أسامة مهدي من لندن : اتهمت الحكومة العراقية القوات الاميركية بالسيطرة على منطقة اثار مدينة كيش جنوب بغداد واتخاذها معسكرا لها ملحقة اضرارا جسيمة بها واكدت انها تعمل على اخراجها من مناطق اثارية عراقية اخرى تعرضت للتخريب نتيجة المواجهات بين هذه القوات والمسلحين.

وقال مجلس الوزراء العراقي في بيان له اليوم ان القوات الاميركية اتخذت معسكرا لها في مدين كيش الاثارية شمال شرق مدينة الحلة (100 كم جنوب بغداد) ومنعت الدخول اليها للتحقق من الاضرارات التي لحقت بها . وتعرف كيش في الوقت الحاضر باسم quot; تل الاحيمر quot; وتقع على بعد 15 كيلومترا الى الشرق من موقع بابل الاثري قرب الحلة.

واشار الى ان هذه القوات سبق لها وان اتخذت من المواقع الاثرية في مدينة بابل (وسط) وسامراء واور (شمال) معسكرات لها مما ادى الى حصول اضرار بليغة في هذه المواقع مؤكدا ان اعمالاً تخريبية جرت في موقع سبار في اليوسفية جنوب بغداد وان مقر هيئة الاثار ومخازنها هناك قد تعرضت لاضرارٍ جسيمة نتيجة المصادمات بين القوات المتعددة الجنسيات والارهابين في المنطقة .. وفيما يلي نص بيان مجلس الوزراء :

بيان صحفي /

القوات الامريكية تلحق اضراراً جسيمة بمدينة كيش الاثرية
طالبت وزارة الدولة لشؤون السياحة والاثار القوات الامريكية بإخلاء مدينة كيش الاثرية التي تقع الى الشمال الشرقي من مدينة الحلة.
وأعلن الناطق الإعلامي بأسم الوزارة ان الهيئة العامة للاثار والتراث ابلغتنا بأن القوات الامريكية اتخذت لها معسكراً في مدينة (كيش) الاثرية ومنعت الدخول اليها للتحقق من الاضرار والتجاوزات التي حصلت على المواقع الاثرية فيها.
واضاف الناطق: ان هذه القوات سبق وان اتخذت من المواقع الاثرية في مدينة بابل وسامراء واور معسكرات لها مما ادى الى حصول اضرار بليغة في هذه المواقع وقد نجمت جهود الوزارة في اخلاء موقعي بابل وسامراء وما زالت تعمل وبالتعاون مع الامانة العامة لمجلس الوزراء والجهات المختصة على اخراج القوات الامريكية من بقية المواقع التي تجاوزت عليها في مناطق مختلفة من العراق.
من جانب آخر اكد الناطق: ان اعمالاً تخريبية جرت في موقع سبار في اليوسفية وان مقر هيئة الاثار ومخازنها تعرضت لاضرارٍ جسيمة نتيجة المصادمات بين القوات متعددة الجنسية والارهابين في المنطقة.

ومعروف ان السومريين هم من اقدم الشعوب العريقة التي استطاعت وضع لبنات الحضارة الاولى في القسم الجنوبي من العراق القديم الذي عرف ببلاد سومر حيث سلطت المكتشفات الاثرية والنصوص السومرية الاضواء على جوانب مشرقة من منجزاتهم الحضارية ودورهم في اغناء الشعوب بالمعرفة في مختلف جوانب الحياة اليومية

واسم السومريين انمحى من ذاكرة التاريخ وعفا عليه الدهر وبقي في طيات النسيان ما يقرب من ألفين وخمسمائة عام بعد سقوط بابل في سنة 539 ق.م.. وفي عام 1869 عثر العلماء على نصوص مسمارية نسبوها الى قوم عرفوا بالسومريين نسبة الى لقب استخدمه ملوك وادي الرافدين وهوrdquo; ملك سومر ldquo;. وبعد سنوات قليلة من هذا التاريخ اكتشفت للحضارة السومرية آثار في المدن الواقعة جنوب العراق في مدينتيrdquo; تلو ldquo; التي كانت مدينةrdquo; كرسو ldquo; السومرية والاخرى مدينةrdquo; نفر ldquo; التي كانت واحدة من اشهر المراكز الثقافية والدينية في تاريخ الحضارة السومرية. وتم الكشف في مدينة نفر عام (1881 ـ 1900) عما لا يقل عن (30000) رقيم طيني مدونة بشتى صنوف المعرفة وهي تعود الى ازمان تمتد من منتصف الالف الثالث وحتى القرون المتأخرة من الالف الاول قبل الميلاد. ثم توالت التنقيبات في مدن سومرية اخرى جنوب العراق مثل شروباك وآرب وكيش والوركاء واور مما عرف الباحثين بالمنجزات الحضارية العظيمة للسومريين في مختلف المجالات كالعلوم والمعارف والفنون والعمارة.

ان القسم الجنوبي من العراق كان في بداية العصور التاريخية موطنا للسومريين الذين سكنوا المنطقة الممتدة من حدود مدينة نفر الى اقصى الاراضي الجنوبية من وادي الرافدين وقد عرفت هذه المنطقة في العصور التاريخية ببلاد سومر. وتعرف الحقبة الزمنية الممتدة من (2850 ـ 2400) ق.م بعصور فجر السلالات التي تتميز بظهور اولى السلالات السومرية التي شكلت انظمة سياسية تعرف بدويلات المدن السومرية وقد دلت عليها الكتابات التي تركها امراء هذه السلالات بالاضافة الى بعض النصوص الادبية التي تحدثت عن مآثر الملوك وامراء ذلك العصر.ويحكي تاريخ الجداول السومرية انrdquo; الملوكية ldquo; نزلت لاول مرة من السماء في مدينة اريدو ثم جاء الطوفان العظيم الذي اكتسح الارض ومن عليها باستثناء رجل الطوفانrdquo; زيوسدرا ldquo; كما جاء في النص السومري وان الالهة بموجب المعتقدات السومرية كانت تحكم البشر وتفوض او تنسب من بينهم من يمارس هذه السلطة على الارض وهم الحكام والملوك.

وهناك قصة طريفة تقول ان الملك الثالث عشر في سلالة كيشrdquo; اثينا ldquo; كان راعيا وصعد الى السماء على ظهر نسر من اجل ان يحصل على نبات النسل لانه كان عميقا ووطد جميع البلاد من اجل ذلك. ومن السلالات السومرية الشهيرة سلالة الوركاء الاولى التي اشتهرت بملكها الخامس كلكامش (2700 ق.م) والتي خلدت مآثره في قصص بطولية سومرية وفي ملحمة بابلية طويلة سميت باسمه وتعتبر ملحمة كلكامش من اشهر المؤلفات الادبية في تاريخ الحضارات القديمة حتى وصلت شهرتها ارجاء واسعة من العالم القديم وتصف مغامرات البطل كلكامش وان الانسان لا يخلد جسديا بسبب الموت ولكنه يخلد اسمه وتبقى ذكراه عن طريق اعماله ومآثره .