الأمم المتحدة: حقوق الإنسان في العراق مصدر قلق كبير
عناصرالقوات العراقية يحتفظون بولاءاتهم الطائفية

أسامة مهدي من لندن: اكدت بعثة الامم المتحدة في العراق ان وضع حقوق الانسان في هذا البلد تشكل مصدر قلق كبير وعبرت عن مخاوف من انتشار العنف الطائفي وقالت ان تقارير وردتها تشير إلى أن ميليشيات وعناصر من وزارة الداخلية تورطت في العنف ضد المدنيين أو لم تقم بواجبها للحد من إراقة المزيد من الدماء واشارت الى ان العديد من ضباط الشرطة وعناصر قوات الأمن ممن كانوا أعضاء سابقين في الميليشيات المسلحة يحافظون على ولاءاتهم وانتماءاتهم الأصلية التابعة لهذه الميليشيات الحزبية .

وفي تقرير وزعته اليوم عن اوضاع حقوق الانسان في العراق للشهرين الماضيين أشارت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق quot;إلى التدهور الملحوظ في الوضع الأمني والذي تسبب في مئات القتلى وحالات كثيرة من التعذيب والاعتقال غير القانوني والتهجير ودعت الحكومة العراقية الى فرض سيطرتها على قوات الأمن وكل المجموعات المسلحة . واكدت ان العائلات التي تسكن الأحياء المختلطة من الشيعة والسنة قد أجبرت على الرحيل قسرا أو أنها تركت منازلها طوعا بسبب تهديدات العنف من قبل المليشيات، والمتمردين والجماعات المسلحة الأخرىquot;. واضافت ان المدنيين وخاصة النساء والأطفال يعيشون تحت وطأة الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان. وطالبت البعثة السلطات العراقية بضمان حقوق المدنيين بالحماية التي ينص عليها القانون العراقي بالإضافة إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي أقرها العراق. وعبرت البعثة عن قلق كبير بشأن المعاملة التي يتلقاها المعتقلون في العراق ومنها الافتقار إلى الاجراءات المرعية وسوء العاملة. وفيما يتعلق بعملية نقل آلاف المعتقلين من معتقلات القوات المتعددة الجنسيات إلى السلطات المحلية وشددت على ضرورة ضمان انسجام أي تشريع يتعلق بالمعتقلين مع القانون الدولي والتطبيق الأمثل له .

واشارت البعثة الى انه بعد تدمير مرقد الإمام العسكري في سامراء، تفجّرت العديد من أعمال العنف التي اتسمت بالخطورة في بغداد والمناطق المحيطة بها وفي البصرة وفي مناطق أخرى من البلاد، وجرت العديد من أعمال القتل في البلاد، وكان من بينها الإعدامات العلنية التي قامت بها ميليشيات في مناطق البلديات ومدينة الصدر وحي الشعب في بغداد. ووقعت العديد من الاشتباكات والاعتداءات في الشوارع على مدار أيام عدة، وتعرض العديد من الأفراد للتوقيف على نقاط تفتيش ارتجالية، أو جرى اعتقالهم خطفاً من داخل المنازل والمساجد، وتم العثور على العديد من هؤلاء المعتقلين بشكل غير قانوني، جثثاً هامدة تبدو عليها في أغلب الأحيان آثار التعذيب. وقد تلقّى مكتب حقوق الإنسان معلومات مفادها أنه قد تم اطلاق سراح البعض ممن تم إعتقالهم بعد تعرضهم للتعذيب الشديد.

.. وفيما يلي ماجاء في التقرير :
1. لا يزال وضع حقوق الانسان في العراق يُشكّل مصدر قلق كبير، ففي أعقاب الأحداث التي جرت في 22 شباط (فبراير)، 2006 والتي شملت تدمير مرقد الإمام العسكري في سامراء وما نتج عنه من تبعات، برزت العديد من التداعيات على الساحة الأمنية وأدّت إلى وقوع العديد من أعمال القتل والتعذيب والتوقيف غير القانوني والنزوح.

