج بذلك quot;قوى ١٤ آذار/ مارسquot; المناهضة لسورية ويضعف موقعها التفاوضي على طاولة الحوار، تماما كما ان العكس هو ايضا صحيح. وبالتالي ينتظر فريقا الحوار التقرير وكل منهما يأمل في أن يكون لمصلحته ويقوي أوراقه.