تطبيق القانون ينعكس إيجابا على المحكمة الدولية
حنين يطالب باستبدال الإعدام في لبنانبالمؤبد

ريما زهار من بيروت: تعود قضية عقوبة الإعدام إلى الواجهة في لبنان مع الحديث عن إنشاء محكمة دولية تتلاءم أحكامها مع أحكام هذا البلد، وتطرح أفكارا عدة لاستبدال عقوبة الإعدام بأخرى. ومن الأفكار ومشاريع القوانين السابقة يظهر مشروع قانون سابق للنائب السابق الدكتور صلاح حنين يطالب فيه باستبدال عقوبة الإعدام بالسجن لمدى الحياة ومن دون إجراءات تخفيفية. وفي هذا الصدد يرد حنين خلال حديثه مع quot;إيلافquot; إعادة طرح هذا الموضوع اليوم إلى ضرورة نشوء محكمة دولية وعليه فمن الضروري إلغاء عقوبة الإعدام كي تصبح المحكمة الدولية منسجمة مع محكمة لبنان إذ أن غالبية الدول التي تطبق نظما ديموقراطية ألغت هذه العقوبة.

ويضيف حنين quot;ناهيك عن معضلة تسليم زهير الصديق - الشاهد الأساسي في قضية الرئيس الراحل رفيق الحريري- فرنسا ترفض تسليمه بحجة عقوبة الاعدام.. ففرنسا ألغت هذه العقوبة بينما لبنان لم يقم بتلك الخطوة. فالصديق شاهد اساسي ولمعرفة من القاتل علينا استجواب شخص لم يتم تسليمه الى لبنان اضافة الى معضلة محاكمة القاتل عند صدور القرار الظني في ظل استمرار عقوبة الاعدامquot;.

يضيف حنين: quot;لكنني قبل ذلك منذ سنتين في 30 /6/2004 تقدمت باقتراح قانون قبل ان يكون هناك اي كلام من هذا النوع، وتقدمت بما يلغي عقوبة الاعدام، لان للامر علاقة بحقوق الانسان قبل ان يكون الموضوع ضغطًا دوليًا او غير ذلك، وطرحت القانون من باب ان يكون لبنان دائمًا المنارة والمتقدم عن الجوار بموضوع حقوق الانسان.

وبمنطقي لبنان هو الرسالة ولديه وظيفة تجاه نفسه وتجاه ناسه وحقوق الانسان واشعاعها في العالم العربي.

وفي المرحلة نفسها تقدمت باقتراح قانون لخلق محكمة في لبنان لحقوق الانسان، تتعاطى بكل الاعمال التي تخل في موضوع حقوق الانسان، والاقتراح الذي تقدمت به يلغي عقوبة الاعدام لكنه لا يجعل القاتل حرًا وطليقًا، بل يسجنه مدى الحياة مع الأشغال الشاقة المؤبدة غير الخاضعة لاي تخفيض، وهي عقوبة قاسية، وصحيح لا نقتل القاتل انما نسجنه مدى الحياة دون اي سبب تخفيفي.

وعن سبب الاقتراح، يقول حنين: quot;لان هناك تطور حصل في نظرة المجتمع من خلال حقوق الانسان، وفرنسا في العام 1980 الغت عقوبة الاعدام، ولا يحق للدولة الغاء اي حياة لانسان معتبرة ان مرتكب الجريمة لا امل في اصلاحه.

هذا معاكس لنظرية الانسان، لان لدينا الامل بان لدى الانسان الامكانية في تطوير نفسه، ولكن هل صحيح ان المس بحق الحياة هو السبيل الوحيد لحماية المجتمع؟

أما القانون الصادر في لبنان عام 1959 والقائل بقتل القاتل، ففيه هشاشة، واذا كان الهدف من قتل القاتل ردعه عن معاودة اجرامه وبالتالي حماية المجتمع من الاجرام، فعلمتنا دروس التاريخ انه يمكن ردع القاتل بسجنه مدى الحياة وباتخاذ التدابير التي تمنعه من الحاق الاذى بالآخرين، دون ان تبادر الدولة بالغاء حياته لانها بذلك تكون قد مارست جريمة دولة.

وعلمتنا دروس التاريخ ان تطبيق عقوبة الاعدام خلال قرون عدة لم يمنع وقوع الجرائم ولم يخفف من حدوثها.

قساوة الحكم هي الضمانة الوحيدة بوجود القضاء والعدالة، والتاريخ يظهر لنا ان اكثر الدول المتمسكة بعقوبة الاعدام هي التي تحكمها انظمة شمولية وديكتاتورية.

في العام 1959 صدر قانون quot;القاتل يقتلquot; وبعدها في العام 1994 صدر القانون رقم 302 ينزل عقوبة الاعدام بمن يقتل انسانًا قصدًا ومنع على القاضي الاخذ بالاسباب التخفيفية، واصبح القاتل حكمًا يصدر فيه حكم الاعدام، ورغم ذلك لم تتدن نسبة القتل في لبنان فعاد المشترع فالغى القانون 302 في العام 2001 بقانون رقم 338 واعطى للقاضي الحق باعطاء اسباب تخفيفية.

وعندما نقول بضرورة سجن القاتل لمدى الحياة، علينا تحسين اوضاع السجون، حتى تصبح مكانًا لتأهيل السجناء واصلاحهم، وليس وسطًا تنمو فيه عناصر الجريمة.

امكانية التطبيق
ولدى سؤاله عن إمكانية تطبيق القانون البديل للإعدام، والقاضي بالسجن مدى الحياة مع الأعمال الشاقة، قال حنين quot;طبعًا، لاننا نقول ان الاشغال الشاقة المؤبدة ستحل مكان الاعدام، وعندما يقتنع القاضي ان الشخص الماثل امامه بحسب المعطيات هو قاتل، وبان الحكم لن يكون القتل، لان الجريمة لا تستبدل باخرى، نكون قد توصلنا الى المثالية.

ولا يجب ان يأخذ الناس انطباعًا بان الامر مفيد للمجرم، لكن هناك حقوق للانسان ولا يمكن ان نستبدل جريمة ترتكبها دولة بجريمة يرتكبها فرد.


ويعطي حنين مقارنة بين مجرم ارتكب جريمة تحت ضغط انفعالي كبير، رغم انه لا يبرىء فعلته ابدًا، وبين دولة خططت لقتل هذا القاتل والحكم عليه بالاعدام.

اما لماذا لم ينضم لبنان حتى الآن الى الدول التي لا تعتمد عقوبة الاعدام، فيجيب حنين:quot;اولًا حتى اجيب على السؤال قمت بهذا الاقتراح بكل بساطة، ولا اعتبر ان لبنان اليوم يجب ان يكون تحت سيطرة صف الدول التي لا تفكر بحقوق الانسان، وكي نضع لبنان في صف الدول الديموقراطية والمتقدمة قمت بهذا الاقتراح، وكل طلبي اليوم ان ينبحث بهذا الاقتراح، ونبت به ليس لانه يجب ان نجلب الصديق من فرنسا فقط لان للبنان رسالة اسمى في ما خص حقوق الانسان، بل من المساحة العريضة المتعلقة بحقوق الانسان ونريد البت في هذا الموضوع لان دورنا في العالم العربي هو دور الديموقراطية والتقدم. وسينعكس ذلك ايجابيًا على موضوع المحكمة الدولية وموضوع الصدّيق.