2. وقد تلقّى مكتب حقوق الانسان التابع لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق العديد من المزاعم الخطيرة بشأن الأفعال التي يقوم بارتكابها بعض عناصر الأجهزة الأمنية، وتحديداً قوات الشرطة والقوات الخاصة واحتمالية تورطها مع الميليشيات في ارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الانسان. ومن الجدير بالذكر أن الادعاءات الخاصة بوجود quot;فرق الموتquot; الناشطة في البلاد في ازدياد مستمر. يأتي ذلك نتيجة لإكتشاف القوات متعددة الجنسيات في العراق وقوات الأمن العراقية لمجموعة داخل وزارة الداخلية يشتبه في ممارستها لهذه الأفعال. ويؤكد هذا الأمر من جديد على الحاجة الماسة لقيام الحكومة ببسط سيطرتها على القوات الأمنية وعلى كافة الجماعات المسلحة التابعة لها. وخلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير، تواصلت نشاطات المتمردين، بما في ذلك الأنشطة الإرهابية التي تنال بشكل خاص من المدنيين الأبرياء، والتي ازدادت بشدة في أعقاب أحداث 22 شباط (فبراير).

3. وكذلك لا تزال شرعية وظروف أعمال الإعتقال في العراق، التي تقودها القوات متعددة الجنسيات والسلطات العراقية تسترعي الإهتمام. وقد أعربت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق مراراً عن قلقها للعديد من أعضاء الحكومة إزاء الادعاءات التي تفيد بوجود انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان في المعتقلات الخاضعة بشكل مباشر أو غير مباشر لوزارتي الداخلية والدفاع.

الاقليات
4. ولا تزال الأقليات، ومن بينهم الفلسطينيون، ضحية للتمييز والتوقيف والتعذيب بسبب علاقاتهم المزعومة مع العرب (غير العراقيين) الداعمين للمتمردين. وخلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير، تم استهداف جماعات دينية معينة.

5. في يوم الأربعاء 22 شباط (فبراير) وبعد تدمير مرقد الإمام العسكري في سامراء، وهو الحادث الذي أدانه بشدة السفير أشرف قاضي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، تفجّرت العديد من أعمال العنف التي اتسمت بالخطورة في بغداد والمناطق المحيطة بها وفي البصرة وفي مناطق أخرى من البلاد، وجاء ذلك عقب تدمير المرقد الشيعي في سامراء من قِبل جناة مجهولين. وجرت العديد من أعمال القتل في البلاد، وكان من بينها الإعدامات العلنية التي قامت بها ميليشيات في مناطق البلديات ومدينة الصدر وحي الشعب في بغداد. ووقعت العديد من الاشتباكات والاعتداءات في الشوارع على مدار أيام عدة، وتعرض العديد من الأفراد للتوقيف على نقاط تفتيش ارتجالية، أو جرى اعتقالهم خطفاً من داخل المنازل والمساجد، وتم العثور على العديد من هؤلاء المعتقلين بشكل غير قانوني، جثثاً هامدة تبدو عليها في أغلب الأحيان آثار التعذيب. وقد تلقّى مكتب حقوق الإنسان معلومات مفادها أنه قد تم اطلاق سراح البعض ممن تم إعتقالهم بعد تعرضهم للتعذيب الشديد.

العنف الطائفي
6. ورداً على تفجير سامراء، تعرضت عشرات المساجد لاعتداءات وتدمير وتخريب، وكان العديد من أئمة المساجد من بين الذين تعرضوا للاغتيال . ومن الواضح أن هذه الاعتداءات لم تكن عشوائية، بل العكس، فقد كشفت عن وجود درجة عالية من التنظيم، وعن حقيقة أن لدى مرتكبي هذه الأعمال القدرة والامكانية للحصول على الموارد والمعدات المستخدمة بسهولة.

7. وفي الوقت الذي استهدف فيه العنف في مراحله الأولى العرب السنة، بسبب علاقتهم المزعومة - والتي لم تثبت صحتها - بتدمير مرقد الإمام العسكري، فقد تأثرت سلباً العديد من العناصر من مختلف مكونات المجتمع بموجة العنف وهجمات الثأر بالمثل. ولم تعد هناك أية وسائل متاحة لتقييم أعداد الجرحى أو معرفة مصير المفقودين أو أعداد الأشخاص الموقوفين بشكل دقيق.

8. وكذلك تم الابلاغ عن العديد من الانتهاكات الخطيرة في البصرة من بينها حوادث قتل واعتداءات على المساجد. وفي واحدة من أخطر الحوادث التي وقعت في 22 شباط (فبراير)، تعرض عدد من المحتجزين بتهمة الارهاب للقتل بعد أن قامت مجموعة تتكون من قرابة 70 رجلاً مسلحاً يرتدون الدروع الواقية للرصاص بإعدامهم خارج اطار القانون، حيث قامت هذه المجموعة بعد دخولها لمركز الاعتقال الواقع في ميناء البصرة بتصنيف الموقوفين إلى شيعة وسنة. ثم قامت المجموعة باقتياد خمسة عراقيين وتونسيين ومصريين وليبي وسعودي وتركي إلى خارج السجن، وعُثر على عشرة من هؤلاء الـ 12 معتقلاً مقتولين، بينما نجا إثنان منهم من هذا الهجوم. وفي نفس اليوم، تعرضت قيادة الحزب الإسلامي العراقي في البصرة للاعتداء من قِبل ميليشيات مسلحة، وأسفر هذا الحادث عن جرح اثنين من أعضاء الحزب اللذين جرى نقلهما إلى المستشفى لتلقّي العلاج، ولكن بعد عدة ساعات اقتادهما عدد من المسلحين يرتدون ملابس سوداء إلى خارج المستشفى حيث قاموا بإعدامهما.

9. عقب تفجير المرقد المُقام في سامراء، واجهت قوات الأمن تحديات حقيقية وتصرفت بمهنية بشكل عام للدفاع عن السكان العراقيين من الهجمات الإرهابية والطائفية والاعتداءات الثأرية. فعلى سبيل المثال، وفّرت قوات الأمن الحراسة للمساجد ولمسارات جنائز الذين قتلوا في حوادث العنف. وبالرغم من ذلك، لا تزال بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق قلقة ازاء تقارير وردتها تشير إلى أن ميليشيات وعناصر من وزارة الداخلية تورطت في العنف ضد المدنيين أو لم تقم بواجبها للحد من إراقة المزيد من الدماء.

القوات المسلحة والولاء الطائفي
10. وخلال العام الماضي، تواترت ادعاءات مفادها أن عناصر من الميليشيات انضمت إلى قوات الأمن وشكلت هياكل سرية موازية. ويبدو أن العديد من ضباط الشرطة والأفراد العاملين لدى قوات الأمن ممن كانوا أعضاء سابقين في هذه الميليشيات يتجهون نحو المحافظة على ولاءاتهم وانتماءاتهم الأصلية التابعة لهذه الميليشيات. ومن الواضح أن المليشيات تفرض سيطرتها على جميع أرجاء البلاد: ففي شمال العراق، جرى تعيين الآلاف من عناصر الميليشيا الكردية المعروفة باسم البشمركة في قطاعات الشرطة والجيش العراقي، وكان انخراط الميليشيات المحلية في مناطق أخرى من البلاد أمراً ملحوظاً. وعلاوةً على ذلك، فإن الميليشيات الموجودة حالياً تُتَهم بمسؤوليتها عن أعمال عنف منهجية ضد جماعات من العرب السنة وقيامها بمهام بوليسية غير قانونية، غالباً ما تتم بالتواطؤ مع قوات الأمن المحلية. كما تواترت الإدعاءات بأن جماعات العرب السنة قاموا مؤخراً بتشكيل ميليشيا خاصة بهم لمواجهة القوات الشيعية والكردية، وبأن ميليشيات يجري تشكيلها حالياً في الأحياء تقوم بتسيير quot;دوريات مراقبةquot; للحماية من تبعات الفلتان الأمني المتزايد. إن هذه التطورات باتت تقوض فعالية قوات الأمن لدى التعامل مع الأوضاع الأمنية وقد يُضعف من قدرتها على الحفاظ على سيادة القانون. ومن الضروري أن تحافظ كافة القوات المسلحة على ثقة العراقيين عبر التأكيد بأن عناصرها تُمثّل كافة مكونات المجتمع العراقي، وأن عملها يهدف إلى تعزيز سلطة الحكومة بما يتناسب مع التزاماتها الدولية. إضافة إلى ذلك، تزداد التقارير الي تشير إلى استشراء الفساد في صفوف قوات الأمن العراقية.

القتل خارج نطاق القانون
11. ويلاحظ في الفترة التي يغطيها هذا للتقرير، تلقّي العديد من البلاغات حول إعدامات فورية (خارج القانون) وأعمال تعذيب في بغداد والمناطق المحيطة بها، بينها الكثير من حوادث القتل خارج نطاق القانون والخطف والتعذيب التي يقوم بارتكابها أعضاء من ميليشيات مسلحة تابعة لتيارات سياسية أو عصابات إجرامية. وتشير التقارير الحالية إلى تصعيد متزايد لهذه الأنماط عبر استخدام الوسائل نفسها (الاعتقالات العشوائية للأشخاص دون إذن قضائي، والإعدام خارج نطاق القانون لأشخاص تم العثور على جثثهم تبدو عليها آثار التعذيب وبأنه تم قتلهم بإطلاق الرصاص على رؤوسهم)، وهذه الإعدامات التي تقع خارج نطاق القانون تشعل جذوة النزاعات الطائفية.

12. وخلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، تواصل اكتشاف العشرات من الجثث في بغداد ومحيطها وفي أماكن أخرى نتيجة للإعدامات خارج نطاق القانون، وفي كانون الثاني (يناير) 2006 كشفت القوات متعددة الجنسيات والقوات العراقية دون إعلان رسمي عن وجود محتمل لـ quot;فرقة موتquot; واحدة على الأقل تنشط ضمن إطار وزارة الداخلية. حيث تم اعتقال 22 رجلاً يرتدون الزي المموه الخاص بمغاوير الشرطة، وذلك خلال اقتيادهم أحد الأشخاص الذي يبدو أنه كان سيتم إعدامه. وقد رحبت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة للعراق بإعلان وزارة الداخلية قيامها بالتحقيق في احتمال وجود هذه الفرق غير الشرعية داخل المؤسسة.

العمليات العسكرية الجارية
13. إن العمليات العسكرية التي بدأتها القوات متعددة الجنسيات والقوات العراقية خصوصاً في محافظة الأنبار تُثير القلق ازاء أوضاع حقوق الانسان، حيث وردت لبعثة الأمم المتحدة ادعاءات بشأن القيود المفروضة على حرية الحركة والاستعمال المفرط للقوة وإساءة المعاملة وعمليات السرقة والنهب التي تتم خلال الإغارة على المنازل السكنية بالاضافة إلى عمليات إخلاء وتدمير هذه المنازل. وقد تلقّت بعثة الأمم المتحدة العديد من هذه الادعاءات خلال زيارة قامت بها إلى كل من الرمادي والفالوجة في 20 و 21 شباط (فبراير)، 2006. وتُتابع البعثة التحقق من هذه االمزاعم مع كل من القوات متعددة الجنسيات والسلطات العراقية المعنية.

تحركات السكان
14. تعتبر بعثة الأمم المتحدة التقارير الواردة إليها عقب تفجيرات سامراء والتي تفيد بأن حالة التضامن التي سادت المجتمع العراقي ببمواطنيه ومكوناته المختلفة قد تعززت في مواجهة الأفعال التي تسعى بشكل واضح إلى تمزيق العلاقات بين مكونات المجتمع العراقي، بالأمر المشجع. وكذلك جاءت دعوات الأئمة إلى الوحدة الوطنية خلال خطب صلاة الجمعة الأسبوعية، لتعكس الرغبة الغامرة في السلم والأمن للمجتمع العراقي، الذي هاله وروعه العنف المتزايد في بلاده.

15. وبالرغم من ذلك، فقد تلقّى قسم حقوق الانسان في البعثة تقارير مفادها أن عدداً من العائلات السنية والشيعية في الأحياء المختلطة أُجبروا على ترك منازلهم أو غادروها طوعاً بسبب التهديد القائم المتمثل في عنف الميليشيات والمتمردين والجماعات المسلحة المختلفة. وتكررت الهجمات العشوائية بقذائف الهاون التي استهدفت الأحياء المدنية، مشكّلة مصدر قلق بالغ على سلامتهم ودفعت بالمقيمين للمغادرة بسرعة إلى مناطق يمكن أن يشكلوا فيها أغلبية. وتهدد مثل هذه الأفعال وما يتبعها من تحركات وتنقلات سكانية بتقسيم وفصل مكونات المجتمع عن بعضها البعض بشكل أكبر وتزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها السكان النازحون وتجعل من الصعوبة بمكان توطيد العلاقات بين الطوائف المختلفة. ويجب اعتبار عودة هؤلاء النازحين قسرياً، بسبب العنف القائم إلى منازلهم، مسألة ذات أولوية سعياً للحد من التوتر الطائفي. إن دعوة قادة المجتمع والقادة السياسيين للسلم واحترام حقوق الانسان يجب أن ترافقها جهود متكررة لضمان إلتزام أتباعهم بهذه الدعوات، وبأن الأولوية الملحة هي إرساء نظام وطني قوي لحماية حقوق الإنسان، يشمل تأسيس مفوضية وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وفقاً لما ينص عليه الدستور.

الإعتداءات على المدنيين
16. ويشكّل المستوى الحالي للنزاع مصدراً رئيسياً لانتهاكات حقوق الإنسان لسكان العراق، حيث ينتشر الشعور العام بانعدام الأمن في الشوارع نتيجة لأعمال القتال الدائرة فيها، الأمر الذي يعيق سعي المدنيين للحصول على الخدمات العامة كالوصول الى المدارس والمراكز الطبية.

17. وأعلنت وزارة الداخلية في 25 شباط (فبراير) أن حوالى 249 شخصاً لقوا مصرعهم في الفترة بين 22 ndash; 25 شباط (فبراير) [2]، وتعكس هذه الأرقام التزايد المضطرد في الخسائر البشرية الذي يدل على غياب الحماية الضرورية للحق في الحياة والذي يسود العراق في الاونة الحالية. وتُعد النساء والأطفال هم الأكثر تضرراً نتيجة الوضع الأمني الراهن في العراق.

أوضاع الأقليات
18. تواصلت التقارير الواردة لبعثة الأمم المتحدة والمثيرة للقلق بشأن أوضاع الأقليات بما في ذلك الفلسطينيين المقيمين في العراق والذين يُعدّون ضحية لانتهاكات حقوق الانسان بسبب علاقتهم المزعومة مع الجماعات المسلحة. ويعاني اللاجئون الفلسطينيون، وهم جالية يقدر عددها بحوالي 34 ألف شخص، توافدت إلى العراق على مدار العقود الثلاثة الماضية، من نفس التمييز وسوء المعاملة والوصم بصورة ذهنية سلبية كما السكان العرب الاخرين المقيمين في العراق (السوريين والسودانيين وغيرهم). وفي أعقاب تفجير مرقد سامراء في 22 شباط (فبراير) اعتدت الميليشيات على أحياء البلديات في بغداد بقذائف الهاون بصورة عشوائية في عدة مناسبات، ولقد ساعد تدخل القوات متعددة الجنسيات على وقف هذه الإعتداءات. ومنذ ذلك الحين، وقعت اعتداءات أخرى، حيث أشارت التقارير الى مقتل عشرة فلسطينيين وتوقيف آخرين بشكل غير قانوني وتعرضهم للتعذيب وما زال بعضهم في عداد المختفين.

19. كذلك كان المسيحيون العراقيون من بين الجماعات الدينية التي جرى استهدافها ولا يزال يكتنفهم الشعور بالخوف، ففي 29 كانون الثاني (يناير) استهدفت سيارات مفخخة كنيسة مريم العذراء الكاثوليكية والكنيسة الأرثودكسية في كركوك وكنيسة القديس يوسف والكنيسة الانجيلية في بغداد، وأدت هذه الاعتداءات إلى مقتل 3 أشخاص على الأقل وإصابة 9 آخرين. كذلك انفجرت سيارة أخرى خارج محل إقامة الممثل الديني لبابا الفاتيكان دون الإسفار عن أي ضحايا، وقد أدان مختلف الزعماء السياسيين والروحيين هذه الاعتداءات، كما أدانها السفير أشرف قاضي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، وناشد السلطات العراقية والقادة السياسيين الالتزام بالحفاظ على حرمة مختلف أماكن العبادة الدينية وحمايتها. وخلال الأحداث التي أعقبت الثاني والعشرين من شباط (فبراير)، أطلقت بعض الميليشيات العيارات النارية على كنيسةٍ قرب مدينة الصدر الأمر الذي أسفر عن إصابة أحد القساوسة إصابة طفيفة. كما تم إبلاغ مكتب حقوق الإنسان عن مغادرة قرابة 150 عائلة مسيحية لمساكنها في الموصل خلال شباط (فبراير) واستقرارها في مناطق أخرى في محافظة نينوى حيث تقطن الغالبية المسيحية وذلك لخشية هذه العائلات على أمنها سلامتها.

حرية التعبير
20. تتواصل معاناة الصحفيين والمهنيين الإعلاميين بشكل متفاقم جرّاء نقص الأمن وزيادة العنف والإعتداءات التي تمارسها في بعض الأحيان السلطات العراقية والقوات متعددة الجنسيات. وفي 8 كانون الثاني (يناير) 2006، قامت القوات متعددة الجنسيات والقوات العراقية بمداهمة وتفتيش منزل صحفي عراقي دون إذن قانوني، وأفادت التقارير بأنه كان قد تم تقييد الصحفي وإحالته إلى التحقيق قبل الإفراج عنه بعد ساعات. ولا تزال الصحفية الأمريكية quot;جيل كارولquot; التي أُختطفت في 7 كانون الثاني (يناير) 2006 قيد الإحتجاز بعد قتل مترجمها العراقي خلال الاختطاف. وفي 22 شباط (فبراير) 2006 ، قُتلت الإعلامية العراقية المعروفة quot;أطوار بهجتquot; مع إثنين من زملائها العاملين معها خلال قيامها بتغطية أحداث سامراء .

21. وتواصل بعثة الأمم المتحدة متابعة قضية quot;كمال سيد قادرquot; عن كثب، وهو مواطن نمساوي من أصل كردي لا يزال محتجزاً في سجن اربيل منذ 26 تشرين الأول ( أكتوبر) 2005. وكان قد حُكم عليه بالسجن لمدة 30 سنة في 19 كانون الأول (ديسمبر) 2005 بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر. وفي 26 شباط (فبراير) 2006، رفضت المحكمة الكردية العليا الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة بتهم دون التهم التي تم توجيهها سابقاً.

22. كذلك تلقّى مكتب حقوق الإنسان تقارير عن تعرض طلاب وأكاديميين للإغتيال والتخويف في أرجاء مختلفة من البلاد. ويواصل مكتب حقوق الإنسان التحقق من مصداقية هذه التقارير مُعرباً عن قلقه ازاء إنتهاكات حقوق الإنسان ضمن سياق حرية الرأي والتعبير.

سيادة القانون والاعتقال:
23. تُعد مشروعية وظروف الاعتقال في العراق من الأمور المُثيرة للقلق، كما يُعد إزدحام السجون وغياب الإشراف القضائي من المشاكل التي لا تزال قائمة هناك. ووفقاً لمعلومات وردت من وزارة حقوق الانسان فإنه منذ 28 شباط (فبراير) 2006 بلغ عدد المعتقلين 29565 موقوفاً في العراق، يوجد من بينهم 14229 قيد الاحتجاز لدى القوات متعددة الجنسيات، و8391 قيد الاحتجاز لدى وزارة العدل، و488 حدثاً قيد الاحتجاز لدى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، و5997 لدى وزارة الداخلية، و460 لدى وزارة الدفاع. وتُشير هذه الأرقام إلى تزايد في أعداد المعتقلين بالمقارنة مع الشهور الماضية، حيث تستمر أعداد هؤلاء المحتجزين في الإزدياد نتيجة لسياسة الاعتقالات العشوائية.

24. ويجب تعديل وتكييف ظروف الإعتقال الذي تقوم بها القوات متعددة الجنسيات لدواعٍ أمنية، لتتواءم مع القانون الدولي. وقد تم إطلاق المئات من المحتجزين من خلال قرارات إفراج إداري أصدرها مجلس المراجعة المؤلف من ممثلي الحكومة العراقية والقوات متعددة الجنسيات. وبما أن القوات متعددة الجنسيات تعتزم نقل المحتجزين لديها إلى السلطات المحلية، فلا بد من ضمان أن أي تشريع سيصدر لمعالجة أوضاع المحتجزين يجب أن يكون متوافقاً مع القانون الدولي وأفضل الممارسات المراعاة في هذا الشأن، خاصة وأن للمحتجزين الحق في إطلاق سراحهم بعد فترة احتجاز معينة.

25. ووفقاً لمذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 3 [3]، فإن الأفراد الموقوفين منذ 30 حزيران (يونيو) 2004 يجب أن يتم الافراج عنهم أو إحالتهم إلى القضاء العراقي المختص. وفي كافة الأحوال، فإنه يمكن تمديد فترة الاحتجاز حال موافقة اللجنة المشتركة المختصة بالتوقيف والتي يوكل إليها مراجعة قضايا المحتجزين الذين دام توقيفهم لمدة 18 شهراً (بعد 30 حزيران/يونيو 2004) ويجب عندها تحديد الفترة الإضافية التي سيستمر احتجازهم خلالها. ويأمل مكتب حقوق الانسان التابع لبعثة الأمم المتحدة في أن يعالج إنشاء اللجنة المشتركة المختصة بالتوقيف في أواخر شهر كانون الأول (ديسمبر) 2005 الأمور الملحة للمحتجزين ويؤدي بالتالي إلى إطلاق سراحهم أو إلى عرض قضاياهم على القضاء.

26. إن احترام وتطبيق المبادئ التي ينص عليها القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان معاً يعتبر ملزماً وفقاً لما نص عليه التعليق العام للجنة المعنية بحقوق الانسان رقم 31/2004، ولا تزال بعثة الأمم المتحدة يتملكها الأمل في إمكانية تحسين وضع الإعتقالات والمعتقلات بطريقة تتواءم مع المعايير الدولية لحقوق الانسان.

27. ويواصل مكتب حقوق الانسان ببعثة الأمم المتحدة تلقي روايات عن التوقيف العشوائي من قبل القوات العراقية رغم التحسن الذي تشير اليه تقارير وزارة حقوق الانسان والتطمينات الصادرة عن وزارة الداخلية بأن كافة اجراءات التوقيف سيتم التعامل معها وفقاً للقانون. ويواصل مكتب حقوق الإنسان كذلك تلقي ادعاءات وأدلة تتعلق بالتعذيب في مراكز الاحتجاز لا سيما تلك المراكز غير الخاضعة لإشراف وزارة العدل . وتُنَفذ حالياً عملية المراقبة والتفتيش على مراكز الأعتقال الخاضعة لاشراف وزارتي الداخلية والدفاع وكذلك القوات الخاصة في مختلف مناطق البلاد. يقوم بهذه العملية ممثلون عن الوزارات العراقية المعنية تساندهم القوات متعددة الجنسيات. ووفقاً لمعلومات موثقة إستلمها مكتب حقوق الإنسان، تم إلى الان تفتيش خمسة مواقع خاضعة لوزارتي الداخلية والدفاع والقوات الخاصة، فيما لا تزال تحقيقات أخرى جارية. وتشجع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق هذا المسار وتدعو الجهات المعنية إلى جعل كافة التقارير الناتجة عن هذه التحقيقات علنية ومتاحة للرأي العام.

معتقل الجادرية
28. تتابع بعثة الأمم المتحدة عن كثب عمل لجنة التحقيق المشكلة عقب الكشف عن انتهاكات الجادرية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005. و قد أرسل المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الانسان خطاباً مشتركاً إلى رئيس الوزراء في 10 شباط (فبراير)، 2006 عبرا فيه عن قلقهما للتأخر في نشر نتائج لجنة التحقيق وفي إحالة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان إلى العدالة. وفي هذا السياق رحبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق ببيان وزيرة حقوق الانسان بالإنابة، السيدة نرمين عثمان، التي طالبت بتوجيه الاتهامات ضد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الانسان في قضية الجادرية. وتدعم بعثة الأمم المتحدة الدعوة لمشاركة دولية في هذا التحقيق من أجل مراجعة دقيقة لكافة ظروف الاعتقال في العراق. كما أن البعثة تظل على استعداد دائم لتقديم المساعدة والدعم للحكومة العراقية في هذا السياق.


29. ترحب الأمم المتحدة بقرار حكومة المملكة المتحدة بإجراء تحقيق في الإدعاءات بانتهاك حقوق المواطنين العراقيين في البصرة والتي وقعت خلال احتجاجات عامة في شوارع المدينة في وقت مبكر من العام 2004. إن هناك ضرورة ملحة للتحقيق بشكل دقيق في مثل هذه الادعاءات ضد القوات العراقية أوالقوات الأجنبية، وإحالة المسؤولين عنها الى القضاء.

محاكمة صدام حسين
30. لا تزال بعثة الأمم المتحدة تراقب عن كثب محاكمة صدام حسين وسبعة من المتهمين معه بقتل 148 من سكان قرية الدجيل في العام 1982. وعقب إستقالة رئيس المحكمة السابق القاضي ريزكار حمد أمين وتسمية القاضي رؤوف رشيد عبد الرحمن بدلا منه، لايزال فريق الدفاع يشكك في حيادية المحكمة العراقية العليا. وقد تصاعد القلق بعد معارضة بعض الموظفين الحكوميين لتسمية القاضي سعيد الهماشي نائب رئيس المحكمة الحالي لموقع الرئاسة بسبب الإشتباه في عضويته السابقة في حزب البعث.

31. حقوق المتهمين كانت أيضا موضع تساؤل خلال الإجراءات الجارية في قاعة المحاكمة، ففي 29 كانون الثاني (يناير) جرى إبعاد quot;برزان التكريتيquot; (الأخ غير الشقيق لصدام حسين) إلى خارج الجلسة بقرار من رئيس المحكمة بعد اتهامه باحتقار هيئة المحكمة ثم إنسحاب صدام حسين بالتالي من قاعة المحاكمة يتبعه فريق المحامين الخاص به من العراقيين والمستشارين الأجانب. ومن الجدير بالذكر أن محاميَ الدفاع عن صدام حسين والمتهمين الاخرين لم يحضروا جلسات المحكمة في الأول من شباط (فبراير). ولتأكيد الحق غير المطلق للمتهمين في اختيار محاميهم، فقد قامت المحكمة بتعيين مستشارين آخرين لاستكمال جلسات المحاكمة وفقا للقانون العراقي. غير أن المتهمين الذين حضروا الجلسة في الأول من شباط (فبراير) عبروا عن استيائهم لاستبدال محاميهم. وفي الثاني من شباط فبراير، رفض المتهمون الحضور للمحكمة، ولكن في 13 شباط (فبراير) وبأمر من رئيس المحكمة أجبر المتهمون على الحضور إلى قاعة المحكمة. أدى ذلك إلى احتجاج المتهمين، وخصوصاَ كل من صدام حسين وبرزان التكريتي. أما في جلسة الأول من آذار (مارس) فقد عاد محامو الدفاع المكلفون بالدفاع عن المتهمين إلى جلسات المحاكمة عدا عضو واحد. وقد جرى الإستماع إلى شهود الإثبات الذين قدمتهم هيئة الإدعاء العام، مع تقديم عدد من أدلة الإتهام الموثقة إلى رئاسة المحكمة.

أنشطة بناء القدرات المؤسسية
32. واصل مكتب حقوق الإنسان بالبعثة العمل على تقوية مؤسسات حقوق الإنسان العراقية وبناء قدرات الوزارات العراقية ومنظمات المجتمع المدني بغرض تنمية جهاز وطني قوي لحماية حقوق الأنسان وتعزيز ثقافة حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون.

33. جرى تنظيم إجتماع لمجموعة العمل القطاعية بشأن سيادة القانون في يومي 15 و 23 شباط (فبراير) في بغداد والتي ترأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى السيد quot;مدحت المحمودquot;. ويُعتزم من خلال مسار عمل المجموعة أن تكون أداة لضمان التنسيق بين مختلف الوزارات والجهات العراقية والدول والمنظمات المانحة عبر التسهيلات التي يقدمها مكتب حقوق الإنسان بالبعثة. وقد حضر الاجتماع الذي ترأسه رئيس مجلس القضاء الأعلى ممثلون عن وزارات العدل والدفاع والداخلية وحقوق الإنسان وممثلون عن الهيئات المانحة. أما المجالات التي تغطيها المجموعة فتشمل: تقديم الدعم لجهات إدارة العدالة (الشرطة ndash; إدارة السجون ndash; النظام العدلي)؛ وضع الأجزاء الخاصة بحقوق الإنسان في الدستور حيز التنفيذ؛ وتأسيس مفوضية وطنية مستقلة لحقوق الإنسان؛ وضمان التثقيف في مجال حقوق الإنسان ودعم منظمات المجتمع المدني. ومثَل الإجتماع فرصة لتحديد الإحتياجات العراقية والاستفادة من دعم الدول المانحة في مجال تعزيز سيادة القانون ولصياغة خطة استراتيجية شاملة لتقوية إدارة العدالة وسيادة القانون في العراق بالتعاون الوثيق بين كافة وكالات وبرامج الأمم المتحدة والبنك الدولي.

34. تم تنفيذ مبادرات مماثلة في البصرة حيث يشارك مكتب حقوق الإنسان بالبعثة في رئاسة مجموعة التنسيق غير الرسمية حول سيادة القانون وحقوق الإنسان بالتعاون مع ممثل مجلس محافظة البصرة. وقد عقد الإجتماع الأول في 20 كانون الثاني ( يناير).

المنظمات غير الحكومية
34. يمثل قانون المجتمع المدني الجديد الذي ينظم عمل المنظمات غير الحكومية والذي صاغته وزارة المجتمع المدني موضع قلق بالغ حيث يفرض قيوداً صارمة على عمل منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية. وفي حال الموافقة على مثل هذا القانون فسوف يعيق عمل المنظمات غير الحكومية ويضعف دورها. وترى بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في الإلتزام الذي تبديه المنظمات غير الحكومية، وبصفة خاصة جماعات حقوق الإنسان، بادرة مشجعة. هذه المؤسسات تعمل عن قرب مع مكتب حقوق الإنسان بالبعثة وتسعى لنيل مساندته في دعم جهودها الرامية إلى تعزيز سيادة القانون وتحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد.

وفي شباط (فبراير)، قامت مجموعة من 8 منظمات محلية معنية بحقوق الانسان بإطلاق مباردة تحت عنوان quot; سلموا الأسلحة إلى الحكومةquot; مبنية على أساس المادة رقم (9) من الدستور العراقي الجديد والتي تنص على quot;منع تأسيس الميليشيات العسكرية خارج نطاق القوات المسلحةquot;. وكان المطلب الرئيسي للمنظمات غير الحكومية نزع سلاح كافة الميليشيات والاستعانة بخبرة الأمم المتحدة السابقة في نزع سلاح الميليشيات في أفريقيا ويوغسلافيا وأمريكا اللاتينية والاستفادة منها في العراق.